خاص – حنان سليمان
اعتاد المصريون على السخرية من كل ما يضايقهم كمنفذ آمن للغضب، لكن ربما لم يحالف الحظ سوى قليل من رواد الفكاهة فتمكنوا من تحويل هذا الحس الفكاهي إلى عمل تجاري مستدام ومربح.
منذ نحو شهرين، انطلق موقع “بطيخ” الذي يتيح للمستخدمين صناعة الصور المتحركة gif مجانا عبر أداة خاصة بالموقع ليشبع رغباتهم في الابتكار والتعبير الساخر باستخدام صور محفوظة على أجهزتهم أو فيديوهات من موقع “يوتيوب”. وتستلزم مشاركة هذا النوع من الصور على مواقع التواصل الاجتماعي أن تكون موجودة ومستضافة في الأصل على أحد المواقع (بطيخ في هذه الحالة) فلا يمكن التحميل مباشرة من الجهاز.
يقول مصطفى عيد، أحد المؤسسين الشريكين وهو مبرمج صاحب خبرة في المبيعات: “صناع الصور المتحركة في مصر عادة يعملون بطريقة بدائية فتجدهم يسألون في مجموعات فيسبوكية على صور مضحكة بعينها لأنه لا يوجد مصدر عربي يقوم بأرشفة هذه الصور ويتيح إمكانية البحث فيها وما يسهل الوصول إليه كله يعبر عن ثقافة غربية. مشكلة أخرى هي أن أدوات صناعة الصور المتحركة كلها باللغة الإنجليزية بما يحد من فرص الابتكار العربي”.
يحاول “بطيخ” تجاوز هذه العقبات من خلال تسهيل إنتاج المحتوى الترفيهي والعمل على أرشفة الصور المضحكة التي تعكس الثقافة العربية الذي يمكن البحث بينها وكذلك بناء ما يشبه بنك للصور المتحركة يمكن دمجها في مقالات أو غيرها، فتكون “بطيخ” منصة ترفيهية متكاملة بين صور متحركة وإنفوجراف وكوميكس. سجل بالموقع منذ انطلاقه نحو ألف مشترك وحقق أكثر من مائة ألف مشاهدة لصفحاته ووصلت مشاركات صوره المتحركة إلى أربعة ملايين مشاركة. واستثمر صديق للمؤسسين مائة ألف جنيه (أقل من عشرة آلاف دولار) في الموقع الترفيهي الذي يبحث مع ناشرين فرص دمج صوره المتحركة سريعة الانتشار في محتوى مواقع أخرى كمصدر أول لتحقيق الأرباح.
وتعتبر أشهر المواقع التي تقدم محتوى ترفيهي تفاعلي هي glocal وscoopempire وcairoscene.
قبل “بطيخ”، كانت هناك محاولة أخرى من “المجتمع المصري الساخر” Egypt Sarcasm Society ESS لإخراج أداة لبناء الرسوم الهزلية تسهل على المستخدم صناعة المحتوى الهزلي لإشراك عدد أكبر من الجمهور في صناعة المحتوى. بدأت ESS عام 2009 كفكرة على مجموعة فيسبوكية مغلقة وحققت انتشارا كبيرا خاصة بشخصيتها “أساحبي” بعد ثورة يناير والتي أضفت طابعا سياسيا بامتياز على المحتوى الهزلي الذي يصنعه الأفراد. قوام المجموعة كان المراهقين والشباب دون الخامسة والعشرين عاما المنتمين لطبقة اجتماعية راقية ممن يتحدثون الإنجليزية بطلاقة يشاركون رسوماتهم وشخصياتهم الكرتونية المبتكرة. ووصل المجتمع المصري الساخر إلى 70 ألف مستخدم مسجل في منتصف 2013 ساهموا بأكثر من 112 ألف رسم أو صورة ساخرة، لكن الشركاء التسعة وهم في أوائل العشرينات كانت تنقصهم خبرة البيزنس ولم يرغبوا في “مستثمر دخيل” وكان الاعتماد بالأساس على الإعلانات التي ترغب في توظيف الحس الفكاهي أو شخصيات ساخرة من ابتكار المجموعة. لكن اليوم، لم يعد هناك أي تواجد لهم واختفي موقعهم وصفحتهم الفيسبوكية، ولم نستطع الوصول لهم للتعليق.
مصدر آخر للأرباح في هذه الصناعة، وإن كان لا يحقق الكثير، هو المنتجات المساعدة من كتيبات رسومات وأكواب وتيشيرتات وغيرها، كما قال لنا إسلام جاويش، رسام الكاريكاتير ومؤسس “الورقة“. يرغب إسلام في الخروج بشخصيات الورقة من كوميديا الموقف إلى كوميديا القصة لكن “الورقة” بالنسبة له ليست سوى عملا إضافيا بجانب عمله الأساسي في أحد المواقع الإليكترونية، إذ لا يزال الاعتماد على “الورقة” في دخل ثابت غير ممكن فالربح فيها وقتي يرتبط بوقت تقديم خدمات إلى شركات الإعلانات.