entrepreneuralarabiya- خاص
بقلم: سيباستيان بافي، المدير الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لشؤون حماية الهوية والبيانات لدى جيمالتو
رغم التوقعات العالية لاكتساب تقنيات “بلوك شين” (blockchain) الناشئة لزخم متزايد في مجال تطبيقات إنترنت الأشياء، هناك حاجة لحشد المزيد من الجهود لتحقيق إمكاناتها الكامنة. حيث لا تزال بلوك تشين بعيدة كل البعد عن ذروة أدائها، رغم أنها تتمتع في الوقت الحالي بحراك استثماري متزايد.
وتقوم العديد من الشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا الكبرى بضخ موارد مالية ضخمة في التطبيقات المختلفة لهذه التقنية، والتي وصلت الآن إلى مرحلة يجب فيها التركيز على سبل التعاون.
تقوم بلوك تشين على مبدأ قواعد البيانات المتوزعة بهدف توفير سبل آمنة وشفافة لإنجاز وتسجيل أي نوع من المعاملات والتحقق منها. وذلك لا يقتصر على الصفقات المالية؛ فأي نوع من التحويل بين طرفين يتطلب في العادة طرفا ثالثا للتوثيق والوساطة أثناء التبادل.
والفكرة الكامنة وراء بلوك تشين هنا هي إلغاء هذه الحاجة إلى هيئة مركزية مستنزفة للأداء ومكلفة في أغلب الأحيان، والاستعاضة عنها بسجل مشترك بكتل بيانات غير قابلة للتغيير وتوزيعها عبر أجهزة الكمبيوتر حول العالم.
وقد تؤدي تكنولوجيا بلوك شين إلى مستقبل تنافسي جدا في مجال الخدمات المالية. وفي الواقع، بدأت بعض البنوك بعيدة النظر في المنطقة استكشاف مزايا تبني بلوك تشين في مناهجها للتجارة والاستثمارات وإدارة الأصول الرأسمالية. وتدرك هذه الكيانات أن بلوك تشين يمكن أن تصبح علامة فارقة ستمكنهم من معالجة المعاملات بمزيد من الكفاءة والأمن والخصوصية والموثوقية والسرعة. وتلعب الكيانات المالية في الإمارات العربية المتحدة دوراً رائدا في تشجيع الابتكار وتمهيد الطريق لاعتماد بلوك تشين على نطاق المنطقة الأوسع.
يكمن التحدي الآن في اختبار صلاحية مختلف شبكات بلوك تشين التي تم إنشاؤها، ومن ثم إيجاد وسيلة لتوحيد وتعزيز البروتوكولات لتتمكن هذه الشبكات من العمل معا.
إمكانيات إنترنت الأشياء
منذ ظهور فكرة بلوك تشين لأول مرة في عام 2008، وتوسعها خلف موجة بتكوين في عام 2014، تم وضع العديد من المعايير والبروتوكولات التي هي في الوقت الحاضر كثيرة جدا.
وبعد إنجاز عمليات التوحيد المتوقعة، ستتمتع جميع التطبيقات بطبقة بلوك تشين في الخلفية، مما يتيح عددا من حالات الاستخدام الجديدة في مجال الأعمال التجارية والمالية.
ولعل أهمها ستكون تلك المرتبطة بتقنيات إنترنت الأشياء، حيث سيكون لبلوك تشين القدرة على المساعدة في مختلف أنظمة اتصال الأجهزة مع بعضها البعض بطريقة موثوق بها.
فكر في السيارة المتصلة أو “المتحدثة” مع عداد موقف السيارات الذكي لمساعدتك على ركنها بشكل أسرع، أو المقاهي المحلية لمعرفة أيها الأنسب أثناء توجهك للعمل. إن إنشاء مثل هذه الأنظمة ستحتاج إلى نظم إنترنت أشياء عامة وخاصة قادرة على الوثوق بالشبكات والأجهزة الأخرى.
تحديد الفرص
إذا ما هو دور بلوك تشين؟
تنشئ بلوك تشين وسيلة أسهل لتحقق الأجهزة من بعضها البعض. وتقليديا، احتاجت إنترنت الأشياء مثل غيرها من أنواع المعاملات إلى طرف ثالث موثوق به. لكن بلوك تشين غير من تلك الدينامية، وقدم نهجا لتدوين المعاملة في سجلات مشتركة، والاستغناء عن السلطة المركزية وجعل هذه الحركة أرخص وأسرع.
هذا التصميم الجديد سيفيد أمن إنترنت الأشياء نظرا لأنه يقضي على القيود التي فرضتها السلطة المركزية التقليدية على نموذج الثقة التي جعلت من إنترنت الأشياء ضعيفة، خاصة مع بروز حوادث قرصنة أسفرت عن اختراق آلاف الأجهزة المحمية بكلمات السر الافتراضية واستخدامها لشن هجمات الحرمان من الخدمة.
وعبر توفير نموذج الثقة اللامركزية، يزيل بلوك تشين “نقطة الضعف المركزية” ما يمكن بدوره شبكات الأجهزة من حماية أنفسها بطرق أخرى، مثل عزل جزء متضرر معين بدأ التصرف بشكل غير عادي.
الخطوات القادمة
لا تزال مختلف شبكات بلوك تشين قيد التطوير غير خاضعة للتدقيق من وجهة نظر أمنية.
وفي عام 2017، سنرى خوض المزيد من شبكات بلوك تشين لاختبارات أمنية واسعة النطاق. وسوف نرى أيضا جهودا متواصلة لتوحيد الطريقة التي تتواصل بها هذه الشبكات مع بعضها البعض.
وحاليا هناك عدد من الشركات التي تعمل معا في محاولة لجعل ذلك ممكنا، وفي شتى المجالات كأمن الخدمات المصرفية، وسلاسل الإمداد بالخدمات اللوجستية، وسجلات الطاقة، والمواد الصيدلانية والصحية.
وتشترك كل هذه الشركات في الاعتقاد بأن لبلوك تشين القدرة على منحنا تطبيقات جديدة ومثيرة لاستخدامات إنترنت الأشياء، وأننا بحاجة إلى إنشاء بروتوكولات مشتركة لتحقيق أفضل استفادة من مزايا بلوك تشين.
كل ما يتطلبه الأمر هو القليل من التعاون.