دبي – خاص
بقلم: ميدي نافاني، المؤسس والمدير الإبداعي لشركة ديزاين هاوس ميدي
أشارت دراسات استقصائية أجرتها شركة ’نيلسن‘ المتخصصة في مجال الأبحاث التسويقية حول الثقة العالمية في الإعلانات أن 92% من الناس يثقون بالتوصيات الشفهية التي يتلقونها من الأصدقاء. فإن كان عملاؤك لا يتحدثون إلى محيطهم حول ما تقدّمه من منتجات، فأنت تفتقر بالتأكيد إلى إحدى أكثر وسائل جذب العملاء فعاليةً وموثوقيةً. وعلى الرغم من التأثيرات الهائلة لوسائل التواصل الاجتماعي على المجتمع الحديث؛ إلّا أن الحقائق الشاملة التي وصل إليها خبراء أبحاث التسويق كشفت بأن مشاركة المعلومات حول العلامات التجارية تحدث في الحياة الواقعية بمعدل يتجاوز بكثير تلك التي يتم تبادلها خارج حدود المجتمع الافتراضي المتمثّل في الإنترنت.
فخلال اللقاءات اليومية مع الوسط المحيط، نخوض الكثير من الأحاديث التي تقودنا في معظم الأحيان إلى تبادل الأفكار والمعلومات حول العلامات التجارية والمنتجات والخدمات، وأحياناً تكون هذه التوصيات واضحةً جداً في محادثاتنا، وفي أحيانٍ أخرى تكون دقيقة للغاية. ووفقاً للأبحاث الأخيرة، فإنّ “أكثر من ثلثي المحادثات التي نتشاركها مع أفراد المجتمع تتعلق بتوصياتٍ حول شراء منتجات علامة تجارية ما أو الاهتمام بابتكارات إحداها أو تجنّب شراء المنتجات الخاصة بعلامة تجارية أخرى”. لذلك تعتبر التوصيات الشفهية جزءاً هاماً من عملية صنع القرار بالنسبة للمستهلك.
لكن، لماذا تبدو التوصيات الشفهية أكثر أهمية مقارنةً مع أساليب الدعاية التقليدية؟ أعتقد أن ذلك يتعلق بعاملين أساسيين، هما مستوى الثقة واستهداف الشريحة الصحيحة.
الثقة: من الطبيعي أن نثق بأصدقائنا أكثر من اللوحات الإعلانية. لأننا ندرك أن العلامات التجارية تدفع المال لقاء وضع إعلاناتها على مختلف وسائل الدعاية المطبوعة والإذاعية وتلك التي تستعمل شبكة الإنترنت. كما نعلم تماماً أن فحوى هذه الإعلانات تصدر من العلامة التجارية نفسها، وبالتالي يتم تصوير المنتجات والخدمات على أنها مثالية تماماً، فالعلامات التجارية لا تعرض صورةً عادلةً لنفسها تعكس فيها السلبيات والإيجابيات. ونظراً لأن الإعلانات تبقى مجرد أسلوب للدعاية فإننا نميل دوماً للتشكيك بمصداقيتها. ولكن الأصدقاء يقدمون لنا ما يملكونه من معلومات ونصائح بكلّ صراحة وشفافية، فهم لا يمتلكون دوافع خفية لإطلاعنا على رأيهم في إحدى العلامات التجارية سواءً كانت رائعة أو سيئة. لذا، نميل إلى تصديق توصياتهم باعتبارها نصائح موضوعية وحيادية ودقيقة. وفي نهاية المطاف؛ نعتقد أن المستهلكين يثقون في آراء المستهلكين الآخرين، ويميلون إلى عدم الثقة تماماً بالإعلانات التي تقف العلامة التجارية ذاتها خلفها.
استهداف الشريحة الصحيحة: تُعدّ التوصيات الشفهية من الوسائل التسويقية الأكثر قدرةً على استهداف الجمهور المطلوب بشكلٍ دقيق. فعلى سبيل المثال؛ إن كنت تبيع شامبو للأطفال، وترغب في توجيه رسالتك التسويقية إلى العملاء المحتملين، فقد تختار الإعلان عن هذا الشامبو عن طريق التلفاز أثناء البرامج الصباحية؛ حيث تعتقد أن الشريحة المستهدفة هي في الغالب من تشاهد التلفاز في هذا الوقت، حيث ستعمل ربما وفق فرضية أن العديد من الأمهات اللواتي لديهنّ أطفال صغار يلازمن منازلهنّ ويشاهدن برامج التلفاز الصباحية. ومع ذلك؛ فقد يكون جزء كبير من الجمهور الذي تصله رسالتك التسويقية غير مهتماً بشامبو الأطفال على الإطلاق. لذلك لا يمكن التنبؤ بدقّة تامة بشريحة المشاهدين لأن هذه العملية لا تتعدى كونها مجرّد تخمين مدروس. بينما تعتبر التوصيات الشفهية أكثر تركيزاً؛ فمن غير المحتمل أن يقوم صديق ما بتعداد المزايا التقنية لجهاز لابتوب ’ماك بوك برو‘ الجديد، ما لم يكن مدركاً أن هذا النوع من الأحاديث يندرج في صلب اهتماماتك وأسلوب حياتك. كما أن الأصدقاء والزملاء يتشاركون اهتمامات متشابهة، ما يعني أنه في حال استهدفت منتجاتك أحد الأفراد، فمن المحتمل أنها ستجلب اهتمام شبكة من أصدقائه المقرّبين.
إذاً، كيف يمكنك كعلامة تجارية استخدام التوصيات الشفهية والاستفادة منها كوسيلة تسويقية؟
- يمكن البدء بهذا التوجه من خلال الاستثمار ببناء علاقات مع الأشخاص الأكثر أهمية وإيصال معلومات لهم عن طريق الحوار الشفهي المباشر، ما يسهّل عليهم نشرها نيابةً عنك.
- كما يمكنك الاستعانة بالآراء الخاصة بقائمة عملائك السعداء، فهم أفضل المؤيدين لعلامتك التجارية وقادرين على الترويج لها بصورةٍ كبيرة.
- ومن المهم أيضاً تعزيز الحوارات الشفهية البنّاءة ضمن شبكة أعمالك الخاصة بما فيها من موردين وشركاء استراتيجيين وشركاء الأعمال، ما يضمن لك إمكانية أن يقوم هؤلاء الذين يفهمون علامتك التجارية تماماً بنشر رسائل إيجابية ودقيقة ضمن شبكات واعدة وغنية بفرص الأعمال الجديدة.