ابو ظبي – خاص
يسابق المغرب الزمن من أجل تطوير قدراته الذاتية لسدّ الفجوة في إنتاج الكهراباء محلياً، سالكاً طريقاً صعباً نحو تحقيق هذا الهدف بالاعتماد على مصارد الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح والماء .. وأنشأ المغرب لهذه الغاية، مشروعاً خاصاً يحظى بالدعم الحكومي المطلق يتمثل بـ”الوكالة المغربية للطاقة المستدامة” والذي بات يُعرف بـ”Masen”.
عبيد عمران عضو مجلس إدارة الوكالة في مقابلة مع ” انتربرونور العربية” على هامش “القمة العالمية لطاقة المستقبل” التي استضافتها العاصمة الإماراتية أبوظبي مؤخراً، قال :” إن إنتاج الكهرباء من مصارد متجددة يسلتزم استثمارات رأسمالية جبّارة، مشيراً إلى المشروع حاز على دعم مالي كبير من مجموعة مؤسسات مالية عالمية معروفة عن طريق مُنح وقروض. وتالياً نص المقابلة مع السيد عبيد عمران:
ما هو الدور الذي تطمح اليه الوكالة المغربية للطاقة المستدامة من أجل سد الفجوة في نقص الكهرباء التي يعاني منها المغرب والذي تصل نسبتها إلى مستويات مرتفعة جداً
الاحتياجات إلى الطاقة المترتبة على الاستراتيجيات القطاعية المُهيكِلة، واستهلاك الأسر وكهربة العالم القروي ما انفكت تصطضم بالتبعية الشديدة للطاقة التي يعاني منها المغرب وبالتقلب الكبير لسعر الطاقات الأحفورية.
لا يمكننا أن نزعم أن المغرب يعاني من ندرة الكهرباء. فأكثر من 99% من المغاربة مرتبطون بالشبكة الكهربائية، والكهرباء المنُتج بالمغرب يساند المجهود الاقتصادي للبلاد. غير أنه لا يسعنا إلا أن نأسف لتبعية المغرب في مجال الطاقة للطاقة الأحفورية المستوردة (استيراد 93% من الطاقة المستهلكة عام 2015).
ولذلك سلك المغرب نهج نمو ذا إنتاج الكربون الضعيف، على الخصوص، بتنفيذ استراتيجية تطوير مشاريع الطاقة المتجددة.
وتتجلى إحدى أبرز مهام Masen في تطوير متكامل لمنشآت الطاقة المتجددة طبقا لأفضل المعايير الدولية. وهكذا، ترمي المشاريع التي يقودها Masen إلى رفع قدرة إنتاج الكهرباء 6 جيغاوات في أفق 2020 (6 جيغاوات من الطاقة الشمسية (برنامج نور)، و2 جيغاوات من مصدر الطاقة الريحية، وعلى الأقل 2 جيغاوات الطاقة المائية).
ما هو جديد مشروع ورزازات للطاقة المتجددة؟ وما هي كمية الكهرباء التي سوف ينتجها هذا المشروع على مدى السنوات المقبلة؟
تعبئة فُرق وشركاء Masen شاملة في سبيل الانتهاء، سنة 2018، من أشغال هذا المركب القائم على تكنولوجيات متعددة. وسيكون هذا أكبر مركب شمسي في العالم إذ ستصل قدرته الإجمالية 582 ميغاوات.
تملك محطة نور وارزازات I، التي دشنت سنة 2016، قدرة 160 ميغاوات باستعمال التكنولوجيا الحرارية ذات المرايا الأسطوانية المقعرة. بينما يُرتقب أن تصل قدرة محطة نور II إلى 200 ميغاوات بنفس التكنولوجيا، ومحطة نورIII ذات تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة بالأبراج قدرة 150 ميغاوات، وأما محطة الألواح الكهروضوئية نور VI، فستصل قدرتها 72 ميغاوات، وستنتهي أشغال هذه المحطات في 2018.
وباختصار، ستنتج محطات وارزازات الأربعة ما مجموعه 1.900.000 ميغاوات، وهو ما يعادل استهلاك حوالي 2.100.000 نسمة في المغرب.
بالنسبة للدعم المالي، كيف تحصل ماسن على التمويلات لإنجاز هذا المشروع؟
لابد من أن نوضح أولا أن Masen شركة خاصة ذات رأسمال عمومي. وهذا الشكل القانوني الفريد يجعل منها مؤسسة تجمع بين مرونة القطاع الخاص مع ضمانات قوية ودائمة من الدولة المغربية.
إن تنفيذ مشاريع إنتاج الكهرباء من مصادر طاقة متجددة يستلزم استثمارات رأسمالية جبارة. ولذلك يعبئ Masen، حسب الحالات، تمويلات عمومية، مع مواصلة التحول إلى تمويل خاص.
ولا يسعنا إلا نفخر بنجاحنا في إقناع أهم المانحين الدوليين بالالتئام حول مائدة واحدة، كما نفخر كذلك بتجديد ثقتهم فينا من خلال مشاريعنا، حيث مولوا المحطات الأربع بوارزازات، وقد أكد بعدهم التزامهم بمشروع نور ميدلت.
وقد التزمت عدة مؤسسات مالية معروفة في بتمويل المحطات الأربع بوارزازات عن طريق عقود تمويل، أو قروض، أو منح، مبرمة بين Masenوالمؤسسات التالية :
- مؤسسة القروض من أجل إعادة القروض (KfW) ـ ألمانيا
- البنك الدولي
- البنك الأفريقي للتنمية
- صندوق التكنولوجيا النظيفة (Clean Technology Fund)
- بنك الاستثمار الأوروبي
- وكالة التنمية الفرنسية
- الاتحاد الأوروبي
ولأول مرة ، أطلق Masen، في إطار الشطر الأول من مشروع محطة نور للطاقة الضوئية الجهدية، أول إصدار سندات الخضراء (Green Bond) بالمغرب. وتبلغ قيمة هذا الإصدار 1150 مليون درهم (106 مليون أورو)، وأُنجز عن طريق طرح خاصّ مُكتتب لدى مستثمرين خواص مغاربة.
هل تتعاونون مع شركة “مصدر” في ابوظبي؟ وما هي أوجه هذا التعاون؟
بكل تأكيد. لقد طورت Masdar “مصدر” برنامج Wiser (نساء من أجل استدامة وبيئة وطاقة متجددة) برنامجا يرمي إلى تشجيع المرأة في مجال الطاقات المتجددة وذلك على الصعيد الدولي. إن هذا البرنامج هو قبل كل شيء شبكة من الشخصيات المؤثرة في مجال الطاقات المتجددة فضلا عن بوتقة تضم مجموعة من البرامج الرامية إلى إبراز دور المرأة المحوري في سبيل تحقيق تنمية مستدامة. ويشارك Masen في أعمال تطورها شبكة Wiser ويتبادل المهارات والكفاءات مع “مصدر”.
هل هناك هيئات أو جهات عربية تدعم هذا المشروع مالياً او تقنيا؟ ومن هي؟
مُطور المحطات الشمسية نور وارزازات، ونور العيون، ونور بوجدور هو شركة Acwa Power السعودية. وهي مقاولة فائزة بثلاث المُنَاقَصَات أطلقها حتى الآن Masen في مجال تطوير الطاقة الشمسية.
ما مدى تأثير استخراج الطاقة من المصادر المتجددة على مسألة الغازات المسببة للاحتباس الحراري في المغرب وفي الدول المحيطة به؟
إن لجوء المغرب إلى استعمال الطاقات المتجددة سيساعده، في أفق 2020 ، على اقتصاد انبعاثات غازات ثاني أكسيد الكربون بما أقله 9,3 مليون طن، منها 3,7 مليون طن ثاني أكسيد الكربون، وذلك بفضل مشاريع طاقة شمسية، و5,6 مليون طن ثاني أكسيد الكربون بفضل مشاريع الطاقة الريحية.
ماذا عن تخزين الطاقة المتجددة؟ هل هناك حلول عملية وعلمية ؟
تطور Masen تكنولوجيات مختلفة كي تلبي بأفضل شكل ممكن احتياجات الشبكة الخاصة. وسينتج مركب نور وارزازات الشمسي الكهرباء حتى ليلا. فنظام التخزين المدمج بمحطات الطاقة الشمسية الحرارية سيسمح بتحويل الكهرباء حسب الطلب بفضل نظام أملاح مذابة، وهذا أفضل وأنضج خيار في هذا النطاق الواسع.
إن نظام التخزين هذا يسمح بإنتاج الكهرباء حتى 3 ساعات بعد غروب الشمس في محطة “نور وارزازات I”، وحتى 7 ساعات بعده في محطتي “نور وارزازات II” ومحطة “نور III”. وهذا سيلبي احتيجات ارتفاع الاستهلاك اليومي في هذا الساعة من النهار.
كما حصلت شركة Masen على مساهمات في الشركة المغربية Alsolen التي تطور وتسوق محطات شمسية حرارية ذات مرايا Fresnel، المجهزة بأنظمة تخزين حرارة مدمجة.
ما هي ميزانية بناء محطة نور؟
المبالغ المستثمرة هي كالتالي:
- “نور وارزازات I”: مبلغ الاستثمار 7000 مليون درهم
- “نور وارزازات II”: مبلغ الاستثمار 9218 مليون درهم
- “نور وارزازات III”: مبلغ الاستثمار 7180 مليون درهم
- “نور وارزازات VI”: مبلغ الاستثمار 7500 مليون درهم
ما هي أبرز العقبات التي تواجهونها في الوقت الحالي؟ وكيف سوف يتم تجاوزها؟
نفضل أن نصفها بتحديات بدل عقبات. ونحن نحاول في كل مرة، مهما تعددت، أن نجد لها الحلول.
أول تحدٍّ تواجهه Masen كان هو ترشيد استعمال الماء في محطات الطاقة الشمسية المركزة. وخلافا لما دأبنا عليه في محطة نور وارزازات I التي كانت تستعمل التبريد الرطب، اخترنا تكنولوجيا التبريد الجاف في “نور وارزازات II” ، ما سمح لنا بتخفيض استهلاك الماء بالمركب إلى الثلث.
ولاشك أن تعبئة التمويل لإنجاز مشاريع من هذا الحجم هي كذلك تحد كبير. وبفضل التخطيط المالي المبتكرالذي صممناه، نجحت Masen في تعبئة أبرز المانحين بنسب عالية التنافسية.
وحرصا على مواصلة التحسين، نحاول أن نجد حلولا مبتكرة لمواجهة مختلف التحديات.
ما هي التقنيات الجديدة المستخدمة في هذا المشروع؟
إن Masen لا تؤمن بالمستحيل في مجال التكنولوجيا، يغني أننا لا نركن إلى تكنولوجيا واحدة، ولكننا نطور تكنولوجيات مختلفة لتلبية احتياجات الشبكة، والوصول إلى سعر تنافسي. ولعل محطات “نور وارزازات” هي أفضل تجسيد لهذه الروح، فالمحطات الأربع تعتمد على تكنولوجيات متكاملة: التكنولوجيا الحرارية (ذات المرايا الأسطوانية المقعرة والبرج) وتكنولوجيا الألواح الكهروضوئية.
وكذلك الأمر في محطة “ميدلت”، اخترنا في الشطر الأول إنجاز محطة تتكون من شقين هجينين (تجمع بين التكنولوجيتين الحرارية والكهروضوئية) مع التخزين، بقدرة مرتقبة تصل إلى 800 ميغاوات.