دبي – خاص
عبد القادر الكاملي – مستشار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
انطلقت الثورة الصناعية الثالثة عام 1969 مع إرسال أول رسالة عن طريق الإنترنت، وبدء انتشار الكمبيوتر ودخوله عالم الاتصالات والتصنيع والتعليم. وقد أطاحات هذه الثورة بمعظم الشركات الخمسمائة الكبرى لعام 1955، فلم يتبقى منها حالياً سوى 60 شركة أي 12 بالمئة فقط؟
وانطلقت الثورة الصناعية الرابعة حديثاً مع بدء انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتعلم الذاتي للآلات، وإنترنت الأشياء، والمركبات ذاتية القيادة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وتقنية النانو، وتعديل الجينات، والتقنيات الحيوية الأخرى.
الثورة الصناعية الرابعة تغير العالم بأسرع مما نتوقع.. وتنعكس هذه التغيرات على عالم الأعمال بشكل حاد.. ومن المتوقع أن تنهزم الكثير من الأعمال التقليدية، التي لا تكيف نفسها مع عصر الذكاء الاصطناعي.
يتطلب النجاح في عصر الثورة الصناعية الرابعة، تفكيراً جديداً ينطلق من تأمل التطورات التقنية العاصفة، التي تحيط بنا من كل اتجاه. إليكم بعض المقومات التي لا نرى غنى عنها في هذا العصر:
عالم واحد: لم يعد وارداً بالنسبة للأعمال المتوسطة والكبيرة، التفكير بالسوق المحلية فقط. فإذا لم تبادر بالهجوم على أسواق الآخرين، فعليك أن تعرف أن الآخرين سيهاجمون سوقك المحلي، بلا تردد، وضمن شروط منافسة قد لا تكون في صالحك.
السرعة، ثم السرعة، ثم السرعة: في عالم واحد مفتوح، تربط أطرافه شبكة اتصالات متطورة، تتحول الأفكار الجديدة بسرعة خاطفة إلى واقع حي. فإذا جالت في ذهنك فكرة جديدة، فتذكر أن الفكرة ذاتها ربما تجول في أذهان آلاف البشر في أماكن مختلفة من العالم، وأنك إذا لم تبادر إلى توظيفها في أعمالك فوراً، فسوف يسبقك إليها آخرون، ولن تحصد، في هذه الحالة سوى الفشل. وإذا كنت من منتجي السلع، فتذكر أن الزمن الفاصل بين التصميم والإنتاج والتوزيع آخذ في التقلص، أكثر فأكثر، فلا تتوان عن وضع خطة محكمة لطرح سلعك، بسرعة كبيرة.
الخدمة المميزة: في عالم تربطه شبكة عنكبوتية واحدة، ويتنافس فيه الملايين على اصطياد الزبائن أنفسهم، تصبح الخدمة المميزة، معياراً أساسياً للنجاح. حاول أن تستخدم أساليب مبتكرة لخدمة زبائنك، وجذب زبائن جدد. واستخدم برامج إدارة العملاء الذكية والحوار الروبوتي “تشات بوت” لتقليل التكلفة.
الإبداع والمهارة: ترتكز الثورة الصناعية الرابعة على الأفكار المبتكرة، والمهارات البشرية. حاول أن تنفق وقتاً كافياً للعثور على أفكر جديدة، ولا توظف لديك، إلا من لديه مهارات عالية وخاصة مهارتي التفكير الناقد Critical Thinking وحل المشكلات (Problem Solving، فهذا العصر، هو عصر “النوعية”، وليس “الكمية”. وإذا لم تجد إلا القليل من هؤلاء، فوظف من لديه قابلية كبيرة للتطور، ثم ألحقه بدورات تدريبية متقدمة.
الشراكة: في عالم واحد تتداخل فيه أسواق بلدان العالم، تصبح الشراكة مع أعمال قائمة في بلدان أخرى، أحد المفاتيح الرئيسية للنجاح. تستطيع، بفضل هذه الشراكات الوصول إلى أسواق العديد من بلدان العالم، فيما تساعد شركاءك للوصول إلى سوقك المحلي. ويتطلب ممن سيتصدى لذلك امتلاك مهارتي التعاون عبر الشبكات والقيادة من خلال التأثير على الآخرين.
التنظيم المرن: تعتبر التغيرات السريعة والمستمرة، إحدى الخصائص الجوهرية للثورة الصناعية الرابعة. تجنب لهذا السبب، بناء مؤسسة ذات هيكل تنظيمي جامد، لأنك ستضطر إلى تغيير هذا الهيكل، جذرياً، بين فترة وأخرى، مما يرتب عليك إنفاق مبالغ كبيرة لا مبرر لها. وبالعكس، سيساعدك الهيكل التنظيمي المرن، على التجاوب السريع مع التغييرات، مما يساهم في نجاح أعمالك. وتذكر ضرورة أن تضع ميزانية مرنة لشركتك تتألف من قسمين: ثابت ومتغيير.
النجاح يبنى على نجاح: حاول أن تبني نجاحك على نجاحات الآخرين! فإذا أردت أن تبيع سلعة ينتجها غيرك، فحاول أن تنتقي الأكثر رواجاً، وإذا لمحت ابتكاراً مميزاً يرتبط بأعمالك لدى شركة صغيرة، فحاول أن تشتري هذه الشركة، أو رخصة استخدام هذا الابتكار، على أقل تقدير. وبهذه الطريقة ستوفر الكثير من الوقت الثمين، وتنطلق بالسرعة التي يتطلبها هذا العصر.
نجاح الأعمال يتطلب قيادة ذكية وحكيمة، وأفضل القادة هم من لا يسعون إلى إعادة إنتاج الماضي، بل يخترعون المستقبل.