**”خد خطوة” يحكم المتابعة للمرضى وينظم اجتماعات على الواقع الافتراضي
الإسكندرية: حنان سليمان
في وقت تقلصت فيه ميزانية بعض البرامج الأمريكية لدعم ريادة الأعمال في العالم مع تغير أولويات الإدارة الأمريكية مثلما حدث مع مشروع We Create الذي تديره شركة Griffin Works بتمويل حكومي، تلاقت أهداف شركة مصرية أمريكية ناشئة مع أهداف إدارة الرئيس دونالد ترامب في مجال مكافحة الإدمان بما يفتح الباب أمام الاستفادة من تمويل أمريكي حكومي ضخم يصل إلى مليوني دولار.
في أغسطس/آب الماضي، أطلق ثلاثة مؤسسين شركاء في مصر تطبيق موبايل وتطبيق ويب يساعد مدمني المخدرات والكحول على العلاج والتعافي من خلال ربط كل أطراف المنظومة ببعض بدءا من المريض والوصي عليه من الأهل والمشرف المعالج الذي غالبا ما يكون متعافي من الإدمان، طبقا لنظام العلاج المكون من 12 خطوة والذي وضعته زمالة المدمنين المجهولين عام 1954.
استلهم المؤسسون الفكرة من صديق لهم متعافي من الإدمان بعد انتكاسات متكررة امتدت سبع سنوات عذب خلالها من حوله بسبب تصرفاته وديونه وعلاجه المتكرر. هذه الحالة الملهمة تعافت منذ سنوات وصاحبها يعمل بأحد البنوك الخليجية ولديه أسرة مستقرة.
كانت الشركة تحمل اسم Dopa App سابقا في إشارة إلى هرمون السعادة “دوبامين”، لكنها تغيرت إلى Take Step أو “خد خطوة”.
ومنذ بضعة أسابيع احتفلوا بتخريجهم من حاضنة أعمال الجامعة الأمريكية بالقاهرة AUC Venture Lab التي حصلوا من خلالها على دعم بقيمة 20 ألف جنيه دون حصة بالشركة.
يقول أيمن طه، مدير العمليات: يتخلص المريض من السموم في جسمه خلال 10 أيام على الأكثر لكن يبقى الأثر النفسي للإدمان وهو يحتاج إلى فترة من 3-6 شهور للعلاج منه. في هذه الفترة يمكنه بدء استخدام التطبيق وأخذ خطوة. ويستمر التطبيق معه بعد ذلك.
في النسخة المجانية العامة، يتيح التطبيق معلومات عن أماكن هذه الاجتماعات وعناوين كتب للقراءة كما ينشر مقالات أسبوعية للتوعية.
أما في النسخة الخاصة، فيتيح التطبيق ارسال رسائل نصية وعمل محادثات مرئية بالفيديو بل واجتماعات علاجية افتراضية، كما يسمح بتحميل التحاليل والتقارير سواء من المشرف أو من الوصي وكذلك جميع العقاقير والوصفات الطبية للاطلاع من قبل متابعي الحالة سواء من داخل المصحة أو من خارجها.
القيمة المضافة
يوضح المؤسس الشريك مشكلتين يحلها التطبيق أولها نقص المتابعة وارتفاع نسب الانتكاس، فيقول إن 60-70% من المدمنين المتلقين للعلاج يتعرضون للانتكاس بما يكلفهم الكثير من الأموال لحاجتهم لإعادة دورة العلاج والتخلص من السموم من جديد. يتعرض المريض لاضطرابات تلازمه طوال العمر حتى بعد التعافي لهذا عليه حضور اجتماعات علاجية مهما طال زمن التعافي للبقاء في مجتمع يقوي بعضه البعض ويحكي فيه عن قصته ومشاعره دون خوف ويستمع لقصص أقرانه.
هناك كذلك مساحة شخصية للمريض نفسه وهي عبارة عن مؤشر للتعافي ينبهه إن ظهرت بوادر للعودة للإدمان، وذلك عن طريق بعض الأسئلة التي يستطيع أن يعرف من خلال إجمالي النقاط التي حصل عليها بإجاباته إن كان في مرحلة خطرة أو آمنة أو في المنتصف، ليأخذ حذره.
ويسرد أيمن بعض الأرقام حول الإدمان في مصر، فيقول إن 2,4% من سكان مصر مدمنين وهي نسبة متوسط الإدمان عالميا، لكن الخطير هو ارتفاع نسبة التعاطي إلى 10,4% لأن الدراسات تشير إلى أن ربع عدد المتعاطين يتحولون إلى مدمنين خلال سنة. وعليه، تتوقع الشركة ازدياد نسبة الإدمان في مصر خاصة مع نزول سن التعاطي إلى أحد عشر عاما.
مشكلة ثانية يحلها التطبيق هي نقص علاج التعاطي عند الإناث إذ لا تقبلهم جميع المصحات في مصر لنقص المشرفات وللحرج الذي يسببه علاج المشرف للمدمنات في بعض المراحل التي تجد نفسها فيها مضطرة لسرد تفاصيل شخصية مشينة في رحلتها مع الإدمان حتى يتعرف عليها المشرف بالشكل الكافي ويفهم شخصيتها ويستطيع مساعدتها. لهذين السببين، لا تجد عادة المدمنات في مصر اللائي تصل نسبتهن إلى 27,5%، بحسب أيمن، الدعم الكافي للعلاج.
يقول أيمن: “خد خطوة يعالج هذه المشكلة لأنه يوفر العلاج الافتراضي”.
ولما لم يمكن عمل اجتماعات إلكترونية عادية حفاظا على خصوصية الحضور وخوفا من تسريب صور ملتقطة عبر الأجهزة. ولما كانت اللقاءات المباشرة مهمة ولا يكتفى باجتماع صوتي ولن يحقق المرجو منه، ابتكرت الشركة اجتماعات افتراضية بواسطة نظارات الواقع الافتراضي يكون الاشتراك فيها إما بالاجتماع الواحد أو باشتراك لفترة، على أن يشتري المريض نظارته الشخصية.
لا تساعد الاجتماعات الافتراضية المدمنات فقط بل كافة المدمنين الذين لا يجدون مكانا للعلاج ويظلون على قائمة الانتظار بالإضافة لغيرهم. وبحسب الاحصائيات التي جمعتها الشركة، فإن الصندوق القومي لعلاج الإدمان يتلقى 35 ألف اتصال في الشهر على الخط الساخن في حين أن عدد الأسرة في المصحات الحكومية أو الخاصة لا يتجاوز 12 ألف سرير. ويصل عدد المدمنين إلى 2,5 مليون شخص في مصر.
يعتمد نموذج العمل الخاص بالتطبيق على المدمنين الأفراد وعلى المصحات كذلك؛ فخلال بضعة أشهر، تعاقدت مصحات وعيادات خاصة لإدخال أكثر من 32 مريضا على التطبيق بخلاف الأوصياء عليهم. وهناك مفاوضات تجري مع الصنوق القومي لعلاج الإدمان الذي يدعم علاج آلاف المرضى في المستشفيات المختلفة لاعتماد التطبيق بين مرضاه.
ويشير أيمن إلى إمكان المدمنين الأفراد الاشتراك بالتطبيق كذلك لافتا إلى أن عددهم على المنصة يفوق عدد مدمني المصحات المسجلين.
لكن عام 2017 كان يحمل للشركة المزيد من الإنجازات على الصعيد الدولي دفعته لأن يكون متاحا بثلاث لغات هي العربية والإنجليزية والإسبانية.
نيو مكسيكو
في مايو/أذار الماضي، ومع صدور النسخة الأولية من التطبيق قبل إطلاقه رسميا، شاركت الشركة في مؤتمر Collision للشركات الناشئة الذي تنظمه Web Summit بولاية لويزيانا الأمريكية. تعرف المؤسسون هناك على مسئولين بولاية نيو مكسيكو التي تعاني من زيادة عدد الجرائم بسبب إدمان المخدرات والكحوليات. دعا المسئولون الشركة التي كانت تحمل وقتها اسم Dopa app. للتقديم على حاضنة الأعمال الخاصة بحكومة نيو مكسيكو ABQid مع تقديم تسهيلات لتسجيل الشركة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي أواخر العام الحالي، فاز التطبيق بجائزة قيمتها 50 ألف دولار من حاضنة نيو مكسيكو.
وتعتبر نيو مكسيكو ثاني أكبر ولاية في أمريكا تعاني من إدمان الأطفال، كما يقول أيمن. أما الولايات المتحدة بشكل عام فلديها 38 مليون مدمن مات منهم 60 ألفا في عام 2016 بسبب جرعات زائدة، وهو عدد أكبر من عدد الوفيات في حوادث السيارات والسطو المسلح ووالإيدز وفيروس سي مجتمعين بل أكبر من عدد قتلى حرب فيتنام. ويصل عدد غرف اجتماعات المدمنين المجهولين هناك إلى 12,818 ألفا في مقابل 52 غرفة في مصر.
يقول أيمن: “التطبيق منظومة متكاملة في علاج الإدمان وهو ما حاز إعجابهم في أمريكا لأن التطبيقات الموجودة كل منها يؤدي غرضا معينا فمثلا هناك تطبيق خاص بمواعيد وأماكن الاجتماعات في العالم وآخر يتحدث عن خطوات التعافي الاثنى عشر وثالث لحساب عدد أيام التوقف عن الإدمان وهكذا”.
في أمريكا، تعامل التطبيق مع المدارس ومراكز التأهيل التي تركز على الأطفال لوجود الأوصياء في الصورة بعكس الشباب الذين سيحتاجون ربما لنموذج مختلف من العلاج على المنصة. وعمل محمد خشبة، المدير التنفيذي للشركة، مع جامعة نيو مكسيكو لإجراء بحث وتعميم نظام مكافحة الإدمان باستخدام التطبيق على الجامعة ثم الولاية ثم على مستوى أمريكا كلها ضمن خطة رئاسية لمكافحة الإدمان، والتي خصص لها ترامب خطابا خاصا. وبهذا الشكل، تستطيع الجامعة تأهيل الشركة بما يسمح لها بالحصول على اعتراف من إدارة الأغذية والأدوية والذي سيمكنها من الاستفادة من تمويل ضخم مخصص لمكافحة الإدمان وتكون لها الأولوية في أي مشروعات في هذا الصدد تنفذ مع الحكومة.
ويبلغ سعر الاشتراك بالخدمة 50 دولار شهريا في أمريكا مقابل 100 دولار لثلاثة أشهر في مصر.
خدمة جديدة يوفرها Take Step في 2018 هي تقديم خصومات وعروض مختلفة للمشتركين في التسوق والصحة والمواصلات والرياضة وتفاصيل أخرى تشغلهم في الحياة، في إطار المساعي المستمرة لدمجهم في المجتمع.