خاص – entrepreneuralarabiya.com
بقلم أميليا كالمان، رئيس قسم الإبداع، Engage Works
المستقبل يتمحور حول المشاعر، بكل ما تحمله الكلمة من معنى
ثمة شيء مؤكد في عام 2017، بدءً من كيفية بحثنا في الإنترنت وصولاً إلى المصافحة فإننا نشعر بأن الأمور على وشك أن تغدو أكثر تشويقاً وغنىً في كل شيء.
فيما يمر شهر فبراير، يعمل الكثيرون جاهدين للالتزام بالعهود التي قطعوها على أنفسهم مع بدء العام الجديد (بما فيها تعزيز لياقتهم البدنية واتباع أنماط صحية)، وبالتوازي مع ذلك تسعى الكثير من الشركات إلى مساعدتهم على تحقيق هذه الأهداف. فعلى سبيل المثال، قام 60% من مستخدمي الهواتف المحمولة في عام 2016 بتحميل تطبيقات متعلّقة بالشؤون الصحية، وثمة توقعات بأن تصل قيمة مبيعات الإكسسوارات الرقمية المتعلقة باللياقة البدنية إلى ما يزيد عن 14 مليار دولار بحلول 2021.
وفي 2017 نتوقع أن نشهد زيادة في شعبية تقنيات الشعور الافتراضي والإكسسوارات الرقمية ومختلف التطبيقات المصممة لمتابعة الحالة الصحية والسلامة الذهنية، مثل سوار Feel الذكي من ’سنتيو سولوشنز‘ (Sentio Solutions)، والذي يسمح لمرتديه بمتابعة مشاعره وأحاسيسه طوال اليوم مع تزويده بتدريب متناسب مع شخصيته لتحسين حالته النفسية بشكل عام. وفي الواقع، إذا لم تشعروا بالكثير من التجدّد مع حلول العام الجديد، فقد يكون السبب أنّكم تمضون كثيراً من وقتكم في تصفح الإنترنت ومختلف شبكات التواصل الاجتماعي. ومن هنا، فقد ابتكرت شركة ’ووترميلون شوجار‘ (Watermelon Sugar) البريطانية الناشئة امتداداً لبرامج التصفّح يسمح بتصوير الدماغ على شكل كائن رقمي يعكس تأثير محتوى المتصفح على دماغكم؛ حيث تأخذ بياناتكم شكلاً أشعثاً وعشوائياً عندما تسممون عقولكم بالكثير من “الأخبار الزائفة” والسياسة وشبكات التواصل الاجتماعي، مع تذكيركم على الشاشة بضرورة استعادة التوازن للحفاظ على صحتكم الذهنية.
وفي مجال الأزياء يسعى المصممون إلى ابتكار ملابس لا تقتصر ميزتها على مظهرها الجميل، بل تحسّن مشاعر مرتديها أيضاً. وتتمثل أهم التطورات على هذا الصعيد في إنترنت الأشياء (I.O.T)، والتي تدعى في عالم الموضة بـI.O.ME، لدرجة أنه تم الإعلان عن أن التقنيات الحاسوبية الشفافة ستكون المرحلة التالية من الحوسبة، وذلك في جلسة حوارية حول الأقمشة الذكية أقيمت ضمن فعاليات ’معرض الإلكترونيات الاستهلاكية‘. ويعني ذلك أن كل شيء حولنا سيكون “ذكياً” وسيساعدنا على تلبية احتياجاتنا دون أن نعي هذا الأمر حتّى، حيث قالت جيسي جور- التي شاركت في الندوة ممثلة عن كلية ولاية نورث كارولاينا للنسيج- بأن تقنية التعريف عن طريق ترددات الراديو (RFID) ستكون أول تقنية يتم استخدامها في كل قطعة ملابس، مما سيتيح إمكانية ربط خيارات ملابسنا اليومية ببياناتنا الشخصية وتفضيلاتنا وتفاصيل دفعاتنا المالية.
فلنتخيّل أننا بدلاً من شراء قميص سوف نشترك مع علامة تجارية لمدة 12 شهراً، وخلال هذه الفترة تصبح هذه العلامة بمثابة خبيرنا الخاص في شؤون الموضة، وستعرف ما نريد ارتداؤه قبل أن نعرفه نحن. وعلى سبيل المثال، سترسل الملابس الذكية رسالة إلى هذه الشركة حالما يتم غسل أحد القمصان لعشرين مرة، وبالتالي ستزودنا الشركة بقميص جديد. أو قد ترسل الجينزات أحدث البيانات حول ما تم فقدانه من الوزن لطلب نسخة من مقاس أصغر من البنطلون المفضّل ذاته بشكل تلقائي. وفي المحصلة ستغدو هذه اللمحات ونموذج التجزئة الثوري الجديد هذا بمثابة انطلاقة لمستوى جديد من الخدمات يتسم بكونه أكثر انسجاماً مع الحاجات الشخصية، مما سيجعل العملاء يشعرون بأنهم موضع اهتمام علاماتهم المفضلة بحق.
وقالت سيلفيا هايزيل، الرائدة في تصميم الملابس الذكية: “يصبح الأمر ’موضة‘ بالفعل عندما نقدّم للعملاء ما يريدون”. وكمثال على ذلك، قد يتم عمّا قريب تطوير ملابس تخزّن الطاقة من الجسم، مما سيوفّر حلاً جذرياً لمشكلة نفاذ بطاريات الهواتف التي لطالما اشتكى منها الكثيرون؛ حيث تقوم التقنية على استخدام نقاط النبض القريبة من سطح البشرة من أجل توليد الطاقة بالحرارة.
وأضافت جيسي جور: “قد نصل إلى مستوى نستطيع عنده توليد الكثير من الطاقة لدرجة أننّا قد نتمكّن من تشغيل مصباح كهربائي بمجرّد لمسه”.
كما ستشتمل أبرز الصيحات التقنية في 2017 على توجه آخر ذي صلة المشاعر، ولكن هذه المرّة بخصوص الأشياء التي لا “نشعر” بوجودها؛ إذ بدأت التقنيات اللمسية تحظى بالاهتمام الذي تستحق في الآونة الأخيرة مع قيام العديد من موفري المحتوى الافتراضي ومحتوى الواقع المعزّز بوضع خطط لإدماج الجانب اللمسي في المرحلة التالية من تطور التجارب الافتراضية.
ربما سبق للكثير منكم أن خاضوا تجارب افتراضية غامرة، ولكنهم عندما مدّوا أيديهم ليلمسوا شيئاً ما لم يشعروا بأي شيء، مما قضى على روح التجربة وكل المتعة. لذلك تقدم شركة ’تاكتاي تاتش‘ (Tactai Touch) حلاً مبتكراً، وهو عبارة عن جهاز صغير قابل للارتداء على الأصابع كي يتيح الشعور بأنواع مختلفة من الأقمشة أو الدمى القماشية، أو التماثيل، أو حتى الشعور بملمس أزرار جهاز تحكّم افتراضي.
وعلى نحو مشابه، تستخدم شركة الواقع الافتراضي ’فندامينتال في آر‘ (Fundamental VR) قلماً مزوداً بتقنية لمسية لمساعدة الممرضات وطلّاب الطب على تعلّم كيفية إعطاء الحقن، مما يريح كلاً من المرضى والمتدربين كثيراً من الألم والمعاناة. كما قامت شركة ’فيجوالايز‘ (Visualise) البريطانية المتخصصة في الواقع الافتراضي بإدماج كراسٍ متحركة في تجارب قيادة السيارات الافتراضية لإضفاء طابع أكثر واقعية على محاكاة تجربة الجلوس في مقعد السائق.
وبدورها أطلقت شركة ’تانفاس‘ (Tanvas) تكنولوجيا “الشاشة الكاملة” خاصتها، والتي تجعل من شاشات اللمس تجارب تحاكي الملمس الحقيقي للأشياء المعروضة، مع إعطاء شعور بالخفة أو الثقل، أو الصلابة أو الليونة، أو اللزوجة وما شابه. كما تقدّم شركة ’ألتراهابتكس‘ (Ultrahaptics) – التي تتخذ من مدينة بريستول البريطانية مقراً لها- إمكانية للمس الأجسام الافتراضية العائمة في الهواء عبر استخدام تقنية الأمواج فوق الصوتية لتوليد هذه الأحاسيس على اليدين، وذلك بالإضافة إلى ابتكار الشركة ذاتها صرافات آلية لا تتطلب أي لمسة، مما يمثّل ابتكاراً هاماً يسهم في الحفاظ على الصحة العامة ويمنع انتشار الأمراض والفيروسات بين المستخدمين. وفي الوقت ذاته، قام استوديو التصميم اللندني ’إف-تي-آر‘ (F-T-R) بابتكار بدلة ’سكينترفيس‘ (Skinterface) الضيّقة التي تجعل الجسم بأكمله يشعر بالانتقال من العالم الواقعي إلى الافتراضي. كما اخترع الاستوديو أيضاً واجهة للمس عن بعد، مما يتيح للناس مصافحة بعضهم بعضاً حتى لو فصلت بينهم محيطات وقارات.
وما من شك أن هذه التقنيات سوف تغيّر مفاهيم المشاعر واللمس على نحو جذري، سواء كان ذلك في كيفية تفاعلنا مع أجسامنا وأذهاننا، أو عبر إتاحة طرق جديدة لاستكشاف العوالم الافتراضية.
ويجب على الشركات أن تدرك بأن سر النجاح يكمن في جعل الناس محور كل تجربة مع تزويدهم بإمكانية عيش حالات لم يسبق لهم أن عاشوها في كافة مجالات الحياة، بدءاً من المتاجر وأماكن العمل، ووصولاً إلى المنازل والسيارات؛ فهذه التقنيات والابتكارات الجديدة تفتح أبواب المستقبل على مصراعيها ليغدو المستحيل ممكناً، ولتكون مصدر إلهام يدفعنا إلى استكشافات وأحلام جديدة فيما نشق طريقنا عبر هذا العالم الحافل بكل ما هو غريب وعجيب.