entrepreneuralarabiya – خاص
بمزید من الاھتمام تابعنا تجربة عبد الرحمن أبو مالح، مثلنا مثل ملایین العرب عبر منصته بودكاست [سفنجانز]، ولأننا نرى أن المستقبل ھو للإعلام الرقمي، كانت التجربة مهمة بالنسبة لنا، خاصة أنها حققت نجاح ملفت في وقت قياسي وتتصدرالتجارب الریادیّة في المنطقة، كما أن هذه التجربة تنسجم وتواكب الثورة الصناعیة الرابعة، ولأنھا تمیزت وأثبتتّ أن التمیز في المحتوى ولیس سطحیته ھو ما یجتذب الملایین، على عكس الفكرة السائدة.
یحظى بودكاست سفنجانز بمتابعة أكثر من 10 ملیون مستمع ومشاھد. ماذا یعطیك ھذا الرقم وكیف یمكنك استثماره؟ وماذا یحملك من مسؤولیة؟
كنت، ولا زلت مھتماً بصناعة المحتوى عبر منصاتنا المختلفة، فكان بودكاست ”فنجان“ أحد تلك المشاریع التي بدأتھا كمحاولة لإثراء المحتوى العربي، من خلال لقاءات أسبوعیة، مع ضیوف مختلفین، ننشرھا بالصوت، والصورة على منصتيّ ”بودكاست“، و“یوتیوب“.
بالرغم من أنّ البداية كانت بسیطة، ولم یكن من المخطط لها أن تصبح بالشكل الذي ھي علیه الآن: الأكثر استماعًا في دول الخلیج، والشرق الأوسط، والبرنامج الحواري الأول محلیًّا، وأن تمتلك قاعدة تزيد على 12 ملیون متابع عربي خلال سنتین فقط. ھذه الأرقام بالطبع تغیّر في المشھد كثیرًا. فھي تعطیك إنطباع على أن الجمھور مستعد لنشر ومشاركة وسماع محتوى یمتدّ لساعتین، إذا كان بجودة ممتازة، ومحتوى یلیق بھم.
الاستمراریة، ومحاولة التطویر والتحسین المستمرّة، التنوع، والانفتاح على جمیع الشرائح والأفكار والتجارب، ھي المسؤولیة التي تقع على عاتق ”فنجان“ الآن.
في مجتمع لایقرأ كثیرًا، في مجتمع یلحق بثقافة سطحیة في الفن والأدب والموسیقى والسیاسة كیف استطاعت منصة بودكاست [عمومًا] التأثیر واجتذاب جمھور عریض؟
لا أظن أن مجتمعنا لا یقرأ، بل حتّى الآن لم یجد المحتوى المناسب له، ولم نكن یومًا بھذه ”السطحیة“ إلا أن صنّاع المحتوى وجدوه الطریق الأسھل والأكثر انتشارًا وربحًا، عندما سمّته “بودكاست” كغیرھا، إلى أن ظھر في عام 2018 وحده أكثر من 210,000 بودكاست جدید فتسمع وأنت تمشي تطبخ في السیارة، لم یكن محدودًا بوقت مثل برامج الإذاعة، ولم یكن لزامًا أن ترتبط بشكبة إنترنت.
الیوم، ھذه المنصة أصبحت إحدى أشكال المحتوى الأكثر رواجًا، بل ھي مستقبل الأخبار الجدید والمحتوى، وفي طریقھا للقضاء على الإذاعة التقلیدیة.
خلال سنتین اجتذبت من خلال البودكاست 10 ملیون متابع ب130 حلقة، كیف حدث ذلك؟
في الوطن العربي ما زال أمامنا الكثیر للوصول إلى نضج أكبر في ھذه الصناعة. لكن، كل المؤشرات كانت تقودنا إلى أنّ البودكاست باقي ویتمدد.
فالجمھور متعطّش لمحتوى بجودة عالیة یرضي ذائقتھم العربیة، على غرار أشھر البرامج الأجنبیة التي یستمعون لھا یومیًّا، بل لا نختلف عنھم.
بدأ “فنجان” بقصص شخصیة، وتجارب، وأفكار لم تلقَ منافسة أو تواجد لمنصة مشابهة في الإعلام التقلیدي، وصار قریبًا من المستمع العربي الیوم، لأنّه یحكي بلغته وأفكاره، وھویّته وتساؤلاته.
في البدایة كان البرنامج یقدم من قبل ھاوٍ مثلي، الآن “فنجان” أحد منتجات شركة “ثمانیة” والمسؤولیة صارت أكبر وأوسع وخلفه فریق كبیر من معدین ومنتجین، استضفنا 135 ضیف عربي من السعودیة، والكویت والإمارات، ومصر والسودان والصومال، وفلسطین والأردن.
قلت أن ثمانیة ستعید تعریف المحتوى من جدید للعیش في المستقبل، ماذا نقول عن ذلك كیف توضح؟
لاحظ أنّه في عام 2018 صعدت أول رحلة بشریة إلى المریخ. وفي عام 2024 ستبدأ الرحلات لنقل البشر للعیش على سطح المریخ أیضًا، العلماء یعملون على إعادة ھندسة كوكب المریخ لیكون قابلاً للعیش علیه ونقل المصانع التي على سطح الأرض، خلال السنوات المقبلة إلى الفضاء.
في الفترة الماضیة تحدث رئیس جوجل قائلاً: أنّ قوة الذكاء الاصطناعي لدیھم، أصبحت قادرة على أن تبتكر من خیالھا! نعم، الحاسب الیوم قادر على ابتكار حلولٍ جدیدة، السیارة في عام 2019 ستطلبھا وأنت في لوس أنجلیس وتأتیك من نیویورك بدون قائد! السنوات المقبلة ستجد اللحم مصنوع بالكامل من خلية واحدة وسنستطیع أن نفھم خبایا المستقبل.
الیوم، “ثمانیة” ھي شركة نشر وتوزیع، تتخذ من الریاض مقرًا لھا، بدأ اهتمامنا بتبسيط فھم كل مغامرات المستقبل لنكون جزءًا منه.
وثائقیات، ومقالات، ومقابلات، ومحتوى متخصص یحمل رسالة، أنت تتوجه إلى جیل جدید تأخذه الصورة والأكشن، أین معادلة النجاح ھنا؟
لأننا نؤمن بأھمیة المحتوى الجاد وتقديمه بطريقة بسيطة وغنية، ولأننا نزعم أنّ العرب والسعودیین قادرون على صناعة محتوى یشار له بالبنان، محتوى یصنع الفارق ویؤثر على الإنسان ویساھم في صناعة التغییر، نمثل الصحافة الجدیدة ونطالع الحاضر بأدوات المستقبل.
نقرأ ونشاھد ونسمع محتوى ضخمًا بدیعًا في أمیركا وأوروبا، ونزعم أن الظروف تساعدھم لصناعة مثل ھذا، الیوم، تثبت ثمانیة أنھا قادرة على توثیق قصص تستحق أن تروى، فنحن نخلق شكلاً جدیدًا لصناعة المحتوى والصحافة یقف واثقًا في الشرق والغرب.
بالتوقف عند ھذا الكلام ھناك العشرات من المؤثرین العرب الذین استطاعو اجتذاب ملایین المتابعین، من دون التسلح برسالة اجتماعیة أو ثقافیة ولایحملون أي قیمة ثقافیة، كیف تفسر ذلك؟
أزمة المحتوى ھي أزمة عالمیة، لیس فقط العرب من یعاني منھا، بل حتّى الغرب لكن لا تستطیع منع أي مؤثر وصانع محتوى من أن یقدم ما یرید وفق ما تراه، أو ما أراه أنا مناسبًا وذو قیمة ثقافیة أو حتّى اجتماعیة، بل، علینا مزاحمة ھذا الفضاء بما نرید وننافس في السوق مثلما یتنافس المتنافسون.
صحیح أنه الأسھل رواجًا وشھرة، وعوائد مادیّة، لكن في المقابل ھناك عشرات المؤثرین العرب والغرب الآخرین القادرین على صناعة محتوى رصین وقیّم، وینافس في عدّاد دقائق الفرد.
تتحدث دائما عن الفكرة والقضایا التي تؤثر على حیاة من یتابع منصتك، ھل یغیر المحتوى الجید حیاة الناس من خلال منصة على الیوتیوب، الیوم في غیاب مواكبة منظومة مساعدة من المجتمع والمؤسسات الحكومیة؟
طبعًا، آلاف منصات المحتوى التي تتدفق وتصادفها في یومك یؤثر جّله علیك، كیف تأكل ماذا تقرأ، كیف تفكر وتتخذ القرارات، وحین تقارن تجاربك بالآخرین. وتصلنا عشرات الرسائل یومیًا من أشخاص تغیرت حیاواتھم بشكلٍ أو بآخر بعد استماعھم لحلقة، أو مشاھدتھم فيلم من انتاجنا ومجددًا عبء التأثیر والإفادة لا یجب أن یقع على عاتق مؤسسة حكومیة، بل إن وزارة مثل وزارة الإعلام ھي مؤسسة تشریعیة وتنظیمیة لسوق المحتوى وعلى الراغبین بالمنافسة صنع محتوى مؤثر.
قلت أنك توقعت فوزك بجائزة وزارة الإعلام السعودیة، لماذا توقعت، ھل كنت مقتنع بأن المحتوى الممیز سیجلب لك الجائزة، رغم سیطرة الطابع التقلیدي على الإعلام في المؤسسات ومنھا وزارة الإعلام؟
المشاھد والمستمع ھو من یقرر بقاء المحتوى، والمحتوى القوي ینتصر في النھایة، وجائزة الإعلام الجدید تؤكّد الأثر الذي تحدثه ثمانیة الیوم في صناعة المحتوى.
لماذا تحاول التوثیق، الیس ھذه المھمة من مھمات المؤسسات؟ أولست رئیس شركة ثمانیة للنشر والتوزیع؟
بدأنا ثمانية لتوثيق اللحظات، وصياغة واقعنا وحياتنا بأنفسنا. فكان السؤال، لماذا توثق لحظاتنا وأفكارنا من كاميرات الآخرين؟ لماذا لا نجد ملاذًا لعقولنا ومستقبلنا من شركة سعودية؟ فبنينا ثمانية لنبرھن على أنّ الصحافة العربیة قادرة على نشر تحقیقات ووثائقیات تعكس الحقائق وتحمل ھمّ التغییر في بلداننا. المجال واسع ومفتوح، وعلى العكس تمامًا يجب أن يكون هذا الهم، مؤسسي وحكومي، خاص وفردي، وعلى شكل جماعات ومجتمعات، كلٌ يوثّق من جهته فالكثیر من القصص التي نسمعھا قد لا تتعدى مجالسنا، رغم أنھا قد تكون في المستقبل تراثًا إنسانیًا وملكیة عامة لو أنھا جابت البلدان وسافرت عبر الحدود.
كیف تنظر إلى الإعلام الرقمي العربي الیوم، في أي مستوى یمكن تصنیفه؟ إلى ماذا یفتقد؟
المحتوى العربي على الإنترنت بائس نسبیًّا إذا ما قارنته بلغاتٍ أخرى غیر الإنگلیزیة.
یفتقد للإجادة والعمق والتأثیر، والاستقلالیة والتخصص والطرح العقلاني الذي یغیّر نظرتنا للأمور ویفسر لنا الحاضر والمشاكل والتغییرات من حولنا وبعیدًا عن المحتوى الذي تسیطر علیه مؤسسات أكبر ویتحكم به المسؤول.
ھناك محاولات من أصدقاء كثر لنا في المجال: رصیف 22 Vice بالعربي، منشور و حكمة، وشبكة ومنصة معنى، جھودھم واضحة في إثراء الفضاء الفارغ وما یفتقده المحتوى الرقمي بعیدًا عمّا یفتقده أي وسط آخر من حریة تعبیر ونشر واستقلالیة، نموذج ربح مضمون یعود على المحتوى وفریقه ویحافظ على استمراریته ویضمن نموًا أكبر.
ما ھو مستقبل البودكاست عمومًا في ظل انتشار إنترنت الاشیاء وتوسع أدوات الثورة الصناعیة الرابعة؟ ھل تعتقد أنه علیك تغییر شكل تواصلك مع جمھورك خلال فترة قریبة؟
هناك دراسة أظھر ت أنّ الناس تستمع إلى البودكاست والمحتوى الصوتي إجمالاً في سیاراتھم وبیوتھم، وفي ذات الوقت نجد الشركات التقنیة تستثمر الملیارات في جعل الأشیاء ذكیة.
الیوم، النّاس تستمع للمحتوى الصوتي في سیاراتھا التي تملك أنظمة ذكیة أكثر من استماعھم للرادیو، وكذلك أصبح بإمكان الواحد استثمار وقته في المنزل أثناء قیامه بالأعمال الروتینیة كالطبخ والغسیل، وھو یستمع إلى البودكاست أو الكتب الصوتیة، وما التحول في سلوك المستخدمین والنّاس إلا البدایة، فھذه الأنظمة الذكیة ومكبرات الصوت الذكیة لا تزال في بدایتھا فتخیّل كیف سیكون المستقبل والأجھزة في معظم منازلنا وسیاراتنا، أما عن شكل تواصلنا مع الجمھور, نعمل على أن یواكب كل ھذه التغیرات.
ھل كنت تتوقع الوصول إلى الشھرة التي وصلت إلیھا؟ ومن ھي الشرائح التي تتابع بودكاست سفنجانز؟
ھناك شعرة بین التأثیر والانتشار صحیح، أنّ الھدف أن نصل إلى أكبر قدر من النّاس، لا محالة، لكن، لا یجب أن یكون الھدف فیما ننشر ھو الوصول الأكبر والانتشار فھذا سیدفعنا إلى أن ننشر محتوىً بناءً على طلب الجمھور، ضعیفًا كان أم قویًا، ننشر كلّ ما ھبّ ودبّ وھذا یخالف ما تأسست علیه ثمانیة.
الھدف أن ننشر ما یؤثر في النّاس ویجعل حیاتھم أفضل ویظھر لھم العالم من زاویة مختلفة، وجمھور ثمانیة عمومًا ھم الشریحة الأھم والأوسع، شباب طموح وقادر على تغییر قوّى السوق وطریقة اتخاذ القرارات، والأكثر تأثیرًا في وسطھم الاجتماعي ومواقع التواصل الاجتماعي.
ھل تعتقد أنك نجحت في متابعة التحولات الاجتماعیة في السعودیة؟
نأمل ذلك، فقد قدّمنا مئات المقالات، وعشرات الوثائقیات، وحلقات بودكاستٍ بلغت أكثر من 100 حلقة من یعود لھا بالطبع سیجد فیھا شیئًا من متابعة ھذه التحولات الاجتماعیة المتسارعة محلیًّا، وعربیًا.
تعتبر نفسك صحفي استقصائي، ھذا النوع من الصحافة صعب في غیاب الشفافیة وتقالید الحصول على المعلومة، ھل لدینا صحافة استقصائیة وماذا ینقص الصحافة الاستقصائیة عندنا؟
لدینا تجارب سعودیة خجولة، وعربیة أكثر جرأة -بقلیل- وعمومًا، تأخرت الصحافة الاستقصائیة العربیة لأسبابٍ عدیدة من حریات النشر والتعبیر، وعدم تعاون المسؤولین، وضعف تأثیر الصحافة في الرأي العام، وحتّى عدم وجود صحفیین أكفّاء ومخرجات إعلامیة یشار لھا، وأیضًا في كونھا تستغرق وقتًا وجھدًا وتحتاج لأن تسأل، وتبحث وقد یأتي عملك بنتیجة أو لا، أما عن ماذا ینقصھا: فالتفرغ والاھتمام بالموضوع والعمل علیه لیل نھار.
من ھي الشخصیات التي تعتقد أنھا قدمت إلى بودكاست [سفنجانز] أكبر مشاھدة واعطتھا قیمة مضافة؟
كل الضیوف بلا استثناء والمحتوى المؤثر والقصة ینتصران في النھایة لا تھم شھرة الضیف من عدمھا، بل على العكس الضیوف المغمورین أصحاب القصص والتجارب الغریبة تعدّ من الأعلى استماعًا زھور العسیري واللاجئین، محمد المطیري والبحث عن نفسه، یوسف الدویس وتجربته مع العزلة، والقائمة تطول ولكل حلقة قیمة مضافة باختلاف ضیفھا.
لماذا ثمانیة؟ كیف تشرح الاسم للمتابعین؟
في الحقیقة لھذا الأسم عدّة تفسیرات، من الممكن أن یكون السماء رقم “ثمانیة”، الیوم رقم “ثمانیة”، فنحن نبتدع صحافة جدیدة وشكل آخر من المحتوى، عند الإغریق مثلًا یقولون “كل الأشیاء ثمانیة”، لغازي القصیبي روایة تحمل اسم “سبعة” وكما ھو معروف أحد أبرز المؤثرین علینا، بابتداعنا “ثمانیة” من بعده، أیضًا الشعار یشیر إلى اللانھائیة ونحن نؤمن بھا.