خاص -ايمان مصطفى
يدفع عشق المغامرة رواد الأعمال إلى ترك الأعمال النمطية والتحول إلى المخاطرة في المشروعات الريادية.
ربما تنطبق هذه المقولة على الشاب السعودي أحمد بوخمسين صاحب الـ26 عامًا، الذي ترك العمل في أحد الشركات العالمية نهاية عام 2015 ليؤسس شركة “كوانت” Quant، المتخصصة في مجال علم البيانات، والتي تقوم على تحليل البيانات وتصويرها مع دمجها في منصات ذكاء الأعمال.
انطلقت “كوانت” مطلع عام 2016، كأول شركة في السعودية تعمل في مجال علوم البيانات والاكتوارية معًا، و تمزج ما بين عمل المحللين الاكتواريين ومهندسي البيانات.
في بداية العشرينيات من عمره، تخرّج بوخمسين في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، بعد حصوله على درجة البكالوريوس في العلوم الاكتوارية والرياضيات المالية. يُعني هذا التخصص الدقيق بعلوم تحليل البيانات ودراستها ويستخدم الطرق الحسابية والإحصائية لتقدير حجم المخاطر في قطاع التأمين والصناعات المالية.
وبعد تخرجه مباشرة وتحديداً في عام 2013، انتقل بوخمسين إلى العمل في البحرين بوظيفة محلل اكتواري في شركة Lux Actuaries & Consultants، الشركة العالمية المتخصصة في مجال الاستشارات والخدمات الاكتوارية، والتي تتواجد في 8 دول.
وفي أواخر شهر أغسطس من العام 2015، بدأت قصة شركة “كوانت”، عندما قرر بوخمسين تسخير العلم الاكتواري وتحويله إلى أول مشروع في السعودية يقدم خدمة مباشرة للعملاء لتحليل البيانات، لتستفيد منها المنشآت في تطوير أعمالها وتحقق أفضل عائد ممكن.
آمن بوخمسين بفكرته وبحاجة السوق السعودي لمثل هذه العلوم والخدمات المتطورة، فاجرى دراسات الجدوى لتأسيس شركة “كوانت”.
دعم ريادي من “بادر” ..
وفي بداية عام 2016 انضم بوخمسين إلى برنامج واعد لريادة الأعمال التابع لشركة “أرامكو” في مدينة الظهران بالمنطقة الشرقية، وعلى مدار أربعة أشهر من التدريب والتعلم استطاع ان يكتسب خبرة تؤهله للانطلاق بمشروعه إلى السوق.
حينها كان الوقت مناسبًا للشاب السعودي الحالم بأن يخبر بعضًا من أصدقائه للانضمام إليه في مشروع العلوم الاكتوارية والرياضيات المالية، لكن بوخمسين لم يتوقف عند هذا الحد بل أقنع بعض أصدقائه الموظفين الذين كانوا مشغولين بتسلُّق السُلَّم الوظيفي البرَّاق في عالم الشركات للاستقالة من مناصبهم والدخول معه كشركاء في المشروع .
يتذكر بوخمسين هذه اللحظة قائلًا في حواره لـ”انتربرنور العربية”: ” أخبرت الجميع أنني تركت وظيفتي كي أتبع حلمي بتأسيس مشروعي الخاص الجديد. لقد نصحني العديد بالتريّث وعدم المخاطرة، فقد كانت الوظيفة مرموقة ولم أعمل بها إلا في فترة زمنية وجيزة، لكن كنت مصرًا على أن أغلب الناجحين في المشاريع العملاقة في وقتنا الحالي لم يكونوا في بداياتهم يملكوا سوى خبرتهم وتسلحوا بالعلم الذي يملكونه وآمنوا بأن العلم والفكر الصحيح والمثابرة عوامل أساسية لنجاح أي مشروع تجاري”.
وكونها شركة ناشئة كان بوخمسين يدرك مدى اهمية الدعم اللوجستي أو الاستشاري من الجهات الحكومية أو الخاصة، فقرر مؤسس شركة “كوانت” عرض فكرته على برنامج “بادر” لحاضنات التقنية، الذي يعد أحد برامج مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، بحثاً عن احتضان هذا المشروع في مقر الحاضنات وتقديم التسهيلات التي تساعد على تحويل الفكرة إلى مشروع استثماري ناجح .
بالفعل ساهم برنامج “بادر” في انطلاقة شركة “كوانت” عبر تقديمه خدمات متنوعة من خلال الحاضنة نفسها، أو عبر شبكة اتصالاتها، وشملت هذه الخدمات، تقديم الاستشارات المطلوبة، وتوفير مكاتب، ومختبرات، وخدمات إدارية وسكرتارية، وغيرها لتحويل الفكرة إلى مشروع واعد .
خطوات واثقة..
أبرمت الشركة في عامها الأول اتفاقيات مع شركات سعودية كبرى مثل شركة “ملاذ” للتأمين، و”مراس” القابضة التي تُعنى بالتطوير العقاري، ومن ثم شركة “إمكان” كأول عميل في القطاع التعليمي .
وبعد أن أدركت الكثير من الشركات السعودية أهمية العلوم الاكتوارية والرياضيات المالية لتطوير الأعمال وتحقيق أعلى عائد منها، بدأت شركة “كوانت” تتوسع في مشاريعها بإبرام عقود جديدة، كان آخرها اتفاقية مع شركة “مرني”، وهو تطبيق يعمل كمنصة الكترونية تفاعلية لحظية، تربط المستخدمين المحتاجين بأي خدمة مرتبطة بالنقل والمساعدة على الطريق مع مزوديّ الخدمة.
بعد ذلك وقعت الشركة إتفاقية أخرى مع شركة “فودكس” المتخصصة بمنصات نقاط البيع للمطاعم، ثم توسعت “كوانت” إلى دبي والبحرين في عدة اتفاقيات مع عدد من الشركات العاملة في تلك الأسواق.
وعن رحلته يقول بوخمسين: ” لقد واجهت كوانت الكثير من التحديات التي تتمثل بتقبل وتفهم السوق وادراكه لمدى حاجته لهذه الخدمات الاكتوارية والتحليلية، وخاصة من ناحية الخصوصية للبيانات، لكن وكأي مجال وعلم جديد في هذا السوق فإنه يحتاج لبعض الوقت ليصل بكل وضوح وشمولية الى جميع القطاعات”.
ويضيف بوخمسين: “تطمح شركة “كوانت” إلى الدخول بشكل أوسع الى سوق العقارات الذي يفتقد بشدة الى أي من المعلومات الإحصائية ، لتكون الشركة بذلك هي حجر الأساس والانطلاقة كأول خطوة جادة لتأسيس قاعدة بيانات تخدم هذا القطاع”.