القاهرة: حنان سليمان
هو برنامج صمم خصيصا للعاملين في المؤسسات والمبادرات التعليمية المختلفة ليأخذهم في رحلة تعلمية تبدأ معهم من التعرف على ذاتهم ثم التعرف على مجتمعهم مرورا بمعايشة التجارب و الخبرات الملهمة. هكذا تعرف علياء أحمد، العضو المؤسس، “مدرسة مبادرون في التعليم” التي انطلق نشاطها في الشهرين الأخيرين عام 2017 وتخرجت أولى دفعاتها منتصف يناير/كانون الثاني الماضي بهدف خلق مجتمع من المبادرين المهتمين بالإصلاح في التعليم، يكون فيها المشاركون هم محور التعلم. يتعرف طلاب المدرسة على أسس لعلوم ونظريات ووسائل توسع معارفهم وتساعدهم في التطوير من عملهم و تلهمهم في رحلتهم كمبادرين في التعليم، فيتعلمون من التجارب الذاتية ومن تجارب المتحدثين ويعملون معا على تطوير حلول لتحديات حقيقية تواجههم في مشروعات التخرج.
المدرسة مشروع مشترك بين ميدان التعليم الذي يرغب في رسم خريطة لمجتمع العاملين بالمجال، وبين مركز مدارات التعلم والمساندة الذي يعمل على التربية والدعم النفسي ويدعم المعلمين المتعاملين مع المراهقين وهو يتبع جمعية قلب كبير، كما تقول علياء المؤسس والمدير التنفيذي لميدان التعليم، جمعتهم الرغبة في بناء شبكة للمبادرين في مجال التعليم سواء كانوا مدرسين لديهم طرق تدريس مبتكرة في مدارس حكومية أو أصحاب مؤسسات تعليمية. وتضيف: “المطلوب فكرة مبدعة يكون صاحبها يعمل بمجال التعليم أيا كان مستواها أو نطاقها”.
ما الذي سيتعلمه المبادر في المدرسة؟
المدرسة عبارة عن ست ساعات أسبوعيا على مدار عشرة أسابيع يتعرف فيها المبادرون على منظومة التعليم في مصر الرسمي وغير الرسمي ويكتسبون مهارات المبادر والمعلم كما يتعرفون على الاتجاهات الحديثة والنظريات في التعليم والتعليم البديل ويتعرضون لنماذج تعليمية متنوعة في مراحل مختلفة منها ما نجح فعليا ومنها ما يحاول البدء. ليس الهدف عرض نظريات ونماذج لكن التطبيق هو المهم. ولهذا نولي اتماما كبيرا بالمتابعة لبناء مجتمع تعليمي حقيقي وشبكة من العلاقات مستمرة في التواصل. وفي هذا الإطار، سنطلق ناديا للكتاب قريبا.
من بين مشاريع تخرج الدفعة الأولى كان مشروع لتعليم الأطفال في قرى إحدى محافظات الصعيد، وآخر مخيم تعليمي مكثف للأطفال.
كم عدد الخريجين في أول دفعة وما هي مبادراتهم؟
كانوا 22 مبادر يمثلون مبادرات ربحية وغير ربحية وإن كان المعني بالربحية هو الشركات المجتمعية بشكل أكبر عن الشركات التجارية الصرفة. المتقدمون كلهم كانوا يعملون عدا ثلاثة طلبة متطوعين في أماكن مختلفة منهم من تركز على تدريب المراهقين لاكتشاف ذواتهم. أما العاملين فمبادراتهم تدور حول تدريب المدرسين وتطوير المناهج والتعليم المنزلي وتعليم الأطفال قيم ومهارات مختلفة مثل التصميم والتعبير عن النفس في بعض المناطق المهمشة عن طريق ورش ومخيمات والتنسيق بين المدارس لعمل مشروعات مشتركة ومنهم من يعمل في جمعيات خيرية لتطوير التعليم الديني والعلوم الشرعية بشكل عام ومنهم من يترجم مقالات تعليمية.
كان هناك تباينا في الأعمار فأصغر مشاركة كانت في الصف الأول الثانوي وأكبرهم كانت في العقد الخامس مما أضفى ثراء على النقاش خاصة أن المبادرين لم يكونوا يتعلمون من معلميهم ومتحدثيهم فقط بل يتعلمون أيضا من بعضهم البعض ويتبادلون الخبرات فمنهم من يعمل بمنظمات محلية وأخرى دولية.
كم دفعة تستهدفون تخريجها في العام الواحد؟
حاليا نستهدف دفعو واحدة في السنة لأن الترتيبات والمتابعة تستغرق الكثير من الوقت. لكن هناك شكل آخر ندرسه حاليا بخلاف الشكل القائم وهو عمل مدرسة مكثفة لخمسة أيام متتالية خارج القاهرة مراعاة لظروف المشاركين في المحافظات الأخرى. إذا طبقناه بالفعل فسيكون المستهدف منه دفعة واحدة في السنة كذلك.
ما هي خلفيات العاملين بالمدرسة؟
فريق المدرسة مكون من أربعة أشخاص كلنا نعمل في الحقل التعليمي ولنا مبادرات مختلفة إما بالتعليم النظامي أو بالتعليم البديل ومنا من درس إدارة التعليم الدولي ومنا من لديه خبرة سنوات عديدة بالمجال مثل د.فيروز عمر، رئيسة جمعية قلب كبير.
كيف تحققون الاستدامة؟
بدأنا بحملة تمويل جماعي بين المعارف وجمعنا ما يكفي للانطلاق. وحددنا مصاريف الاشتراك بالمدرسة بـ1600 جنيه (حوالي 90 دولار) ربما تتغير مستقبلا فالمدرسة الأولى هي تجربة نتعلم من خلالها في النهاية والهدف أن تغطي المدرسة تكاليفها. نرغب كذلك في التعاون مع المدارس والجامعات وتصميم تدريبات خاصة تلبي احتياجاتهم.
برأيك، ما التحديات التي تواجه المنظومة التعليمية في مصر؟
التحدي الأساسي هو سوء توزيع المال فهناك دعم كبير متاح من متبرعين ومستثمرين وشركات لكن التوزيع لا يتم بشكل صحيح فنجد مبادر لديه فكرة قوية ولا يجد الدعم لكي يبدأ..
هل يمكن أن تساعد المدرسة في هذا؟
نعم ممكن، لكن ليس قبل سنة مثلا. نحن لدينا شبكة علاقات قوية لكننا نعمل بمنظور طويل المدى.
هل من تحديات أخرى؟
مفهوم التعليم بشكل عام عند الناس قاصر جدا فهم لا يعتبرون أن التعليم من الطبيعة يندرج تحت مفهوم التعلم وهو في نظرهم عبارة عن مساعدة الأطفال في شراء شنط مدارس أو تدريب المدرسين. في ألمانيا، أنا حضرت مدرسة لها منهج دراسي كامل بدون كتب. لكن للأسف لا توجد لدينا الجرأة الكافية للتبرع لهذه النماذج من التعليم. المجتمع في حاجة إلى التوعية وهو ما سنعمل عليه بعد ذلك للوصول لتعليم يبني مجتمع وأفراد مستقلين ومسئولين لكن شكله يختلف عن شكل التعليم السائد لدينا الآن وقد ندمج هذا الشكل الذي نسعى إليه في المدارس لاحقا.
تحدي آخر أن المستثمرين في مجال التعليم يعتبرونه سلعة ويطالبون المبادر بتغطية تكاليفه سريعا ولا يرون أنه عمل طويل الأجل سيؤتي ثماره بعد حين. تحدي رابع هي ضعف المهارات الإدارية للمبادر فقد تكون فكرته جيدة لكن لا يعرف كيف يدير مشروعه معتمدا على الشغف وحده وهو لا يكفي. تحدي خامس هو المبادرين الذين يهبطون على مجتمعات مختلفة لا يعرفون عنها الكثير للعمل فيها فيفسدون أكثر مما يصلحون. يمكن أن نسميها تعليم الباراشوت. مهم أن يرى المبادر أنه هو أيضا يتعلم من التجربة ولا يحمل نظرة فوقية للمجتمع النائي مثلا الذي اختاره للعمل فيه. وأخيرا الموافقات الأمنية التي تؤخر تنفيذ العديد من المشروعات.
لكن مع ذلك هناك تركيز على تطوير التعليم وقد ظهرت شركات رأس مال مخاطر متخصصة في مجال التعليم..
نعم نحتاج ذلك لا شك. نحتاج لأشكال مختلفة من الدعم منها أيضا على مستوى المؤسسات فيتم الجلوس معهم وينظر في احتياجاتهم ثم يبدأ العمل بحيث يمكن النهوض بالمشاريع الصغيرة المؤثرة.