ايمان مصطفى – خاص
تعاني المجتمعات العربية من ثمة ظواهر اجتماعية سلبية. يأتي على رأس تلك الظواهر تأخر سن الزواج والذي تعود أسبابه إلى أسباب اقتصادية، وأخرى تتعلق بافتقار الشباب لأسس الاختيار السليم لشريك الحياة.
بنظرة سريعة على إحصاءات تأخر سن الزواج في العالم العربي، نجد أن نسبته قد بلغت 85% في لبنان يليها الإمارات بنسبة 75%. ثم العراق وسوريا بنسبة 70% لكلٍ منهما، وتونس بنسبة 62%. وتأتي الجزائر في المرتبة الخامسة بـ 51%، والسعودية والأردن بـ 45%، ومصر والمغرب بـ 40%، والكويت ودولة قطر وليبيا 35%، واليمن بنسبة 30%، وأخيرًا البحرين 25%.
تتشارك جهتان في مصر على مساعدة الشباب لبناء أسرة سعيدة، من خلال تطبيقان ومنصتان صممتا لهذه الغاية والجهتان هما:
أخطب
“أخطب” Okhtub، هي منصة تحاكي عمل ترشيحات المعارف أو ما يُعرف مجتمعيًا باسم “زواج الصالونات”، ولكن عبر الويب وتطبيق أندرويد. وقد تم تصميم المنصة لتلائم ثقافة الدول في الشرق الأوسط.
تأسست “أخطب” في النصف الثاني من 2015، على يد محمود خلف، ثم وصل عدد المؤسسين الشركاء إلى 7 الآن.
يراعي “أخطب” الدقة في بيانات المستخدمين، حيث يتم مراجعة بيانات كل مشترك، للتأكد من صحتها. كما يراعي “أخطب” خصوصية المستخدمين، فغير مسموح تداول بيانات أي مشترك، سوى فقط لمن اختاره المستخدم للتحدث معه.
بعد التحقق من البيانات، يجاوب المشترك عن بعض الأسئلة الشخصية التي تتضمن ميوله وتوقعاته عن شريك الحياة، لتتمكن خوارزمية منصة “أخطب” من ترشيح الشريك المناسب له.
“يمكن استخدام التطبيق مجانًا كخطوة أولى، ليتأكد المستخدم من وجود شريك محتمل مناسب، ولكنه على المستخدم دفع مبلغ اشتراك ربع سنوي/ نصف سنوي / سنوي، ليتمكن من التحدث لهذا الشريك أو مطالعة صورة أو معرفة بيانات التواصل الخاصة به، وذلك لضمان مدى جدية المشتركين في غرض الزواج”، يقول خلف في حواره الخاص لانتربرنور العربية.
يقوم “أخطب” بتقييم العلاقة بعد اللقاء الأول بين الطرفين، ويُلزمهم بتحديد موعد عبر التطبيق لإكمال مسار التعارف.
“ولضمان الجدية للفتيات أضفنا ميزتيّن على تطبيق، حيث يمكنها إضافة شخص من أصدقائها أو أهلها لحضور اللقاء الأول، وإخطار الطرف الثاني بوجود شخص ثالث سيكون حاضرًا معهما، كما سيُخطرها التطبيق تلقائيًا إذا ما حاول الطرف الثاني التحدث إلى مشتركة أخرى عبر التطبيق، كما سيُخطر المشترك بضرورة فك حظر المحادثات مع المشتركة الأولى قبل أن يتحدث لأخرى”، يشرح خلف.
حققت “أخطب” حتى الآن 5 آلاف تحميل على متجر جوجل، كما وساهمت في خلق 85 حالة ارتباط رسمي سواء بالخطوبة أو الزواج.
لعل تخرّج “أخطب” من حاضنة أعمال “إينوفينشرز” “Innoventures” في سبتمبر الماضي، أحد العوامل التي ساهمت في دعمها لتحقيق تلك الوثبات بشكل أسرع.
هارمونيكا
لا تعمل “أخطب” منفردة في مصر، بل تنافسها “هارمونيكا” Harmonica، منصة التعارف بغرض الزواج تحت مظلة تقنية آمنة.
تأسست “هارمونيكا” في مايو الماضي على يد سامح صالح المدير التنفيذي، بالشراكة مع كلٍ من شيماء علي، علي متولي. وتخرجت الشركة من مسرّعة أعمال “فلات 6 لابز” Flat6Labs في ديسمبر الماضي.
“لا نقبل الاشتراكات من حسابات فيسبوك لديها أقل من 100، ويتطلب التسجيل من المشترك إضافة صورة سيلفي ليتمكن فريق العمل من مطابقتها بصور المستخدم المنشورة على فيسبوك، ولن يتمكن مشترك من محادثة أكثر من مشتركة في نفس الوقت”.
يقول علي متولي، الشريك المؤسس في “هارمونيكا” في حواره لانتربرنور العربية: “يعد الافتقار للتوافق أحد الأسباب الرئيسية وراء المعدلات الصادمة للطلاق، ونحاول أن نسهم في توفير حل لتلك المشكلة باستخدام حلول تقنية”.
يقوم تطبيق “هارمونيكا” على أسس علمية في إيجاد شريك الحياة المناسب. فقد درس مؤسسو التطبيق أسباب الطلاق، بالإضافة للأسباب التي تدفع الناس للزواج. وبناء على نتائج الدراسة، تم وضع النظام الذي على أساسه يتم اختيار شريك الحياة المناسب.
“يُجيب كل مشترك على 30 سؤالًا شخصيًا، ويقوم خبراء بتحليل الإجابات ليتم ترشيح الشريك المناسب له، فإذا قبل المشترك الترشيح يبدأ المشتركان في التعارف، أما إذا رفضه يقوم التطبيق بترشيح شخص أخر له. وتتم عملية ترشيح الشريك المناسب يوميا في الثامنة مساءً”، يقول متولي.
ينتقل الطرفان إلى المرحلة الثانية، في حالة الموافقة على الشريك المقترح، وهي إتاحة المحادثة بينهما. ويقوم التطبيق بإعطاء نصائح واستشارات خلال هذه المرحلة، بالإضافة لطرح أسئلة على الطرفين، من أجل تقييم اتجاه العلاقة، ومعرفة إذا ما كانت تسير في طريقها الصحيح. ويستعين التطبيق في هذا الأمر بأساتذة متخصصين في العلوم النفسية والاجتماعية، من بينهم الطبيب النفسي نبيل القط.
حمّل تطبيق “هارمونيكا حتى الآن 20 ألف مستخدم تتراوح أعمارهم بين 21 و40 عامًا.
وماذا بعد؟
تعتبر فكرة التطبيقات التي تمثل وسيطًا للزواج، فكرة جديدة على المجتمع المصري، ولبناء الثقة بين الجمهور على المؤسسين العمل ليلًا نهارًا على تأمين خصوصية المستخدمين والتحقق من بيانات المشتركين.
على المستخدمين المهتمين بالخدمة أيضًا دور مهم، ألا وهو متابعة تعليمات الأمان وسياسات حماية الخصوصية التي تنشرها الشركات باستمرار.
ومن ثّم علينا أن نترقب مستقبل تلك الشركات في زيادة عدد مستخدميها والعثور على استثمارات تمكنها من التوسع والنمو، لنرى إذا ما كانت ستنجح بالفعل في تسحير التكنولوجيا للمساهمة بشكل فعّال في رفع معدلات الزواج الناجح وخفض معدلات الطلاق في مصر، لتنطلق منها إلى المنطقة.
دراسات
أظهرت دراسات أُجريت مؤخرًا ارتفاع معدلات الطلاق في العالم العربي، إذ بلغت 170 ألف حالة سنوياً في مصر فقط، التي وصل إجمالي عدد المطلقات فيها إلى 2.5 مليون مطلقة.
أما في منطقة الخليج، تسجل إحصاءات السعوية 188 حالة طلاق يومياً. وفي الإمارات ومع أواخر 2015 وبداية 2016، باتت محاكم دبي تسجل يومياً 4 حالات طلاق. أما في العراق فارتفعت حالات الطلاق بنسبة 70% في السنوات العشر الأخيرة. وفي الجزائر ارتفعت حالات الطلاق إلى 60 ألف حالة سنوياً. ووصلت حالات الطلاق في الأردن إلى نحو 15 ألف حالة سنويًا، بزيادة سنوية تصل إلى ألف حالة.
وعلى ما يبدو من تلك المؤشرات مجتمعة، عزف الشباب العربي عن الزواج، خوفًا من الوقوع في فخ الطلاق بسبب عدم اختيار شريك الحياة لمناسب.
كانت تعتمد عملية البحث عن شريك الحياة فيما سبق على ترشيحات دائرة المعارف، أو مهنة الخاطبة التي اشتهرت لسنوات ضمن عالمنا العربي.
أما اليوم فقد تغير الوضع وأصبح التعارف يبدأ عبر تطبيقات العالم الافتراضي، التي باتت تلعب دور الوساطة في التعارف بين الشباب من أجل الزواج. وتعمل تلك الشركات واضعة نصب أعينها هواجس المستخدمين حيال تلك الخدمة، وأهمها الخصوصية والأمان والجدية.