حسن عبد الرحمن
رئيس التحرير – entrepreneuralarabiya
عبد الحميد جمعة، يختصر بشخصة انتصار دبي لروحها المبادرة والواثقة من نفسها بعلاقتها مع الآخر البعيد والقريب، ذلك الآخر الذي تعتبره شريكاً لا خصماً، هذا هو السبب ربما الذي قاد دبي من نجاح إلى نجاح، وجعلها أيقونة عالمية تجسد على أرضها روح التعايش والحكمة. فهو تعبير عن هذا المكان وابن لتجربة ابداعية لم تستسلم للعزلة ولم ترض البقاء على هامش عالم يضج بالحركة والتغيير.
حديثنا مع عبد الحميد جمعة كان عن مهرجان دبي السينمائي، كيف نجح وأصبح واحداً من المهرجانات المعروفة عالمياً، على الرغم من عدم امتلاك دبي لتاريخ أو تجربة سينمائية أو فنية.
من الطبيعي أن نسأل جمعة إذا عن رأيه وعن الظروف التي أسست لهذا النجاح، فنحن والجميع لانعرف عن المهرجان سوى مانشاهده من حضور طاغ وأضواء مبهرة وسجادة حمراء ونجوم يتوافدون من كل بلدان العالم من هوليود الجبارة إلى أصقاع الأرض الأخرى، فالمهرجان لم يغفل ثقافة أو يقدم ثقافة عليها لأي سبب. هذه كانت الرسالة منذ البداية.
خيارين
يقول جمعة:” كنا أمام خيارين إما أن ننتظر 20 عاماً حتى تتطور الثقافة السنمائية عندنا، ونؤسس لصناعة سينما، ثم نعود لنطلق مهرجاناً للسينما أو نطلق المهرجان ليساعد في إطلاق ثقافة سينمائية وتطوير صناعة السينما والاستفادة من الامكانات المتاحة” .
كان واضحاً أن دبي أخذت الخيار الثاني، وهذا من طبيعتها في إطلاق المبادرات الريادية.
النقطة الأهم كما يقول جمعة:” أننا بدأنا من حيث وصل الآخرون، فمهرجان دبي بدأ وهو يملك إرثاً عالمياً أسسه من سبقوه، وحاول جمع زبدة التجربة العالمية، وهذا هو الفرق بينه وبين مهرجان كان ومهرجان برلين ومهرجانات أخرى عريقة، لم يكن بحاجة للمرور في التجربة ولسان حاله يقول: ” ربي لا تخضعني للتجربة ونجني من الشرير”.
عبد الحميد جمعة في مكانه الصحيح من أهم الشخصيات التي تقود حلم كبير وقبل بتولي تلك المهمة الصعبة لأنه يحبها بالدرجة الأولى، ولديه وعي باهميتها كرسالة كبيرة قد لا تتحقق معانيها وأهدافها بسهولة.
مؤسس ورئيس
بدأ عبد الحميد جمعة وكان فاعلاً وحاضراً منذ انطلاق الفكرة الأولى للمهرجان، وهو الذي تردد وهرب في البداية، لأنه كان يعرف حساسية هذه المحاولة وعبء أثقالها، فهي مهمة ثقافية وعلمية وصناعية، وهي وردة تزرع بذورها في تربة ليست تربتها، وكان يريد أن يتأكد أنه الشخص المناسب لرعايتها.
جمعة هو أحد أعضاء الفريق الأول الذي أسس مهرجان دبي السينمائي الدولي في عام 2004، وقد عين رئيساً لمهرجان دبي السينمائي الدولي في العام 2006. لعب جمعة دوراً أساسياً في إطلاق مهرجان الخليج السينمائي، إحدى أهم الأحداث السينمائية السنوية في المنطقة الذي يعرض أفضل الإنتاجات السينمائية الإقليمية للجمهور المحلي والدولي. يشغل عضوية العديد من المجالس والهيئات، فهو عضو في مجلس مؤسسة دبي للإعلام و مجلس كلية محمد بن راشد للإعلام والمجلس الاستشاري لهيئة دبي للثقافة و الفنون إضافة إلى المجلس الوطني للإعلام و المجلس الاستشاري في كليات التقنية العليا. شغل جمعة مناصب عديدة سابقاً بما فيها الرئيس التنفيذي لمدينة دبي للإعلام، و مناصب إدارية عليا في مدينة دبي للإنترنت و مجموعة سيتي بنك و المنطقة الحرة في جبل علي. و هو حائز على الشهادة الجامعية في الاقتصاد من جامعة كولورادو، و شهادة في الإدارة العامة من كلية هارفرد للأعمال.
لو شغل كان طلع من زمان صعوبات قاريء نهم ومحب كبير للسينما، فأثناء دراسته في أمريكا، كان متفرغاً لشيئين فقط الجامعة والسينما، يقول: كنت أحضر سينما مرتين في الأسبوع”.
هذه السيره تجعله الرجل المناسب، إذا مأضفنا أنه وكان يتردد على بلدات وأماكن معروفة بإرثها وباعها في صناعة السينما، وكان يبحث عن كتب متخصصة في شتى أنواع الثقافة ويسافر إلى أماكن بعيدة للبحث عنها ليكتشف أنها في مكتبته.
هرب من قبول رئاسة المهرجان وغاب، دار العالم لستة أشهر تأمل وفكر، وظلت الرئاسة بانتظاره.
ماذا قدمت دبي لمهرجانها وماذا قدم لها؟
يجوز طرح السؤال بوجهيه، يقول جمعة:” لا شك أن دبي قدمت للمهرجان أسباب نجاحه، من خلال توفير الكادر والاحتضان، استفاد المهرجان من صورة دبي في العالم، انفتاحها وتوفير بيئة التعايش بكونها مدينة عالمية، نمط الحياة ساعد كثيراً في نجاح المهرجان“.
270 ألأف زائر في عشرة أيام وعوائد تفوق التوقعات
أما المهرجان فلعب دوراً في تعزيز صورة دبي عالمياً كمدينة حضارية تهتم بالثقافة والفنون كما تهتم بالأعمال والتسوق والسياحة والتطوير العقاري. ويضيف جمعة:” حقق المهرجان أيضاً بعض أهدافه مالياً ومول نفسه، فيما بعد وحقق عوائد فاقت توفعات الدراسة التي وضعت قبل انطلاقه، الدراسة التي قالت بتوقع تحقيق 76 مليون دولار بعد أربع سنوات من انطلاقته، صدقت وفاقت العوائد هذا الرقم، فالمهرجان اجتذب أكثر من 270 الف زائر ومشارك، في دورته الأخيرة، وهؤلاء ينفقون وينزلون في فنادق ويتسوقون ويستقلون الطائرات، وينقلون صورة إيجابية عن دبي، ويعززون روح التشارك والتنوع وثقافة قبول الآخر. اجتذب المهرجان اشهر نجوم العالم وتصدرت أخبار المهرجان وسائل الإعلام العالمية،
لاشك أن البعض تحدث عند انطلاق مهرجان دبي عن جدوى الإنفاق على حدث كهذا وشككوا بقدرته على تمويل نفسه، ناهيك عن تحقيق عوائد، أما اليوم فلاشك أن الإدارة المبدعة التي أرساها رئيس المهرجان تركت انطباعاً قوياً وثقة أكبر بما تطرحة دبي من مبادرات،
ها ماقدمه المهرجان لدبي، ماذا قدم ايضاً للسينما الخليجية والعربية؟ يقول جمعة:” هناك أكثر من 50% من الأفلام المشاركة أفلام عربية، نشارك سنوياً بالعديدمن الأفلام الخليجية والعربية نطلع العالم عليها ويفوز بعضها بجوائز، ويحكم في المهرجان محرجون ونقاد وممثلون عرب وخليجيين، ويحمل مهرجان دبي معه إلى كل مهرجانات العالم أفلاماً وفانين ومخرجين عرب، كل ذلك يعزز من حضور السينما العربية والخليجية، ويعزز من حضور الفنانين والخرجين والكتاب العرب . ذهبنا الى 95 مهرجان وفي جعبتنا افضل الافلام والمخرجين العرب”.
مالفت نظري أثناء حديثي مع رئيس مهرجان دبي، أن 20 شخصاً فقط هم الكادر الأساسي للمهرجان، قد يصلون إلى 2000 خلال 10 ايام ثم يعودون إلى 20 بعد انتهاء المهرجان، لا شكك أن هذه التجربة فريدة، قد لا نجدها في مهرجانات عالمي مماثلة.
مساهمة ايجابية في صناعة السينما العربية
يقول جمعة :” من خلال جوائز المهرجان السنوية يسهم المهرجان في دعم السينمائيين الشباب معنوياً ومادياً فقيمة الجائزة تصل إلى معنوي وماي لان الشباب 100 الف \ولار و50 الف دولار، وهذه أرقام تساعد السينمائيين الشباب في بداية انطلاقتهم. الخبرات التي يستقدمها مهرجان دبي من الخارج يشكل تواجدها جنباً إلى جنب مع الخبرات السينمائية العربية، يقود مهرجان دبي هذه الهارموني بين الخبرات الفريدة سنوياً”.
قد تكون قصة المتطوع الإيراني الأمريكي منذ عشر سنوات للمساعدة، في فعاليات مهرجان دبي، ومن ثم انتقاله للعيش في دبي والكتاب والمخرجين الذين كتبوا وأثنوا على أنشطة المهرجان جزء من الترويج وقصص النجاح التي رساها المهرجان،
يشيد جمعة بشخصيات مثل مسعود امرالله، الذي يعتبره دينامو وثقافة سينمائية وخبرة عميقة وعالمية يحمل مهرجان دبي بصمته الإبداعية، ( أعطاني رقم هاتفه للاتصال وإجراء حديث عن السينما والفنون). يشيد بآخرين مثل نجلا السعيد وليد الشحي على مصطفى منال بنت عمرو وغيرهم ممن شاركوا في نجاح مهرجان دبي السينمائي.
اختيار الافلام ولجان التحكيم
حول اختيار الافلام المشاركة، ودعوات الضيوف واختيارهم، يأتي بناء على سياسة التنوع تماهياً مع تجربة دبي التي تضم 170 جنسية، كما يتم اختيارالأفلام التي تسهم في تكوين الوعي الانساني والحس الحضاري، وتستبعد الأفلام التي تسوق للعنف والعنصرية.
هذا أعطى المهرجان ميزة وثقة من قبل صانعي الأفلام يقول جمعة:” اتينا باهم مشاهير هوليود ومخرجيها الذين اصبحو يخبئون افلامهم لمهرجان دبي، هذا انجاز بالسنبة لنا، لدينا سوق عالمية للسينما، سوقنا عالمي ولدينا جمهور سينمائي وصالات عروض كثيرة، يضم روادها كل جنسيات العالم”.
أخيرا، عد الحميد جمعة لايحب النجومية ولاينسجم مع الثقافة السائدة بتعميم ثقافة النجم، مع أنه أصبح اليوم نجماً عالمياً فهو يدير واحد من أنجح المهرجانات السينمائية العالمية وتربطه علاقات معرفة وصداقة مع أهم صناع ومحترفي السينما في العالم، يقول:” النجم وراءه فريق عمل عال الخبرة والاحترافية، فريق يملك رؤيا وثقافة عميقة. لست من متابعي النجومية لا اتابع النجوم لا اقرأ الكتب الأعلى مبيعاً، هذه طريقتي، نحن لاندفع للنجوم ولا ندنفع للاخرين اصبحنا نستقطب النجوم من كل انحاء العالم”.