القاهرة: حنان سليمان
منذ عامين تقريبا، اتخذت صناعة السفر في مصر منحى جديدا عندما أطلق نور الدين إبراهيم شركته الخاصة مستفيدا من خبرته الشخصية لسنوات في السفر بأقل التكاليف أو ما يعرف باسم budget travel والتي كان يكتب فيها نصائح وإرشادات للمسافرين بحقائب الظهر والباحثين عن كنبة أو أريكة كاستضافة مجانية للإقامة في الصحف وعلى موقعه الإلكتروني “نورني“. كان نور متابعا جيدا لهذا النوع من السياحة المعروف عالميا الذي يقبل عليه الكثير من الشباب ممن لا يقدرون على تكاليف السفر الباهظة وفي نفس الوقت يرغبون في رؤية العالم ولبعض الأعمال التي تجري في هذا السياق إذ عادة ما يخطط المدونون الذين يكتبون في السياحة في الخارج رحلات على هذا النمط الاقتصادي لغيرهم مقابل أجر، أما نور فأراد أن يؤسس لعمل تجاري ثابت في هذا المجال لهذا أطلق “كيوبا” كشركة خدمات إلكترونية لاستشارات السفر رخيص الثمن.
يقول نور: “بكل شفافية أنا لا أقوم بالحجز بنفسي لكن أجهز الخطة وأحدد أفضل أماكن الحجز وأرشد العميل لكيفية التنفيذ. أنا أشبه بمستشار سفر وليس شركة سياحة والمصاريف التي أتقاضاها هي على الاستشارة وليس على حجز الرحلة”. عملت “كيوبا” مع 12 عميلا طوال هذه الفترة أغلبيتهم كانوا يبحثون عن رحلات شهر عسل خارج مصر بأسعار معقولة. لم يكن هامش الربح واضحا كما يشير نور لأنه ليس من السهل إقناع العميل بدفع مقابل في سبيل توفير ماله. ويضيف: “عندما أقول للعميل بدل ما تدفع 20 جنيه سأجعلك تدفع 10 جنيه وتدفع لي خمسة إضافية فتوفر بذلك خمسة.. الكلام صعب تقبله لأن الغالبية لا تعترف بوضع يخرج منه الكل كسبان فهو يريد التوفير لنفسه فقط.. ومع ذلك، هناك أرضية حقيقية وجيدة يمكن البناء عليها أشكال مختلفة من الأعمال التجارية”.
واجه نور مشكلتين رئيسيتين هما صعوبة الدفع لأن الدفع الإلكتروني غير متيسر للجميع و”الكاش” ليس سهلا للمبالغ غير الكبيرة، بالإضافة إلى عدم استيعاب البعض لفكرة الدفع مقابل استشارة سفر فالكثيرون يريدون دفع ثمن الاستشارة مع ثمن الرحلة كحزمة واحدة على أن يتولى نور الحجوزات.
توقفت “كيوبا” بعد ستة أشهر تقريبا من العمل على سبيل التجربة وبعد أن أثبتت نجاح الفكرة ونموذج العمل وحققت أرباحا، فقد كان نور هو الذي يديرها من الألف إلى الياء بمساعدة بسيطة من أحد الأصدقاء. يقول: “كان العمل مرهقا ولم يسمح لي بالتركيز على ما أجيده جيدا وباتت الاستمرارية صعبة بهذا الوضع خاصة أن إمكاناتي المادية لم تكن لتغطي تعيين موظفين بالشركة”.
صناعة السفر تزدهر
بعد توقف دام عام ونصف تقريبا، عاد نور الشهر الماضي لينظم ورش عمل في السفر الرخيص هي الأولى في مصر لتعليم الأدوات والمصادر المختلفة للبحث والعثور على أفضل العروض ضمن مساعي العودة مجددا للعمل، كما يعمل حاليا على كتابه “دليل السفر والسنكحة للغلابة والصعاليك” الذي يتمنى أن يشارك به في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
خلال العامين الماضيين، زاد الاهتمام بالسفر عامة في مصر بشكل لافت وظهرت مجموعات وأفراد عرفوا بالاسم برحلاتهم بتدويناتهم وأسفارهم أشهرهم فادي حنا، صاحب موقع Travel Delights، ومروان لطفي، صاحب صفحة Travel like an Egyptian، عمرو بدوي صاحب موقع “مسافر الكنبة” Couch Traveler، يارا يحيى صاحبة مبادرة “هزها وسافر“، هايدي سهدي التي تصف نفسها بالرحالة المصرية التي تسافر كبنت عربية مسلمة محجبة، شيماء علي صاحبة صفحة Shee Travels لتشجيع الفتيات على السفر.
ظهر أيضا “مشروع سفر” في فبراير الماضي كمنصة محتوى يتشارك فيها المسافرون تجاربهم وخبراتهم، كما تقدم إرشادات ونصائح للمسافرين. وكعادة مشاريع المحتوى الرقمي في مصر التي يصعب تحقيق عائد مالي منها، تعتمد المنصة على عائد الفعاليات التي تنظمها على الأرض في موضوعات تتعلق بالسفر كما يوضح عبد الرحمن عمرو، مؤسس منصة “مشروع سفر” الذي يعمل وشقيقته عليها بمفردهما ويدعوان المسافرين للمشاركة برحلاتهم المختلفة. ويذكر عبد الرحمن أن الهدف من المنصة لم يكن هدفا تجاريا بل الهدف هو مشاركة التجارب في وسط المسافرين.
يضيف نور: “تريند السفر في تصاعد والسوق ما زال بكرا وغير ناضج وهناك مساحات للكل وإن كان في تقديري الشخصي، يظل سوق الخدمات هو الأفضل للاستثمار بشكل عام في مصر، فرغم أنه قد يبدو إرهاقا من السلع إلا أن بدايته سهلة ولا تحتاج لرأس مال كبير”. ويرى نور إنه يمكن البدء بترتيب رحلة إلى بلد زرته من قبل تكون فيها أنت المرشد والمنظم من الألف إلى الياء، لكن تبقى الصدارة في السوق لمن سيستطيع حل مشاكل المسافرين بأفضل طريقة ومعرفة إدخال شريحة الطلبة إلى عملائه وكسب ثقة العميل عند الدفع.
يعتبر “سافر” هو النموذج الأقرب لـ”كيوبا” من حيث العمل التجاري والربحية وربما زاد عليه في كونه مسجلا كشركة تتبع هيئة الاستثمار المصرية. تأسست “سافر” على يد وليد عوض العام الماضي وهي تقدم إرشادات وخدمات مختلفة في السفر بغرض السياحة والدراسة والعمل حسبما يذكر موقعها الإلكتروني. تنظم الشركة رحلات بأسعار منافسة كما تصدر كتبا إلكترونية في السفر بغرض الدراسة أو السياحة لدول ومناطق بعينها يمكن شراؤها وهو مصدر ثانٍ للأرباح بخلاف الرحلات. حاولنا التواصل مع مؤسس الشركة لكن دون جدوى.
يتوقع نور أن يخرج عمل أو مشروع ما مشترك بين المدونين عن السفر والسياحة بعد تجمع سابق أعربوا فيه عن رغبتهم في استغلال معارفهم وخبراتهم المتنوعة لإثراء صناعة السفر في مصر والسفر الرخيص بشكل خاص.