خاص- المنامة
حاضنة البحرين للموضة هي أول حاضنة ومسرّعة للأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقدم حلولاً وخدمات مبتكرة للأزياء والإكسسوارات للشركات الناشئة ورواد الأعمال إذ أنها تعتبر الجسر بين التصميم الإبداعي وإنشاء المشروع التجاري، هكذا استهلت مصممة الأزياء البحريبينة جليلة إعراب مؤسسة حاضنة البحرين للأزياء حديثها مع Entrepreneure العربية.
تقول جليلة إعراب الرئيس التنفيذي المؤسس لحاضنة البحرين للأزياء: درست الفاشون بالخارج وعملت خلال 35 عاماً منهم 20 عاماً في البحرين وخلال خبرتي في المجال بدأت في حصر المشاكل التي تواجه مصممي الأزياء في المنطقة وخاصة البحرين في صناعة الموضة، وقمت بتأسيس الحاضنة في 2016 لتطوير الستارت أب والمصممين في البحرين ومنطقة مجلس التعاون الخليجي عموماً.
ما أسباب تأسيس الحاضنة واختيارمقرها في البحرين؟
تستطرد إعراب قائلة: بالرغم من صغر مساحة البحرين إلا انها تتمتع بموقع حساس للغاية بالنسبة لدول الخليج عامة والمنطقة بشكل كامل وبحكم تفتحها الحضاري والأسس والقوانين التي وضعتها المملكة والتي تشجع بحق على ريادة الأعمال فهي تعتبر كنقطة تجمع في قلب الخليج، وهي الوجهة المفضلة للأجانب سواء للعمل أو المعيشة كل هذه المقومات جعلت من مملكة البحرين على صغرها تعطيها المجال الأكبر للابداع وخلق التنوع في السوق.
كذلك يحفل تاريخ البحرين بالشغل الحرفي والتنوع في الأزياء وخلال الـ 20 عاماً الأخيرة لمعت أسماء بحريبنية عديدة في مجال الأزياء عٌرفت علي المستوى المحلي والمستوى الدولي واتجه شباب وشابات إلى الفاشون وربما هذه النقطة بالذات هي التي منعت الكثيرين من الاستمرارية كونهم لا يملكون الأساسيات والأدوات التي تساعدهم على التطور، ومن هنا يأتي دور الحاضنة التي قمنا بتأسيسها لسد الفجوة وإيجاد الجسر بين البيزنس والجزء التقني، وحالياً لدينا أسماء مشهورة في الأكسسوارت والأزياء نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ندى العلوي وهدى القصير وغيرهن الكثير.
حدثينا عن البداية وماذا تقدم الحاضنة للمتقدمين؟
في البدايات واجهتنا مشكلة ان معظم المتقدمين كمصممين أزياء يأتون من خلفيات مختلفة ليس لها علاقة بالمجال مما يصعب استمراريتهم ونجاحهم، فقررنا تقديم خليط بين التدريب والشغل العملي بالشراكة مع جهات حكومية بالبحرين وجهات خارجية وجامعات عالمية وتبلغ مدة برنامج ما قبل الاحتضان 9 أشهر وقد تخرج الفوج الأول في يونيو الماضي وحالياً نعمل مع 20 مصمم ومصممة في الدورة الثانية من البرنامج لتدريبهم بطريقة تنافسية.
ونضع في الحاضنة شروط أساسية يعتمدها المصممين في مجموعتهم الخاصة وهي الأستدامة والتكنولوجيا والاعتماد على الإرث الثقافي للبلد، وتقدم الحاضنة الدعم التقني والمعرفي ليس فقط في مجال الأزياء بل نتطرق أيضاً إلى أساسيات الموضة وأساسيات التكنولوجيا والإدارة والبراندينج ومن ثم تقديم الدعم المادي بالتعاون مع شركائنا لتقديم رواد أعمال قادرين على الاستمرار والابداع في مجال الأزياء.
كيف يتم اختيار المتقدمين للحاضنة؟ وما هي المساعدات المقدمة للمواهب في المجال؟
تبلغ مدة برنامج الاحتضان لدينا سنتين ويتم في الاساس اختيار خريجي برنامج ماقبل الاحتضان ديلمون ستار، كذلك يجب أن يكون لدى المتقدمين أساسيات في الفاشون والبيزنس لانه مجال مختلف يعتمد على الحرفية والإبداع أكثر لذا لابد أن يكون المتقدم مُلم بالأساسيات وبالإدارة من أجل ضمان الاستمرارية والتسويق، كما أننا منفتحون على الطلبات الخارجية وقد استلمنا طلبات من أمريكا وأوروبا نبدأ معهم التسجيل الإداري والأساسيات التي تقدمها كل مسرعة أعمال ونتابعهم خطوة خطوة في تجهيز تصميماتهم وتقديم الدعم التقني والإبداعي لتطوير المجموعات ومن ثم نبدأ مرحلة الإنتاج وتوفير العمالة المدربة لمساعدتهم على الإنتاج، وبعد انتهاء مجموعاتهم ننتقل إلى تفاصيل التسويق والوصول إلى قنوات بيع مختلفة سواء متاجر تجزئة آو متاجر إلكترونية وخلال مدة السنتين يكون الستارت اب او المصمم المتقدم جاهز للانطلاق والاعتماد على نفسه.
هل تقدم الحاضنة شهادات تخرج أو ما شابه؟
الحاضنة في الأساس ليست مؤسسة أكاديمية فهي مسرعة تقدم عدة ورش همل نحرص خلالها أن يحصل المتدربين على شهادات معتمدة من قبل الدكاترة والاساتذة والجهات التي نتعاون معها فعلى سبيل المثال نقدم شهادة خاصة بـ15 ورشة عمل وتتوفر شهادة خاصة فرنسية تعتبر من أقوى وأهم الشهادات في إدارة الفاشون مقدمة من المؤسسة الفرنسية للأزياء والمدرسة الدولية للإدارة.
حديثينا عن تعاون الحاضنة مع الجهات الفرنسية وماذا أضاف لكم؟
أولاً أحب أن أنوه عن التعاون المحلى والتشجيع والدعم الذي وجدته سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى الحاضنة من مجلس التنمية الاقتصادية ووزارة الصناعة والتجارة و كذلك تمكين ودعمها لبرامج الحاضنة، والدعم المعنوي من جهات التنمية الحكومية كل هذا الدعم هو ما أوصلنا إلى جهة كبيرة مثل المؤسسة الفرنسية للأزياء وهي آكبر مؤسسة أزياء في العالم ولله الحمد نحن أول دولة عربية توقع اتفاقية معها، وأتوقع ان يفتح ذلك باباِ ليس للبحرين فقط إنما أمام المنطقة بالكامل فالحاضنة ليست فقط فاشون في صورته المعتادة وإنما نحاول قر ما أمكننا تطوير الفاشون وإدخال التكنولوجيا عليها وكذلك جلب خامات جديدة للمنطقة وتطوير الحرف المتواجدة للوصول إلى المستوى المنشود في الأسواق حالياً.
وهذا ما شجع المؤسسة الفرنسية لفتح المجال للتعاون معنا فجدية الحاضنة وجدية البرامج خاصتها كما أن فكرتها الريادية السباقة في اعتماد الاستدامة والتكنولوجيا الذي جعلها تفتح مجالات جديدة في المنطقة يُقتدي بها، كل هذه الأسباب جعلت المؤسسة تتمسك بالاتفاقية معنا ومستقبلاً يوجد الكثير لنقدمه معاً في مجال الفاشون.
هل يوجد دعم مادي تقدمه المؤسسة الفرنسية للحاضنة؟ وهل يوجد تعاون مع جهات أجنيبة أخرى؟
تجيب جليلة إعراب قائلة: لم نتفق مع المؤسسة الفرنسية على أي دعم مادى للحاضنة ولكن يوجد إتفاقية على برنامج دراسة إدارة الماركات الفاخرة وهو من أهم المجالات طلباً في المنطقة وعلى مستوى العالم والاتفاقية عبارة عن برنامج قائم بين البحرين وفرنسا يتلقى فيه المتدربين مدة تدريب معينة في البحرين ومن ثم الانتقال إلى فرنسا للتعلم في اتيليهات الماركات العالمية ويطلعون على أسرار العمل في ما وراء الكواليس ويتلقون التدريب على يد خبراء عالميين وحين انتهائهم نآمل أن يجدوا مكاناً في السوق كمدراء للماركات الفاخرة أو كأصحاب مشاريع خاصة.
تعاونت الحاضنة قبل الفرنسيين منذ أكثر من سنتين مع مسرعة الاعمال الإيطالية كما نتعاون مع جهة ألمانية متخصصة في الأزياء المستدامة، وعن طريق مؤسسة يابانية تمكنا من التعاون مع السيد/ شينغو ساتو الأب الروحي لتكنيك معين في الفاشون وأصبحنا الجهة العربية الوحيدة التي تتعاون معه وللعام الثاني على التوالي.
كم عدد المصممين الذين تم تخريجهم من الحاضنة؟ وما أهم إنجازاتهم؟
في البداية بدأنا مع 20 مصمم لا يوجد لديهم أي خلفية أو أبسط تكنيك في الأزياء وواجهتنا صعوبات في البداية وتخوفات من عدم الاستمرار وكان تحدي كبير، ووصلت لمرحلة تحداني فيها هؤلاء الشباب وأبهروني بنتائجهم ووجدت مهارات وطاقات وإمكانات كبيرة وأثبتوا أنفسهم بقوة وبعد أن كانوا يعملون كل يوم ماعدا نهاية الأسبوع لكن في أخر شهرين وجدتهم يطلبون العمل حتى في الإجازات الأسبوعية وقبل تقديم المجموعات واصلوا العمل 24 ساعة للانتهاء من الكوليكشن الخاصة بهم أنني فخورة بإصرارهم وإبداعهم للغاية وأتوقع لهم النجاح الكبير والعالمية .. نحن نملك قدرات وطاقات وتحمل للمسئولية فقط نحتاج إلى توجيه والى الثقة.
لدينا خريجة تصدرت المرتبة الأولى تعمل على تكنولوجيا أقمشة مضادة للحرارة واشتغلت على خامة لا تقبل البكتيريا ولا تستهلك المياه بكثرة ولا يحتاج للتنظيف الأسبوعي لقد أضافت تكنولوجي لقطعها أصبحت أشبه بنوع من الكمبيوتر وليس مجرد عباءة تقليدية، وقد استلهمت فكرتها من ملاحظة عدد الوفيات المتزايد أثناء ممارسة الرياضة في بداية الصيف حتى أصبحت ظاهرة ومن هنا فكرت في أن كل امرأة حتى لو خرجت للتمشي آو للرياضة فهي تلبس عباءة فوق ملابس الرياضة فقررت ان تأخذ تحدى ان تعمل عباءة من مواد صديقة للبيئة وتعمل على خفض درجة حرارة الجسم وأضافت تكنولوجيا في التطريزات الموضوعة على العباءة والموصولة بتطبيق على الموبايل يعمل وفقاً لعدد ضربات القلب على ضبط درجة حرارة الجسم أو التنبيه للتوقف.. وقس على ذلك كل مصمم أبدع وقدم قصة مختلفة مذهلة.
يوم التخرج قام الفرنسيين بزيارتنا وتفاجأوا بالنتائج المبهرة للحاضنة وحازت على إعجابهم الشديد، وتحدثوا عن احتضان المصممين لفترة معينة للتعرف على الأسماء الكبيرة في هذه الصناعة والعمل معهم لمدة أسبوعين لكسب الخبرة العملية والعالمية واعطاء فرصة للشباب وفتح أبواب للتعرف عن قرب على عالم الأزياء الفاخرة.
التميز والقيمة المضافة التي تقدمها المواهب البحرينية للعلامات الفاخرة أثبتت نجاحها؟
بالتأكيد واتحدى من يقول غير ذلك وأبسط مثال توجه الماركات عالمية نحو تصميم الملابس التقليدية كالعباءة والملابس المحتشمة التي أصبحت التوب فاشون حالياً ويتوجه به للمنطقة وشرق آسيا والمنافسة شديدة عليه حتى من البراندات الفاخرة لان الاقبال والسوق موجود وليس بإمكانهم غض النظر عنه، من قبل لم يستطيع الكثيرين ولوج السوق لعدم وجود رابط يدفع العميل للشراء ولكن عندما يخرج ابن البيئة من قلب المكان يكون على علم ودراية كبيرة بكل التفاصيل والتقاليد في الازياء مما يجعل له الأولوية ويجعل فرصته أفضل خاصة مع توفر الدعم والاهتمام.
حدثينا عن برنامج تطوير الحرف المتوارثة لاسيما النسيج الذي قدمتموه لمواكبة العصر؟
بالنسبة لبرنامج النساجين تشتهر البحرين بالنسيج منذ ألاف السنين ولكن للأسف فقدت الحرفة مركزها مع التطور والانفتاح على العالم وظلت تقليدية في نطاق العرض للسياح فقط دون مردود فعلي ملموس على الاقتصاد المحلي أو أصاب الحرفة نفسها، ومع دراسة شاملة للموضوع خاصة أنه من أهم شروط الاستدامة التي ندعمها وجدنا ان الحرفة تتجه للاندثار كما يرفض الشباب تعلمها او توارثها لهذا قدمنا دراسة شاملة للموضوع لتطوير النسيج على أيدي مدربين متخصصين وبتعريفهم على الأليات والمواد الجديدة والتعامل مع النسيج كقطعة فنية تستخدم كديكور أو في الأزياء.
ما هي أسباب دعم الحاضنة للاستدامة؟ وهل يوجد عائق نحو توجه شركات الازياء العالمية إليها؟
بحكم دراستي وعملي في مجال الفاشون لدى خبرة وخلفية عن مدى خطورة استخدام الفاشون والاثار السلبية التي تنتج عن صناعة الألبسة الجاهزة كونها ثاني صناعة ملوثة للبيئة في العالم وفق مكتب الأمم المتحدة الذي يحث على الاتجاه للاستدامة، وكذلك مصممي الأزياء ومسئولي صناعة الموضة حاولوا إيجاد بدائل واللجوء لحلول كثيرة ففي النهاية نحن نعيش في كوكب واحد ولابد من أخذ المبادرة ولو بصفة شخصية نحو الاستدامة قبل أن تتفاقم الأمور ونصل مرحلة اللاعودة، وخاصة في منطقتنا نحن مستهلكين بالدرجة الأولى في صناعة الملابس ولهذا نحاول في الحاضنة ان نوعي المصممين والجمهور أيضاً بالاستدامة وأهميتها لأن المستهلك بالأساس هو القادر علي تغيير فكرة المُصنع او المنتج حتى لو تغاضى عن ذلك، فالاستدامة ضرورة حتى لو أننا لا نصنع الخامات لدينا الاختيار للاستعانة بالتكنولوجيا والرجوع للحرف القديمة ومفهوم الاستدامة لا يقف فقط عند استخدام خامات صديقة للبيئة ولكنها تمتد للمساعدة على استمرارية فتح بيوت الحرفيين أيضاً.
في الفترة الأخيرة كان التوجه الأكبر للشركات هو الفاست فاشون “الموضة السريع” المعتمد بالأساس على اقناع المستهلك مهما بادر واشترى أنه لم يشترى ما فيه الكفاية، ولكن خلال الأربع سنوات الماضية تواجد ضغط دولي ليس فقط من قبل منظمات دولية بل من المستهلكين الذين يبحثون عن شركات تحترم البيئة وتحرص على عدم المساهمة في الإضرار بها كما تحترم العمالة وتحرص على حقوق الإنسان حيث أصبح الوعي أكثر بفائدة الاستدامة مما اضطر الشركات لمواكبة الاتجاه السائد الذي فرض نفسه على الساحة كمسار إجباري.
هل تحصل الحاضنة على تمويل من تمكين؟
تمكين مشكورين يقومون بتغطية 40٪ من برنامجنا اما باقي التمويل فيتم من جهتي بصفة شخصية حتى الان ويكفيني رؤية التحمس والاهتمام في عيون المشتركين فهذا ما يؤكد إني على الطريق الصحيح، كما أن بناء بيئة مثمرة في مجال به تنافسية قوية على مستوى العالم لا يظهر بين ليلة وضحاها للأسف توجه رجال الأعمال عموماً لا يرى شيئاً جذاباً في صناعة الفاشون في المنطقة لهذا يعزفون عن الاستثمار فيه.. مبدئياً نحن نؤسس لبناء بيئة مزدهرة للأزياء لتغيير هذه النظرة وإعطاء الفرصة للشباب وبعيداً عن الدعم الحكومي نتمنى من رجال الأعمال في المنطقة التوجه لصناعة الازياء فنحن لم نعد مستهلكين فقط.