خاص – حنان سليمان
يقول حال بعض منصات التمويل الجماعي في العالم العربي أن ثقافة التمويل الإليكتروني لدعم مشروعات تنموية وتجارية لا تزال تواجه تحديات دفعت البعض لتغيير نموذج عمله أو خطته واضطر البعض للإغلاق، فيما ساهم ابتكار آخرين لمفاهيم جديدة في التمويل أونلاين مثل التمويل بالكليك أو بالنقرة click-funding إلى انتشار الفكرة وتوسعها خارج بلد المنشأ.
منصة “يُمكن.كوم” المصرية طورت من نموذج عملها فبعد أن كانت منصة للتمويل والحلول الجماعية، ركزت على الحل الجماعي لتكون أشبه ببنك للأفكار تعرض فيه التحديات تفصيليا بخلفياتها التي تواجه أصحاب الأعمال والمنظمات غير الحكومية والكيانات الحكومية ويتشارك المجتمع في حلها بتمويل من الجهة المعلنة للتحدي أو جهة تمويلية وبمشاركة صاحب المقترح. وتعمل المنصة بهذا الشكل في مصر وتونس حاليا.
أما موقع “تنرا” المصري الذي أغلق بعد نحو عامين من العمل، فيقول مؤسسه محمد عز الدين: “السوق المصري لا زال غير متقبل لفكرة التمويل الجماعي بعكس الأردن ولبنان. ربما يكون السبب في الحياة السياسية المضطربة في مصر أو لاستعداد الشعب نفسه فكلمة تمويل نفسها كنا نتجنبها أثناء العمل لأن وقعها سلبي وأصبح لها مدلول سياسي نتيجة تضخيم الإعلام لها. التمويل على الأرض أنجح من التمويل أونلاين فمن يدفع يريد رؤية من يدفع له ولهذا كان لنا تواجد على الأرض أيضا عبر بعض الفعاليات”.
نجحت بعض المشروعات في الحصول على التمويل اللازم عبر المنصة، لكن معظم التمويل كان يذهب لمشروعات تكنولوجية. يوضح محمد أن جمع التمويل على الأرض أسهل من جمعه على الانترنت في مصر، لافتا إلى أن نجاح التمويل الجماعي يعتمد على قابلية المشروع الممول للتوسع، أما المنصة فتحتاج لعدد كبير من المشروعات الناجحة حتى تؤمن لنفسها عائدا مجديا فهي تحصل على 7% من حجم التمويل المجموع عند نجاح الحملة، وفي هذا الوضع لن تصل إلى مستوى الربحية المطلوب.
مزايا وتحديات
يتفق عبد الله عبسي، مؤسس منصة ” ذومال “، الأوسع انتشارا عربيا، على أن التمويل الجماعي في العالم العربي لا زال في مراحله المبكرة. خلال ما يزيد عن ثلاثة أعوام، مولت المنصة 150 مشروعا بمليوني دولار. مشكلة جمع التمويل على الأرض هي مشكلة شفافية وحدود جغرافية وصعوبته للمستخدم أو قلة جاذبيته مقارنة بالتمويل أونلاين كما يقول عبد الله. ويضيف: “التمويل أونلاين يعطي المتبرع إمكانية التثبت من المشروع أيا كان مكانه الجغرافي وهو أيضا يستطيع متابعة تطورات تمويله. بطاقات الائتمان سهلت عملية التبرع كثيرا ووسائل التواصل الاجتماعي جعلت نشر الفكرة والمشروع وحملة التمويل أمرا يسيرا”.
ويرى تامر طه، مؤسس “يُمكن.كوم”، أن العرب بشكل عام يرغبون في رؤية تأثير تمويلهم بأعينهم وإن كان التمويل الإليكتروني أسهل وأكثر كفاءة وأوسع انتشارا وأقل تكلفة.
تأتي على رأس التحديات التي تواجه التمويل الجماعي، في رأي مؤسس “ذومال”، التوعية بالموضوع لافتا إلى وجود مزيد من التحديات في الحالة المصرية ترتبط بتلقي التبرعات الخارجية وما يفرضه ذلك من اجراءات رسمية. لاحظ عبد الله أيضا أن التوجه الغالب على المشروعات التي يبحث أصحابها عن تمويلها عبر “ذومال” هي مشروعات جديدة وليست قائمة بالفعل وتريد التوسع مثلا. ولما كان الاهتمام كبيرا بالمشروعات الخيرية والتنموية ورغبة في استمراريتها واستقرارها المالي، أطلقت “ذومال” منصة أخرى هي GivingLoop تساعد المنظمات غير الربحية على مواصلة نشاطها حيث يتم جمع التبرعات بشكل دوري كل شهر ويحدد المتبرع المبلغ الذي يرغب في دفعه بشكل منتظم.
ويشير تامر إلى أن وضع ثقافة التمويل الجماعي اليوم أفضل من وقت انطلاق المنصة، وإن كان التحدي الآن في نوعية المشاريع خاصة في المنتجات التقليدية التي يزداد عددها لكن قليلها من تنطبق عليه معايير المنصة لكي يتم إطلاق حملات لها، وهو ما تعمل المنصة على معالجته عبر عدد من ورش العمل مع مطلقين محتملين لحملات التمويل.
أما ” بسيطة ” التي تمول مشروعات اجتماعية وبيئية معتمدة على Click-funding، فهي تسعى للتوسع في نموذجها دوليا خلال العام الحالي بعد أن سمحت لنحو ستة ملايين مستخدم للانترنت للتأثير في حياة إحدى عشر ألف شخص كما يقول سالم مصالحة، الشريك المؤسس. النموذج الذي تعمل به “بسيطة” هو ابتكار مصري يسمى “التمويل بالنقرة أو الكليك” ويعتمد على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين يوفرون تمويلات عن طريق تفاعلاتهم الإليكترونية من إعجاب وتعليق ومشاركة مع تكفل جهات أخرى بالتمويل حسب حجم التفاعلات.