دبي – خاص
بقلم حسين السيد، كبير استراتيجي الأسواق في FXTM
عندما عقد الاحتياطي الفدرالي اجتماعه يومي 19 و20 سبتمبر/ أيلول، أعلن عن البدء بتقليص ميزانيته البالغة 4.5 ترليونات دولار وحافظ على خططه الرامية إلى رفع الفائدة للمرة الثالثة في 2017. وقد عكس بيان الفدرالي حالة من الثقة في النشاط الاقتصادي وخاصة التحسّن في إنفاق الأسر والنمو في استثمارات الشركات. وعلى الرغم من الإعصارين هارفي وإيرما، إلا أن البنك المركزي الأميركي كان لا يزال واثقاً من أن الاقتصاد الأميركي سيحافظ على زخمه، وبدت جانيت يلين أكثر تشدّداً مما توقعت الأسواق. وقد كانت هذه الأشياء كلّها بمثابة خبر سار بالنسبة للدولار الأميركي الذي انتعش لفترة ثلاثة أسابيع بعد الاجتماع، مرتفعاً 2.3% مقابل سلة من العملات.
وقد كان همّ الفدرالي الأساسي هو التضخّم المنخفض الذي وصفته جانيت يلين بأنّه “لغز غامض”. وإذا كانت مؤسسة توظّف 300 من حملة شهادة الدكتوراه في الاقتصاد لا تزال غير قادرة على معرفة ما إذا كان التضخّم المنخفض أمراً معنّداً أم عابراً، فإن خطر تشديد السياسة النقدية تشديداً إضافياً قد يكون سياسة خاطئة جداً إذا لم يعد التضخّم إلى المستويات الطبيعية. ويبدو أن نموذج منحنى فيليب (Phillips Curve Model) والذي يشير الى وجود علاقة عكسية قوية بين البطالة وتضخّم الأسعار غير فعّال في العهد الحالي، وربما حان الوقت لكي يتخلى الفدرالي عن هذه النظرية ويتبنّى نماذج جديدة.
وقد عكست محاضر الفدرالي الصادرة ليل أمس هذه المخاوف. فقد أصرّ عدد من الأعضاء على أن القرار برفع الفائدة للمرّة الثالثة في 2017 يجب أن يعتمد على البيانات الاقتصادية التي تزيد ثقتهم بأن التضخم سوف يقترب من مستهدف الفدرالي عند 2%. لكنّ ثيران الدولار لم يحبّوا البيان على الرغم من أن التوقعات برفع الفائدة في ديسمبر/ كانون الأول ظلت فوق 80% بحسب (CME’s Fedwatch). وظل مؤشر الدولار يتراجع يوم الخميس لليوم الخامس على التوالي حيث بلغ الحجم الإجمالي للتراجع 1.5% عن أعلى مستويات سجّلت يوم 6 أكتوبر/ تشرين الأول.
وبما أنّ التضخّم قد أصبح أهم مقياس اقتصادي يؤثر على اتجاه حركة الدولار، فإن مؤشر أسعار المنتجين الصادر اليوم والأهم منه رقم مؤشر أسعار المستهلكين الذي يصدر غداً يجب أن يحظيا باهتمام كبير. وأي مفاجأة إيجابية سوف تحدّ من تراجع الدولار؛ ولكن صدور رقم مخيّب للآمال سيكون عذراً للاستمرار في الضغط على الدولار.
وقد ظل اليورو يؤدّي أداءً جيّداً حيث وصل إلى أعلى مستوى في أكثر من أسبوعين عند 1.1878. وبعد أن علق كارليس بيجمونتي عملية استقلال كاتالونيا، أعطاه رئيس وزراء إسبانيا ماريانو راخوي خمسة أيام لكي يقول ما إذا كان قد أعلن الاستقلال أم لا. واعتماداً على الجواب، فإن الحكومة في مدريد يمكن أن تفرض الحكم المباشر على كتالونيا. وأنا أعتقد أن الأزمة في إسبانيا لا تزال غير مسعّرة بما يكفي، وإذا لم يجر التوصّل إلى اتفاق خلال الأيام القليلة المقبلة، فإن استقرار منطقة اليورو بأكملها معرّض للخطر. ورغم أن الأساسيات الاقتصادية لا تزال تدعم اليورو الأقوى، إلا أن السياسة ستكون ذات تأثير كبير في تحديد اتجاه اليورو مستقبلاً. وسوف يشارك رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي اليوم في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدوليين في واشنطن. وأي إشارة جديدة حول السياسة النقدية سوف تحرّك العملة الموحّدة.
وعلى الرغم من عدم إحراز تقدّم في مفاوضات البريكست، إلا أن الاسترليني ظل يتداول عند مستويات أعلى مقابل الدولار لليوم الرابع على التوالي. ورغم أن البريكست سيظل يضغط على الاسترليني على المدى البعيد، إلا أن السياسة النقدية هي المحرّك الأساسي الآن على ما يبدو. وقد ظلت التوقعات برفع البنك المركزي الإنكليزي لمعدلات الفائدة في الربع الأخير مرتفعة، مما ضيّق الفارق بين السياسات النقدية للمركزي الإنكليزي والاحتياطي الفدرالي. وخلال اليومين المقبلين، أعتقد بأن الاسترليني سيتحرّك بناءً على البيانات الاقتصادية وليس بناءً على مفاوضات البريكست.