خاص Entrepreneuralarabiya – ايمان مصطفى
تتعدد أنماط منصات التواصل الاجتماعي في العالم. وتركز بعض تلك المنصات على مشاركة الأخبار فيما يركز البعض الآخر على نشر الصور أو مقاطع الفيديو.
وفي وقت تشير فيه تقارير إلى وجود 135 مليون مستخدم للانترنت في العالم العربي من إجمالي سكانه البالغ 366 مليون نسمة، منهم 71 مليون مستخدم نشط على منصات التواصل الإجتماعي، قررت ثمة منصات عربية، أن تأخذ التواصل الاجتماعي لمسار مختلف.
يتضمن ذلك مساعي “فرين10” Frien10 المصرية لتحول بالتواصل الاجتماعي إلى مقابلات حية على الأرض. أو مواطنتها “تشينو” Chaino التي تروج لنفسها معتمدة على ما توفره من خصوصية للمستخدم.
أما الأردنية “جيران” Jeeran، فتوفر التواصل الاجتماعي متمثلًا في منصة لتقييمات المقاهي والمطاعم والأطباء والمحامين والمستشفيات والمدارس وصالات الألعاب الرياضية والسبا وغير ذلك. وتقوم المنصة على مشاركة المستخدمين تجاربهم الإيجابية والسلبية عن تلك الأماكن.
“كل مكان يتردد عليه الجمهور، هو محل تقييم على “جيران”، ولاسيما تلك الأماكن التي ليس لها تواجد رقمي، وتلك هي ميزتنا التنافسية التي نحاول من خلالها أن نصنع الفارق”، توضح رموز صادق مديرة الإنتاج التنفيذية، في حديثها الخاص لـ”انتربرنور العربية”.
مرّت “جيران” بعدد لا بأس به من التغييرات في شكل المحتوى ونموذج العمل، إلا أنها استقرت مؤخرًا على نموذج عمل مبتكر يمكن إيجازه في معادلة: “أونلاين” + “أوفلاين” = ربحية أكبر،(أيّ جني العوائد من خلال المزج بين الاتصال بالانترنت والتعامل المباشر على الأرض).
انطلقت “جيران” من عمان عام 2000 كمنصة استضافة لمحتوى يضيفه المستخدمون. ثم تحولت في 2006 لمدونة، تتيح للمستخدمين القراءة والكتابة عن الفن والطعام والأزياء، وهو نموذج يبدو بدائيًا الآن رغم شعبيته الكبيرة وقتها.
استقطبت المنصة آنذاك 10 ملايين زائر شهريًا، الأمر الذي دعم نموذج العمل القائم على الإعلانات أن يحقق عنصر الاستدامة للموقع.
تغيرت معطيات المشهد الرقمي في 2010، فظهرت شبكات التواصل العالمية “فيسبوك” و”جوجل آدز” و”يوتيوب” لتأخذ نصيبًا لا يستهان به من كعكة الإعلانات الرقمية، الأمر الذي أجبر إدارة “جيران” على تغيير المسار مرة أخرى.
في هذا الصدد، تقول صادق:”نسفنا الموقع القديم حرفيًا وعملنا على بنائه من الصفر كمنصة تواصل بتقييم الأماكن في الأردن“. وصاحب ذلك بالطبع انخفاض حاد في عدد الزيارات على الموقع، إذ بلغت 1.5 مليون زيارة شهريًا عام 2011.
واحتاج النمط الجديد لـ”جيران”، (الذي تشبه ملامحه المنصة الأمريكية “يلب” Yelp) أن يمر التشغيل بخمسة مراحل أساسية: “تعيين مدخلي بيانات لإضافة أماكن، وتنظيم لقاءات على الأرض بين مجتمعات “جيران” لنشر ثقافة وأسس التقييم الرقمي السليم، وإثراء المحتوى بصور وخرائط، توعية أصحاب الأعمال بأهمية تواجدهم على المنصة والفوائد المحتملة لذلك على زيادة عوائدهم، بيع حزم خدمات إضافية لتلك الشريحة تعطي الأولوية لهم في الظهور لمن يبحث عن خدماتهم”، تشرح صادق.
ما أن مرت “جيران” بالخمس مراحل بنجاح في 2012، حتى نجحت في الحصول على تمويل من صندوق الاستثمار ومسرّعة النمو “500 ستارتبس” 500 Startups ومقره وادي السليكون.
دعم الاستثمار “جيران” في إطلاق تطبيق للمحمول على جميع أنظمة التشغيل. كما توسعت المنصة إلى السعودية في 2013، تلاها مصر في 2015.
الآن تعمل “جيران” في 42 مدينة عربية في 6 دول، إذ انضمت قطر والكويت والإمارات إلى القائمة. وفي حين لا يوجد طاقم عمل على الأرض في الدول الثلاثة الأخيرة، يعمل لـ”جيران” 15 موظفًا في كلٍ من الأردن ومصر والسعودية.
ولا يرى عمر قدسي مؤسس “جيران” والمدير التنفيذي، أن تعيين طاقم عمل في ثلاث دول يضر نموذج العمل، إذ يقول: “معظم موظفينا يعملون في المبيعات، وهو ما يسهم في زيادة عوائدنا وتسريع إيقاع نمو الشركة”.
وفي خضم إعادة النظر المستمرة في جدوى نموذج العمل، ثمة تحديات تطلبت من قدسي وصادق إجراء بعض التحسينات على آليات جني العوائد مؤخرًا.
“لاحظنا وجود فجوة رهيبة بين ما نروج له من تحفيز أصحاب الأعمال على التواجد الرقمي على منصتنا، وثقافتهم التي تركز على الإعلان المباشر لعملائهم على الأرض”، تقول صادق.
وإذا أخذنا في الاعتبار أن “جيران” تتنافس على الإنفاق الرقمي مع شبكات التواصل الاجتماعي العالمية، وأهمها “فيسبوك”، وتتنافس محليًا في مصر مع “كايرو 360” Cairo360، ومع محدودية فرص الاستثمارات الضخمة في منصات المحتوى الرقمي العربي، ومحدودية المحتوى ذاته على الشبكة بنسبة لا تزيد عن 3% من إجمالي المحتوى المتوفر؛ كان على صادق وقدسي ابتكار نموذج عمل أكثر فاعلية.
“منحنا أصحاب الأعمال وبالأخص المطاعم والمقاهي في المرحلة التجربيبة محمولًا، وأبلغناهم أن كافة الاتصالات التي يستقبلها هذا المحمول آتية من منصة “جيران” ليتأكدوا من فاعلية تواجدهم على المنصة”، تشرح صادق.
استقبل بعض من حصلوا على “محمول جيران” ما يزيد عن 30 مكالمة حجز أو استفسارات في اليوم الواحد، وهو ما انعكس مباشرة عوائدهم”.
أتى نموذج العمل الأخير ثماره في الأردن، البلد الذي يتراوح سعر الاشتراك الشهري فيه بين 140 و400 دولار. وبدأ الفريق بالفعل تطبيقه في مصر والسعودية، ولكن لا تزال الخدمة مجانية بالبلدين.
“نستثمر أرباحنا من الأردن في مصر والسعودية، ونحرص جيدًا على توجيه المال في مساره الضروري لتقليص نفقاتنا، إذ نعي أنه علينا تحقيق الاستدامة دون الاعتماد على استثمارات خارجية لحين إشعار آخر”، يوضح قدسي.
في هذا الإطار، تنصح صادق رواد الأعمال: “بعدم اللهث وراء النجاح السريع، وعدم التسرع بتعيين فريق عمل كبير من حيث العدد، أو استئجار مقر بتكلفة عالية، والانخراط في العمل بأيديهم مع فريق العمل المتاح، فالنمو التدريجي هو الطريق الأقصر إلى الاستدامة”.
رغم كل التحديات، تلاحظ صادق سرعة استجابة الأسواق العربية لاستقبال منصة التقييمات “جيران” الآن عن السنوات الماضية.
لعل السبب وراء ذلك اختراق الإنترنت في المنطقة العربية، وانتشار الأجهزة الذكية، بواقع 93% من مستخدمي الانترنت، يتصلون بالشبكة عبر هواتفهم الذكية.
هذا الاختراق كان المحفز الرئيس لزيادة عدد الزيارات على منصة “جيران”، لتبلغ 2.5 مليون زيارة شهريًا. أما تطبيقات المحمول فشهدت أكثر من مليون تحميل حتى الآن، بواقع 60% على iOS و40% على أندرويد، حسب صادق.
فهل يحقق النموذج الربحي الأخير من المحتوى الرقمي العربي على “جيران” أهداف ورؤية فريق العمل؟
شارك بتعليقك