**سبع شركات في الجولة الأولى تنتهي في نوفمبر يحصلون على 20 ألف دولار دعما ماليا
**التمويل الأجنبي أكبر تحدي يواجه ريادة الأعمال يليه تسجيل وإغلاق الشركات
خاص: حنان سليمان
بدأ مسرع الأعمال فلات6لابز تونس عمله في 2016 لكنه استغرق وقتا طويلا في اجراءات التأسيس ولم يقم بنشاط فعلي إلا في مارس الماضي حين نظم 20 جلسة معلوماتية في مساحات عمل مشترك ومراكز تكنولوجية بخمس مدن تونسية قبل إطلاق الجولة الأولى التي تستمر أربعة أشهر. وتعد تونس هي المحطة الرابعة لمسرع الأعمال المصري المنشأ فهي ظهرت بعد القاهرة وجدة وأبو ظبي وتبعتها بيروت.
سبعة شركات دخلت الدفعة الأولى لبرنامج تسريع الأعمال الذي يعد الأول من نوعه في تونس التي تضم العديد من حاضنات الأعمال وليس المسرعات. عن هذه الشركات ومجالها وعن مناخ ريادة الأعمال في تونس، حاورنا يحيى حوري المدير العام لمكتب فلات6لابز تونس:
**كيف كانت استعدادات الجولة الأولى لمسرعة الأعمال؟
تقدمت 250 شركة اخترنا منها خمسين لمقابلات ثم اخترنا عشرين فازوا بمعسكر تدريبي لمدة أربعة أيام اخترنا منهم سبعة لجولتنا الأولى. الشركات السبع تعمل في مجالات التجارة الإليكترونية والملابس المستعملة والتعليم المتطور تكنولوجيا لتعليم العرب خارج المنطقة العربية لغتهم الأم بالإضافة للطاقة والوجستيات حيث خدمات التوزيع والتوصيل والتعقب الرقمي والطب التكنولوجي لتعزيز اكتشاف الأمراض عن طريق الخوارزميات وتكنولوجيا الطيران. هذه الشركات تحظى بدعم بقيمة تصل إلى 40 ألف دولار نصفه نقدا والنصف الآخر في شكل خدمات مختلفة على مدار أربعة أشهر مقابل حصة 10-15% في الشركة. هذه الشركات تتخرج من مسرعة الأعمال منتصف نوفمبر حين يقام يوم للعروض أمام المستثمرين ومن ينجح منهم في جذب مستثمر آخر فلدينا صندوق للتمويل يستثمر بنفس القيمة التي سيدفعها المستثمر الجديد من 100-600 ألف دولار. هذا النموذج من الmatching fund غير موجود في تونس حاليا إلا عندنا وبه نسعى لملء فجوة الاستثمار بين الصندوق التونسي الأمريكي الذي يقدم استثمارات تصل لنصف مليون دولار وبين برنامج مسرعة الأعمال الذي يقدم 20 ألف دولار في ظل قلة المستثمرين الملائكيين في تونس.
**ما هي معايير اختيار الشركات الفائزة بدعم مسرعة الأعمال؟
ثلاثة معايير الأول نحن نأخذ الشركة في مرحلة النموذج الأولي وليس في مرحلة الفكرة. والثاني أن يكون ثبت اهتمام في السوق بالمنتج الذي تم طرحه بالفعل أو بيعه أو تم تحميله اذا كان منتجا إليكترونيا. يجب أيضا أن تكون هناك خطة للتوسع عربيا خارج تونس أو أوروبيا لأن السوق صغير هنا. والمعيار الثالث والأخير هو الفريق نفسه الذي يقف وراء المشروع وجودة أفكاره ومدى التزامه وتعاونهم سويا فنحن نستثمر في الأفراد وليس فقط في الأفكار لهذا لا نقبل شباب جامعي لأن جزءا كبيرا من وقتهم مخصص للدراسة ولا نقبل أفرادا لديهم وظائف دوام كامل أو مؤسسين أفراد دون شركاء فالشراكة في التأسيس تعني اقتسام الخطر.
**ما هي التحديات التي تواجه المنظومة الريادية في تونس؟
التحدي الأكبر هو التمويل الأجنبي فهناك الكثير من القيود عليه بسبب عدم الرغبة في خروج العملة، فلو جاء مستثمر أجنبي لتونس وكانت له أعمال واستثمارات فإنه يصعب عليه أخذ أمواله إلى الخارج بعد فترة. الأمر ليس مستحيلا لكنه صعب. حاليا هناك أكثر من جهة تعمل مع البنك المركزي لتغيير الوضع.
نحن مثلا لدينا صندوق تمويل تصل قيمته إلى 20 مليون دينار تونسي ومعنا شركاء استراتيجيين كبار مثل الصندوق التونسي الأمريكي للمشاريع Tunisian American Enterprise Fund (TAEF) وبنك تونس العربي الدولي “بيات” و Meninx Holding ورغم ذلك استغرقنا ثمانية أشهر حتى تمكنا من استخراج ورقة قانونية تفيد بأننا نستطيع تحويل أموالنا إلى الخارج بعد 10-15 عاما.
مسألة قانونية أخرى هي تسجيل وإغلاق الشركات. يحتاج التسجيل إلى نحو 8 أشخاص في هيكل الشركة مما يضطر المؤسسين للإتيان بأفراد من أسرتيهما، كما أن الإغلاق يستغرق وقتا طويلا قد يصل إلى سنتين أو ثلاثة. وهناك جهود من المجتمع الريادي لتسهيل الشروط والاجراءات في هذا الصدد بالتعاون مع مجلس الوزراء.
أما التحدي الثقافي فهو قلة النساء الرياديات وهو وضع نرغب في تغييره.
**ربما لا نعرف الكثير عن وضع ريادة الأعمال في تونس هلا تعطينا بعض الخلفية..؟
الوضع الآن مستقر في البلد بعد العمليات الإرهابية التي وقعت في الماضي. ريادة الأعمال في تونس بدأت من الجذور على أساس احتياج فعلي لمسه الرواد بأنفسهم وهم لديهم الطاقة والشغف وإن كان المناخ بشكل عام لا يساعد الرياديين. على العكس مثلا، في المغرب والأردن حظيت ريادة الأعمال بدعم من الملك والملكة. أما لبنان فالوضع فيها متقدم. الدولة هنا تولي ريادة الأعمال اهتماما لكن الاهتمام ناشئ عن مطالب واحتياجات فهي لم تكن المبادرة للدعم. وحتى الآن لم يسفر هذا الدعم عن تغييرات لصالح المجال بعد.
هناك حاضنات في تونس وليس مسرعات أعمال. الميزة في تونس أنها دولة لامركزية بعكس مصر ولبنان حيث التركيز يكون منصبا على القاهرة وبيروت. أما تونس فالرياديين يعملون في تونس العاصمة وسوسة وصفاقس اللتان تتميزان عن العاصمة برخص الإيجار والموارد البشرية مع سرعة الانترنت فلا يحتاجون للانتقال للعاصمة. هناك العديد من الفرص في تونس لتطوير المنظومة الريادية بشكل عام التي نعمل فيها كلنا على نفس الدرجة بشكل متكافئ فلا يوجد من يقود المسيرة وحده أو من هو متقدم عن غيره. وهناك برامج لإعداد مدربين وموجهين لتجهيز وبناء القدرات.
مجتمعيا، العقلية تتغير للأفضل لصالح ريادة الأعمال.
في مكتبنا أيضا مساحة نتشارك فيها مع جامعة كولومبيا حيث يقوم بعض الباحثين بدراسات في مجال ريادة الأعمال وبعضهم ينضم لشركات محتضنة في مسرعة الأعمال كمتدربين بما يصب في صالح الشركات الناشئة.
**ما هي الفرص الاقتصادية في تونس؟
السوق التونسي صغير وهناك أسواق أخرى ترغب في العمل معه. الفرص تمتد لأوروبا وأفريقيا وكلاهما يتحدث الفرنسية. موقع تونس التنافسي نفسه صعب إذ تكبر ريادة الأعمال في المغرب أيضا مما يفرض على تونس بيع تكنولوجيا مبتكرة للعالم بشكل سريع.
المجالات التي اخترنا العمل فيها هي التكنولوجيا والابتكار والذكاء الاصطانعي والويب والألعاب والزراعة وانترنت الأشياء والصحة. وهي تعكس احتياجات المجتمع من رعاية صحية ولوجيستيات وألعاب وذكاء اصطناعي. القطاع المالي هو الأكثر احتياجا لدى المجتمع لكنه ليس موجودا بشكل كبير فالبنوك وأنظمة الدفع والماليات في تونس غير مرنة.
**أين ستكون مسرعة الأعمال القادمة لفلات6لابز؟
في المغرب والبحرين. نحن نسمي مسرعات الأعمال بالمدن وليس بالدول لأننا نسعى لفتح أكثر من مسرعة في البلد الواحد ولا نفتح مسرعة أعمال جديدة إلا مع شركاء محليين لأنهم الأفضل في معرفة احتياجات وظروف مجتمعاتهم وهو ما ساعدني كلبناني انتقل لتونس فقط للعمل بمسرعة الأعمال.