خاص – حنان سليمان
مع تنامي الاستثمار الملائكي وبناء شبكات مختلفة لمستثمريه في المنطقة العربية وتحديدا في العواصم أو المدن الكبرى التي تحتضن أعمالا تجارية واعدة مثل دبي، كان لافتا ظهور مجموعة محلية للمستثمرين الملائكيين في مدينة الإسكندرية المصرية في بلد معروف باللامركزية وفي ظل العمل على إنشاء مجموعة مماثلة في الجنوب أو صعيد مصر الذي يعرف بنقص الموارد. خلال أقل من عام على انطلاق Alex Angels، وصل عدد أعضاء المجموعة إلى عشرة مستثمرين أغلبهم من الإسكندرية.
يقول طارق القاضي، مؤسس المجموعة، إن الهدف ليس زيادة العدد ولكن فاعلية الحضور والنشاط والاستثمار الفعلي، وهو ما يشغل إدارة المجموعة في الفترة الحالية للوصول لأول صفقة استثمارية بعد انتهاء أول جلسة عرض ضمت ما يقارب عشر شركات وجرت ضمن محور الاستثمار في قمة Techne Summit التي عقدت منذ حوالي أسبوعين بمكتبة الإسكندرية.
“الاقتصاد لن يصمد بدون الاستثمار في الشباب والشركات الناشئة وهو ما نفعله في مجموعة ملائكة الإسكندرية” هكذا قال لنا القاضي وهو مهندس معماري عمل 14 عاما في التسويق والإعلانات وتنظيم الفعاليات ثم اتجه في السنوات الأخيرة لريادة الأعمال والتكنولوجيا وهو صاحب ثلاث شركات بدأها بنفسه. كان لنا هذا الحوار معه:
كيف اخترتم الإسكندرية وهي ليست العاصمة بل مدينة في دولة مركزية لبناء مجموعة مستثمرين؟
هناك شرطان يجب توافرهما في المدينة أو المنطقة التي نقرر أن نبني فيها مجموعة مستثمرين هما وجود شركات ناشئة تصلح للاستثمار ووجود أشخاص مستعدون للاستثمار. أما بناء المجموعة فيستغرق وقتا للتعرف على الشركات والاختيار بينهم وتدريبهم وتقديم خدمات التوجيه والإرشاد. ومن الناحية الأخرى، يتعلم المستثمرون أسس الاستثمار الملائكي والمزايا التي سيحصلون عليها بخلاف الشائع قديما عن الاستثمار مقابل الحصول على نسبة 51% من الشركة. لقد حصلنا على دعم من مجموعة ملائكة القاهرة Cairo Angels وسيدعم كلانا مجموعة ملائكة الصعيد فنحن لا نتنافس بل نبني كيانات سيستفيد الكل منها.
كيف جاءت فكرة “ملائكة الإسكندرية”؟
منذ إطلاق مؤتمر Techne Summit قبل عامين ونحن نحاول أن نجمع فيه كل الأطراف المعنية بمجتمع ريادة الأعمال من شركات ناشئة ومستثمرين مع الجانب الأكاديمي ممثلا في الجامعة وبمشاركة الحكومة. ولاحظنا أن المستثمرين دائما يأتون من القاهرة أو من خارج مصر وذلك لأننا لم نجد مستثمرين محليين في الإسكندرية على وعي كافٍ بالاستثمار الملائكي وهو أمر مطلوب لدعم الشركات المحلية الناشئة لإيجاد رأس المال الذي تحتاجه وعدم الاضطرار للانتقال للعاصمة.
ناقشت فكرة بناء مجموعة مستثمرين محليين مع بعض الأفراد والجهات لدعم اللامركزية وأطلقنا مجموعة Alex Angels بالفعل في ديسمبر 2016 أثناء مؤتمر “رايز أب” بالقاهرة. وقتها كان الحماس يحرك المستثمرين الأعضاء للدخول في أول صفقة لكننا فضلنا التمهل حتى يكتسبوا الخبرات اللازمة. وقادت الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) الركب بدعمها لتدريبات بناء القدرات للمستثمرين المحليين بمستوياتها الثلاثة المبتدي والمتوسط والمتقدم. نظمنا كذلك جلسات تعريفية عن الاستثمار الملائكي ومنذ أسبوعين تقريبا استضفنا أول عرض للشركات الناشئة الباحثة عن التمويل مستغلين تواجد عدد كبير من المستثمرين من تسع دول مختلفة لكي يتبادل أعضاء شبكتنا مع غيرهم الآراء والاستفادة.
هل تركزون على مجالات بعينها للاستثمار؟
نحن نبحث عن شركات عندها حلول يحتاجها السوق فعليا وليس شرطا أن تكون في الإسكندرية فالجغرافيا ليست أساس عملنا. نريد شركة عندها حل لمشكلة ما ولديها احتمال للنمو تحقق أرباحا أو على الأقل لديها مستخدمين وأن تكون هناك قابلية للتوسع والفريق مهم طبعا ونموذج العمل التجاري. نبحث أيضا عن شركات نستثمر فيها تعمل بنظام مشاركة الأرباح وتقاسمها فليس كل استثمار هدفه الحصول على حصة في الشركة.
نحن نحاول في المجموعة جمع مستثمرين يعملون في مجالات مختلفة إثراء للتنوع لأن الاستثمار في مجال غير معروف لأحد هو قرار خاطئ لأن التوجيه والإرشاد جزء مهم من عملية الاستثمار فالحصول على المال ليس كل المشكلة بل إنه قد يكون موجودا ويضيع إذا لم يتوفر التوجيه المناسب. أيضا جزء التوجيه يعطينا فرصة لتطوير الأعمال بالشكل الذي تبحث عنه الشركات الاستثمارية الكبرى Venture Capital لزيادة قيمة الاستثمار الحاصل. الأعضاء حاليا لديهم خبرات في مجالات التجارة والتصنيع وتكنولوجيا المعلومات والسلع الاستهلاكية سريعة الحركة.
ما هي الصعوبات التي واجهتكم عند بناء المجموعة؟
المشكلة دائما كانت نقص الوعي فالمستثمرين المحليين موجودين لكنهم لا يعرفون كيفية الاستثمار في الشركات الناشئة ولا السبيل إليها ولا العوامل المرجحة لقبول الشركة والاستثمار فيها من عدمه ولا كيفية اتخاذ قرار الاستثمار فيها وما هي قصص النجاح والفشل والفروقات بين الاستثمار كفرد والاستثمار كمجموعة مشتركة.
هناك حالة عدم فهم عامة للاستثمار الملائكي وهو ما نحاول أن نواجهه بالجلسات التعريفية. العقليات مختلفة والمستثمرون هنا بشكل عام لا يفهمون لماذا يخاطرون بهذا الشكل الكبير في مقابل الحصول على نسبة 20-25% في حين أنه يمكنه مواصلة استثماراته في العقارات أو في أي أملاك أو حتى استخدام الخدمات المصرفية الاستثمارية والحصول على فائدة ثابتة من 17-20%. نحن نرى أن معدل فوائد البنوك الحالي غير طبيعي ومؤقت ولن يستمر على المدى الطويل بعكس الاستثمارات التي نتحدث عنها. هناك أيضا نظام تشارك الأرباح وهو ما يعني أن تكون الشركة محققة لأرباح بالفعل وليس كل الاستثمارات تكون مقابل حصة في الشركة فالأمر يحدد على حسب حجم الشركة.
الشركات الناشئة في الإسكندرية في حاجة إلى التوجيه والإرشاد أكثر من أي شئ آخر. لا شك أن توافر تجارب وخبرات المستثمرين أعضاء المجموعة مهم لهذه الشركات لتطوير أعمالهم. هناك مهارات كثيرة والسوق هنا كبير والآن أصبح رأس المال متوفرا. بعض أصحاب الشركات الناشئة يأتون لنا وهم يبحثون عن استثمار مبكر فنوجههم لحاضنات الأعمال أو ننصحهم بتطوير نموذج العمل الخاص بهم حتى يمكن ضمهم لجلسة عروض الشركات الخاصة بالمجموعة.
ما هي قواعدكم الداخلية؟
بداية التقديم لعضوية المجموعة يكون من خلال الموقع. عندنا لجنة لاختيار الأعضاء بعد النظر في خلفيات المتقدمين وقدراتهم المالية من حيث توفر أموال فورية للاستثمار. في العام القادم، سنشترط على الأعضاء أن يقوموا باستثمار واحد على الأقل سنويا. رسوم العضوية في المجموعة 450 دولار سنويا تغطي الفعاليات المختلفة للمجموعة ومصاريف الإدارة والعمليات كما تمنح الأعضاء فرص تدريبات ولقاءات وخصومات مختلفة.
هناك من المستثمرين المحليين الأعضاء من قاموا باستثمارات بأنفسهم قبل ذلك. هم لديهم الوقت الكافي للبحث عن الشركات الناشئة ودراسة كل شركة وتقييمها وهذه المهام أشبه بوظيفة دوام كامل، بينما نحن في المجموعة نقوم بهذه المهام عنهم لتوفير الوقت والجهد.
هناك أيضا عضوية الشركات corporate memberships فيمكن للشركات الاستثمارية الكبرى وغيرها الانضمام للمجموعة لعمل استثمارات. خصصنا كذلك صندوقا للتمويل يجمع بين استثمارات الأفراد واستثمارات الشركات وهو يساهم بنسبة معينة -بحسب التصويت- في كل صفقة استثمارية تقوم بها المجموعة. نحن نخطط لعمل استثمارات سنوية بقيمة تتراوح بين 20-25 ألف دولار من كل مستثمر عضو على الأقل، أما إجمالي الاستثمار في دورة الاستثمار الواحدة فبين 50-120 ألف دولار. وليس شرطا أن يكون الاستثمار من أعضاء المجموعة كلها بل يمكن أن يكون مصدره عضوين أو ثلاثة فقط. لدينا في المجموعة أعضاء من أوروبا ومن الأرجنتين مما يعلي من قيمة رأس المال القابل للاستثمار لدى المجموعة بسبب فارق العملة.