القاهرة – ايمان مصطفى
أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء العام الماضي، عن ارتفاع كمية الإنبعاثات من غاز ثانى أكسيد الكربون الناتجة عن استهلاك المنتجات البترولية والغاز الطبيعى؛ بنسبة 0.1% في مصر.
وبلغ متوسط نصيب الفرد من انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون 3.88 طن/فرد عام 2011، مقابل 1.98 طن/فرد عام 2000، بزيادة 96%. ويرجع السبب في ذلك إلى زيادة الأنشطة الصناعية والسكانية التى تؤدى إلى زيادة الإنبعاثات الحرارية.
ومع دخول مصر فى نطاق التغير المناخى، أصبحت أكثر عُرضة للكوارث البيئية والإنسانية، الأمر الذي استلزم من المشروعات الناشئة تقديم حلول وقائية وعلاجية لتلك المشكلات.
من هذا المنطلق، أسس الشقيقان شريف وطارق حسني “شادوف” Schaduf في مطلع 2011 (في أعقاب ثورة يناير)، كشركة مصرية ناشئة تعني بزراعة الأسطح والحوائط باستخدام تكنولوجيا الزراعة المائية. وتعتمد هذه التقنية على محلول المغذيات المعدنية لتنمية النباتات في حاويات بدون تربة.
ويتكون النظام من شبكة من الأنابيب بأحجام مناسبة، تمر من خلال المياه المحملة بالمغذيات فيما توضع المزروعات في فتحات علوية على طول الأنبوب، ويعد حوضا التغذية والتفريغ من أهم مكونات هذا النظام، وهما حوضان من الماء يوضع في أحدهما المغذيات والأسمدة، بينما يستقبل حوض التفريغ المياه بعد خروجها من النظام. ويقوم النظام بإعادة تدوير المياه لري النبات مرة أخرى.
توفر الأسطح والحوائط المزروعة حلولًا لأكثر من مشكلة بيئية. فهي تفلص الانباعاثات الكربونية للمباني، كما وتخفّض درجة الحرارة بالمبنى.
دعمت الدراسة الأخوين حسني في رحلتهما الريادية. إذ درس شريف هندسة الميكانيكا بالجامعة الأمريكية في مصر، بينما درس طارق الهندسة الصناعية في أمريكا.
وتتعدد خدمات “شادوف” لتشمل تصميم الحدائق المستدامة، وزراعة أسطح المباني في المناطق الحضرية والعشوائية، بالإضافة إلى زراعة الحوائط، والخدمات الاستشارية وأعمال الصيانة للمساحات المزروعة.
نموذج عمل متعدد القنوات
في حواره لانتربرنور العربية، يقول طارق حسني: “تقوم الجمعيات الأهلية بتمويل مشروعات زراعة أسطح المباني في المناطق العشوائية، ونستخدم في ذلك تقنيات أبسط وأقل تكلفة، وبالفعل نجحنا في تنفيذ أكثر من مشروع في العديد من تلك المساكن”.
تمكنت “شادوف” من زراعة أسطح 20 بيتًا في عزبة النصر فقط (منطقة عشوائية بالقاهرة). ويتابع حسني: “تمكن سكان المباني المزروعة أسطحها من الحصول على دخل إضافي من عوائد بيع المحصول الناتج عن زراعة تلك الأسطح، هذا فضلًا عن حصولهم على طعام خالي من المبيدات، وإن كانت تلك المسألة ليست من أولوياتهم”.
أما المشروعات التجارية فتحظى بنصيب الأسد من نموذج عمل “شادوف”. يشمل ذلك زراعة حدائق على أسطح وحوائط للشركات والمنازل بالمجمعات السكنية والمطاعم والمجمعات التجارية، بهدف إضفاء منظر جمالي، وتوفير عزل حراري للتلك المباني، وتقليص نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء المحيط، وتنقيته من الشوائب. هذا فضلًا عن التأثير النفسي الإيجابي للنباتات الخضراء على الإنسان بشكل عام.
“تتحدد أسعار زراعة الأسطح بالمتر ووفقًا لطلبات العميل، ومن السهل علينا توفيرها بأسعار تناسب كافة الإمكانات، أما زراعة الحوائط فتعتبر مكلفة من حيث النظام والتقنية”، يشرح حسني، بعدما رفض الكشف عن أسعار شركته.
“شادوف” بالأرقام
ومنذ الإطلاق حتى الآن، تعاونت “شادوف” مع 50 شركة و100 منزل في نطاق زراعة الأسطح. فيما نفذت 30 مشروعًا لزراعة الحوائط.
زرعت “شادوف” مائيًا 32,310 متر مربع من الأراضي والأسطح، بالإضافة إلى 3,300 متر مربع من الحوائط.
هذا وتتضمن قائمة عملاء “شادوف” لاعبين كبار في عالم التطوير العقاري والاتصالات وغيرها من القطاعات. ومن بين هؤلاء: “بالم هيلز”، و”أوراسكوم”، و”فودافون”، و”تطوير”، “سوديك”.
ويسعى المؤسسان لتوسيع قاعدة عملاء “شادوف” بتسويق الشركة من خلال معارض العقارات والأثاثات والديكور الكبرى. يتضمن ذلك معرض “لومارشيه” و”لاكاسا” و”المنتدى المصري الحضري“.
هاجس المال
وكعادة رواد الأعمال، دائمًا يحاولون توليد النجاحات من رحم الأزمات، إذ تمكن الأخوان حسني من تحقيق عنصر الاستدامة لشركتهما خلال الخمس سنوات الماضية، رغم اعتمادها على التمويل الذاتي.
عن تلك التجربة يقول حسني: “المناخ الاستثماري مرهق جدًا في مصر، ولكن حاولنا الاستفادة من ذلك بالإصرار على تنويع سبل جني العوائد لتتمكن الشركة من تحقيق التوازن المالي، الأمر الذي جعل موقف الشركة أقوى من حيث الوضع والقيمة”.
ويتابع حسني: “لا شك أن الاستثمار إذا توفر، سيحفز تسريع وتيرة العمل ويرفع فرصنا في النمو والتوسع إلى دول الخليج”.
ويؤمن حسني أن سرعة النمو ليست مطلوبة في البداية لأنها تضعف الجودة وتحمّل المشروع ما لا يطيق ماليًا وإداريًا. لذلك يرى حسني أن الآن هو الوقت الأنسب للسعي وراء الاستثمار، بحضور الفعاليات العالمية والإقليمية والتحدث إلى المستمثرين.
وفي حال نجح المشروع في جذب استثمار، سيوجه المؤسسان مواردهما المالية لتعزيز فريق العمل المكون من 20 موظفًا، إذ يعد العثور على كوادر مؤهلة وكفاءات أحد أهم التحديات التي تواجهنا.