القاهرة – ايمان مصطفى
تعتبر مزارع الدواجن تعد واحدة من أهم الأنشطة الاقتصادية المندرجة تحت القطاع الزراعي في مصر، إذ توفر فرص عمل لأكثر من 2 مليون عامل، كما يصل حجم الاستثمارات بها في مصر إلى أكثر من مليار ونصف دولار (25 مليار جنيه مصري).
رغم أهميتها الاقتصادية، تواجه مزارع الدواجن العديد من التحديات، أبرزها المخلفات الناتجة عن الدواجن نفسها، والتي قد تتسبب في العديد من الأمراض الفتاكة إذا لم يتم التعامل معها بشكل يومي آمن.
من هذا المنطلق، قررت يوستينا بولس، أن تدشن “طاقة سولوشنز” Taqa Solutions، كشركة مصرية ناشئة قائمة على التكنولوجيا الخضراء.
غاز حيوي بديلًا للوقود الأحفوري..
تسعى يوستينا المؤسسة والمديرة التنفيذية لـشركة “طاقة سولوشنز” إلى توفير طاقة مستدامة من خلال تركيب وحدات لتحويل المخلفات الحيوية إلى طاقة في مزارع الدواجن والقرى أينما كانوا، إذ أنهم أكبر المتضررين من عدم استقرار أسعار وأوضاع الطاقة في مصر.
تعمل الوحدات بواسطة ماكينة يعكف فريق “طاقة سولوشنز” على تطوير نموذجها الأوليّ الآن. ينتظر أن تعمل الماكينة بالغاز الحيوي الناجم عن إعادة تدوير المخلفات الحيوية، حيث يتم ضخ الغاز الحيوي في المحركات دون الحاجة إلى أي وقود.
“تحتاج مزارع الدواجن إلى امدادات غير متقطعة من الطاقة للاحتفاظ بدرجة التهوية والتدفئة السليمة خلال فصول العام المختلفة، لذا فأصحاب تلك المزارع يلجأون إلى مصادر طاقة غير متجددة ومرتفعة التكاليف”، تقول بولس.
تتابع بولس : “بدأت زيارة بعض المزارع والقرى بنفسي لأتفقد مشكلات أصحابها بنفسي ووجدتها كثيرة ومتنوعة ما بين تقطع في التيار الكهربائي أو نقص في الإمدادات، مما يؤثر على الكثير من الصناعات القائمة على الطاقة”.
“لدينا ملايين الأطنان من مخلفات الدواجن في مصر، ولا يوجد أي قانون يشرّع التخلص الآمن من تلك المخلفات، في نفس الوقت التي تعاني فيه البلاد من نقص في موارد الطاقة، ولتلك الأسباب أتطلع بأن يقدم مشروعي حلًا لتلك المشكلات”، تؤكد بولس.
تحديات وأكثر..
من هنا بدأت بولس في التفكير في أكثر الصناعات حاجة إلى الاستفادة من تحويل المخلفات إلى طاقة، باستخدام تقنية التحلل اللاهوائي للمواد العضوية.
وتأمل بولس أن تتمكن بمشروعها “طاقة سولوشنز” من توفير حلول لأصحاب مزارع الدواجن تتيح لهم الاستقلالية في الاعتماد على مصادر الطاقة، بما يسمح لهم بالانتقال بمزارعهم إلى مناطق أكثر أمانًا من الناحية البيئية للطيور والسكان على حد سواء.
تواجه بولس بعض التحديات مع مشروعها “طاقة سولوشنز”، حيث يحتاج أصحاب المزارع إلى حملات توعية مكثفة بأن مخلفات دواجنهم هي مصدر للطاقة في حد ذاتها، وهو ما يعد أمرًا شاقًا وبالغ الأهمية في الوقت نفسه. “في معظم الأوقات يلجأ أصحاب مزارع الدواجن إلى السوق السوداء للتغلب على نقص مواد مثل الديزل والبوتان، لأنهم ليسوا على دراية بأنهم يملكون ثروات من الطاقة في مزارعهم”، تتشرح بولس.
وعلى صعيد متواصل من التحديات، تتمركز مزارع الدواجن حول مراكز توزيع الكهرباء، “وهو ما يجعل فيروسًا كأنفلونزا الطيور يتنشر كالنار في الهشيم بين الدواجن، إذا ما حدثت الإصابة في أي مزرعة، وهي مشكلات نأمل أن يوفر مشروعنا لها حلولًا قاطعة”، توضح بولس.
الوقت مقابل التمويل ..
ولتحقيق أهداف المشروع التجارية خلال الأعوام القادمة، تقول تقديرات دراسات بولس أن ماكينتها المرتقبة ستكون قادرة على العمل بكفاءة لمدة 25 عامًا، وستغطي تكاليفها بالكامل خلال 10 سنوات.
نجحت بولس في استطاب شركاء لإقراض أصحاب المزارع الكبيرة والمتوسطة بدون مقدم بفائدة 3% فقط وبفترة سداد على 7 سنوات، لتتمكن من تركيب وحداتها للمزارعين وتحقيق عوائدها من جهة ونشر التوعية من جهة أخرى.
لعل ما سيجعل المهمة أيسر بعض الشيء على بولس وفريقها، هو أن وحدة الغاز الحيوي تنتج سمادًا عضوية يمكن لأصحاب المزارع الاستفادة منها في أراضيهم الزراعية أو بالبيع لمزارعين آخرين.
رغم كل تلك المزايا لشمروع “طاقة سولوشنز”، إلا أن الطريق لايزال طويلًا، فالماكينة تحت الاختبار في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتتوقع بولس أن يستغرق الأمر من 6 إلى 9 أشهر لتتمكن من إطلاق الماكينة رسميًا، وبلورة آليات التربح منها تجاريُا.
تأمل بولس أن تتمكن من بيع ماكينتها المبتكرة إلى دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقا؛ تعاني من المشكلات ذاتها، فهل تنجح “طاقة سولوشنز” من أن توفر إمدادات للطاقة النظيفة في المنطقة؟