دبي – خاص
بقلم حسين السيد، كبير استراتيجي الأسواق في FXTM
في 2017، أرسل العديد من مدراء صناديق التحوّط والمحافظ إشارات تحذيرية من أنّ هناك عملية تصحيح قد تأخّر حصولها في أسواق الأسهم. فالتقويمات المرتفعة زيادة عن اللزوم، والسياسات النقدية الأكثر تشدّداً، والمخاطر الجيوسياسية، والتباطؤ الاقتصادي، والمستويات العالية للديون في الصين والتضخم المنخفض هي بعض من الأسباب التي أشير إليها كعوامل مسبّبة لحصول تصحيح في الأسواق. ومع ذلك فإن كل هذه الإشارات تعرّضت للتجاهل، وظلت الأسهم تواصل صعودها.
وقد ظلت عقلية “الشراء عند انخفاض أسعار الأسهم” هي العقلية السائدة طوال العام، وخاصة بما أنّ العديد من المستثمرين لم يرغبوا في أن تفوتهم الفرصة عندما تخفّض أميركا الضرائب على الشركات، لكنّ الاختلافات الحادّة بين مجلسي النواب والشيوخ في أميركا تشير إلى أن هناك الكثير من العوائق التي لازال ينبغي التغلّب عليها.
عندما يبدأ المستثمرون بالشعور بالقلق عادة، تبدأ التقلبات بتسجيل نوبات ارتفاع حاد، ويحصل انتقال واضح من الأصول ذات المخاطر العالية نحو الاستثمارات الأكثر أماناً. ورغم أنّ مؤشر التقلبات (VIX) قد ارتفع بنسبة 25% خلال الأيام الستّة الماضية من التداولات، إلا أنه لازال عند مستوى 11، وهذه ليست علامة على وجود قلق جدّي. كما تراجع مؤشر (S&P) أيضاً خلال الأسبوع الماضي لكنّه لازال بعيداً بنسبة 0.5% فقط عن المستوى القياسي الذي سجّله، وهذا مؤشر آخر على أنّ المستثمرين لا يشعرون بالقلق. لكنّ أسواق السندات لا تزال ترسل إشارة مختلفة تماماً.
وتُعتبر السندات الرديئة ذات العوائد العالية، بمثابة مؤشر على شهية المخاطر، وعادة ما يكون معامل الارتباط بين السندات الرديئة والأسهم قوياً ووثيقاً. فقد تراجع مؤشرا صندوقي المؤشرات المتداولة (iShares iBoxx High Yield Corporate Bond) و(SPDR Bloomberg Barclays High Yield Bond have) كلاهما إلى أدنى مستوى في ثمانية أشهر؛ وفي هذه الأثناء، ظل المستثمرون في الأسهم في حالة من الاسترخاء. وبما أنّ الفارق قد أصبح واضحاً الآن، فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه هو: من هو المحق؟ هل هي السندات أم أسواق الأسهم؟
كما تعطي سندات الأسواق الناشئة إشارات مشابهة حيث أنّ أداءها هي الأخرى مختلف عن أداء أسواق الأسهم، وأنا واثق منّ أن هذا الارتباط السلبي بين الاثنين قد لا يستمرّ لفترة طويلة من الزمن. فحتى منحنى عوائد السندات الأميركية سجّل أكبر قدر من التسطّح منذ العام 2007. وقد تراجع الفارق بين عوائد سند السنتين وسند العشر سنوات إلى 67 نقطة أساس الأسبوع الماضي. ولا شك بأنّ توقعات تشديد السياسة النقدية الأميركية، وبرنامج شراء الأصول من البنك المركزي الأوروبي، وإصدارات الديون، والعرض والطلب كلها عوامل أثّرت على شكل منحنى عوائد السندات الأميركية، لكن كلّما طال أمد هذه الحالة، كلّما ازدادت حالة القلق في أوساط المستثمرين. فتسطّح منحنى العائد هو إشارة مبكرة على حصول كساد، أو على الأقل تباطؤ اقتصادي لا يجب تجاهله. فإذا ما حصل انعكاس في منحنى العائد، فإنّ أسواق السندات ستصرخ بأعلى صوتها “بيعوا”.