دبي – خاص
خبراء ومحللو المؤسسة يناقشون أبرز التوجهات الأمنية التي يواجهها المدراء الأمنيين خلال فعاليات قمة جارتنر الأمن وإدارة المخاطر التي تنعقد خلال الفترة ما بين 10-11 سبتمبر 2018 في لندن بالمملكة المتحدة
بات مدراء الشركات على معرفة تامة وشاملة بالتأثير الكبير لمسائل الأمن الالكتروني على نتائج الأعمال، وأشارت مؤسسة الأبحاث والدراسات العالمية جارتنر بأنه يتوجب على مدراء الأمن استغلال هذا الدعم المتنامي، والاستفادة من التوجهات الستة الصاعدة حالياً، بهدف تعزيز مرونة الأعمال في مؤسساتهم، وتعزيز المكانة التنافسية في الوقت ذاته.
التوجه الأول: بات كبار التنفيذيون في الشركات على دراية تامة بالتأثير الكبير للأمن الالكتروني على تجسيد أهداف الشركة وحماية سمعتها
بات موضوع أمن تقنية المعلومات ضيفاً دائماً ومتكرراً على اجتماعات مجالس الإدارة، وجزءاً حيوياً من كافة الاستراتيجيات الرقمية للمؤسسات، إلا أن مدراء الشركات لم يتقبلوا هذه الرسالة بكافة مضامينها حتى انتشرت السلسلة الأخيرة والأبرز من هجمات الاختراق، وغيرت موقفهم بالكامل.
ومن أشهر الأمثلة على هذه الهجمات عملية اختراق نظم وبيانات شركة إكويفاكس، التي أطاحت بمناصب المدير التنفيذي ومدير المعلوماتية ومدير الأمن. وهجوم واناكراي الذي تسبب بأضرار كبيرة على مستوى العالم قدرت بحوالي 1.5-4 مليار دولار. بالإضافة إلى الخصومات المزيفة التي طرحتها شركة فيرايزون والتي بلغت قيمتها 350 مليون دولار في الآونة الأخيرة على منتجاتها وخدماتها عبر موقع ياهو نتيجة لعملية اختراق البيانات الآنفة الذكر.
في هذا السياق قال بيتر فيرستبروك، نائب رئيس الأبحاث لدى مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية جارتنر: “أدرك مدراء الشركات وصناع القرار فيها بنهاية المطاف أهمية مسائل الأمن الإلكتروني، بدرجة تتخطى بكثير مجرد اتباع إجراءات وخطوات تقنية يضعها مجموعة من الموظفين المختصين لصالح الشركات. لذا، ينبغي على مؤسسات الحلول الأمنية الاستفادة من هذا التوجه التعاون عن كثب مع مدراء الشركات، والعمل على ربط القضايا الأمنية مع مبادرات الأعمال المتأثرة بها بشكل واضح”.
التوجه الثاني: التوجيهات القانونية والتنظيمية المفروضة على ممارسات حماية البيانات تؤثر على خطط الشركات الرقمية، وتتطلب تعزيز مستوى التركيز على مسؤوليات البيانات
تعتبر بيانات العملاء شريان الحياة بالنسبة لخدمات الشركات الرقمية التي تشهد أعمالها نمواً متواصلاً. لذا؛ فإن الحوادث الأمنية، مثل فضيحة كامبريدج أناليتيكا الأخيرة أو حادثة اختراق نظام وبيانات شركة إكويفاكس، توضح لنا حجم المخاطر الهائلة التي تتعرض لها الشركات، والتي تكمن في آلية معالجتها وتعاملها مع هذه البيانات. علاوةً على ذلك، أصبحت البيئة التنظيمية والقانونية أكثر تعقيداً مما مضى، وذلك مع بدء تطبيق القانون الأوروبي اللائحة العامة لحماية البيانات GDPR، وهو خير مثال على ذلك. وفي الوقت نفسه، ارتفعت حدة العقوبات المحتملة التي ستفرض في حال الفشل في حماية البيانات.
وقد ارتفع عدد المؤسسات التي تعرضت بياناتها للاختراق في الولايات المتحدة من أقل من 100 مؤسسة خلال العام 2008، إلى أكثر من 600 مؤسسة خلال العام 2016.
وأضاف بيتر فيرستبروك قائلاً: “من غير المستغرب ارتفاع عدد الاختراقات الأمنية في ظل ارتفاع قيمة البيانات بحد ذاتها. وبناءً على هذا الواقع الجديد، أضحى استخدام برامج إدارة البيانات المتكاملة، وليس مجرد الامتثال، ضرورةً لابد منها، فهي تدرك بشكل تام مستوى الالتزامات والمسؤوليات المحتملة التي تنطوي عليها عملية التعامل مع البيانات”.
التوجه الثالث: تستثمر المنتجات الأمنية وبوتيرة متسارعة خطوط التسليم عبر السحابة من أجل توفير حلول أكثر انسيابيةً
يتطلب استثمار تقنيات الكشف والأنشطة ونماذج المصادقة الجديدة وجود كميات هائلة من البيانات، التي بإمكانها التفوق وبسرعة على الحلول الأمنية المستخدمة حالياً في المؤسسات. وهو ما يؤدي إلى حدوث تحول سريع نحو المنتجات الامنية المسلمة عبر السحابة، التي تتميز بقدرة أكبر على استخدام البيانات ضمن الزمن الحقيقي تقريباً، وذلك بهدف توفير حلول أكثر انسيابيةً وتكيفاً.
لذا؛ ينصح بيتر فيرستبروك الشركات بقوله: “تجنبوا اتخاذ القرارات التي من شانها استثمار حلول ونماذج عفا عليها الزمن، وعليكم البحث عن شركات لتوريد الخدمات قادرة على توفير خدمات قائمة على السحابة بالدرجة الأولى، بحيث تكون تتمتع بإدارة قوية للبيانات وبكفاءةٍ عاليةٍ في مجال تعلّم الآلات، الأمر الذي من شأنه توفير الحماية لبياناتك بالقدر الذي تستطيع أنت (بشكل شخصي) حمايته على أقل تقدير”.
التوجه الرابع: تقنيات تعلّم الآلات توفر القيمة على مستوى المهام البسيطة
أدى التحول نحو البيئات السحابية إلى خلق فرص كثيرة لاستثمار تقنيات تعلّم الآلات في سبيل حل ومعالجة المسائل الأمنية المتعددة، مثل المصادقة المتكيفة، والتهديدات الداخلية، والبرمجيات الخبيثة، والتصدي للهجمات المتقدمة. وتشير توقعات مؤسسة جارتنر إلى أن تقنيات تعلّم الآلات ستصبح بحلول العام 2025 جزءاً تقليدياً من الحلول الأمنية، حيث ستحل محل متطلبات المهارات المتنامية ونقص الموظفين. لكن لا تجسد جميع تقنيات تعلّم الآلات ذات القيمة المرجوة.
الأمر الذي تحدث عنه بيتر فيرستبروك قائلاً: “انظروا إلى مدى قدرة تقنيات تعلّم الآلات على معالجة مجموعات المشاكل التخصصية والمحددة بشكل جيد، مثل تصنيف الملفات القابلة للتنفيذ، لكن يجب الحرص على عدم إغراقها بهذه المهام. وما لم تقم شركة توريد الحلول بتوضيح كيفية قيام تقنيات تعلّم الآلات بتمكين منتجاتها للتفوق على منافسيها أو على المنهجيات القديمة، فمن الصعوبة بمكان تسويق تقنيات تعلّم الآلات بشكل جيد”.
التوجه الخامس: تستند قرارات شراء الحلول الأمنية بشكل متنامي على العوامل الجيوسياسية، إلى جانب الاعتبارات الشرائية التقليدية
أدت المستويات المتزايدة من الحروب الالكترونية، والتدخلات السياسية الالكترونية عبر شبكة الإنترنت، والمطالب الحكومية بالوصول إلى مصادر البرامج والخدمات، إلى ظهور مخاطر جيوسياسية جديدة تواجه آلية اتخاذ القرارات لشراء البرامج والبنى التحتية، والحظر الأخير الذي اتخذته الحكومة ضد الشركات الروسية والصينية هو من الأمثلة الحية على هذا التوجه.
وهو ما نوه إليه بيتر فيرستبروك بالقول: “من الأهمية بمكان مراعاة الاعتبارات الجيوسياسية للشركاء وشركات التوريد والهيئات القضائية التي تحظى بأهمية خاصة لمؤسساتكم، مع ضرورة إدراج وذكر مصدر سلسلة التوريد ضمن طلبات الحصول على معلومات RFIs، والمقترحات، والعقود”.
التوجه السادس: نقاط التركيز الخطيرة للقوى الرقمية تعمل على تعزيز ونشر الجهود اللامركزية على عدة مستويات ضمن منظومة العمل
تقوم شبكة الإنترنت موجة عاتية من المهام المركزية، ومن أبرز الأمثلة على ذلك الحوسبة السحابية، إلا أنه توجد الكثير من الفوائد (بعضها تم التطرق إليه أعلاه) التي ينبغي على أعضاء الفريق الأمني أخذها بعين الاعتبار إلى جانب المخاطر.
الأمر الذي أشار إليه بيتر فيرستبروك قائلاً: “يجب تقييم الآثار الأمنية الناتجة عن المهام المركزية لمدى توافر وسرية ومرونة خطط الأعمال الرقمية. ومن ثم، إذا كانت مخاطر المهام المركزية من شأنها تهديد أهداف المؤسسة بدرجة خطيرة، فعليكم البحث عن بنى غير مركزية بديلة”.