خاص – ايمان مصطفى
يواجه شباب الكُتّاب الكثير من المشاكل والعراقيل والتديات بصناعة النشر فى الوطن العربى، إذ أن دور النشر التقليدية غالبًا ما ترفض نشر أعمالهم، كما أن نقص عامل التمويل يحول دون قدرتهم على نشر أعمالهم على نفقتهم الخاصة، أو حتى الترويج لها بما يكفي لتحقيق مبيعات.
من هذا المنطلق، أطلق محمد جمال (كاتب ومؤلف ورائد أعمال) منصة “كتبنا” كأول منصة للنشر الشخصي في العالم العربي، في 23 أبريل 2015، تستهدف السوق المصرية والعربية.
تحاكي “كتبنا” منصة النشر الشخصي العالمية LuLu.com، التي لا تدعم اللغة العربية. وتقوم “كتبنا” بمساعدة الكُتّاب والمؤلفين العرب الشباب في مختلف دول العالم، على نشر أعمالهم الكترونيًا من خلال موقع وتطبيق للهواتف الذكية، “ومؤخرا بدأنا أيضا في النشر الورقي عبر تقنية الطباعة حسب الطلب”، يقول جمال في تصريحاته لـ”أنتربرنور العربية”.
لعل تجربة جمال الشخصية كانت الدافع الرئيسي وراء إطلاق “كتبنا”، حيث أنه كاتب شاب، لطالما وضعته دور النشر على قوائم الانتظار، دون جدوى. كما اصطدم جمال أيضًا بالواقع عندما كانت بعض دور النشر توافق على نشر كتبه، مقابل أن تكبده ثمن الطباعة، وأن تحصل الدار على أكثر من 70% من عوائد البيع، دون أن ترصد أي ميزانية للتسويق.
من هنا قرر جمال أن يغزو عالم ريادة الأعمال بتدشين منصة نشر شخصي، تعمل كحلقة الوصل بين الكاتب والقارئ مباشرة، بدون أن يكون الناشر وسيطا بينهما.
جاءت تلك الخطوة بعدما أنهى جمال دراسته في كلية الهندسة قسم كمبيوتر، ثم أتبع شهادته الجامعية بدراسات حرة في مجال تطوير الأعمال والتسويق.
نموذج عمل متعدد القنوات
“ولأن هناك ملايين من الأشخاص يستخدمون الأجهزة اللوحية والهواتف في القراءة حاليًا في العالم العربي، فكرنا في البدأ بالنشر الإلكتروني عبر (كتبنا)، لنتيح لجمهور القرّاء شراء الكتب، التي ما كانوا ليحصلوا عليها لولا التطور التقني الذي يشهده العصر”، يقول جمال.
لا يقتصر جني العوائد في “كتبنا” على مبيعات الكتب ققط، بل يتضمن نموذج العمل أيضًا عوائد الاشتراك السنوي للمؤلفين، وخدمات النشر الاحترافية التي تقدمها المنصة مثل تصميم الأغلفة، والتدقيق اللغوي، والتنسيق الداخلي، والتسويق والترويج.
كما وأطلقت “كتبنا” خدمة “الطباعة حسب الطلب” مؤخرًا، التي تتيح للقراء طلب طباعة أي كتاب وتوصيله للمنزل، وذلك تلبيًة لاحتياجات القراء ممن لايزالوا متعلقين وجدانيًا بالكتاب الورقي التقليدي.
ويتطلع المؤسس لنشر 100 كتاب ورقي عبر خدمة الطباعة حسب الطلب مع نهاية 2017.
أرقام تدعو للتفاؤل ..
لم تحصل “كتبنا” على أي استثمارات حتى الآن، سوى من حاضنة أعمال مركز الإبداع والتكنولوجيا وريادة الأعمال في مصر، والتي منحت المشروع “دعم مالي ولوجيستي كبير” لتمكن المشروع من أن يثبت جدواه.
بالفعل نجحت منصة “كتبنا”، منذ الإطلاق، من نشر أكثر من 480 كتابًا، تم شراءهم وتحميلهم أكثر من 28,000 مرة حتى الآن، واستقطبت 18 ألف مستخدم للموقع والتطبيق، بالإضافة إلى 160 ألف متابع على صفحة “كتبنا” على فيسبوك.
عيّنت منصة “كتبنا” 5 موظفين حتى الآن، وفتحت للباب لنشر المواهب الإبداعية المختلفة من أشعار ودواوين وكوميكس وقصص قصيرة ومصورة وأبحاث.
تمكن جمال من استقطاب الكُتّاب والقراء لمنصة “كتبنا” عبر التسويق المباشر للمشروع من خلال المعارض والفعاليات الثقافية المعنية بالقراءة من جهة، وعن طريق الإعلانات الرقمية الموجهة والمدفوعة على “فيسبوك” من جهة أخرى.
وتحظى منصة التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بـحوالي 35 مليون مصري، حيث أن مصر هي الدولة الأولى عربيًا من حيث عدد المستخدمين المتواجدين عليها، بواقع 36.5% من إجمالي التعداد السكاني.
تجربة الاستخدام للكاتب والقارىء
تبدأ تجربة استخدام “كتبنا” من طرف الكاتب، الذي يقوم برفع كتابه مع الغلاف وملأ بعض البيانات، ثم ينتظر 72 ساعة على الأكثر حتى يتم المراجعة والنشر من قبل فريق العمل بالمنصة.
ثم يأتي دور القارىء، الذي يمكنه الحصول على الكتاب بأكثر من طريقة دفع، تتضمن بطاقات الائتمان، أو نقاط الدفع التابعة لشبكة الدفع الإلكتروني “فوري“، أو عن طريق البطاقات مسبقة الدفع الخاصة بمنصة “كتبنا” والمطروحة للبيع في بعض المكتبات العامة.
تتغير أسعار الكتاب وفقًا لحجم الإقبال عليه، حيث أن الكتاب يُعرض مجانًا للمرة الأولى، وما أن يقوم 25 مستخدم بتحميله، يصبح السعر 5 جنيهات (2 سنتًا)، ثم يزيد سعره تدريجيًا كلما زاد إقبال القراء، علمًا أن الأسعار في المتوسط 50 جنيهًا (2 دولارًا).
فهل لنا أن نزعم أن “كتبنا” نجحت في القضاء على جشع دور النشر العربية باستخدام التكنولوجيا؟