القاهرة – ايمان مصطفى
في عصر لا يتحدث إلا لغة الرقميات، ليس غريبًا أن تدخل التكنولوجيا إلى قطاع الأغذية. ونظرًا لأن مهام الطهي غالبًا ما تقع ضمن مسئوليات المرأة في عالمنا العربي، صار من المنطقي أن نرى مشروعات ريادية تقدم حلًا لمشكلة تواجه معظم السيدات العاملات، ألا وهي تخصيص وقت يومي للطهي.
في هذا الصدد، انطلقت في الأعوام الثلاثة الأخيرة مشروعات تتيح طلب المأكولات المطهوة منزليًا والمجمدة أيضًا عبر تطبيقات الويب والمحمول. ولاسيما بعدما أثبت منتدى “فتكات” فاعلية الخدمة، بمشاركات من مئات السيدات يعرضنّ خدماتهنّ في الطهي المنزلي وتوصيله للمنازل.
وتضم مصر 90 مليون نسمة، وتسهم المرأة فيها بـ 23% من قوة العمل، وهي نسبة تنُبىء بوجود حاجة مُلحة لمثل تلك الخدمات.
وإذا أخذنا في الاعتبار أن حجم إنفاق المصريين على الطعام طوال العام يبلغ 200 مليار جنيه مصري (20 مليار دولار) وفقًا لإحصاءات 2015، نصل إلى أن الأسرة المصرية توجه جزء كبير من قوتها الشرائية للسلع الغذائية.
من هذا المنطلق، قرر بلال البورنو ومحمود مغربي، إطلاق “يماميا” Yumamia كمنصة لطلب المأكولات المطهوة والمجمدة، وذلك في منتصف 2014.
على مدار العاميّن الماضييّن، تغير نموذج التشغيل في “يماميا” كليًا، من مجرد منصة تستضيف إعلانات عن خدمات طهي، إلى شركة تتولى مسئولية اختيار الطاهيات واستقبال الطلبات ومتابعتها وتوصيلها إلى المنازل. ومنذ الإطلاق حتى الآن، تحصل الشركة على عمولة عن كل طلب يتم على الموقع.
دورة حياة الطلب
تأخذ دورة حياة الطلب خط سير رقمي بالكامل. إذ يقوم المستخدم باختيار الأصناف التي يريد طلبها، بعد تسجيل بياناته، ثم يختار تاريخ وتوقيت التسليم. يصل المستخدم بالأخير إلى صفحة تأكيد الطلب وقيمته الإجمالية.
ويتم الدفع عند استلام الطلبية، رغم وجود خيار للدفع عبر بطاقات الائتمان، إلا أنه ليس مفعلًا بعد.
في المقابل، تستلم طاهيات “يماميا” الطلب رقميًا عن طريق النظام الداخلي للموقع، وتسبق إحداهن بتأكيد موافقتها على طهي الطلبية. فيحصل المستخدم على رسالة نصية تبلغه باسم الطاهية التي سوف تتولى تجهيز طلبيته. يلي ذلك مكالمة هاتفية من قسم خدمة العملاء لتأكيد البيانات.
بعد الاستلام، يصل رسالة الكترونية إلى المستخدم تطلب منه تقييم الخدمة والطعام، ثم يعيد قسم خدمة العملاء التواصل معه هاتفيًا للتقييم.
تغييرات جذرية
لم يكن هذا هو الحال في “يماميا” منذ بداية الإطلاق. فعلى مدار العاميّن الماضييّن غيّر الموقع طريقة العمل والتصميم، وأضاف أنشطة وحذف أخرى، في سبيل الوصول إلى شريحة أكبر من العملاء، ولا تزال التحسينات على الخدمة مستمرة.
ففي بداية الأمر، انطلق الموقع كمنصة عرض تمّكن السيدات من الإعلان عن خدمات الطهي المنزلي وتوصيل الطلبات، مقابل رسوم الإعلان.
“لم يثبت هذا النموذج فاعلية على كل المستويات، فلم نكن نضمن مدى كفاءة الطاهيات، ونظافة مطبخهن، والتزامهن مع العملاء، كما لم يكن لنا سلطان على آليات التسعير”، يشرح البورنو، المؤسس والرئيس التنفيذي، في حواره لـ”انتربرنور العربية”.
“أثارت تلك الأمور شكاوى زوار الموقع في كثير من الأحيان، كما أن حجم العمولة لم يكن كفيلًا بتحقيق الاستدامة غلى الموقع، فقررنا تغيير كل شيء” يتابع البورنو.
أصبحت المنصة الآن هي المسئول الأول عن الطلبيات من الألف إلى الياء، إذ بعكف القائمون على “يماميا” على تصفية طلبات الالتحاق للطاهيات “يماميا”، ويجرون معهن مقابلات شخصية قبل التعيين.
وإذا ما انضمت الطاهية إلى فريق عمل “يماميا”، تخضع لتدريب على معايير السلامة الصحية والنظافة والأوزان، وتلتزم بشرائح تسعيير الشركة. كما وتقوم “يماميا” بتغليف الطلبيات بعد طهيها، وتتحمل مسئولية توصيلها للعميل.
وفي سبيل ذلك، تعاقد المؤسسان مع ثلاث شركات توصيل في أكثر من منطقة بالقاهرة، رفض البورنو الكشف عنهم، مكتفيًا بالقول إن “شركته هي العميل الوحيد لتلك الشركات في قطاع نقل المأكولات”.
ويستعد البورنو لتوفير أسطول توصيل خاص بالشركة، على سبيل التوسع. يساعده في ذلك استثمار تأسيسي 400 ألف دولار تلقته الشركة في مايو 2015 من مجموعة مستثمرين مخاطرين من السعودية.
تحسينات على الخدمة
دعم الاستثمار الشريكان في إجراء بعض التحسينات على الخدمة. تضمن ذلك تكثيف الحملات التسويقية على “جوجل آدز” و”فيسبوك”، باعتبار الأخيرة تضم ربع مستخدمي شبكة التواصل في العالم العربي، بواقع 13 مليون مستخدم.
وقام الشريكان بإضافة قوائم طعام قابلة للتوصيل خلال 4 ساعات فقط من إجراء الطلبية، علمًا أن المنصة في الأساس اعتادت ألا تقبل طلبيات إلا قبل 24 ساعة من موعد الاستلام على الأقل.
كما وأضافت “يماميا” قبيل رمضان الماضي قائمة للأطعمة المجمدة، حيث تصل الطلبيات إلى المستخدمين جاهزة للتسوية.
هذا وخفّض المؤسسان الحد الأدنى لإجراء الطلبات من 150 جنيهًا إلى 100 جنيه (15 دولارًا – 10 دولارات). أيضًا خصصت الشركة خطًا ساخنًا لإجراء الطلبات هاتفيًا، لهؤلاء غير الملميَن بخطوات التسجيل، أو لمن ليس لديهم بريدًا الكترونيًا بعد من كبار السن، غير القادرين على الطهي.
وبمناسبة الموسم الصيفي، أعلنت “يماميا” عن إمكانية توصيل الطلبات إلى الساحل الشمالي، حيث يتم التوصيل إلى المصيف المصري الشهير يوم الثلاثاء من كل أسبوع، ويتم إضافة 35 جنيهًا مصريًا (3.5 دولار) مقابل التوصيل، علمًا أن الحد الأدني للطلبات في الساحل الشمالي هو 250 جنيهًا مصريًا (25 دولارًا).
ويخطط المؤسسان الآن، لإطلاق تطبيق للمحمول عل نظاميّ تشغيل أندرويد وiOS، وذلك بحلول أكتوبر المقبل، ليصاحب ذلك أيضًا تفعيل الدفع عبر بطاقات الائتمان.
نتائج وخطط
انعكست تلك التحسينات على أرقام الموقع، التي باتت تسجل نموًا بواقع 10% شهريًا. هذا مع الأخذ في الاعتبار “أن شهر رمضان يعتبر موسمًا استثنائيًا في نموذج عمل الشركة، حيث ترتفع المبيعات بواقع 150% على مدار الشهر الفضيل”، حسب البورنو.
قد يدعم هذا النمو الأفقي مؤسسيّ “يماميا”، في مساعيهما لجذب استثمار الجولة الأولى، على سبيل التوسع. في هذا الصدد، يقول البورنو: “نخوض حاليًا المرحلة النهائية من المفاوضات مع إحدى شركات رأس المال المصرية، وسنعلن عن تفاصيلها قريبًا”.
وفي حال نجاح مساعيهما، سيتمكنان من إجراء المزيد من التحسينات في الخدمة، وخلق فرص عمل لمزيد من السيدات القادرات على الطهي والتوسع بأسطول “يماميا”، ومن ثم تغطية محافظات أكثر محليُا، ثم التوسع إلى منطقة الخليج انطلاقًا من السعودية ومنها إلى الامارات.