القاهرة – ايمان مصطفى
تُشكل جولات الاستثمار جزءًا أساسيًا في رحلة الشركات الناشئة، إذ يرغب رائدو الأعمال في توسيع أنشطة شركاتهم، وتغطية تكاليف إطلاقها، أو تسريع نموها، وهذا يعني أن اللجوء إلى المستثمرين له دوافع مختلفة.
والجولة الأولى في الاستثمار هي أول استثمار يتعامل معه أي رائد أعمال حين تكون الشركة في مراحلها المبكرة. وينبغي أن تحقق الجولة الأولى أحد الأشياء التالية:
1- التوزيع: تحسين طرق الدعاية ونشر أو توزيع المنتجات أو الخدمات وهما المفتاح الرئيسي في الجولة الأولى، مما يساعد على تقليل النفقات أو زيادة المبيعات، أو تحقيق كلاهما.
2- الأسواق الجديدة: إطلاق منتج ناجح في منطقة جديدة قد يكون أمرًا مكلفًا، لذلك يلجأ مؤسسو الشركات الناشئة إلى الجولة الأولى، ويُمكن فتح أسواق جديدة بضخ رأس المال، والتوجه لتركيبات سكانية مختلفة، وإبراز العلامة التجارية.
3- مرحلة جديدة: تتمثل أهمية استثمارات الجولة الأولى في نقل الشركة إلى المرحلة التالية، فرأس المال الذي يتم جمعه خلال هذه الجولة يُمكن أن يتم استخدامه لتنفيذ خطة عمل جديدة تهدف إلى تحقيق أهداف تجارية محددة، مثل إطلاق منتج جديد أو تحقيق أهداف بيعية جديدة.
4- العجز: يُمكن أن تُستخدم الجولة الأولى لتعويض النقص في رأس المال، إذ قد تتجاوز النفقات غير الظاهرة السيولة المتاحة، لذلك قد يكون هناك حاجة لجولة أخرى من الاستثمارات لتعويض ذلك.
نصائح لجذب استثمارات الجولة الأولى
يواجه مؤسسو الشركات الناشئة عقبات لا حصر لها، من تطوير خطة عمل إلى بناء فريق والحصول على عملاء وغيرها من العقبات، إلا أن جمع الأموال يمثل التحدي الأكبر لأي شركة ناشئة، بسبب نقص جهات التمويل والمستثمرين الأفراد في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام.
وفيما يلي 6 نصائح عن جذب استثمارات الجولة الأولى:
1- يُمكن أن يكون محاولة استقطاب تمويل خطوة خاطئة بالنسبة للشركة الناشئة من حيث التوقيت. لذلك ينبغي التفكير جيدًا فيما إذا كانت الشركة تتحمل نتائج تلك الخطوة على المدى الطويل. فيتطلب جمع الأموال التزامات تجاه المستثمرين والعملاء والموظفين، وينبغي أن يسأل رائد الأعمال نفسه عن قدرته على الوفاء بتلك المتطلبات.
2- ينبغي التركيز في مرحلة جمع الأموال على المستثمرين الخبراء الذين بإمكانهم أن يعطوا الاستشارات في مجال العمل.
3- ينبغي اختيار نوع المستثمر المناسب للعمل، فعادة ما يتجه مؤسس الشركة الناشئة إلى أكبر وأغنى مصادر التمويل، إلا أن هناك أنواع مختلفة من المستثمرين ولكل منهم مزاياه وعيوبه.
ويُمكن تقسيم المستثمرين إلى 3 فئات رئيسية وهم:
1- المستثمر الملاك: هو شخص ثري يقدم رأس المال للشركات الناشئة، مقابل سندات قابلة للتحويل أو حصص في المشروع. ومن السهل جمع أموال من هذا النوع من المستثمرين خلال أسابيع قليلة، وبشكل أسرع من باقي أنواع المستثمرين. لكن من عيوب هذا النوع أن المستثمرين يرغبون في المشاركة بشدة في قرارات الشركة، مما يعني وجود أكثر من مدير بشكل يفسد العمل، وقد يكون آخرين معزولين تمامًا عن الشركة على الجانب الآخر.
2- المستثمر الملاك الـ “Super”: هو مستثمر يكون لديه تمويل يتراوح بين مليون و50 مليون دولار من أي مكان، وعادةً ما يقوم باستثمار أموال الآخرين باعتبارها وظيفة. ومن مزايا هذا النوع أن المستثمر الملاك يقضي بعض الوقت مع رائد الأعمال ويقدم التوجيه والنصح، مما يقلل عدد المتدخلين في الشركة إلى شخص واحد بدلاً من وجود عدة مستثمرين ملائكة، إلا أن من عيوبه أن المستثمر يتوقع التدخل في الشركة بقدر الأموال التي ساهم بها، وهو ما يكون مدمرًا للشركة تمامًا مثل وجود العديد من المستثمرين الملائكة.
3- شركات رأس المال الجريء: يأتي هذا النوع من التمويل من الشركات التي قد تستثمر في عشرات الشركات في جميع أنحاء العالم. ومن مميزات هذا النوع من الاستثمار، أنه يوفر مكانة لاسم العلامة التجارية، مما يساعد على جذب أفضل المواهب، إلا أن من عيوبه أنه يحتاج إلى وقت أطول يصل إلى شهور للحصول عليه.
شركات رأس المال المخاطر “VC”
بمجرد أن تبدأ الشركة الناشئة في النمو تكون في حاجة إلى رأس المال المخاطر الذي يدعم نمو الشركة من مرحلة الفكرة وحتى مرحلة النمو.
وينبغي أن يكون رائد الأعمال مستعدًا للتخلي عن جزء من سيطرته على الشركة بمجرد البدء في جولة التمويل، والاستعداد لترتيب الاجتماعات وفقًا للوقت المناسب للمستثمر، وفي سبيل ذلك ينبغي أن يتأكد الشخص أن فريق العمل من حوله أشخاص يُمكن الوثوق بهم، ويُمكنهم تفهم ما يحدث.
وفيما يلي 8 أشياء ينبغي الإلمام بها عند جذب استثمارات من شركات رأس المال المخاطر، وذلك على النحو التالي:
1- الحاجة الفعلية إلى رأس المال الجريء
يعتقد معظم المستثمرين أن أفكارهم مذهلة وتستحق التمويل، والحقيقة أن معظم الأفكار قد تحتاج إلى استثمار لكنها لا تستحق بالضرورة رأس المال الجريء. فالمشروعات التجارية الصغيرة مثل مطعم قد تحتاج الحصول على قرض مصرفي، لكن ذلك لا يعتبر تمويلاً جريئًا، وتكون فيه نسبة المخاطرة أعلى نظرًا لالتزام الشركة بسداد أقساط القرض نظاميًا.
فالمستثمر الجريء يسعى لاستثمار ملايين الدولارات والحصول على أضعاف مضاعفة من العائدات على رأس المال، لذلك يركز المستثمر الجريء على حجم السوق، وإذا لم يقتنع بأن حجم السوق كبير بما فيه الكفاية فلن يستثمر به، لذلك ينبغي على الشركات تحديد حجم السوق قبل السعي للحصول على تمويل جريء.
2- حجم الصندوق وحجم التمويل
قبل الحصول على تمويل من شركات رأس المال المخاطر، ينبغي أولًا معرفة كيف تكسب هذه الشركات الأموال، فلدى هذه الشركات شركاء عموميون وشركاء محدودون، وفي حين يقوم الشركاء العموميون بإدارة الأموال.
ويسهم الشركاء المحدودون برأس المال ويصبحوا بعدها مستثمرين خاملين، وفي حين يحصل الشركاء العموميون على الأرباح من خلال جزء من حجم الصندوق أو نسبة من العائدات. ويتم توزيع الباقي بعد إرجاع كامل رأس المال إلى الشركاء المحدودين، لذلك لا يكسب المستثمر الجريء المال حتى يتم إرجاع كل المال الأصلي.
لذلك من الضروري فهم الرابط بين حجم الصندوق وحجم التمويل. فليس من المنطقي أن يصل التمويل إلى 100 ألف دولار، إذا كان حجم الصندوق 50 مليون دولار، لعدم القدرة على توظيف رأس المال بسرعة كافية. كما لن يكون منطقيًا أن يضع صندوق حجمه 150 مليون دولار تمويلاً يبلغ 30 مليون دولار في الجولة الأولى لشركة واحدة.
ولهذا فإذا كانت الشركة في حاجة إلى تمويل أقل من مليون دولار، فمن الأفضل البحث عن رأس مال مخاطر يتراوح حجم صندوقه بين 10 إلى 50 مليون دولار. وإذا كانت تبحث عن تمويل يبلغ 5 مليون دولار في الجولة الأولى سوف تحتاج إلى صندوق قيمته 150 مليون دولار.
3- دورة الصندوق وسرعته
يتم صرف الصندوق بالكامل في بعض الأحيان، وفي هذه الحالة يحتاج الشركاء إلى استثمارات جديدة، لكنهم لا يقومون بأي تمويل جديد، كما أن هناك سرعة محددة لتوظيف رأس المال، فيمكن أن يقوم الصندوق بصفقتين للتمويل الجولة الأولى كل ثلاثة أشهر، وإذا قام الصندوق بتمويل أربع صفقات بالفعل خلال هذا الفصل، فلن يكون قادرًا على أي تمويل آخر.
لذلك ينبغي على أي مؤسس أن يسأل عن عدد الاستثمارات التي تقوم بها الشركة كل فصل أو كل سنة، وعدد الاستثمارات التي قامت بها الشركة بالفعل خلال هذا الفصل أو السنة.
4- التقديم الودي
لم تعد رسائل البريد الإلكتروني أو ملاحقة المستثمرين الجريئين طريقة نموذجية للحصول على تمويل منهم، ذلك لأن مؤسس الشركة ينبغي عليه تقديم نفسه بطريقة ودية إلى المستثمر الجريء من خلال شبكة اتصالات تزيد من الثقة بين المؤسس والمستثمر.
5- رغبة المستثمر في التعرف على المؤسس
يرغب المستثمر الجريء دومًا في التعرف على المؤسسين ومراقبة طريقتهم في التنفيذ وتحقيق التقدم والنمو، قبل أن يُقدم على التمويل، لذلك لا يتم كتابة مبلغ التمويل في الاجتماع الأول، إلا إذا كان المؤسس لديه رصيد حافل بالنجاحات ويخشى المستثمر تضييع الصفقة.
6- فهم عملية التمويل
قد يتطلب الحصول على تمويل أساسي لتأسيس شركة تتراوح قيمتها من 250 ألف دولار إلى 750 ألف دولار عددًا قليلًا من الاجتماعات قبل اجتماع الشراكة، وهو مبلغ أقل بكثير من المطلوب في جولات التمويل الأولى Series A وما بعدها.
في حين يتطلب تمويل الشركات في مراحل النمو اجتماعات إضافية قبل اجتماع الشركاء، وتشمل خطوات التمويل حينها دراسة خلفية أعمق، اجتماعات مع شركاء إضافيين، ومحادثات مع العملاء، ودراسة السوق، وغيرها من الأمور.
7- وثيقة الشروط والتحقق من الخلفية
يقدّم المستثمر المُقبل على منح تمويل لشركة ناشئة؛ وثيقة شروط للمؤسس، وتتضمن هذه الوثيقة جميع الشروط الاقتصادية والحاكمة في التمويل، كما تتضمن تقييم الشركة، وحقوق المستثمر، وتكوين مجلس الإدارة، وغيرها من الأمور.
والهدف من وثيقة الشروط تغطية كافة البنود الهامة، لذلك تتسم وثيقة الشروط الجيدة بكتابة كل شيء وتجنب المفاجأت لحظة كتابة الوثائق الكاملة التي تكون معقدة وتحتاج إلى استشارة محاميين.
ومن هنا تأتي أهمية أن يفهم المؤسسون وثيقة الشروط وما هم مقدمون على الاشتراك به، وفي سبيل ذلك يُنصح بقراءة كتاب “Venture Deals” الذي ألفه “براد فيلد” و”جايسون مندلسون”.