ايمان مصطفى – خاص
كثيرًا ما ينشغل رائد الأعمال بالسؤال عن آليات تقييم شركته، لاسيما في مراحلها المبكرة. ودائمًا ما يأتي الحديث عن تقييم الشركة الناشئة، حينما يبدأ رائد الأعمال التحدث إلى مستثمرين، بغرض جذب مبالغ تمويلية لشركته.
ونظرًا لأن التقييم يتم بناءً على معطيات قد تثمر عن نتائج متوقعة وقد لا يحدث ذلك، فإن باب الافتراضات مفتوحًا على مصراعيه.
فعلى سبيل المثال، يتوقف سعر الحصة التي يمكن أن يشتريها المستثمر مقابل ضخ المال؛ على تقييم الشركات.
ففي مراحل الشركة الأولية، إذا اشترى المستثمر 10% من الشركة مقابل 100 ألف دولار، فإن ذلك لا يعني أن تقييم الشركة يبلغ مليون دولار، ولكنه يعني أنها تملك قدرات محتملة قد تجعلها تصل إلى هذا التقييم.
ويتم حساب التقييم في المراحل المبكرة، وفقًا للعديد من الاعتبارات. فإذا احتاج رائد الأعمال (صاحب الفكرة) إلى 100 ألف دولار ليتمكن من النمو بمشروعه بمعدل محدد خلال 18 شهرًا، فسيكون عليه تحديد الحصة من أسهم الشركة التي يمكنه بيعها مقابل هذا الرقم.
في هذه الحالات، عادة ما يتم الاستعانة بتقييم شركات شبيهة في النشاط، وإذا لم يتوفر ذلك يُنصح رائد الأعمال بألا يبيع أكثر من 20% من شركته بحد أقصى، حتى لا يفقد سيطرته على مجريات الأمور من جهة، وليترك مساحة لدخول شركاء ومستثمرين آخرين في الجولة الثانية من الاستثمار من جهة أخرى.
أيضًا يتوقف تحديد حجم التقييم (في مرحلة التأسيس) على أكثر من عامل، يتضمن ذلك:
- ضرور إثبات قدرة المشروع على جذب عملاء، ويتم ذلك بالإطلاق التجريبي لاختبار جاذبية الفكرة للمستهلك/ المستخدم، وكلما زاد عدد المستخدمين، زاد تقييم الشركة الأوليّ.
- سابقة أعمال مؤسس الشركة، فإذا كان سجله زاخرًا بقصة نجاح أو تخارج سابقة، يعزز ذلك احتمالية جذب استثمارات بشكل أسهل.
- إثبات قدرة الشركة على تحقيق عوائد يعد أمرًا في غاية الأهمية لرفع تقييم الشركات الناشئة، ولاسيما إذا كانت تحقق تلك العوائد من شركات وليس أفرادًا، لأن إذا كانت العوائد تُجنى من أفراد (مستهلكين /مستخدمين)، فإن ذلك يعني أن نمو الشركة سيكون بطيئًا، والمستثمر دائمًا ما ينظر إلى النمو السريع.
- وجود قنوات توزيع للخدمة / المنتج وإثبات جدواها، ويعد ذلك أيضًا أحد الأمور التي ترفع قيمة الشركة.
ومن الضروري الإشارة إلى أنه ليس من صالح رائد الأعمال أن يسعى لتقييم شركته برقم ضخم في جولة التمويل التأسيسي، لأن ذلك يعني أنه سيكون عليه بذل مجهودات مضاعفة لرفع قيمة التقييم مرة أخرى مع الجولة الثانية، مما قد يصّعب الأمر عليه.
وهنا نصل إلى استراتيجية واحدة من اثنتيّن:
الأولى: هي أن يجمع أكبر قدر من التمويل المتاح، ويعلو قدر مستطاعه بقيمة شركته، ويبذل كل غالي وثمين في سبيل أن يحقق نموًا سريعًا، (قد يصل في بعض الأحيان إلى 10 أضعاف في أقل من عاميّن)، وتكمن المخاطرة هنا في احتمالية ألا يتمكن رائد الأعمال من النمو السريع، مما قد يخفّض قيمة أسهم شركته، ويهبط بتقييمها مرة أخرى.
الثانية: أن يجمع رائد الأعمال التمويل الضروري والمُلّح فقط، ويقبل أن ينمو ببطء ولكن بمعدلات ثابتة. وتكمن المخاطرة هنا في احتمالية ألا تتمكن الشركة من تحقيق نجاحات ساحقة، ولكنها ستظل تعمل بكفاءة وأريحية.
وفي بعض الحالات يتم تقييم الشركة في مراحلها الأولية، وفقًا لمعيار مكرر أو مضاعف الأرباح، حيث يتم ضرب إجمالي عوائد الشركة في فنرة محددة في عدد أضعاف يتم تحديده بالاستعانة بنماذج أعمال شبيهة.
ولا يُنصح رائد الأعمال بأن يرصد لموظفي شركته المُحتملين (Option Pool) أكثر من 20% كحد أقصى، لأن ذلك ينقص من تقييم الشركة، إذ يتم حجب نسبة الموظفين كليًا لدى التقييم.
ولا يهتم المستثمر عند تقييم الشركة إلا بالنظر إلى:-
– حصته عند التخارج.
– كيف سيكون معدل العائد على الاستثمار.
– ما هي التكلفة المطلوب دفعها (مبلغ التمويل) للوصول بالشركة إلى تقييم معين (مرحلة معينة من النمو)؟
وختامًا، يجدر الإشارة إلى أن بدايات التقييم لا تشكل أي فارق في نهاياته. خير دليل على ذلك أن كلاً من شركتيّ “Dropbox” و”Instagram” تم تقييمهما مؤخرًا بـمليار دولار. وفي بدايات كلٍ منهما، قُيمت “Dropbox” بـ 400 ألف دولار، بينما قُيمت “اInstagram” بـ 2.5 مليون دولار.