القاهرة – ايمان مصطفى
يرى مراقبو الاقتصاد في مصر أن المخرج الأهم من الأزمة الاقتصادية المحلية العاصفة في ما يتعلق بالدولار، تكمن في حُسن الاستفادة من المشروعات الريادية ودعمها نحو التوسع عالميًا.
وقد نكون بحاجة إلى قانون إقراض للمشروعات الرائدة القائمة على تسخير التكنولوجيا لتيسير حياة الأفراد، إذ أنه من الصعب الآن على رائد الأعمال أن يحصل على قرضٍ مصرفيّ نظرًا للمخاطرة الاستثمارية لتلك المشروعات.
كما يُحجم أغلبية رواد الأعمال عن التقدم بطلبات قروض خوفًا من العبء المالي. ومن ثم يصبح المخرج الوحيد للأزمة الاقتصادية الراهنة، هو أن تستثمر البنوك في المشروعات الرائدة مقابل حصة.
بداية حل مرتقب
بدأ هذا التوجه بالفعل الدخول إلى حيز التنفيذ، حيث بدأت البنوك تلتفت إلى أهمية دعم المشروعات الريادية، بما يخدم مصالحها مع العملاء بشكل خاص من جهة، ويدعم النهوض بالاقتصاد المحلي من جهة أخرى.
في هذا الإطار، أعلنت حاضنة الأعمال التابعة للجامعة الأمريكية “ايه يو سي فينتسر لاب” AUC Venture Lab (AUC V-Lab) عن إطلاق مسرعة أعمال متخصصة في قطاع التكنولوجيا المالية، نهاية يوليو الماضي، بالشراكة مع ” البنك التجاري الدولي” CIB .
تأتي تلك الخطوة بعد أقل من ثلاثة أشهر على إطلاق مسرعة أعمال “1864” المتخصصة في دعم مشروعات التكنولوجيا المالية Fintech في مصر، بالشراكة بين حاضنة الأعمال “فلات 6 لابز” وبنك “باركليز ايجيبت“.
أوجه الدعم
ويشرح محمد حمزة، مدير “AUC V-Lab”، في حواره الخاص لـ”انتربرنور العربية”، سبل دعم حاضنة “AUC V-Lab Fintech” لمشروعات التكنولوجيا المالية في مراحلها المبكرة قائلًا: “نبحث عن أفكار بالقطاع من شأنها إحداث تغيير جذري في طريقة المعاملات المالية للمستهلك المصري، على أن يكون المشروع قابلًا للنمو عالميًا، ونقبل المشروعات في مرحلة الفكرة، على أن يتوفر فريق عمل بخلفية علمية وعملية ذي صلة بالتكنولوجيا المالية وإدارة الأعمال”.
وتقدم الحاضنة باقتها الاعتيادية من الدعم لرواد الأعمال. يتضمن ذلك الاستفادة من مرافق الجامعة، ومساحة عمل مشتركة، والتشبيك مع الطلبة والأساتذة وخبراء ريادة الأعمال والإعلام. هذا بالإضافة إلى تمويل 50 ألف جنيه مصري (حوالي 6 آلاف دولار) بدون حصة من الشركة.
وتقبل ” AUC V-Lab Fintech” مشروعات من خارج مصر، على أن ينضم مؤسسوها لبرنامج تسريع الأعمال في مصر ومدته 12 أسبوعًا، وعلى أن يجُرى جزء من التشغيل في مصر بعد التخرج.
على صعيد الدعم المتواصل، يوفر “البنك التجاري الدولي” باقة متخصصة من المزايا، تتضمن توفير التكنولوجيا اللازمة لاختبار جدوى المشروعات، والتدريب الفني من خبراء ومتخصصين بالقطاع المالي على آليات تسخير التكنولوجيا لخدمة المعاملات المالية.
هذا بالإضافة إلى تعريف تفصيلي يقدمه البنك عن القوانين والتشريعات الخاصة بإدارة المشروعات المالية في مصر، مع آخر الدراسات والإحصاءات المتعلقة، لمساعدة رواد الأعمال على تحسين حلولهم الرقمية، بما يتماشى مع السوق المصري.
وتتضافر مجهودات مسرعة الأعمال الجديدة لتمنح كل مشروع استراتيجية واضحة لاختراق السوق بعد التخرج، ونموذج عمل متواءم مع ظروف السوق المحلي، وشبكة علاقات مع المستثمرين محليًا وعالميًا، يوفرها “البنك التجاري الدولي” بما يدعم الشركات في رحلة النمو السريع بمشروعاتهم.
سوق متعطش
تأتي تلك المجهودات في وقتِ يصل فيه عدد الهواتف الذكية في مصر إلى 21 مليون هاتف. وحسب تقرير مؤسسة التمويل الدولية، يبلغ اختراق المحمول في مصر 73% من حجم التعداد السكاني، في حين يملك 5% فقط من المصريين حسابات مصرفية.
من ثم تتضح الفجوة بين حجم تسخير الهواتف الذكية لخدمة المعاملات المالية الرقمية في بلد الـ 90 مليون نسمة.
حسب تصريحات محمد الصبان، رئيس الابتكار الرقمي في “ألبنك التجاري الدولي” لـ”انتربرنور العربية”، يكمن السر وراء إطلاق “AUC V-Lab Fintech” في هذه الفجوة، “إذ يتُوقع لقطاع التكنولوجيا المالية أن ينمو بسرعة صاروخية عبر منطقة الشرق الأوسط”. يستند الصبان في تصريحاته إلى دراسات تؤكد وجود 1000 شركة تعمل حاليًا بالقطاع في 54 دولة حول العالم.
هذا وقد نمت الاستثمارات العالمية في قطاع التكنولوجيا المالية بواقع 75% في 2015، ليبلغ 22.3 مليار دولار.
رغم النمو العالمي المتسارع، لايزال القطاع في مصر بعيدًا عن المشهد. ونظرًا لمحدودية عدد الشركات الناشئة التي تخدم التكنولوجيا المالية في مصر حتى الآن، يتوقع القائمون على ” AUC V-Lab Fintech” أن تضم الدورة الأولى من 3 إلى 5 مشروعات فقط لكل دورة، على أن يطلقون دورتيّن سنويًا.
في هذا الصدد يقول حمزة: “نتطلع إلى أن نحفز بإطلاق المسرعة طاقات الشباب الإبداعية في هذا القطاع، بما يخدم رؤيتنا وطموحاتهم”.
أما الصبان فيعتبر أن التحدي الأكبر الذي ينتظر حاضنة الأعمال ” AUC V-Lab Fintech” هو: “مواكبة فارق السرعات بين بيئة المؤسسات المالية المعُقدة من حيث قدرتها على التخطيط لتقبل دماء جديدة، وبيئة الابتكارات العصرية التي تتسم بسرعة المسار”.
الانضمام للحاضنة
تبدأ الدورة الأولى لمسرعة أعمال ” “AUC V-Lab Fintech في سبتمبر المقبل، وتنتهي في ديسمبر. وتستقبل المسرعة طلبات الانضمام على هذا الرابط.
وتستعد الحاضنة لاستقبال الطلبات التي تخدم كافة المجالات المتعلقة بالتكنولوجيا المالي، بما في ذلك؛ ابتكارات الدفع عن طريق المحمول، والدفع الرقمي، والتداول والاستثمارات، والتخطيط المالي للأفراد، وإدارة المخاطر، والبنية التحية للمعاملات المصرفية، والبحث المتعلق بالقطاع المالي، وتحليل البيانات الكبيرة، ومكافحة عمليات النصب، والتحويلات البنكية.