خاص – ايمان مصطفى
تعتبر النفايات الإلكترونية هي القطاع الأسرع نموًا بين النفايات الصلبة، إذ ينتج العالم سنويًا حوالي 50 مليون طن من النفايات الإلكترونية، إلا أن 13% منها فقط ما يخضع لإعادة التدوير، بينما يكون مصير النسبة المتبقية (في أغلب الأمر) إلى مدافن النفايات المضرة بيئيًا.
هذا وتتوقع دراسات حديثة صادرة عن الأمم المتحدة، أن ينتج العالم في 2017 نحو 65 مليون طن من النفايات الإلكترونية.
وتكمن الفائدة الكبرى من إعادة تدوير النفايات الإلكترونية في أمريّن؛ الأول هو حماية البيئة من مخاطر الدفن أو الحرق، والثاني هو استخراج المعادن الثمينة من تلك النفايات.
في هذا الصدد يقول تقرير صادر عن وكالة حماية البيئة الأمريكية العام الماضي، إن إعادة تدوير مليون جوال، ينتج عنه استعادة 9 آلاف طن من النحاس، 9 كيلوجرامات من البلاديوم و250 كيلوجرامًا من الفضة و24 كيلوجرامًا من الذهب.
من هذا المنطلق، يتوقع خبراء الاقتصاد حول العالم أن تبلغ قيمة سوق النفايات الإلكترونية 50 مليار دولار، بحلول عام 2020.
تكنولوجيا مصرية لإعادة تدوير المخلفات الإلكترونية
وفي وقت يعاني فيه الاقتصاد المصري من العديد من الصعوبات، نتيجة لتعويم سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار، لوجود نقص في العملة الصعبة؛ وجد رائد الأعمال المصري عصام هاشم؛ ضرورة وجود تكنولوجيا تحفز الصناعة المحلية في قطاع إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية، مما يوفر المعادن للبلاد، ويدعم حكومتها في مساعيها نحو خفض الواردات.
أطلق هاشم “ايكو لحلول الصناعة المتكاملة” Eco Integrated Industrial Solutions، في مطلع 2016، كشركة مصرية متخصصة في بتصنيع آلات إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية، بعد جمعها وفرزها وتصنيفها. وأمضى هاشم العام الماضي في تجهيز الأوراق والخدمات اللوجستية اللازمة للإطلاق.
“أعمل على تطوير تكنولوجيا تفكيك وتكسير المخلفات الإلكترونية لإعادة تدويرها محليًا، منذ حوالي 3 سنوات، وسافرت أكثر من 40 لزيارة المصانع الأوروبية ودراسة التكنولوجيا الأجنبية والاستفادة منها، ووقد انتهيت منها بالفعل الآن، وأستعد للإطلاق خلال الشهر الجاري في كلٍ من القاهرة والإسكندرية، بينما سيكون الإطلاق من الإمارات خلال 3 أشهر من الآن”، يقول هاشم في حواره الخاص لـ”انتربرنور العربية”.
يذكر أن هاشم كان قد أطلق مشروعه تجريبيًا في مايو الماضي ببعض المدارس والجامعات الدولية في مصر، ليثبت قدرته على تسويق التطبيق ويخلق الوعي تجاه ثقافة التخلص الآمن من المخلفات الإلكترونية.
ولتفعيل خططه على الأرض، أبرم هاشم شراكات استراتيجية مع جهات حكومية وكيانات من القطاع الخاص. وفضل هاشم عدم الكشف عن تفاصيل تلك الشراكات، واكتفى بالقول: “أعمل على الأرض بدعم كبير من الجهات المعنية بالبيئة والصناعات المحلية في الحكومة المصرية، التي بدأت تلتفت بجدية لأهمية إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية محليًا”.
من هو دكتور وي؟
ولخلق تفاعل مع مستهلكي الإلكترونيات في مصر من الأفراد والشركات، ابتكر هاشم شخصية “دكتور وي” Dr. WEEE الكرتونية، لتكون رمزًا لجمع المخلفات.
ويرجع مسمى Dr. WEEE إلى الاسم العالمي لمخلفات الأجهزة الإلكترونية والكهربائية Waste of Electrical & Electronic Equipment. وتتمثل تلك المخلفات في الجوالات واللاب توب والأجهزة اللوحية والكمبيوتر والشواحن والبطاريات، والشاشات.
ومن المنتظر أن ينطلق “دكتور وي” من خلال تطبيق ويب يتيح للمستخدمين تسجيل طلبات جمع المخلفات من المنازل. كما وستحصل كل شركة تتعاقد مع “دكتور وي” على صندوق جمع مخلفات إلكترونية يحمل العلامة التجارية.
وحرص قسم تطوير التطبيق في “ايكو” على سهولة تجربة الاستخدام، التي لا تتمثل في 3 خطوات التسجيل والطلب والتأكيد. وما أن يقوم المستخدم بتسجيل طلب توريد أجهزته الإلكترونية، حتى يحصل على نقاط تحفيزية يمكنه استبدالها من متاجر الإلكترويات، التي سيتم الإعلان عنها تزامنًا مع الإطلاق.
سيكون جمع المخلفات بواسطة سيارات خاصة، “الأمر الذي سيسهم في خلق فرص عمل لأصحاب السيارات الخاصة الراغبين في زيادة دخولهم الشهرية، هذا بالإضافة إلى تشغيل العمال بالمصنع وخدمة الأهداف البيئية والاقتصادية للدولة”، يوضح هاشم.
لم يحصل هاشم على أي استثمارات محلية أو إقليمية حتى الآن، إذ أنه يعتمد على التمويل الذاتي، الأمر الذي كلفّه أكثر من مليونيّ جنيه مصري (حوالي 115 ألف دولار) لأعمال البحث والتطوير التكنولوجي وتجهيزات التطبيق ودراسات السوق في مصر والمنطقة وأفريقيا. لتحديد أهم الأسواق له في السنة الأولى من الإطلاق.
“لم ولن أسعى للحصول على أي استثمارات قبل أن أثبت جدوى مشروعي على الأرض، وأفضل الانتظار حتى لا أنشغل عن محاور تركيزي الرئيسية بجذب الاستثمارات”، يقول هاشم.
تسويق متشعب ومساعي للعالمية
وتحمل أجندة هاشم التسويقية العديد من الوسائل التسويقيىة تتضمن التسويق الإلكتروني على “فيسبوك”، وحملات ترويجية وتوعوية على الأرض، والظهور في برامج معنية بالصناعة والتكنولوجيا والاقتصاد على الراديو والتليفزيون المحلي في مصر.
في الوقت ذاته، يتعاقد هاشم حاليًا مع شركة إماراتية لجمع المخلفات الإلكترونية في أبو ظبي ودبي عجمان والشارقة، استعدادًا لافتتاح مصنع لإعادة تدوير تلك المخلفات على أرض الإمارات.
يعول هاشم في غزو السوق الإماراتية على عدد من الشهادات التي تؤهله لذلك، والتي حصل عليها خلال رحلته الريادية. يتضمن ذلك، شهادة في إدارة المخلفات الإلكترونية من جامعة الأمم المتحدة في نيروبي. هذا بالإضافة إلى شهادة تقييم الأثر البيئي من مصر.
ويطمح هاشم إلى عولمة تكنولوجيا إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية التي طورها، بنظام الفرانشايز، ليكون بذلك نموذج عمل “إيكو” قائمًا على أربعة عواميد رئيسية، تتضمن أيضًا جمع المخلفات بغرض إعادة التدوير والبيع لحساب الغير، وإعادة التدوير لاستخراج المعادن.
فهل ستنجح مساعي “دكتور وي” إلى العالمية؟