دبي – خاص
تراجع الأصول المدارة في منطقة الشرق الأوسط بنسبة كبيرة بلغت 10% في العام 2015م، بحسب تقرير قدمته مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب
توقّف النمو العالمي للأصول المُدارة في العام 2015م، حيث سجل هذا القطاع أسوأ عام له منذ الأزمة المالية التي عصفت بالعالم في العام 2008م، وذلك بحسب نتائج الدراسة التي قدمتها مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب. وشهد نمو الأصول المدارة حالة من الركود – أو التراجع كما هو الحال في منطقة الشرق الأوسط بنسبة بلغت 10% – في حين انخفض صافي تدفقات الأصول الجديدة، وتراجع نمو الإيرادات وانخفضت هوامشها، بشكل كبير في العام 2015م، بحسب دراسة: “إدارة الأصول العالمية 2016م: مضاعفة كمية البيانات”، الدراسة السنوية الرابعة عشر من مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب في هذا القطاع، والتي تم نشرها اليوم.
وبحسب التقرير، يتطلب تحقيق الازدهار والميزة التنافسية المستقبلية لمدراء الأصول أن يتمكنوا من تحقيق التحول من الاستراتيجيات التقليدية القديمة، وتطوير قدرات استثمارية قويّة باستخدام البيانات والتحليلات بشكل متطور وحديث.
وأشارت الدراسة إلى أن نقص النمو الإجمالي يعود بشكل كبير إلى الأداء السلبي والمتقلب للأسواق المالية العالمية، التي فشلت في تعويم قيمة الأصول المستثمرة في السنوات السابقة. أما صافي تدفقات الأصول الجديدة، فبقيت فاترة نسبياً. في الوقت نفسه، كان للقيمة المتصاعدة للدولار الأميركي دور في خفض قيمة الأصول غير المرتبطة بالدولار الأمريكي. بالإضافة إلى ذلك، قام مدراء المؤسسات والشركات بتوزيع الأصول بغرض تحقيق الموازنة مقابل العجز الحكومي.
وأوضحت دراسة مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب أن القيمة العالمية للأصول المدارة ارتفعت بنسبة 1% في العام 2015م فقط، لتصل إلى 71.4 تريليون دولاراً أميركياً، مقارنة بـ 70.5 تريليون في العام 2014، بعد نمو بنسبة 8% في ذلك العام، وبمعدل سنوي متوسط يبلغ 5% بين العامين 2008م و2014م.
“التشبث باستراتيجيات الماضي”
يقول إيهاب خليل، الشريك والمدير إداري في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب الشرق الأوسط: “إن الأسواق المالية العالمية الضعيفة والمتقلبة هي حقيقة واقعة اليوم – ولعل ردة فعل السوق على التصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هي خير دليل على ذلك. أما بالنسبة إلى مدراء الأصول الذين يعتمدون على أداء السوق المالي لدفع قيمة الأصول، فهم عالقون في نموذج عمل تجاوزه الزمن. وعلى الرغم من أن العملاء يركزون على العائدات بشكل فعلي، إلا أنهم يتوقعون المزيد أيضاً”.
ويعكس النمو الإقليمي للقطاع، كما يُقاس في الأصول المدارة، أداء الأسواق المالية بحسب المنطقة في العام 2015م، إلى حد كبير. وقد تراجعت الأصول المدارة في أميركا الشمالية والشرق الأوسط، ولكنها حققت نمواً في المناطق الأخرى. وكان النمو معتدلاً في أوروبا وقوياً في أميركا اللاتينية وآسيا باستثناء اليابان وأستراليا. وبلغ نمو الأصول المدارة نسبة 10% في آسيا، ما عدا اليابان وأستراليا، وهو يعد نمواً قوياً إلى حد ما، ويعد هذا النمو ردة فعل طبيعية على التوسع السريع في الثروات الخاصة في تلك المنطقة.
وتنوع صافي تدفق الأصول الجديدة – الذي يعد شريان الحياة لنمو القطاع – بشكل كبير أيضاً بحسب المنطقة. حيث كان صافي التدفق فاتراً في أميركا، وقوياً في معظم أسواق أوروبا وآسيا والمحيط الهادي، حيث بلغ حوالي 2.5% و3% على التوالي في العام 2014م. وسجّل هذا الأداء انتعاشاً في صافي التدفق في دول كفرنسا ودول البنلوكس، وأوروبا الشرقية، وواصل زخمه الإيجابي في ألمانيا، وإسبانيا، وإيطاليا. أما في منطقة آسيا والمحيط الهادي، فلقد كانت أسواق الصين والهند من ضمن الأسواق التي تجاوز فيها صافي التدفق معدل الـ 10% مقارنة بالعام الماضي.
وفي حين أن إدارة الأصول تواصل تحقيق ربحية مرتفعة، إلى أن نتائج العام 2015م تسلط الضوء على الاعتماد المتواصل للعديد من مدراء الأصول على نمو الأسواق المالية لدعم قيمة الأصول، بدلاً من تحقيق ميزة تنافسية طويلة الأمد لتوليد صافي تدفقات قوي، بحسب التقرير.
البيانات والتحليلات المتطورة “التي من شأنها تحديد الميزة التنافسية”
يقول ماركوس ماسي، الشريك والمدير إداري في مجموعة وحدة ممارسات الخدمات المالية بمجموعة بوسطن كونسلتينج جروب، والقيادي في مجال إدارة الأصول: “إن نقص نمو الأسواق في العام 2015م يعزز الحتمية الطارئة التي يواجهها المدراء لتحقيق تغيير واضح في القدرات. ومن شأن الخبرات المتعمقة، والمدعومة بالبيانات والتحليلات المتطورة، أن تحدد الميزة التنافسية وتمكن بعض المدراء من الهيمنة والتميّز”.
وتشير الدراسة إلى أن التقنيات المتطورة والخلاقة في بعض الأحيان – ومن ضمنها التعلم الآلي، والذكاء الاصطناعي، ومعالجة اللغات الطبيعية، والمنطق التنبؤي –والتي على وشك الانضمام إلى التيار الرئيسي لمدراء الأصول. وبحسب التقرير، فإن الشركات التي تتحرك مبكراً ومزوّدي خدمات التقنية المالية، بدؤوا في وضع سيناريوهات لتوسيع نطاق الاستخدام التحليلات التقليدية.
وأضاف ماسي: “نتيجة لذلك، يواجه مدراء الأصول اليوم حاجة أساسية ملحة لزيادة عمليات استثماراتهم من خلال تطوير قدرات مطوّرة في مجال هذه التقنيات والممارسات الرقمية. والبديل بالنسبة إلى معظم الشركات، هو المخاطرة بأن تتخلف وراء نظيراتها في توليد عائدات استثمار مرتفعة”.
وبحسب التقرير، فإن مواكبة المنافسة في ذلك السباق لتعزيز التقنيات الجديدة، يتطلب تغييرات كبيرة في جميع مكوّنات نموذج عمل الشركات تقريباً. ومن الأمثلة على هذه التغييرات، طريقة وصول الشركات للبيانات، ومن ضمنها إدارة البيانات، والحوكمة، واالتصميم. ومن العناصر الرئيسية لهذا المسعى: تطوير نموذج عمل هادف، وبرنامج العمل المستقبلي المثالي لمدراء الأصول، وهو ما يناقشه التقرير بشكل مفصل ضمن فصل خاص.
ويفصّل التقرير أيضاً الضغط التنظيمي على مدراء الأصول، مع الإشارة إلى أن العديد من اللاعبين الأساسيين لا يزالون بحاجة إلى تطوير إطار عمل متكامل في مجال إدارة المخاطر.
وقال خليل: “بدأت أنماط الجهات التنظيمية العالمية في مجال إدارة مخاطر إدارة الأصول، بتحقيق التقارب المرجو، ما يمنح الشركات نظرة أكثر وضوحاً حول الاستثمارات المناسبة في مجال المخاطر”.