القاهرة: حنان سليمان
في الوقت الذي يمثل فيه الاقتصاد التشاركي ثورة في عالم الاقتصاد في العالم كله، فإنه غلب على بعض المجالات في مصر وتحديدا في خدمات النقل والأطعمة. والمعروف عن الاقتصاد المصري أن مصادر دخله خارجية بالأساس من سياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج ولا يعتمد على القوة الإنتاجية للبلد وبالتالي فهو يتأثر بفعل عوامل خارجية، إلا أن الاقتصاد التشاركي أثبت تأثيرا بالفعل.
فيما يخص النقل، وفي دراسة أجرتها نجلاء رزق مديرة مركز إتاحة المعرفة من أجل التنمية بالجامعة الأمريكية فبراير الماضي، تبين أن اجراءات الدخول لسوق التاكسي في مصر تنطوي على تكاليف وبيروقراطية إذ يتعين على السائقين دفع ما يقرب من 80 دولار مقابل رخصة القيادة الخاصة بالتاكسي مقارنة بـ17 دولار للسيارة الملاكي الخاصة، كما أن السائق يدفع ما يقرب من 2800 دولار ثمنا للوحة المعدنية الخاصة بالتاكسيات والتي قد تصل إلى حوالي 14 ألف دولار في المناطق السياحية.
وأشارت الدراسة التي حللت عينة لشركاء أوبر من السائقين إلى أن غالب سائقي أوبر في مصر لم يمتهنوا القيادة كمصدر للدخل سابقا بل إن خمسهم قادم من قطاع السياحة بعد تضرره، لكنهم انضموا لشبكة أوبر بعد أن وجدوا فيها مزايا عديدة من مرونة واستدامة وسمعة جيدة لمكان العمل فضلا عن أنه رئيس نفسه يختار مواعيد عمله كما يحلو له. وأوضحت أن الدخل الناتج يذهب لتغطية مصاريف منزلية وصيانة السيارة وتعليم الأبناء.
ويصل عدد السائقين العاملين في أوبر بمصر إلى 50 ألف سائق كما قال عبد اللطيف واكد، مدير عام أوبر مصر، فيما يضم مركز الدعم 50 موظفا للإشراف على الخدمة.
وتعاقدت “أوبر مصر” مع شركة رواج المصرية لتمويل تقسيط السيارات. وقال محمود عزت، العضو المنتدب لـ”رواج” في تصريحات صحفية، إن شركته تساعد السائقين فى الحصول على قرض وتمويل السيارات الخاصة باقل مقدم وبخطط سداد تصل الى 5 سنوات، لافتا إلى أن هذه الشراكة تأتي بعد ارتفاع أسعار السيارات إثر تعويم الجنيه. وأشار عزت الى أن حوالى 40% من سائقى اوبر لا يمتلكون سيارة خاصة بهم. وفي شراكة أخرى، عقدت “أوبر مصر” اتفاقا مع تطبيق “طبي” المتخصص بهدف تقديم الاستشارات الطبية للسائقين وعائلاتهم عبر التطبيق، وذلك في إطار تحسين مستوى العاملين بالشركة.
“بوسطة” بالدراجات البخارية
بخلاف أوبر، ظهرت خلال الأشهر القليلة الماضية شركات مصرية لخدمات النقل المختلفة تعتمد على الاقتصاد التشاركي بعضها له خبرة بالسوق تمتد لبضع سنوات لكنه في حالة تجديد مستمر لنموذج العمل لضمان الاستدامة. من هذه الشركات نموذج بدأ بتمويل ذاتي قبل حصوله على تمويل من شركة نمو الإماراتية. انطلقت خدمة “بوسطة” للشركات أوائل ديسمبر الماضي وهي تخدم حاليا عشرات الشركات بين كبيرة مثل “إحجزلي” و”لينكس” ومتوسطة وصغيرة كصفحات عروض المنتجات على “فيسبوك”.
يقول محمد عزت، المؤسس والمدير التنفيذي: “تختلف بوسطة عن خدمات التوصيل الأخرى فى اعتمادها بشكل كامل على الاقتصاد التشاركى، فالشركة لا تملك أى مخازن أو أماكن لتصنيف البضائع، كما أننا لا نمتلك مركبات توصيل خاصة بنا. وبالتالي، فإن تكلفة إدارة الشركة ونموها فى جزء العمليات تعتبر قليلة جدًا، كما أن مشكلات إدارة المخازن وأسطول التوصيل تعتبر غير موجودة”.
تتقاسم “بوسطة” مصاريف التوصيل مع الموصل بنسبة 40% إلى 60%. ويعتبر عزت أن أهم ما يميز خدمة بوسطة هو سرعة التوصيل، حسب تعبيره، التي لا تتجاوز ثلاث ساعات منذ بداية الطلب. ويصل عدد الرحلات أسبوعيا إلى حوالي 300 رحلة.
التحدي الأكبر الذي يواجه الخدمة هو إحداث نمو بين طرفي المعادلة (أصحاب الطلبات والموصلين) بشكل متوازي لضمان مستوى الخدمة واستقرارها فلا يتم المخاطرة بكفاءة وسرعة الخدمة لأي منهما.
“فوو” للمدن الجديدة
“فوو” هي خدمة أخرى لتوصيل الطلبات تسع الشحنات ذات الحجم الكبير نظرا لأنها تعتمد على السيارات وليس الدراجات البخارية مثل “بوسطة”، كما تشمل الخدمة بعض الطلبات التي لا توافق عادة شركات الشحن الأخرى على توصيلها مثل الورود والتورت. ونظرا لأن الخدمة تنقل الطلبات وليس الأشخاص فهي لا تهتم لنوع العربية أو حالتها.
يعرف وليد راشد، مؤسس “فوو”، الخدمة بأنها “حل لوجيستي” للتوصيل اللحظي للمستهلكين الأفراد والشركات. تخدم “فوو” المستهلكين الأفراد الذين يريدون ارسال طلبات في اللحظة بالتركيز على القاطنين في مناطق سكنية بعيدة مثل مدن الشروق والعبور ومدينتي والتجمع الخامس والسادس من أكتوبر والشيخ زايد والمعادي والمقطم ممن يصعب عليهم الانتقال لوسط القاهرة لتوصيل أغراضهم وأيضا المستهلكين من المقيمين خارج مصر إذ توفر “فوو” خدمة الشراء الإليكتروني لهدايا أو حلوى أو غيرها من خارج مصر ليتم ارسالها داخل مصر. أما الجمهور الثاني فهو الشركات التي ترغب في دمج الخدمة لديها.
لا تستهدف الخدمة التي بدأت منتصف فبراير الماضي مستخدمي الهواتف الذكية فقط لكن أيضا ستتاح عمل الطلبات عبر الموقع الإليكتروني. يقول راشد: “فوو ليست خدمة رفاهية بل خدمة للجميع لتوفير الوقت والمجهود الضائع في الطرق”.
لا تزال الخدمة في مرحلة التجريب ويستهدف مؤسسيها الاثنين لأن يصل عدد الطلبات يوميا إلى 400 طلب قبل نهاية العام الحالي. يحصل السائق موصل الطلب على 80% من سعر توصيل الشحنة، فيما تحصل “فوو” على 20% بالإضافة إلى نسبة تتراوح بين 8-10% من طلبات الشركات.
“زاجل” دولي
أما لخدمة توصيل الطلبات دوليا، فقد خرجت “زاجل” منذ أكثر من أربع سنوات بنموذج تنافسي يجنب عملائه ممن يبحثون عن خدمة توصيل دولي سريعة ورخيصة، مشاكل الشحن الدولي وفي نفس الوقت يوفر فرصة للمسافرين لتحقيق أرباح عبر توصيلهم الطلبات في حقائب سفرهم.
تعتمد “زاجل” على شبكة عملاء تنمو بنفسها دون تسويق وقد حصلت على تمويل أولي من مسرعة الأعمال “فلات6لابز”. يقول محمد كاش، المؤسس والمدير التنفيذي، إن الشركة تجري تعديلات مستمرة في شريحة جمهورها المستهدف وأسعار الشحن لتتناسب مع العملاء فهو يعتبر أن فهم سلوك العملاء تحدي للشركة وكذلك جذب الفئة الصحيحة من المسافرين وضمان اجراء العمليات المالية. تحصل “زاجل” على 4 دولار عن الشحنة الواحدة أيا كانت، بينما يدفع الراسل نسبة إلى المسافر الذي سيقوم بالنقل تتحدد وفق نوع ووزن الشئ المرسل.
وحسب احصائيات 2016 لمركز التعبئة العامة والاحصاء، سجلت نسبة البطالة في أوساط حاملي الشهادات الجامعية 25,7%. وتعتبر السيارات الخاصة أكثر من نصف المركبات في الشارع المصري يليها التاكسيات بنسبة 24% ثم وسائل المواصلات العامة وسيارات النقل وغيرها، وفق دراسة للبنك الدولي في 2014.