القاهرة – ايمان مصطفى
مثلَ انخفاض أسعار النفط ضربة قاصمة لكثير من الاقتصادات حول العالم. وتأثرت منطقة الخليج التي تعتمد جل ميزانيتها على إيرادات البترول بتلك التغييرات المتسارعة في الأسعار العالمية، دفعها لفرض بعض الضرائب الجديدة، والبحث عن قطاعات استثمارية متنوعة لإحداث النهضة المطلوبة للاقتصاد في المنطقة.
وكانت إحدى الحلول المطروحة، التي اتخذت فيها حكومات الخليج خطوات ملموسة، هو قطاع ريادة الأعمال، الذي سيشكل قيمة مضافة للاقتصاد تخلص الموازنة العامة من تبعات الاعتماد على النفط، وكذلك عبء توفير الوظائف العامة للشباب.
وفي الكويت، وبالرغم من الارتفاع الكبير في مستوى الدخول لتلك الدولة النفطية الصغيرة، إلا أن الشباب هناك بدأوا في دخول قطاع ريادة الأعمال وبشكل كبير.
ساعدهم في هذا التوجهات الحكومية النشطة لدعم القطاع؛ حيث خصصت الحكومة خلال الربع الأخير من عام 2015 ما يقرب من 6.6 مليارات دولار لدعم هذا القطاع، لمساندة الشباب الباحثين عن فرصة للانطلاق بأحلامهم للمستقبل.
تجربة ريادية متميزة
أروى الجاسر، هي واحدة من رائدات الأعمال بالكويت، تخرجت عام 2011، ودرست إدارة الأعمال والتمويل، ثم التحقت بوظيفة حكومية، وسرعان ما اكتشفت أن نجاحها لن يكون إلا بالقطاع الريادي.
عملت الجاسر على مدار عاميّن ونصف في قسم خدمة العملاء بإحدى الهيئات الحكومية، ووقعت أسيرة للروتين الوظيفي المعهود، فتقدمت الجاسر باستقالتها وبدأت العمل على مشروعها الخاص، بعدما اكتسبت خبرة في فنون التواصل، دعمتها في رحلتها الريادية.
أطلقت الجاسر “مُكانكم” Mukkancom منتصف العام الجاري، في المرحلة التجريبية، كمنصة متخصصة في حجز مساحات العمل وقاعات الاجتماعات والتدريب رقميًا.
بدأت الجاسر العمل على “مُكانكم”، أثناء مشاركتها في مسابقة “ستارت اب ويك اند – الكويت”.
في هذا الصدد تقول الجاسر في حوارها الخاص لـ”انتربرنور العربية: “دخلت المسابقة وكونت فريقًا من 3 تقنيين، وتمكنا من تطوير نموذج أولي لمنصة “مُكانكم”، وعرضنا فكرة المشروع في اليوم الختامي أمام لجنة تحكيم، وحصدت المركز الأول، وحصلنا على دعم مالي ألف دينار”.
كما واختير “مُكانكم”، ليكون ضمن 10 فرق تم تصفيتهم للمشاركة في العرض النهائي للأفكار الناشئة، ضمن مسابقة “منتدى معهد ماساشوستس” للتكنولوجيا لريادة الأعمال في العالم العربي MIT.
وتعليقًا على الاستفادة التي حصلت عليها الجاسر من مشاركتها بفعالية “ستارت-أب كويت”، تقول: “أتاحت لنا الفاعلية فرصة للتشبيك مع مدربين ورواد أعمال، واكتسبت عدة مهارات أهمها كيفية عرض فكرتي أمام لجنة التحكيم، وكتابة خطة العمل ونموذج العمل”.
طريق الربح تحديات وإصرار
ويعتمد نموذج العمل في “مُكانكم” على نظام العمولة من مدفوعات مستأجري القاعات والمساحات، والتي ستُجرى بالكامل على المنصة.
وتقول الجاسر، “تواجهني الكثير من التحديات أهمها أن فريق العمل انسحب من المشروع لعدم قدرته على الموازنة بين متابعة الشروع وأعماله الأخرى، وحاليًّا انضمت شريكة مؤسسة تعمل كمبرمجة إلى المشروع منذ يونيوالماض، بعدما أمضيت عدة أشهر أتحمل بمفردي أعباء عمليات التطوير والبرمجة والشؤون المالية والتسويق”.
إصرار على النجاح
رغم التحديات، وصعوبة الإطلاق الرسمي بسبب نقص الموارد المالية، وقعّت الجاسر 5 تعاقدات، وأصبحت تحظى بـ 300 عميل مسجل على الموقع.
وتؤكد الجاسر أن حماسها لمشروعها لم يقل أو يفتر، خاصة أن العديد من الفنادق ومساحات العمل في الكويت قد واقفت على الانضمام للمشروع قبل إطلاقه فعليًا، والانطلاق الفعلي للمنصة لا يزال غير محددًا بعد.
دعم من المنظومة الريادية
جاءت مرحلة تطوير الفكرة وتكوين الفريق، عقب مشاركة الجاسر في معسكر “كوديد”Coded التدريبي الخاص بالبرمجة.
حصل جميع المتدربين على دورات تدريبية أون لاين، أعقبها مقابلات شخصية لاختيار المشاركين بعد قياس مدى الاستفادة التي حققوها من التدريب الرقمي، واستغرق التدريب شهرين، بواقع 8 ساعات يوميًا، ودار حول مراحل بناء المواقع الالكترونية من الألف إلى الياء.
أتت تلك الخطوة بعدما أنهت الجاسر التدريب في مؤسسة” شابك”، التي أطلقها نادي التواصل الاجتماعي في الكويت، بالتعاون مع مجموعة من الهيئات الحكومية الكويتية، وحصلت من خلالها على فرصة ممارسة التدريب العملي على التسويق عبر مواقع التواصل في إحدى شركات القطاع الحكومي.
فهل ستتمكن الجاسر بدأبها المستمر وشغفها المتواصل للتعلم والتطوير، مع دعم المنظومة المحلية لها، من الخروج بمشروعها إلى النور قريبًا؟