دبي – خاص
بقلم أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع لدى ’ساكسو بنك‘
- عائدات السندات والأسهم الأمريكية تتداعى جرّاء الأزمة بين كومي وترامب
- النحاس ينتعش مع تراجع حدّة التوقعات بتوجه الصين نحو سياسة التضييق
- أسعار فول الصويا والسكر والقهوة تتأثر بتداعيات أسعار الريال البرازيلي
ما زالت حالة عدم اليقين المرتبطة بالمستقبل السياسي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقدرته على تمرير مشاريعه المعززة للنمو، ترخي بظلال تأثيراتها على الأسواق العالمية. ونجمت العاصفة الأخيرة التي اجتاحت فترة رئاسته عن إقالة رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية جيمس كومي وتعيين مجلس خاص للتحقيق بالصلات المحتملة بين مساعدي حملة ترامب الانتخابية وروسيا.
وانخفضت عائدات السندات وتراجعت قيمة الأسهم الأمريكية إلى أدنى مستوياتها منذ سبتمبر، قبل أن تنتعش بناء على بيانات قوة الاقتصاد الأمريكي. وإضافة إلى ذلك، جاءت فضيحة الفساد في البرازيل مؤخراً لتهز عائدات وأسعار الأسهم والعملات في الأسواق الناشئة.
وارتفعت التداولات حسب مؤشر بلومبرج للسلع الرئيسية خلال الأسبوع، ولكنها بقيت منخفضة بنسبة 4% منذ بداية العام وحتى اليوم. وانحصرت التداولات ضمن نطاق معين الآن على مدار العام الماضي (الخط الأخضر). وخلال هذه الفترة، توجهت صناديق التحوّط نحو زيادة رهاناتها على العقود الآجلة المضاربة على الارتفاع وعقود الخيارات، وسجلت مستوى قياسياً في فبراير قبل أن تسهم عدم الاستجابة للأسعار في تحقيق خفض بنسبة الثلثين والذي كان مدفوعاً بشكل رئيسي ببيع النفط الخام والنحاس والسكر والحبوب.
وشهدت توجهات طلب الملاذ الآمن على المعادن الثمينة، وليس أقلها الذهب، حالة من المد والانحسار فيما وجد النفط الدعم قبيل الاجتماع الرئيسي لـ ’أوبك‘ في 25 مايو. وانتعشت أسعار النحاس مع الحديد الخام والفولاذ نتيجة لتوجه الصين نحو التخفيف من حدّة المخاوف بعد أن قام بنك الصين الشعبي بإبطاء وتيرة التشديد وتعزيز الضخ النقدي.
وتأثرت أسعار فول الصويا والسكر والقهوة بشكل سلبي جرّاء التراجع الذي طرأ على أسعار الريال البرازيلي، فيما ارتفعت أسعار الكاكاو نتيجة للتغطية قصيرة الأجل المدفوعة بقلّة الأمطار في مناطق الزراعة الرئيسية في غرب أفريقيا.
وتزامن ارتفاع أسعار الذهب والسندات والين الياباني مع تجدد الطلب على الملاذ الآمن والمرتبط بازدياد الشكوك السياسية المستمرة التي ظهرت هذا الأسبوع في واشنطن. وتراجعت الأسعار فوق معدل حركتها على مدى 200 يوم عند 1245 دولار للأونصة فقط لتجد المقاومة الفنية عند 1265 دولار للأونصة، وهو يمثل ارتداداً للمبيعات بنسبة 61.8% في الفترة بين أبريل إلى مايو.
وتبدو مخاطر انخفاض الأسعار محدودة عند 1245 دولار للأونصة، ولكن ذلك يعتمد إلى حد كبير بتوجّه العائدات وأسعار الدولار على النحو المبين أدناه.
وانقسم التركيز بين استمرار ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية وتجدد الطلب على أصول الملاذ الآمن. وبقيت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على مساعيها لرفع الأسعار مجدداً عند اجتماعها في 14 يونيو، ولكن الآمال الضئيلة في عودة قريبة للهدوء إلى المشهد السياسي في واشنطن تدفع الذهب نحو استقطاب مزيد من الطلب.
ويمكن أن تلعب مخاوف النمو في كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية دورها في الحد من معدل رفع أسعار الفائدة الأمريكية؛ وسيؤدي ازدياد النمو الأوروبي إلى التقليل من احتمال استرداد الدولار الأمريكي لقوته السابقة.
ومن المرجح أن تسهم هذه التطورات في انخفاض الاهتمام ببيع الذهب، مما يؤدي إلى انحراف نسبة مكافأة المخاطر نحو الاتجاه التصاعدي.
ولا تزال توقعات الذهب على المدى المتوسط تعتمد على احتمال قدرته على تغيير التوجه التنازلي منذ ستة أعوام، والذي يوفر حالياً مقاومة عند 1280 دولار للأونصة (اعتماداً على الملاحظات الأسبوعية).
وأظهرت الفضة مجدداً بيانات اعتماد عالية التقلبات، لتتراجع بعد نشر أكبر مكاسب شهدها المعدن في أكثر من شهر. وفي العموم، سعت الفضة لمواكبة أسعار الذهب بالنظر إلى أن ارتفاع الأسعار في هذا الأسبوع جاء نتيجة للسعي نحو الملاذ الآمن — وهي فئة سعت الفضة جهدها للانضمام إليها نظراً لاستخداماتها الصناعية ومخاوف النمو الحالية في الصين.
وجاء معدل تداولات الذهب بالمقارنة مع الفضة، والتي تظهر تكلفة الذهب قياساً بأونصة الفضة، قريباً من أعلى مستوياتها منذ يونيو الماضي. بيد أن الدعم جاء نتيجة الارتفاع الأخير في الطلب عبر المنتجات المتداولة في البورصة بينما خفضت الصناديق الرهانات على العقود الآجلة المضاربة على الارتفاع من أرقامها القياسية إلى أدنى مستوياتها منذ 15 شهراً خلال أربعة أسابيع من البيع المكثف.
وجاءت تداولات النفط الخام مرتفعة خلال الأسبوع الثاني مع إعادة تأسيس الدعم نتيجة لصدور تقريرين متتاليين داعمين عن المخزونات الأمريكية، والاعتقاد المتزايد بتوجه منتجي ’أوبك‘ والدول غير الأعضاء فيها، والذين سيجتمعون في فيينا بتاريخ 25 مايو، نحو الموافقة على تمديد سياسة تخفيض الإنتاج الحالية إلى فترة لا تقل عن ستة أشهر أخرى.
وفي ضوء التوقعات المتعلقة بالزيادة الموسمية على الطلب خلال النصف الثاني، ينبغي أن يبدأ انخفاض المخزونات العالمية للأسهم باتخاذ شكل أكثر وضوحاً، مما يدعم الأسعار. ومع ذلك، سيبقى النفط في مواجهة مزيد من ارتفاع الإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية، وربما في كل من ليبيا ونيجيريا.
وخلال الأشهر الستة الماضية، ومنذ أن اتفق أعضاء ’أوبك‘ على تخفيض الإنتاج، شهدنا زيادة معدلات الإنتاج الأمريكي بنحو مليون برميل بالمقارنة مع التوقعات في نوفمبر الماضي.
وعلى هذا الأساس، من المتوقع أن تتراجع طموحات ’أوبك‘ عن الاجتماعات السابقة وتحديد هدف رئيسي للمرحلة يتجلى في شراء مزيد من الوقت ودعم الأسعار في انتظار انطلاق مرحلة الانتعاش المرجوة في وقت لاحق من هذا العام.
وعادت أسعار خام غرب تكساس الوسيط إلى 50 دولار للبرميل يوم الجمعة بعد أن تراجعت بنسبة 61.8% عن أسعارها في الفترة بين أبريل إلى مايو. ومن المرجح أن يسهم الدعم قبيل اجتماع ’أوبك‘ في تعزيز الأسعار. وفي أعقاب الاجتماع، وما لم تصبح ’أوبك‘ أكثر عدوانية مما هو متوقع حالياً، تشير الترجيحات إلى محدودية حصول مزيد من الارتفاع التصاعدي للأسعار.
ويمكن أن يقابل اتفاق توسيع عمليات خفض الإنتاج بالشك، حيث تسعى بعض الدول المنتجة (ومن أبرزها المملكة العربية السعودية) لتعزيز حصتها في السوق. وسيؤدي ارتفاع الطلب المحلي خلال أشهر الذروة الصيفية استهلاك قسم هام من الإمدادات للتصدير.
ومع ذلك، وفي حال الالتزام بهذه التطورات، ينبغي أن يعني ذلك في نهاية المطاف أن تخفيضات الإنتاج ستتطابق مع تخفيضات العرض عبر انخفاض الصادرات.
المصدر: ’ساكسو بنك‘