دبي خاص
- حافظت دبي وأبوظبي على قدرتهما التنافسية العالمية بفضل سهولة ممارسة أنشطة الأعمال وجودة الحياة والقدرة على تبني التغيير والتكيف معه
أصدرت شركة جيه إل إل، شركة الاستشارات والاستثمارات العقارية، بالتعاون مع شركة “ذا بيزنس أوف سيتيز”، تقريراً بعنوان: “الطلب والتحول الجذري في المدن العالمية”، وذلك لاستكشاف وفهم المنظومة العالمية سريعة التطور للمدن وتأثير قوى التغيير الرئيسية على ديناميكيات التطور الحضري والعمراني وتداعياتها على قطاع العقارات.
ويكشف التقرير أن الأسس الاقتصادية لم تعد أبرز العوامل التي تستقطب الشركات والمستثمرين للمدن أو الدول، حيث ينصرف اهتمام الشركات والمستثمرين بشكل تدريجي إلى جودة الحياة والابتكار والاستدامة والحوكمة والمرونة والقدرة على التكيف، كما ينظر إليها باعتبارها عوامل جوهرية يجب مراعاتها عند اتخاذ قرارات الاستثمار وافتتاح المكاتب التمثيلية لها. وستتمتع المدن التي تتكيف مع النماذج الاقتصادية الجديدة، كاقتصاد الابتكار واقتصاد التجربة والاقتصاد التشاركي والاقتصاد الدائري، بمصادر جديدة للطلب على العقارات وجذب استثمارات أعلى عبر الحدود.
وصنف التقرير أبوظبي ودبي ضمن “المدن الهجينة” التي تجمع بين خصائص “المدن الناشئة” و”مدن العالم الجديد”. ومن الملاحظ أن المدن العالمية الناشئة تمكنت من إثبات أهميتها كمراكز للتمويل وخدمات الأعمال وتجارة التجزئة، حيث تقع هذه المدن في ملتقى الطرق التي تخدم الأسواق المحلية وتتمتع بالانفتاح الكبير على الاقتصاد العالمي. بينما تمتلك مدن العالم الجديد خصائص مميزة وقدرات عالمية المستوى في مجالات العلوم والتقنية والأعمال التي تعزز الابتكار وريادة الأعمال.
وتعليقاً على التقرير، قالت دانا سلباق رئيس قسم البحوث في جيه إل إل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: “نعيش حالياً فترة مثيرة للاهتمام بالنسبة للاستثمارات العقارية العالمية واتجاهات تدفق رؤوس الأموال مع دخول العديد من العوامل المختلفة إلى خريطة عوامل الجذب التي تتميز بها المدن، واستفادت كل من أبوظبي ودبي من خلال سهولة ممارسة أنشطة الأعمال واستمرار الحكومة في إطلاق العديد من المبادرات الرامية إلى تحفيز الطلب وخلق بيئة جذابة للمستثمرين”.
وعلى صعيد سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، لا تزال دولة الإمارات تتصدر التصنيف على مستوى منطقة الشرق الأوسط، حيث تأتي في المرتبة السادسة عشر من بين 190 دولة في تصنيف البنك الدولي لسهولة ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2020*. وأطلقت حكومة الإمارات العديد من المبادرات في كل من أبوظبي ودبي بهدف تحفيز الطلب على القطاع التجاري، إذ توفر دبي بيئة جذابة لرواد الأعمال تُمكن الشركات من العمل في العديد من المناطق الحرة باستخدام ترخيص واحد ضمن مبادرة “ترخيص واحد”.
وتُعد جودة الحياة من بين أبرز المزايا التي تتمتع بها أبوظبي ودبي، وهي ميزة تدعمها وتعززها منظومة الإدارة العامة بالدولة إلى جانب الخدمات عالية الجودة، ولاسيما في قطاعي النقل والبنية التحتية بالإضافة إلى أنظمة الرعاية الصحية والتعليم عالمية الطراز.كما يعزز مجتمع الفنون والثقافة المتنامي الذي يضم المجمع الثقافي في أبوظبي والسركال أفنيو في دبي من مكانة المدينتين ومستوى جودة الحياة فيهما نظراً لمساهمة المحاور الإبداعية للفن والثقافة وأسلوب الحياة في المعروض الثقافي الذي تقدمه المدن.
وأضافت دانا: “ينبغي على المستثمرين ألا ينصب اهتمامهم على الأسس الاقتصادية ودورات الأداء الحالية عند اتخاذ القرارات الاستثمارية فقط، بل أيضاً مراعاة مستوى المعيشة وغيرها من الجوانب المتمثلة في الجودة والابتكار والاستدامة والسلامة”.
وبحسب التقرير، ستحافظ المدن القادرة على التكيف والتغيير على قدرتها التنافسية العالمية، مما سيشجع بدوره أنماطاً جديدة للمعيشة والعمل، مما سيؤدي إلى زيادة الطلب على العقارات من المستثمرين والشركات العابرة للحدود.
وهناك العديد من النماذج الاقتصادية الجديدة في المدن التي تجذب المستثمرين والشركات الدولية التي ترتكز على ثقافة خدمة العملاء وتعزيز التجارب الحضرية وتوسيع قطاعات الابتكار وتحقيق الاستدامة، من بينها:
- نموذج اقتصاد الابتكار: يتطلب هذا النموذج إضفاء المرونة على الأماكن واستغلال المساحات على الوجه الأمثل وإزالة العوائق بين استخدامات المباني. ويعيد هذا النموذج إلى الأذهان ضرورة التركيز على مناطق الأعمال المركزية باعتبارها مراكز للتعاون والابتكار والتجمع والتسويق.
- نموذج اقتصاد التجربة: يرتقي هذا النموذج بتوقعات العملاء فيما يتعلق بالخدمات المخصصة حسب الطلب، ويركز هذا النموذج على تخصيص تجارب العملاء حسب تفضيلاتهم واحتياجاتهم بدعم من تقنيات وأساليب جمع البيانات، كما يشجع على تجميع وتركيز مجموعة متنوعة من الأنشطة في أماكن وبيئات غنية بسبل الراحة.
- نموذج الاقتصاد التشاركي: يشجع هذا النموذج على ظهور أنماط جديدة للمعيشة والعمل (بما في ذلك العمل المشترك والعيش المشترك)، ويسهم في زيادة الطلب من قبل المستأجرين سريعي التنقل على المساحات التي يمكن إعادة تهيئتها بسهولة، ويؤدي إلى زيادة العائدات من الاستخدام الفعال للمساحات والأصول.
- نموذج الاقتصاد الدائري: يخلق هذا النموذج الحاجة إلى زيادة فعالية ومرونة المباني من الناحية التشغيلية وتحقيق كثافة أكبر من خلال الإشغال المشترك وتمديد دورات حياة الأصول.
وتعليقاً على التقرير، صرح الدكتور تيم مونين العضو المنتدب لشركة “ذا بيزنس أوف سيتيز”: “يتم تقييم المدن العالمية وفقاً لمجموعة كبيرة من المعايير التنافسية، من بينها القدرة على اجتذاب واستيعاب أشكال جديدة التي من شانها تحقيق قيمة مضافة، إذ أصبحت المكاسب التي يحققها أصحاب الأصول في المدن التي يمكنها التكيف بنجاح مع هذه الاتجاهات الجديدة واضحة بشكل متزايد”.
وتسهم النماذج الاقتصادية الجديدة في إحداث تأثير قوي على ساحة المدن العالمية. وبالنظر إلى قائمة هذا العام نلاحظ أن هناك سبع مدن تمكنت من المحافظة على قوتها التنافسية حيث تصدرت لندن ونيويورك وباريس وسنغافورة وطوكيو وهونج كونج قائمة جيه إل إل و”ذا بيزنس أوف سيتيز” للمدن العالمية الراسخة منذ عام 2013، كما انضمت سيول إلى القائمة في عام 2017.
وهناك أيضاً مجموعة أخرى من المدن تنافس المدن الحالية ومنها سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس وشنغهاي وتورونتو وشيكاغو وبكين وأمستردام وسيدني ومدريد وواشنطن العاصمة. وانضمت في هذا العام كل من برلين وميونيخ وبوسطن وستوكهولم إلى قائمة المدن المتصدرة العالمية حيث واصلت تلك المدن الاستفادة من جودة الحياة بها أو قدراتها الابتكارية أو قوتها المؤسسية، مما أكسبها مزيداً من الثقل والتأثير باعتبارها وجهات للاستثمار العقاري العابر للحدود.