القاهرة: حنان سليمان
للعام الثالث، يواصل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر اهتمامه بدعم وتطوير صناعة الألعاب سواء كانت ورقية أو رقمية بما يحدث التغيير الاجتماعي المطلوب ويحقق التنمية، وذلك بالتعاون مع مختبر الألعاب الأمريكي بكلية إيميرسون Engagement Lab الذي يركز على دراسة الألعاب والتكنولوجيا والإعلام الجديد لدعم الحياة المدنية والتنمية. ويعد المختبر من المعامل القليلة التي تعمل في مجال الألعاب من أجل التنمية بجانب Tilt Factor الذي يضم بعض الألعاب التنموية. وهناك أيضا مختبر ألعاب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومختبر جامعي آخر في كلية دارتموث.
بدأت ورش صناعة الألعاب في مصر في سبتمبر 2014 التي نظمها البرنامج في مساحة العمل المشتركة “آيس كايرو” بالقاهرة وتكررت في 2015، سافرت بعدها بعض الفرق المشاركة إلى الولايات المتحدة حيث مختبر الألعاب الأمريكي بولاية بوسطن لاختبار ألعابهم قيد التطوير بشكل جماعي مستفيدين من الخبرات الأمريكية في هذا المجال وحضور المزيد من الورش والمحاضرات والتعرف على ألعاب طورها المختبر عن قرب.
ومن الألعاب التنموية التي طورها المختبر الأمريكي لعبة Community PlanIt التي انتشرت في ولاية ديترويت الأمريكية وساعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في نشرها بالعالم وتحديداً في مولدوفيا. تقوم اللعبة الاجتماعية الإلكترونية على التخطيط المحلي ويتعاون فيها اللاعبون على التعرف على المشاكل ويطرحون حلولا لها سويا ويساعدون في جمع التمويل اللازم. لعبة أخرى هي UpRiver وهي من جزئين للتحذير المبكر من الفيضانات ومواجهتها بإجراء أو فعل مبكر، في الجزء الثاني الذي يكون فيه اللعب على الهواتف المحمولة من خلال الرسائل القصيرة لبناء شبكة اتصال فعلية تجمع المعلومات عن مستويات المياه في النهر Crowdsourcing.
برنامج زمالة
وفي نوفمبر الماضي، أُطلقت زمالة مُغير الألعاب Game Changer Fellowship حيث تم اختيار خمسة أشخاص من بين المتقدمين ممن شاركوا في ورش سابقة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لهذه الزمالة التي تستمر عاما كاملا بهدف تطوير ألعاب تحل تحديات اجتماعية حيث يفترض أن ينتهي الزملاء من تطوير ألعابهم مع انتهاء الزمالة لتكون جاهزة للإطلاق سواء كمشروعات ربحية أو يتم الاستفادة بها من قبل منظمات تنموية، كما تخلق الزمالة مجتمعا مهتما بهذه الصناعة إذ تشمل الزمالة كتابة تدوينات حول الجاميفيكيشن ونشر الخبرات المكتسبة في ورش عمل يكون فيها الزملاء هم المحاضرون وهكذا تتطور أيضا مهارات الزميل بما يعمل على بناء كوادر مصرية متخصصة في مجال صناعة الألعاب.
حاضر الزملاء في ورشتين حتى الآن إحداهما كانت للشباب والثانية عقدت الأربعاء الماضي للمنظمات التنموية لعرض أسس تصميم الألعاب وكيفية تطبيقها على القضايا التنموية التي يعملون عليها.
ريادة أعمال وتنوع ثقافي ولغة الإشارة
من بين الزملاء: علي عزمي، الذي كان ضمن فريق تطوير لعبة “بلدنا“، وهي لعبة لوحية للأطفال تظهر التنوع الثقافي والعرقي في مصر من خلال إبراز عادات وتقاليد المناطق المختلفة من القاهرة للصعيد للواحات، عاطف محسن، وهو مهندس معماري يعمل على بناء لعبة “أبطال الإشارة” الورقية لتعليم لغة الإشارة للأطفال ودمج الأطفال الصم في مجتمعهم، فادي ميشيل، المدرس المساعد بالجامعة الأمريكية لـ”تصميم الألعاب” ويطور لعبة ورقية لتعليم ريادة الأعمال وإن كان يرى أن سوق الألعاب الرقمية أكثر ربحية.
يقول فادي: بدأنا واضعين في الاعتبار حوالي 9 مهارات وجدنا أن العلم بها ضروري لكل من أراد أن يبدأ مشروعه مثل إدارة موارد بشرية وإدارة أصول والتفاوض والتوظيف وبناء فريق العمل والتشبيك بالإضافة إلى بعض المصطلحات التي اعتمدنا عليها في اللعبة لكن ثبت بالتجربة أن الجمهور العادي لا يعرفها فغيرنا اللعبة لتكون أسهل وأبسط للمبتدئين وقد نضيف عليها بعض التعقيدات لمستوى متقدم أو متخصص أكثر. ما غيرناه أيضا جعل اللعبة لعبة استراتيجية فيها خطوات تكتيكية أكثر من كونها لعبة حظ قائمة على الزهر فمثلا يريد اللاعب استبدال هذا الموظف في فريقه أو جذب خبرات متنوعة للفريق.
مثالان آخران لألعاب ورقية تم تطويرهما لتعليم أسس ريادة الأعمال أحدهما لعبة “أوراق” المصرية التي طورها أحمد جمال -18 عاما- كنتيجة لفشله في شركته الناشئة الأولى لتطوير الويب التي أطلقها وهو في الثالثة عشر من العمر. انتشرت “أوراق” عبر فعاليات وورش عمل مختلفة للعب والتدريب على إطلاق وإدارة شركات ناجحة، كما نجح في جذب عدة شركات ناشئة لاستخدام لعبته كوسيلة تعليمية وترفيهية. نجحت “أوراق” في حملتها للتمويل الجماعي التي أطلقتها على منصة “تنرا” التي تستخدم الألعاب لجمع التمويل، لكن يبدو أن الشركة تعثرت قليلا بعد النجاح الذي حققته.
اللعبة الثانية هي “ستارت أب كاونتي” المستوحاة من لعبتي “مونوبولي” Monopoly القائمة على تكوين أكبر ثروة بالمال والأراضي والعقارات و”ريسك” Risk وهي لعبة حربية استراتيجية، لكن لم يكتب لها الاستمرار.
يقول عاطف عن لعبته “أبطال الإشارة”: نستهدف الأطفال في المرحلة الابتدائية لدمج الأطفال الصم في مجتمعاتهم وخلق التعاطف معهم وعليه يتم تعليم الأطفال الأصحاء لغة الإشارة لكي لا يشعر الطفل الأصم كأنه “غريب” فاقد للتواصل في محيطه.
يرى عاطف أن لعبته التي طورها بمشاركة أعصاء صمٌ في الفريق ليست ربحية لأن شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر ليست من الأغنياء، على عكس الخارج، ولهذا فالتوجه هو جذب الشركات ذات المسئولية الاجتماعية لدعم اللعبة وتسويقها في المدارس والجمعيات التي تخدم هذه الفئة.
ومن المقرر أن تستمر هذه الزمالة بخمسة زملاء جدد كل عام لنشر ثقافة الألعاب إما لتحقيق أرباح تجارية أو للتشبيك مع منظمات تنموية لخدمة المجتمع. تقول جاذبية سرور، من فريق الابتكار من أجل التنمية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن الزمالة تعد إحدى مشروعات مختبر الابتكار بالمنظمة الأممية المعني بتطوير أدوات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة كما وضعتها الأمم المتحدة لتحقيقها بحلول عام 2030. ويخطط البرنامج لورشة أكبر في الألعاب ستعقد في الإسكندرية على مدار ثلاثة أيام يدرب فيها الزملاء الخمس.
يذكر أيضا أن منظمتي الهلال الأحمر والصليب الأحمر قد طورتا أكثر من 30 لعبة تتناول مواضيع مختلفة في إدارة المخاطر بدءاً بالمجتمعات الزراعية في إثيوبيا وحتى البيت الأبيض.