خاص – entrepreneuralarabiya
أظهر تقرير صدر مؤخراً في الرياض تم إعداده من قبل “أكسفورد إيكونوميكس” والمتخصّص في التوقعات الاقتصادية. بأن أسعار النفط لن تعود إلى معدلاتها القريبة من 100 دولار أميركي للبرميل كما كانت عليه في الفترة ما بين 2010 و 2014. ومن المتوقع لسعر خام برنت أن يبلغ نحو 50.3 دولار أميركي للبرميل في 2017، وأن يظل تحت 60 دولار أميركي للبرميل لغاية 2019. وبينما يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تُغطي النقص في الإيرادات على المدى القصير بالاقتراض، وأيضاً من خلال السحب من صناديق الثروات السيادية واحتياطات النقد الأجنبي، فإنها لن تتمكن من القيام بذلك على المدى البعيد دون زيادة الضرائب.
إن أسعار نقطة التعادل المتوقعة للعام 2016 – والتي يجب بيع النفط وفقها من أجل تحقيق التوزان في الموازنة العامة – تضع قطر ودولة الإمارات في أفضل موقف مع أسعار تبلغ 44 و 57 دولار أميركي للبرميل على التوالي، تليهما الكويت بسعر 60 دولار أميركي، والمملكة العربية السعودية بسعر 77 دولار أميركي. وتواجه سلطنة عُمان والبحرين أكبر الضغوطات مع أسعارهما لنقطة التعادل عند 104 و 97 دولار أميركي للبرميل على التوالي.
ويقول توم روجرز، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW، ومدير قسم استشارات الاقتصاد الكلي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس”: “هناك حاجة واضحة لزيادة مستوى الإيرادات الحكومية غير النفطية من أجل الحفاظ على الاستقرار المالي. لكن قلة فقط من السياسات الضريبية تعتبر خالية من العواقب الاقتصادية واسعة النطاق، لذلك سيكون من المهم للحكومات أن تتأكد من أن سياساتها الضريبية هي جزء من الاستراتيجيات الشاملة للتنويع الاقتصادي، مثلما اشتملت عليه استراتيجية المملكة العربية السعودية، رؤية 2030”.
ومن المقرر فعلاً تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% في أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2018، وتفترض تقديرات صندوق النقد الدولي بأن هذه الضريبة يمكنها أن تجمع ما يصل إلى 1.5-2% من إجمالي الناتج المحلي في كافة أرجاء المنطقة. وبينما تشكّل هذه الخطوة بداية لمعالجة العجز المالي، فإنها تساهم أيضاً في زيادة نفقات الحياة، حيث يمكنها في المقابل رفع الطلب على الأجور، وبالتالي تقويض تنافسية الشركات. وتشمل التدابير الضريبية الأخرى فرض ضرائب على الشركات أو الأرباح، أو ضريبة على الدخل الشخصي والتي تعتبر عادة المساهم الرئيسي في الإيرادات الحكومية ضمن الاقتصادات ذات الدخل المرتفع. ولكن، نظراً لأن أنظمة الضمان الاجتماعي تُعامل المواطنين وغير المواطنين بصورة مختلفة، يبدو من غير المرجح على المدى القصير تطبيق ضريبة كهذه على فئة واحدة. ويبيّن التقرير أن تصاعد الطلب على الأجور للعمالة غير المواطنة كنتيجة لضريبة الدخل الشخصي قد يكون متسقاً مع أهداف الحكومة لتوطين القوى العاملة، وربما يكون أفضل لأنظمة الحصص التي تجبر الشركات على توظيف المواطنين بغض النظر عن توافر موظفين مناسبين.
من جانبه، يقول مايكل آرمسترونغ، المحاسب القانوني المعتمد والمدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا: “تحتاج الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي إلى التأهب لمواكبة الجهود طويلة الأمد التي تبذلها الحكومات من أجل سد العجز المالي، ورفع الإيرادات الضخمة بمعدلات كبيرة للغاية من الاقتصاد غير النفطي. بالإضافة إلى ذلك، يمكنها أن تتوقع تنفيذ سياسات شعبوية وتعويضية أخرى مثل التوجه لزيادة النسبة الوطنية في القوى العاملة، وتحديداً في القطاع الخاص”.
ويضيف: “لضمان أن تعديلات الموازنة المالية العامة تنسجم مع عجلة النمو المتواصل، ينبغي على الشركات أن تتعامل مع التدابير المطبقة ذات الصلة والتي ستسمح بزيادة الضرائب، واستيعابها بأقل تأثير ممكن على منظومة أعمالها ونشاطاتها. وقد تشمل التدابير التعويضية إصلاحات في نظام الرعاية الاجتماعية لتحفيز المزيد من المواطنين على التنافس مع المغتربين على الوظائف، وإتاحة مرونة أكبر للتفاوض بخصوص الأجور، والاقتطاعات من ضرائب الأرباح لحماية الإنفاق الاستثماري”.
ويمثّل الضغط على أسعار النفط أيضاً مصدر قلق بالنسبة إلى الشركات، وذلك من منظور استقرار أسعار الصرف. وباستثناء الكويت التي تدير سعراً للصرف مقابل سلة من العملات الأخرى، تعتمد كل اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي أنظمة لأسعار الصرف ترتبط من خلالها قيمة عملاتها المحلية بالدولار الأميركي. وقد شهدت هذه الدول تدهوراً حاداً في حساباتها الجارية خلال العامين 2015 و 2016، مما دفع المصارف المركزية للسحب من احتياطات النقد الأجنبي لتلبية الطلب على العملات الأجنبية. وبينما يبدو تراجع أسعار الصرف في دول مجلس التعاون الخليجي بمثابة جزء ضروري لأي خطة بعيدة المدى للتنويع الاقتصادي، فإن أي انخفاض في قيمة عملاتها سيكون له تأثير قصير إلى متوسط الأجل على تكاليف الشركات، وأسعار الإنتاج، وفي نهاية المطاف على القوة الشرائية للعائلات.
ووفقاً للتقرير، من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي في دول GCC+5 (مصر، وإيران، والعراق، والأردن ولبنان) بنسبة 2.6% في 2016، مع تحسّن متواضع جداً إلى 2.7% في 2017 بسبب أسعار النفط المنخفضة، والبرامج ذات الصلة بضبط الأوضاع المالية العامة.
للاطلاع على نسخة كاملة من تقرير رؤى اقتصادية: الشرق الأوسط، اضغط على هذا الرابط: