الإسكندرية: حنان سليمان
تتضافر جهود جهات مصرية مختلفة ما بين الحكومة والشركات والمجتمع المدني والأكاديميا للنهوض بتكنولوجيا انترنت الأشياء في مصر، فهو “الثورة القادمة” كما وصفه رئيس ctc في حوار سابق، مع تقديرات بوصول قيمة سوقه إلى 7 تريليون دولار بحلول عام 2020، بحسب تقارير لمؤسسة جولدمان ساكس.
وشهدت مدينة الإسكندرية المصرية أول مؤتمر وطني متخصص في انترنت الأشياء تحت رعاية وزارة الاتصالات وبمشاركة واسعة من الشركات والجامعات والمجتمع المدني. يأتي المؤتمر الذي اختتم أعماله اليوم بعد جلسات ومناقشات دامت ثلاثة أيام ليعكس اهتماماً متزايداً من مجموعات مجتمعية مختلفة بانترنت الأشياء.
على صعيد ريادة الأعمال، أعلنت حاضنة “ابني” بنهاية المؤتمر عن الشركات الفائزة في تحدي انترنت الأشياء الذي يقام لعامه الثالث. وتحصل الشركات الخمس الفائزة على فترة احتضانٍ تستمر لتسعة أشهر في منطقة برج العرب بالإسكندرية. وتعتبر “ابني” أول حاضنة أعمال مصرية متخصصة في انترنت الأشياء تتبع جمعية “اتصال” الأهلية.
أما على صعيد الشركات الصغيرة والمتوسطة، فازت شركة “توماتيكي” بالمركز الأول وهي تقدم منتجات وحلول ذكية، تساعد على زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية بتكلفة منخفضة، ثم diot بالمركز الثاني بمنتج “تراكي” لتعقب الأطفال في رحلات الباص المدرسية وأخيرا “ديوان” وهي منصة للعلاج عن بعد. وقال محمد عبود، المدير التنفيذي لشركة “حدث”، إن هناك استعداد حكومي لتبني وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة واختبار وتجربة منتجاتها للتطوير بدءا من العام القادم.
أما على صعيد الشركات الناشئة، ففازت شركة xiot بالمركز الأول وهي تقدم حلولاً ذكية للمنازل بنمطها التقليدي دون تغيير أي شئ في البنية التحتية لتوفير الكهرباء والحصول على الرفاهية المطلوبة بشكلٍ آمن. وجاءت City Brain في المركز الثاني وهي شركة للتحكم في أعمدة الإنارة بالشوارع وكلاهما فاز باحتضانٍ في منطقة برج العرب بالتعاون بين حاضنة “ابني” ومجمع برج العرب التابع لـ”سيليكون واحة”، بينما جاءت شركة “رفاهية تك” التي تبني نظاماُ أوتوماتيكيا كاملاً في المباني في المركز الثالث.
ودارت أفكار الشركات الأخرى حول الموانئ الذكية وإدارة المياه والإضاءة والمخلفات ومنصة لشبكة واي فاي ذكية عامة تغطي المدينة كلها في الشوارع.
وعرضت ست شركات ناشئة وثمانية شركات صغيرة ومتوسطة مشاركة في تحدي انترنت الأشياء أفكارها أمام الحضور، كما عرض أكثر من 45 مشروع تخرج طلابي أفكارهم في مساحة خاصة على أن يحصل بعضهم على تمويل بمليون جنيه مصري كتمويل مقدم من أكاديمية البحث العلمي منتصف العام القادم.
وقال المنظمون إنه سيتم تخصيص موضوع واحد في تحدي انترنت الأشياء العام القادم تدور حوله كل الشركات المشاركة لتعظيم الفائدة.
تعرف على الشركات الفائزة في برنامج احتضان “ابني” في دورته الثانية العام الماضي هنا.
كان مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال TIEC، وهو مركز حكومي لوزارة الاتصالات، قد أعلن كذلك العام الماضي عن مسابقة أخرى لمبادرة “ستارت آي تي” Start IT في مجال انترنت الأشياء.
ومؤخرا، بدأت أول حاضنة أعمال في الإسكندرية عملها باسم Startups of Alex وهي ممولة من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا.
مجموعات عمل مجتمعي
تواجد أيضا بالمؤتمر ممثلون عن المنتدى المصري لانترنت الأشياء الذي يقوم على مجموعات عمل ثلاث أولها معنية بدراسة أحدث التطورات في المجال والتحديات الاجتماعية والاقتصادية وآثار تطبيق تكنولوجيا انترنت الأشياء على مصر. وتهتم مجموعة العمل الثانية بالبنية التحتية والتشريعات، فيما تهتم المجموعة الثالثة بالحوكمة ومساعدة صناع القرار في تحسين البيئة الداعمة لتكنولوجيا انترنت الأشياء. المنتدى الذي تأسس عام 2014 زاد من نشاطه العام الحالي باجتماعاتٍ لبحث كل جديد على الساحة عبر مجموعات العمل الثلاث. وأعلن د.هيثم حمزة، الرئيس الشريك للمنتدى ومدير إدارة البحوث والتطوير بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “ايتيدا”، عن تشكيل مجموعة عمل رابعة تُعنى بالأمان والخصوصية. ويمكن للمؤسسات والأفراد الانضمام لعضوية المنتدى.
أما على الصعيد الحكومي، فللحكومة المصرية توجه لإنشاء تجمعات إبداعية وابتكارية في مناطق مختلفة بالجمهورية، وهو ما يُعرف باسم “سيليكون واحة“، لتكون بمثابة مجتمعات ذكية صغيرة كل منها متخصص في مجال تكنولوجي محدد وموزعة جغرافيا بدلا من القرى الذكية التي تجمع تخصصات كثيرة ومختلفة في مكان واحد. بدأ هذا بمجمع برج العرب بمدينة الإسكندرية والمتخصص في انترنت الأشياء الذي تديره جمعية اتصال بالتعاون مع 18 شريكا من جامعات وشركات وجمعيات. يدير هذا التجمع تمويلا بقيمة 25 مليون جنيه لمدة خمس سنوات لدعم الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال وانترنت الأشياء والمدن الذكية في مدن الإسكندرية ودمنهور ومطروح.
وهناك مجمعٌ آخر بمدينة أسيوط وثالث يجري العمل عليه في مدينة السادات متخصص في الإيكترونيات ثم ثلاثة آخرين في مدن العاشر من رمضان وبني سويف وأسوان.
المدن الذكية
واحتلت المدن الذكية جانبا من المناقشات. وقال المشاركون إن أهمية المدن الذكية لا تكمن فقط في التطوير والابتكار والنقلة النوعية في نمط الحياة بل إن بدونه ستظهر مشكلة جديدة وهي كيفية إدارة المدن التي يتزايد عدد سكانها والتي بالتبعية ستحتاج عددا أكبر من الموظفين لإدارتها.
وقال محمد عبد الجليل، المسئول عن تطوير الأعمال لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشركة Here التكنولوجية، إن القطاع الخاص يمكنه أن يتولى تصميم وتنفيذ المدينة الذكية بشكل كامل بدلا من الحكومة لكن ما يهم هو المكاسب التي ستعود عليه من المشروع.. ومن هنا تأتي أهمية الدراسة والتنفيذ الجيد. وأشار إلى خمس مجالات هي الأكثر انتفاعا بانترنت الأشياء حاليا وتحظى بأكثر الأفكار في هذا المجال وهي الأعمال التجارية والتصنيع ثم الصحة والتجزئة والأمن والنقل والمواصلات.
ويتوقع أن يتجاوز حجم سوق المدن الذكية 3,3 تريليون دولار في 2025 بحسب مؤشرات “يورومونيتور”، كما يتوقع خبراء دوليون أن تخرج نصف المدن الذكية بحلول 2025 من الأسواق الناشئة ومن الشرق الأوسط التي تتقدمها دبي.
وشهد العام الحالي إطلاق أول مسرع أعمال في المدن الذكية ومقره دبي برئاسة تود أوبراين، مدير “سمارت سيتي دبي – ستارت أب بوت كامب“. وكان لنا حوار سابق معه.
البيانات المفتوحة
وعلى هامش المؤتمر، أعلن د.حسام عبد الجواد، مدير وحدة تكنولوجيا النقل الحضري وخدمات البيانات بشركة SETS للاستشارات فرع شمال أفريقيا، عن مشروع يجري تحضيره لاستخدام البيانات في التنمية سواء في مشروعات تختص بالطاقة أو التعليم أو غيرها من قبل الحكومة أو القطاع الخاص أو الباحثين. ويُنفذ المشروع الذي يحمل اسم “البيانات المفتوحة من أجل التنمية” Open Data for Development بشراكة بين الشركة والجامعة الأمريكية بالقاهرة. ومن المقرر أن ينتهي المشروع منتصف 2018.
كانت الجامعة الأمريكية قد أطلقت منذ بضعة أشهر منصة بيانات مفتوحة متخصصة في الطاقة الشمسية.