ايمان مصطفى – خاص
تمتلك مصر بيئة صناعية نشطة، إذ تضم الآن ما يقارب من 140 ألف مصنع، يعملون في مختلف القطاعات. يتضمن ذلك الأغذية، والبلاستيك والحديد والصلب والغزل والنسيج، وغير ذلك.
تواجه تلك المصانع العديد من التحديات، أهمها صيانة الماكينات والآلات التي تسيّر العمل يوميا، ويتكفل بمواجهة هذا التحدي تطبيق “صنعّلي”.
أطلق المهندسان بهاء محمد، ووائل الصفطي، “صنّعلي” في فبراير الماضي، كتطبيق يعمل كوسيط بين أصحاب المصانع وموردي قطع الغيار الهندسية للماكينات. يقوم الموّرد بتحميل التطبيق، وتسجيل بياناته، بينما يقوم أصحاب المصانع بإدخال طلباتهم على التطبيق، لتصلهم جميع العروض لقطع الغيار التي يحتاجونها لمصانعهم من الموّردين الذين تتوفر لديهم تلك القطع. فيختار صاحب المصنع القطعة التي يحتاجها بأفضل سعر، وفي نفس الوقت يوسّع المورد قاعدة عملائه.
“تواجه المصانع مشكلات يومية خاصة بصيانة الماكينات، وشراء الجديد منها، والحلول هي إما ذهاب أصحاب المصانع لمورّد محل ثقة للشراء منه، أو البحث عن موردين على جوجل، ونحن في “صنّعلي” عكسنا الأوضاع، فالمورّد هو من يبحث عن صاحب المصنع”، يقول بهاء محمد أحد مؤسسي “صنعّلي”، والمدير التنفيذي.
أضاف محمد: “بمجرد أن يدخل صاحب المصنع طلب الشراء على التطبيق، تذهب التفاصيل لكل الموردّين المسجلين لدينا على الفور، فيقومون بعرض الأسعار للعميل، ليتمكن من مقارنة العروض والعلامات التجارية بأفضل سعر متاح بالسوق، وهي عملية كانت تستغرق على أرض الواقع حوالي 3 أشهر في المتوسط، وسيختزلها “صنّعلي” إلى عدة دقائق فقط”.
جاءت فكرة “صنّعلي” بعد 9 سنوات من العمل في المصانع المختلفة. حيث عمل الموؤسسان سويا في شركة “كوكاكولا”، والشركة الإيطالية “SMI”، وشركة “Pepsi”، وشركة “الوفاق” السعودية.
شغل محمد منصب مدير التصنيع في جميع الشركات التي عمل بها عدا شركة “Pepsi” التي شغل بها منصب مدير الإنتاجية وتطوير الآداء. بينما عمل شريكه الصفطي مديرًا للإنتاج في جميع المصانع التي عمل بها، عدا شركة “Pepsi” التي عمل بها مديرًا للصيانة.
أكثر من مجرد وسيط..
لم تكن مشاكل البحث عن المورد الأمين والأسعار المناسبة لقطع الغيار، هي المشكلات الوحيدة التي تواجه أصحاب المصانع. بل كانت تواجههم أيضا مشكلة عدم وجود خبراء ومهندسين مختصين يعلمون كيفية شراء الماكينات الجديدة وقطع الغيار. لذلك يقوم المحاسب أو الموظف المسؤول عن الشراء، بشراء ماكينات ليست صحيحة، أو بأسعار غير معقولة، وهذه مشكلة أخرى، يوفر تطبيق “صنّعلي” حلاً لها.
كما ويوفّر “صنّعلي” حاليا خدمة استشارات مجانية، فعندما يُدخِل مسؤول المشتريات أو صاحب المصنع طلب شراء قطع غيار الماكينة التي يحتاجها على التطبيق، ويكون الطلب غير مكتمل. يتواصل منوب خدمة العملاء في “صنّعلي” مع المصنع تليفونيًا، ثم يُكلف مهندس بمعاينة الماكينات التي تحتاج إلى قطع غيار على الأرض، ومعرفة المعلومات التي ستساعد على استكمال طلب الشراء، ثم يزود المسؤول عن صيانة الماكينات في المصنع بالمعلومات اللازمة عن المتابعة الدورية لقطع الغيار، لضمان دورة حياة أطول عمراً للآلات.
من أين يأتي المال؟
يعتمد نموذج عمل “ًصنّعلي” على الاشتراك السنوي الذي يفرضه التطبيق على الموردين. بينما لا يدفع أصحاب المصانع أي اشتراكات، بل يقدم لهم التطبيق بعض العروض، إذا قام المصنع بإدخال أكثر من طلب شراء خلال مدة قصيرة.
التسويق هو السر..
يعول مؤسسا “ًصنّعلي” على منصة “لينكد إن” في تسويق الفكرة لأصحاب المصانع والموردين على حد سواء، حيث أنها الشبكة الأنسب من حيث تواجد عملاء التطبيق المستهدفين. اكتشف المؤسسان ذلك بعد بضعة حملات تسويقية غير موفقة على “فيسبوك”. في هذا الصدد يعلق محمد: “رغم أن العدد الأكبر من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي في مصر موجودون على “فيسبوك”، إلا أنه ليس فعّلا في التسويق B2B، وهي أهم الدروس التسويقية المستفادة في الفترة الماضية، ولعل الاستهداف الصحيح هو السر وراء ارتفاع عدد تحميلات التطبيق من 10 إلى 300 في فترة وجيزة جدا، كما وأصبح التطبيق يستقبل 12 طلب شراء في المتوسط يوميًا”، يقول الصفطي، المؤسس الشريك والمدير التقني.
لا يكتفِ المؤسسان بالتسويق الإليكتروني لتطبيق “صنّعلي”، إذ يحرصان على التواجد في المعارض الصناعية المختلفة، للتحدث مع أصحاب المصانع عن الفكرة. كما يذهبان في زيارات بيعية بهدف عرض باقات الاشتراكات السنوية على الموردين.
يستعد محمد والصفطي الآن (بالتعاون مع الغرفة التجارية) إلى حضور تجمعات للمستثمرين، رغبًة منهما في الوصول إلى أكبر قدر ممكن من العملاء، بالإضافة إلى مقابلة المستثمرين المهتمين بالقطاع الصناعي بهدف جذب استثمارات جيدة تخدم خطتهما للتوسع في الفترة المقبلة، حيث يعتمد مؤسسا “صنّعلي” حاليًا على التمويل الذاتي.
خطط توسعية..
وللانطلاق إلى توسع مدروس، يركز تطبيق “صنّعلي” حاليا على العمل مع المصانع المصرية الكبرى في قطاعيّ الأغذية، والبلاستيك. كما بدأ المؤسسان في التعامل مع السوق الصناعي السعودي، بعدما علم مؤسسا التطبيق من خبرتهما بالعمل هناك، باحتياج السوق السعودي لقطع الغيار المصرية، التي تستوردها السعودية من مصر في وقت أقل، وبسعر أفضل من استيرادها من أي بلد آخر.
كما يدرس مؤسسا التطبيق، السوق الصناعي السوداني، لمعرفة ما يحتاج إليه السوق هناك، ومدى توافره في مصر، مما يساعد في توسّع نطاق عمل التطبيق، وفي نفس الوقت فتح باب التصدير المصري على مصراعيه.
يهدف مؤسسا تطبيق “صنّعلي” إلى الوصول إلى 10 آلاف طلب شراء من 600 مصنع مصري بنهاية العام الجاري. بعدها سيتمكن التطبيق من فرض اشتراكات مستقبلية للمصانع الراغبة في الحصول على خدمات إضافية، مثل خدمة الاستشارات الهندسية، المتاحة مجانًا الآن. كما سيفرض التطبيق على الموردين عمولات على طلبيات التصدير، على جانب الاشتراكات السنوية.
هذا ويخطط مؤسسا “صنّعلي” أيضًا إلى تعيين مجموعة من المهندسين للعمل بدقة على استيفاء جميع طلبات شراء المصانع، والتأكد من سلامة القطع التي تم شراؤها من الموردين، وتقديم الاستشارات للمصانع.
فهل سيتمكن “تطبيق “ًصنعّلي” من دعم توجهات الانتعاشة الصناعية التي تخطط لها الحكومة المصرية؟