بقلم حسين السيد، كبير استراتيجيي الأسواق في FXTM
يصعبُ على المحلّل أن يبرّر الارتفاع الذي سجّل بنسبة 1.1% في مؤشر (S&P 500) والرالي البالغ 336 نقطة في مؤشر داو جونز الصناعي والارتداد القوي في الأسواق الأوروبية بعد أن أعلن الرئيس ترامب الأسبوع الماضي عن خطط لفرض تعرفة جمركية على واردات الفولاذ والألمنيوم، وشدّد على أنّ الحروب التجارية هي شيء جيّد ويمكن ربحها.
وقد علّمنا التاريخ بأنّ الحروب التجارية هي شيء غير جيّد وليس من السهل الفوز بها. ففي مارس/ آذار 2002، اتخذ الرئيس بوش موقفاً مشابهاً لموقف ترامب وفرض تعرفة جمركية تتراوح ما بين 8 و30% على الفولاذ لإنقاذ الصناعة المحلية. وكان من المقرّر لهذه الرسوم المؤقتة أن تظل مطبّقة حتى 2005. وفي تلك الفترة، حصلت كندا والمكسيك على إعفاءات. لكنّ الاتحاد الأوروبي هدّد بفرض تعرفة جمركية مضادّة على المنتجات الأميركية، ورفعت قضيّة ضد الولايات المتحدة في منظمة التجارة العالمية التي حكمت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2003 بفرض عقوبات بأكثر من ترليوني دولار في حال لم تلغ الولايات المتحدة التعرفة الجمركية. وبعد أقل من شهر على صدور هذا الحكم تراجع الرئيس بوش وألغى قراره.
تراجع مؤشر (S&P 500) بأكثر من 30% من مارس/ آذار وحتى يوليو/ تموز 2002. بينما تراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات 100 نقطة أساس، وخسر الدولار أكثر من 12% من قيمته خلال الفترة ذاتها. وبطبيعة الحال، قادت عوامل أخرى كثيرة إلى هذه التراجعات، لكن من المؤكّد بأنّ التعرفة الجمركية لم تنفع الاقتصاد كما كان بوش يأمل.
يبدو أنّ المستثمرين يعتقدون بأنّ الرئيس ترامب يستعمل مهاراته في “فن إبرام الصفقات” للحصول على صفقات تجارية أفضل مع بقيّة العالم، أو كما كتب راي داليو، مؤسس شركة (Bridgewater Associates) يوم الاثنين “ما يحصل الآن هو ضرب من ضروب الاستعراض السياسي أكثر من كونه يشكّل تهديداً حقيقياً”.
غرّد ترامب يوم أمس قائلاً: “لن تُلغى التعرفة الجمركية على الألمنيوم إلا إذا وقّعت اتفاقية جديدة ومنصفة للتجارة الحرّة في أميركا الشمالية (نافتا)” وهو ما يبدو متوافقاً مع الاعتقاد السائد بأنّ هذه الفوضى ستنتهي على الأغلب باتخاذ المكسيك والاتحاد الأوروبي والصين لموقف أقل حمائية، وليس باتخاذ الولايات المتحدة لموقف أكثر حمائية.
لا يبدو أنّ ترامب يحظى بدعم باول رايان الناطق باسم مجلس النوّاب الأميركي وغيره من المحافظين أيضاً. لكنّ الزمن وحده هو الكفيل بإظهار مآل الأمور بما أنّ ترامب هو شخص لا يمكن التنبؤ بسلوكه. ورغم أنني شخصياً متفائل، إلا أنّ الحذر مطلوب في هذه المرحلة.
تشير العقود الآجلة إلى أنّ أسواق الأسهم ستستمر في الارتداد صعوداً عندما تفتتح الأسواق الأوروبية أبوابها، لكن ليس هناك الكثير من الحراك في أسواق العملات. وأعتقد أن المستثمرين يحجمون عن الرهانات الكبيرة قبيل اجتماع البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس وتقرير الوظائف غير الزراعية الأميركية يوم الجمعة. ومع غياب أي بيانات اقتصادية أساسية عن الأجندة اليوم، من المتوقع أن تستأنف حالة التداول العرضي ما لم تكن هناك مفاجآت على الصعيد السياسي.