القاهرة – ايمان مصطفى
يتوقع خبراء التجارة الإلكترونية أن ينمو حجم المبيعات على الشبكة في دول الخليج لتصل إلى 41 مليار دولار في 2020، وهو ما يعادل نموًا بنسبة 40% عن الوقت الراهن.
هذا وتضم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 142,6 مليون متسوق رقمي. و75% من المستهلكين في الشرق الأوسط يقولون إن تفاعلهم المتكرر مع العلامات التجارية على شبكات التواصل الاجتماعي يؤدي بهم إلى إتمام عمليات الشراء.
وفي الوقت الذي تضم فيه المنطقة مئات اللاعبين بقطاع التجارة الإلكترونية، من بينهم عمالقة على غرار “سوق” و”نمشي” و”جوميا”، انضمت “مودا جيت” Moda Gate الكويتية-الأردنية إلى القافلة في مارس الماضي، كمنصة متخصصة في عالم الموضة.
أسس المشروع كلُ من معن أزمقنا من الكويت ومحمد النسور ومحمد الفاخوري من الأردن، علمًا أن ثمة صداقة تجمع بين عائلتي أزمقنا والنسور منذ طفولتهما.
درس أزمقنا علوم حاسبات الكترونية في جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا في الأردن وعمل في شركة الشحن “أرامكس” Aramex لمدة 9 سنوات.
أما النسور فدرس هندسة الكترونيات في جامعة “دي مونت فورت” في بريطانيا، ثم أسس شركة “الشاملة للتطوير” IDCO للوكالات التجارية وتطوير البرمجيات مع عائلته، لمدة 10 سنوات. أما الفاخوري فدرس البرمجة دراسة حرة.
وبعد عامٍ من التحضيرات ودراسة سوق التجارة الإلكترونية في المنطقة، أطلق المؤسسون المنصة في كل من: الكويت، السعودية، قطر، الإمارات، البحرين، الأردن، و مصر، ثم تم الإطلاق في تنزانيا.
ولعل أكبر معوقات التجارة الإلكترونية تكمن دائمًا في ضخ المال اللازم لإدارتها، ولاسيما عندما يكون العمل في أكثر من بلد بالتوازي.
ورغم أن “مودا جيت” لم يكمل الربع الثاني بعد الإطلاق، وليس هناك استثمارات أجنبية وراء المشروع، إلا أن المال لا يشكل هاجسًا للمؤسسين.
“حققنا 50% من نقطة التعادل بعد الإطلاق بشهر، وقبل مرور الربع الأول بدأنا تحقيق أرباح”، يقول أزمقنا في حواره لانتربرنور العربية.
أسرار النجاح المبكر
ثمة أسرار تكمن وراء تحقيق منصة تجارة الكترونية أرباحًا، وهي لا تزال في أول الطريق. تمكننا من التعرف على تلك الأسرار ونسردها فيما يلي.
السر الأول : الإدارة الذكية
ولاكتمال الاستفادة من تداعيات العصر الرقمي، طبق المؤسسون مفهوم الإدارة الذكية. “ليس لدينا أي مقار إدارية سوى في الكويت والأردن فقط، في المقابل تصل منتجاتنا إلى 7 بلاد منذ اليوم الأول للإطلاق، وهو ما أعتقد أنه يميزنا كثيرًا عن منافسينا فيما يتعلق بمصاريف التشغيل بما تتضمنه من انتقالات وإيجارات وإقامات ورواتب”.
السر الثاني: وفرة العلامات التجارية
يعقد المؤسسون صفقات مع العلامات التجارية أو مورديها في أوروبا وأمريكا والإمارات، بهدف توفير كم كبير منها ؛ تتضمن: سي باي كلوي، مارك جيكوبس، أرماني، توم فورد، رالف لورين وغيرها”، يقول النسور.
“لا نتعامل مع تجار الجملة أو التجزئة، ونوفر تصاميم حصرية لمصممين عرب نجحوا عالميًا”، يضيف النسور.
وعن خط سير المنتج من لحظة تسجيل الطلب على الموقع: “يصل المنتج من بلده إلينا في مكتب الكويت، لنقوم بفحصه ثم نُعيد تعبئته وإرساله إلى العميل، ويتراوح زمن التوصيل بين 10 إلى 15 يومًا”، يقول أزمقنا.
السر الثالث: التسعير
يقول المؤسسون أن التسعير هو أحد الميزات التنافسية الهامة على منصتهم، وهي أحد أسرار النمو السريع لطلبات الشراء التي تُجرى يوميًا على “مودا جيت”.
في هذا الصدد، يقول أزمقنا: “درسنا المنتجات المعروضة للبيع في السوق الخليجي جيدًا ووجدنا أن سوق التجزئة أسعاره تصل إلى ما يتراوح بين ضِعفيّن إلى أربعة أضعاف تكلفة سعر المنتج شامل الشحن والتفريغ، وينطبق ذلك على كافة شرائح العلامات التجارية”.
تبدأ الأسعار على الموقع من 20 دولارًا، دون حد أدنى للطلبات. “يشمل السعر تكاليف الشحن والتغليف والتوصيل وأي رسوم جمركية أو ضرائب بحيث لا يدفع المستخدم إلا سعر المنتج النهائي فقط”، يقول النسور ثم يتابع: “يستثنى من ذلك مصر بسبب تعقيدات الجمارك المصرية، واختلاف الرسوم حسب نوع المنتج ومكان تصنيعه وحجم الطلبية”.
وتلتزم إدارة “مودا جيت” بالاسترداد مجانًا حسب الشروط المُعلنة على الموقع.
السر الرابع: التسويق
ولتحقيق انتشار أكبر على الشبكة، يركز المؤسسون على التسويق الرقمي بمنصات التواصل الاجتماعي. يتضمن ذلك “فيسبوك“، و”انستجرام” و”سناب تشات” و”جوجل آدز”.
في هذا الصدد يقول أزمقنا: “لا نعتبر “فيسبوك” وجهتنا الأساسية، فمستخدميه ليسوا دائمًا عملاء جادين، والعكس صحيح كليًا على “انستجرام” و”سناب شات”، وخاصة الأخيرة، ونحن نستفيد تمامًا من ذلك”.
السر الخامس: إدارة المحتوى
تنقسم إدارة المنصة بين الكويت والأردن. فالأولى تشهد إدارة اللوجيستيات والتسويق، بينما تُجرى إدارة المحتوى والتقنية من الأخرى.
يتم تغيير المنتجات والعروض المُعلنة على الموقع دوريًا كل خمسة أيام. ومنذ الإطلاق حتى الآن تم عرض ما يزيد عن 30 ألف منتج، و80 علامة تجارية عالمية، حسب أزمقنا.
ورغم أن عدد موظفي “مودا جيت” لا يزيد عن 8 بما في ذلك المؤسسين، إلا أن النظام يقوم بأكثر من 80% من متطلبات المحتوى آليًا وفقًا لـ”خوارزمية دقيقة طورها الفاخوري بإحكام، ونشرف جميعًا على مراقبة الجودة ومراجعة الأسعار”، يقول النسور.
نظرة على “مودا جيت” بالأرقام
اجتمعت العوامل الخمسة سابقة الذكر لتضع “مودا جيت” على أول طريق النجاح والاستدامة. واستقطبت المنصة 1500 مستخدم مسجل. تم تصفح الموقع 905 ألف مرة من قبل 45 الف مستخدم منذ الإطلاق. وتبلغ نسبة الزيارات الجديدة على الموقع 60% مقابل 40% زيارات متكررة.
تأتي الزيارات من السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين والأردن ومصر على الترتيب.
45% من الطلبات على “مودا جيت” يتم دفعها عن طريق بطاقات الائتمان، “وكانت لا تتعد 20% خلال الشهر الأول من الإطلاق”، حسب النسور، بينما يذهب نصيب الأسد من الطلبات إلى الدفع عند الاستلام COD. ولاعجب في ذلك، إذ أن 85% من المستهلكين في الشرق الأوسط لايزالوا يفضلون الدفع عند الاستلام.
في حالة الدفع الالكتروني، يستلم العميل رسالة تأكيد آلية، وفي حالة الدفع عند الاستلام، يتواصل أحد موظفي المنصة مع المشتري لتأكيد الطلبية وبيانات العميل خلال 48 ساعة.
لم يفصح أزمقنا عن عدد الطلبات التي جرت على الموقع خلال الفترة الماضية، ولكنه أوضح أن نسبة المرتجعات لا تزيد عن 0.5%، “وغالبًا ما يكون السبب في ذلك المقاسات”.
خطط توسعية
قد يكون النجاح المبكر سلاحًا ذو حديّن، إذ يمنح رواد الأعمال دفعة للاستمرار، في نفس الوقت الذي يحتم عليهم بذل جهودًا مضاعفة للحفاظ على هذا النجاح.
من أجل ذلك، يسعى المؤسسون لجذب استثمار لزيادة عدد الموظفين وتطوير النظام وتكثيف الحملات التسويقية. “المختلف في نموذج العمل لدينا أننا نرغب في جذب الاستثمار لزيادة أرباحنا وليس لزيادة العوائد أو لوقف نزيف الخسائر”، يقول النسور.
كما يخطط المؤسسون للتوسع إلى أفريقيا، بعد الإطلاق في تنزانيا، مع التركيز على مصر. في سبيل ذلك، وقعت “مودا جيت” في إبريل الماضي عقد شراكة مع وسيط التجارة الإلكترونية “ايزي باي أفريقا” EasyBuy Africa. وسيكون على الشريك الأفريقي التسويق، وتسليم الطلبات بعد فحصها، والخدمات اللوجيستية.
تأتي محاولات “مودا جيت” لغزو السوق الأفريقي لتعكس لتوقعات تقرير “ماكنزي” Mckinsey بنمو إسهام الانترنت في الناتج الإجمالي المحلي للقارة السوداء ليرتفع من 1.1% الآن إلى 10% بحلول 2025 بواقع 300 مليار دولار.
فهل تنجح مساعي “مودا جيت” نحو الاستثمار والتوسع؟