خاص – entrepreneuralarabiya
بقلم حسين السيد، كبير استراتيجيي السوق، شركة فوركس تايم
برزت هذا العام إجابات جديدة على العديد من الأسئلة التي تتمحور حول الأحداث المفاجئة والصادمة هذا العام؟ والجواب ببساطة هو الطبيعة المميزة لعام 2016. فقبل ستة أشهر مضت، استبعد معظم المحللون فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية ولكن حدوث ذلك بقي خياراً وارداً؛ وهذا ما يفسر طبيعة المستجدات المهمة خلال عام 2016.
من جهة ثانية، استبعد المحللون خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، ولكن ذلك حدث فعلاً على نحو غير متوقع بعد إجراء استفتاء شعبي، مما أثار اختلالاً كبيراً في الأسعار على مستوى الأسواق، حيث لامس سعر الذهب أعلى مستوياته بسرعة كبيرة مما شكل صدمة بالنسبة للمستثمرين. ووصل الجنيه الاسترليني و’مؤشر فاينانشال تايمز‘ إلى شفير الانهيار بسرعة جنونية، مما رسّخ حالة من الإحباط في أعقاب ذلك.
وفي هذا السياق، نتساءل: ما هي السيناريوهات الممكنة بالنسبة لحدوث موجات ارتفاع أو هبوط بعد فوز ترامب؟ بالنسبة لسيناريو الهبوط، قد يبدو الأمر مشابهاً لما حدث عند إجراء تصويت ’بريكست‘، حيث سيأخذ مؤشر ’ستاندارد آن بورز 500‘ دور مؤشر الأسهم البريطانية ’فوتسي‘. من جهة ثانية، قد تتراجع ثقة المستثمرين بشكل كبير على المدى القصير، مما سيفضي لتكبّد خسائر في مؤشر ’ستاندارد آن بورز 500‘ بنسبة 5-10%، وهو ما سينهي موجة صعود استمرت لمدة 8 سنوات. وفي هذا السياق، قد يرتفع مؤشر التقلبات (VIX)، وبالتالي سنشهد تقلبات محتملة في أعقاب النتائج غير المتوقعة للانتخابات الأمريكية.
ويعتبر البيزو المكسيكي من الأصول الأخرى التي ستحظى باهتمامٍ لافت في غمرة هذا المشهد الحافل بالاحتمالات. فمنذ أن وعد ترامب خلال حملته الانتخابية ببناء جدار لمنع دخول المكسيكيين المهاجرين بطريقة غير شرعية إلى الولايات المتحدة، كانت هذه العملة أحد أفضل الأصول المالية التي قدمت مؤشرات قوية على فوز كلينتون وخسارة ترامب. ولكن البيزو انخفض بشكل حاد، لاسيما بعد كشف ’مكتب التحقيقات الفدرالي‘ (إف بي آي) عن تحقيق جديد خلال الأسبوع الأخير لشهر أكتوبر بخصوص قضية تسريبات البريد الإلكتروني للمرشحة هيلاري كلينتون؛ وقد شكل ذلك مؤشراً واضحاً على احتمال فوز ترامب، علماً أن خسائر البيزو قد تصل حتى 15%.
ويبقى هناك مجال واسع للنقاش فيما إذا كان الدولار سيواجه خسائر أو سيواصل الصعود، وذلك بالنظر إلى أن هذه العملة تعتبر ملاذاً آمناً في فترات انعدام الاستقرار. وبشكل عام، يمكن للدولار المحافظة على مستوياته أو حتى الارتفاع مقابل العملات الأخرى في حالة فوز ترامب، لاسيما في ضوء سياسات التدخل من جانب ’مجلس الاحتياطي الفدرالي‘ منذ عام 2007. وتسود أيضاً بعض الشكوك فيما إذا كان الذهب– وهو أيضاً أحد أصول الملاذ الآمن- سيبقى مفضلاً من جانب المتداولين. فعندما تفقد الأسواق جاهزيتها للمخاطرة عند التعرض لصدمة قوية قصيرة الأمد، فإنها عادة ما تتجه نحو الذهب باعتباره ملاذاً آمناً للاستثمار.
وبالنسبة لسيناريو الصعود، فإن نشوء أنشطة بيع أوليّة سيتيح توافر الأموال الذكية، والاستفادة من موجات التصحيح في السوق. وقد شهدنا أمراً مماثلاً لذلك في أعقاب تصويت ’بريكست‘، عندما استعاد مؤشر ’فاينانشيال تايمز‘ استقراره متأثراً بالآمال المتعلقة بصفقات الشراء وخطط التيسير من جانب البنوك المركزية.
وعلى المدى المتوسط، قد نشهد تطورات إضافية من حيث معنويات المستثمرين. فقد روّج رجل الأعمال دونالد ترامب كثيراً لسياساته الاقتصادية مثل خفض الروتين الحكومي، وهي خطوة قد تحظى بشعبية لدى الشركات الأمريكية. وفي حال وصل ترامب إلى سدّة الرئاسة فعلاً، قد تزدهر عمليات الاندماج والاستحواذ بفضل توافر لوائح تنظيمية أقل تقييداً مقارنة بالقوانين الحالية المعقدة. كما أن وجود سياسات داعمة للأعمال والشركات قد يساهم أيضاً في ازدهار قطاع الخدمات المالية مجدداً، وترسيخ ثقة المستثمرين لأول مرة منذ أزمة الرهن العقاري في عام 2007. علاوةً على ذلك، قد تنتعش أسهم قطاع التكنولوجيا الحيوية بوتيرة سريعة إذا فاز ترامب، خاصةً بعد أن تكبدت خسائر في أعقاب الانتقادات التي وجهتها كلينتون بخصوص ارتفاع أسعار منتجات شركة ’إيبي بين‘.
ورغم التأكيدات الواضحة التي ترسّخت في الأسواق حول فوز هيلاري كلينتون بالانتخابات، ولكن النتائج – كما هو الحال دائماً عندما يتعلق الأمر بالتوقعات- قد تكون مخيبة للآمال بالنسبة للأسواق، لأن الموضوع يرتبط أولاً وأخيراً بطبيعة الاستحقاقات المهملة لعام 2016.