القاهرة: حنان سليمان – entrepreneuralarabiya
مع تنامي صحافة البيانات في الصحافة الدولية والعربية كتخصص يتقاطع فيه دور الصحفي مع دور المصمم والمبرمج وربما مدخل البيانات، اتجه بعض رواد الأعمال العرب من أصحاب الخلفيات الصحفية والإعلامية لإنشاء خدمات مستقلة في مجال صحافة البيانات يغذون بها المؤسسات الإعلامية أو يؤسسون بها مشروعات إعلامية رقمية متميزة إذ يظل العالم العربي أرضا خصبة للمجال.
خلال بضع سنوات، استطاع كيانان أن يقدما خدمة متميزة مجال صحافة البيانات ليس فقط على المستوى العربي ولكن أيضا على المستوى الدولي بعقد شراكات مع مؤسسات إعلامية أجنبية والمشاركة في تدريبات على المستوى الدولي. الكيانان أحدهما هادف للربح وهو إنفوتايمز، مشروع كامل تحت مظلة شركة مصرية للصحفي عمرو العراقي يمثل وحدة فنية تدعم الصحف المصرية والعربية بمحتوى بصري، والآخر شركة لا تهدف للربح وهي Visualizing Impact أسسها رمزي جابر وجمانة الجابري في كندا ولبنان. إنطلاقة الكيانين كانت في عام 2012 وبينما حقق إنفوتايمز أرباحا سريعة منذ بدايته، قاربت الشركة الثانية من تغطية مصروفاتها بعد خمس سنوات من العمل وإن كانت بعض مشروعاتها تجاوزت هذه المرحلة بالفعل. كلا الشركتين تعتمد على التعاقد مع المؤسسات والمجموعات ولا يستهدفا القارئ المباشر على موقعيهما الإلكتروني.
في خدمة القضية
بدأت الأخيرة باسم Visualizing Palestine في يناير 2012 بتمويل ذاتي وبعد عام واحد من العمل تم تأسيس Visualizing Impact كمظلة أكبر تعمل على موضوعات ومشروعات أخرى إلى جانب فلسطين، لتضاف المنح من المؤسسات الدولية وتمويل الأفراد وأيضا التمويل الجماعي الذي جلب للمشروع أكثر من 70 ألف دولار في حملتها على منصة “إنديجوجو” وأيضا الشراكة مع مجموعات قائمة على العدالة الاجتماعية وأخرى معنية بالقضية الفلسطينية كمصادر إضافية تمول وتدر عائدا على المشروع. تحمل الأعمال المنتجة رخصة المشاع إذ يشجع المؤسسون على استخدامها ونشرها دون حصر لحقوق الملكية الفكرية، والخدمة الوحيدة المباعة بشكل مباشر هي بوسترات لتصميمات البيانات المنتجة.
بدأ الفريق بثلاثة أشخاص وتعاون 20 شخصا بين مصمم وباحث، لينمو اليوم إلى ثمانية موظفين يعملون بدوام كامل في مجالات التصميم والتكنولوجيا والبحث والاتصالات بين كندا ودبي والأردن ولبنان والضفة الغربية. تشير الأرقام لأكثر من مليون مشاهدة لتصميمات Visualizing Impact في 2016 وأكثر من ألف تحميل للتصميمات، إلا أن جمانة تفضل الحديث عن التأثير وليس الأرقام. استخدمت 35 مجموعة طلابية تصميمات الشركة في حملاتها داخل الجامعة لسحب الاستثمارات من الشركات العاملة في اسرائيل، فيما نجحت 7 حملات منها في تحقيق غرضها من بينها جامعات نيويورك وبرينستون وشيكاغو. تركز الشركة في عملها على التواصل مع الفئات المنظمة من الطلبة ومجموعات عرقية مختلفة وجماعات المناصرة.
تشير جمانة إلى أن التحديين الأكثر إلحاحا اليوم هما إحداث توازن بين المحافظة على العمل ذو التأثير الاجتماعي وبين إدارة عمل يجلب عائدا ماديا والثاني هو العمل كفريق عمل من أماكن عدة تختلف توقيتاتها وربما يفتقد بعضها لخدمة انترنت ثابتة.
بيع للغير
تختلف التحديات في إنفوتايمز التي تعمل في بيئة تفتقر لقانون يتيح الوصول للبيانات والمعلومات الموثقة التي يصفها مؤسس المشروع بأنها “الثروة الحقيقية”، واذا وجدتها فسيكون من الصعب إدخالها والتعامل معها حاسوبيا. يحقق المشروع أرباحا منذ بدايته من مقاهي القاهرة فقد بدأ بعمرو العراقي الذي عمل كصحفي ومصمم مستعينا بمصممين اثنين بنظام حر يعملون على موقع إلكتروني بسيط لإنتاج ست موضوعات شهريا.
النقلة الكبرى للمشروع، كما يقول العراقي، كانت في 2013 عند الفوز بـ25 ألف دولار هي قيمة جائزة مؤسسة إنجاز كأحد أفضل المشاريع الريادية لنشر المعرفة وتوصيل المعلومات إذ يتم تحويل بيانات ضخمة إلى مواد بصرية. على مدار عامين، اشترى العراقي أجهزة ومعدات واستطاع تثبيت ثلاثة أشخاص معه بدوام كامل واستأجر مقرا وطور من الموقع الإلكتروني بحيث بات منصة تشاركية يمكن للراغبين التسجيل ونشر تصميماتهم عليها إلى جانب الموضوعات الست المنتجة من إنفوتايمز شهريا. تطور العمل من تصميم جيد إلى قصة صحفية مدفوعة بالبيانات لاحقا حتى شارك المشروع في مسابقات إعلامية دولية.
تتنوع مصادر دخل إنفوتايمز بين التدريبات التي تقدمها في مصر وخارجها وبين التعاقدات مع مؤسسات إعلامية لبيع قصص صحفية مدفوعة بالبيانات أو دعمها باستشارات لبناء وحدات بيانات لديها. نوع آخر من العملاء بدأت إنفوتايمز في التعامل معه هو مراكز الأبحاث. وخلال الشهر الجاري، سيتم الإعلان عن أول هاكاثون للمبرمجين والمصممين والصحفيين في القاهرة تنظمه إنفوتايمز للخروج بأفضل شكل لعرض القصة الصحفية المدفوعة بالبيانات.
عدد من الشراكات لم يتجاوز العشرة مع مؤسسات صحفية في مصر والأردن وليبيا والإمارات وبريطانيا نتجت عن شبكة العلاقات الواسعة والسمعة الجيدة التي بنتها إنفوتايمز والتي ربما جعلتها في غير حاجة إلى مسئول عن التسويق. يقول العراقي: “نحن نتميز بصناعة الحدوتة وليس التصميم فقط. لا توجد مؤسسة تبيع تصميمات للغير مثلنا ولهذا فعملنا متكامل مع المؤسسات الصحفية وليس منافسا لها”. يحدد سعر التصميم أو القصة الصحفية على أساس الفكرة وجمع البيانات والتصميم بالإضافة إلى الكم المطلوب واللغة.
الجانب التوعوي، إن جاز القول، في إنفوتايمز يتمثل في فتح المنصة أمام مشاركات المصممين ونشر ثقافة صحافة البيانات وأدواتها وفي هذا الإطار، صدر منذ بضعة أسابيع كتاب “صحافة البيانات”، كما يسعى العراقي في بناء أكاديمية رقمية لصحافة البيانات تكون محاضراتها المصورة متاحة للزوار بلا مقابل.
يوضح العراقي: “معدلات النمو الأكبر في التدريب. نحتاج مزيدا من الشراكات عن احتياجنا للمستثمرين خاصة أن التعاقد لا يعني دخول عائد ثابت فالعميل يتعاقد ليطلب متى يريد”.
شارك بتعليقك