القاهرة: حنان سليمان
في بلد يصل عدد طلابه إلى 20 مليونا، لكل عشرين منهم تقريبا مدرس واحد فقط دون الحديث عن الكفاءات، يصبح تطوير العملية التعليمية في مصر ضرورة ملحة. اتجه بعض رواد الأعمال إلى بناء نماذج بديلة مثل مدارس مافريكس التي يبدأ تشغيلها العام الدراسي القادم أو نماذج مكملة للتعليم النظامي مثل “ستوديو التصميم” DStudio، بينما اتجه آخرون لإصلاح التعليم من الداخل واضعين المناهج المدرسية في مركز هدفهم فابتكروا أدوات ومنصات تساعد الطالب على فهم المناهج الحكومية وتقدم له اختبارات في مواده ودروسه كبديل عن الكتاب الخارجي وربما الدروس الخصوصية التي تستنزف الأسر المصرية.
أحدث هذه المنصات هي بوابة “تقويم” وهي بوابة تعليمية إلكترونية انطلقت منذ بضعة أشهر وتختص بالاختبارات وليس الشرح. يسجل الطالب، بدءا من الصف الثالث الابتدائي، على الموقع لينشئ حسابا شخصيا ويبدأ في أخذ الاختبارات في درس محدد من المادة. يضم كل اختبار 20 سؤالا على الأكثر وضعوا حسب تصنيف بلوم الذي يعتمد على ستة عناصر هي التذكر والفهم والتطبيق والتحليل والتقييم والابتكار أو الخلق.
أما المدرس فيمكنه أيضا التسجيل على الموقع ومتابعة الواجبات والامتحانات مع طلبته في مساحة خاصة لا يطلع عليها سوء أعضاء مجموعته بما يسهل عليه متابعة كل طالب في دراسته عن طريق رصد درجاته في كل اختبار وعدد مرات إنهاء الواجب، كما يمكن لولي الأمر التسجيل ومتابعة أداء أبنائه.
يقول محمد عاطف، أحد المؤسسين المشاركين والمسئول عن تطوير الأعمال بالشركة: نحو مائة مدرس وضعوا الأسئلة الحالية في “تقويم” بتكلفة تجاوزت نصف مليون جنيها مصريا، بينما أساس الربح من اشتراكات الطلاب على الموقع فكل طالب يدفع 50 جنيها للمواد الأساسية في الفصل الدراسي الواحد، فيما يدفع طلبة الثالث الثانوي مائتي جنيها.
تخطط المنصة للتوسع في دول الخليج مثل الإمارات والكويت والسعودية وسلطنة عمان وتطوير لعبة تعليمية تجعل عملية الامتحانات على الموقع أكثر تسلية للطالب كما من المقرر أن تضاف المناهج الدراسية المعتمدة في المدارس الدولية في مصر عدا نظام IGCSE والدبلومة الأمريكية العام القادم إلى المنصة.
التختة شغف
“شغف للألعاب التعليمية” هو مشروع آخر بدأ كفكرة في 2014 للمهندس أيمن أبو المجد طورها في ورش عمل نظمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ضمن برنامج “ألعاب من أجل التغيير الاجتماعي” ثم تم احتضانه في مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال. أطلق أيمن مشروعه العام الماضي بعد دراسته للبيزنس في باريس وهو يتمثل في منصة إلكترونية لاختبارات للطلاب في المناهج الرسمية باسم “التختة” تشبه ما يفعله “تقويم”، كما يتيح للمدرسين وضع اختباراتهم للطلبة. تتركز الاختبارات في الشهادات الثلاث الابتدائية والإعدادية والثانوية وكلها مصدرها موقع وزارة التربية والتعليم.
أصدرت التختة خلال عامين خمس تطبيقات على هواتف أندرويد كلها مجانية بعضها تخص اختبارات سنة دراسية بعينها وبعضها تعرف الطالب بفصول السنة والتغيرات المناخية التي تحدث وأخرى عن المجموعة الشمسية، بالإضافة لموقعي ألعاب تحت التجربة. بدأت أيضا “التختة” تجربة لعمل راديو تعليمي على “ساوند كلاود” أشبه بالدردشة التعليمية حول الدروس المختلفة في طريقة شرح للمناهج يرونها الأفضل مع توضيح الاستفادة العملية من هذه الدروس في الحياة العامة.
وبينما تعتمد المنصة على الرعاة بالأساس كمصدر للتمويل، كما قال لنا أبو المجد، تقوم المظلة الأكبر (شغف) بأنشطة ربحية مثل تطوير تطبيقات تعليمية على الهواتف المحمولة لصالح مؤسسات تعليمية.
نفهم تواصل النمو
منصة ثالثة أقدم من سالفتيها وحققت نموا ملحوظا على مدار أربع سنوات منذ ظهورها في فبراير 2012 هي “نفهم” التي توسعت خارج مصر لتمتد إلى السعودية والكويت وسوريا والجزائر. تعمل المنصة على تطوير المنظومة التعليمية في مصر من الداخل وتقدم خدمة تعليمية إلكترونية مجانية مبتكرة على الإنترنت عن طريق شرح مبسط لمناهج التعليم المدرسي عبر فيديوهات تتراوح مدتها من 5 – 20 دقيقة يسجلها أي شخص بواسطة الكاميرا أو الكمبيوتر ويراجعها متخصصون.
تعتمد “نفهم” على الرعاة والإعلانات مع إتاحة هذه المواد التعليمية مجانا للجمهور خاصة وأنها طوال هذا الوقت تقوم على التمويل الذاتي من المؤسسسين، ولديها أيضا خدمة مدفوعة للدروس الخصوصية الإلكترونية باشتراكات خاصة، كما سيعلن خلال بضعة أسابيع عن شراكة تجارية مع أحد اللاعبين الكبار في سوق السلع الاستهلاكية سريعة الحركة، كما يقول مصطفى فرحات، المدير العام لـ”نفهم” والشريك المؤسس.
بلغة الأرقام، نشرت المنصة نحو 9 آلاف فيديو حققوا 65 مليون مشاهدة ولديا 600 ألف مستخدم جديد شهريا وخمسة ملايين تصفح لموقعها كل شهر، أما تطبيقاتها على الهواتف المحمولة بأنظمتها المختلفة فقد تجاوزت 350 ألف تحميل. وتم اختيار فرحات، ، كزميل في زمالة أشوكا وآخر الجوائز التي حصلت عليها المنصة هي جائزة “وايز” للتعليم من مؤسسة قطر.
وبشكل أكثر جاذبية وتحت شعار “ابدأ تكون حافظ مش فاهم”، عملت أكاديمية التحرير طوال أربع سنوات كمؤسسة تعليمية غير هادفة للربح في مصر لتحرير مفهوم المعرفة وتشجيع الفكر النقدي وبناء مكتبة مجانية كبرى من الفيديوهات التعليمية بطريقة الموشن جرافيك الجذابة باللغة العربية لطلبة المدارس الإعدادي والثانوي. أنتجت الأكاديمية 201 درسا للمرحلتين الإعدادية والثانوية لنحو 197 ألف طالب بالمجان على منصتها الإلكترونية، قبل أن تنهي أنشطتها بعد بضعة أشهر من فوزها العام الماضي بجائزة أفضل مؤسسة ذات أثر مجتمعي في مسابقة جامعة MIT للشركات الناشئة في العالم العربي وذلك لظروف تتعلق بنقص التمويل وحظر القانون المصري على الجمعيات الأهلية القيام بأي نشاط تجاري ربحي ولو بغرض تغطية نفقاتها، حسب بيان الإغلاق الذي نشرته الأكاديمية. ويظل الموقع فعالا والفيديوهات التعليمية متاحة للاستفادة منها.