مجيد منيمنة – المدير الإقليمي – خدمات بيرسون للتعلّم على الإنترنت – الشرق الأوسط
تواصل طبيعة عالم الأعمال كما نعرفه بالتغير على الدوام. ففي وقتنا الراهن، هناك عدد متزايد من الوظائف التي أصبحت تُعتبر قديمة، كما أن هناك وظائف الآن لم تكن موجودة قبل عشر سنوات. هذا ما تؤكّده الدراسات والبيانات، إذ تُشير إلى أن 40 ٪ – 60 ٪ من الوظائف التي قد تنشأ في عام 2030 لم يتم اختراعها بعد. كما تذكر أحدث دراسات البنك الدولي أن 50٪ من الوظائف المربحة التي نعرفها اليوم ستختفي تمامًا بحلول عام 2030-2040.
لقد أثر التغيير الإحلالي على جميع مجالات العمل، ومن المؤكّد أن التطوّرات التي تشهدها الأعمال ستأخذ هذا الاتجاه إلى مستوى آخر، فهناك طلب متزايد على أدوار مستقبلية جديدة. وعند أخذ هذا بعين الاعتبار، يتوجّب أن يقوم المهنيون بترقية مهاراتهم بصورة منتظمة. لكن المشكلة تكمن في أنه من الصعب على المهنيين اقتطاع الوقت من حياتهم المهنية لمتابعة التعليم الرسمي. بالإضافة إلى ذلك، لا يستطيع العديد منهم اليوم التقدم في حياتهم المهنية لأنهم يفتقرون إلى المجموعة الصحيحة من المهارات (المهارات اللينة وكذلك المهارات الفنية) التي يبحث عنها أصحاب العمل. على سبيل المثال، في مجال التسويق والإعلان، يقرّ 90٪ من المسوّقين أنهم يعانون من نقص المهارات الرقمية، ويشعر 8٪ فقط من الشركات التي شملها الاستطلاع بالقوة في مجال التسويق الرقمي.
لكن لحسن الحظ، هناك ارتفاع في عدد الدورات والبرامج المرنة التي تساعد المهنيين على سد هذه الفجوة، فأوراق الاعتماد الجزئي، أو أوراق اعتماد النانو، تُعتبر شهادات مصغرة معتمدة من التعليم العالي أو شهادات في مجالات مواضيع محددة يتم تقديمها بعد الالتحاق بالدورات لأوقات قصيرة. وللحصول على الاعتماد الجزئي، يحتاج الشخص المُلتحق إلى إكمال عدد معين من الدورات والأنشطة، كما أن باستطاعة المُلتحقين بالدورات اختيار الوقت الذي يرغبون به في التعلّم. ترتبط هذه البرامج مباشرة بالقطاع أو المجال الذي يخصهم وتوفر لهم المهارات اللازمة للوظيفة على الفور. فعلى سبيل اللمثال، تغطي هذه الدورات الاتجاهات الشائعة والمطلوبة مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وتحليلات الأعمال وإدارة سلسلة التوريد وغيرها. ويمكن لهم بعد ذلك زيادة عدد اعتمادهم في طريقهم لتحصيل درجات أعلى. هذا وتُعتبر بيانات الاعتماد الجزئي مثالية للمهنيين الذين يبحثون عن فرص عمل أو تقدم وظيفي. تشمل الفوائد:
- المرونة: يتم تقديم دورات الاعتماد الجزئي بطريقة مرنة. توفّر هذه الميزة للأفراد المهتمين بمهنهم حرية البقاء في عملهم والالتحاق بالدورة عند الحاجة مما يساعدهم على تحقيق التوازن بين احتياجاتهم المهنية وإدارة وظائفهم في نفس الوقت. كما أنها تمكّنهم من مواصلة تعليمهم من أي نقطة قد توقفوا عندها في أي فصل سابق، مما يجعل هذه الدورات مثالية.
- المزج بين برامج الإنترنت وغيرها: توفر هذه البرامج فوائد إضافية للمهنيين الذين يتطلعون إلى تعزيز مهاراتهم أو التعرّف على مهن وقدرات أخرى وتعلّمها. عوضًا عن أداء بعض التمارين والتدريبات على الإنترنت، بإمكان الملتحقين بالبرنامج عقد اجتماعات ولقاءات على الإنترنت بإشراف مستشار مهني في مجال التعليم لمساعدتهم على الاطلاع على التقدم الذي أحرزوه والتصدّي لأي تحديات يواجهونها. ليس هذا فقط، فطبيعة هذه البرامج تتيح للمتعلّمين المجال لدراسة حالات محلية والمشاركة في ورش عمل جماعية. على سبيل المثال، تُقدّم برامج بيرسون بروفيشونال (Parson Professional) الممزوجة للتصدي إلى واقع متطلبات الأعمال المحلية. تتضمن برامج الاعتماد الجزئي ما يلي: التعلم القائم على المشاريع، دراسات الحالات المحلية، إيجاد حلول للتحديات التي تواجهها الأعمال، والتعرّف على المشاريع والتقييمات الأساسية وأكثر. وبشكل عام، يضمن التعليم الممزوج التركيز الملتحقين على النتائج وحصول الملتحقين على الدعم عبر البرنامج بأكمله، وهو ما تفتقده الدورات التدريبية التقليدية عبر الإنترنت.
نظرًا لأن المعلوما الجديدة تُكتسب عبر الإنترنت ومن ثم يتم تعزيزها وتطبيقها على أرض الواقع، فإن استيعاب النقاط والمعضلات الصعبة من قِبل الطلاّب يُعّد أكثر سهولة، مما يساعد في المقابل على زيادة معدلات إتمام الدورات الممزوجة مقارنة بطرق التعليم التقليدية. أما بالنسبة للشركات التي لا تزال تُفضّل التعلّم التقليدي، يوفر التعليم الممزوج طيفًا رائعًا من الأنشطة غير المتصلة بالإنترنت التي تعمل بشكل فعّال وتقدّم نتائج قيّمة وملموسة لجميع الأطراف المعنيين.
- إضافة جيدة لأصحاب العمل: لا تُصمم برامج الاعتماد الجزئي والبرامج التعليمية الأخرى لتتناسب مع احتياجات المهنيين الملتحقين بها فحسب، ولكنها مصممة أيضًا لمساعدة أصحاب العمل، فهي تركز على مهارات النانو اللازمة للوظيفة بالتحديد، مما يمكّن أصحاب العمل من التركيز على تطوير قدرات العمل المطلوبة في موظفيهم.
هذا وتنجح الدورات الممزوجة أيضًا في تقديم طريقة مختلفة لإيصال المادة التعليمية للمُلتحقين بالبرنامج، مما يخفف من حدّة الضغط على وقتهم، إذ يتم تخطيط أهم نقاط الاتصال وأكثرها تكرارًا مع مستشار تعليمي. ومن جهة أخرى ونظرًا لمرونة البرنامج، من الممكن أن تُفطي المدة التعليمية فترة زمنية أطول مما يُساعد المتعلمين على قضاء المزيد من الوقت في استيعاب المادة التعليمية والمعلومات المطلوبة.
نجحت رقمنة وأتمتة عالم الأعمال في تغيير طريقة عمل المهنيين المحترفين، وتُعدُّ أشكال التعلّم الحديثة طريقة فعالة تسمح لهم بتعلم مهارات جديدة مع الاستمرار في شغل وظيفة بدوام كامل. يمكّن تطبيق برامج التعليم الممزوج مثل بيرسون بروفيشونال في الشرق الأوسط المتخصصين مواكبة بيئة العمل المتغيرة، وعلى المهنيين الذين يشعرون أنهم بحاجة إلى هذه الدورات والبرامج الالتحاق بها.
يحتاج رواد الأعمال أو المحترفون، أو الباحثون عن عمل، أو أي مهنيّ في عالم الأعمال إلى المنافسة من خلال ضمان استمرارهم في تطوير قدرات جديدة. يساعد التعليم الممزوج على جعل التعلم مرنًا وفعالًا من حيث التكلفة، كما يجعله قابلاً للتنقل من مكان لآخر. وليس هذا فقط، فهو يوفر نهجًا منظمًا للتعلم للمهنيين. فمن الطبيعي إذن أن يشهد مستقبل الأعمال الشركات التي تراجع الشكل التعليمي الممزوج، مما يجعله بلا شك جزءً لا يقدر بثمن لأعمال