حسن عبد الرحمن – Entrepreneuralarabiya
فكرة في مكانها، وإذا كانت الأفكار المميزة والجديدة سبباً لنجاح أي مشروع فإن “مييلا Miella”
اكتسبت هذا السبب، واستطاعت خلال فترة قصيرة من بدء الاستثمار أن تحقق انتشاراً ملفتاً في دول عديدة من العالم.
الأهم في هذا الموضوع أن الفكرة جاءت لتعمل كمنصة تجارية إلكترونية على أسواق غير محدودة، وهو الاتجاه الناجح وشديد الشعبية هذه الأيام، وهذا كان أيضاً سبباً من أسباب النجاح.
من الواضح أن المنطقة أصبحت ساحة وسوقاً واسعة في الفضاء الافتراضي، وعدد مستتخدمي الإنترنت والمتسوقين في الفضاء الرقمي في تزايد متسارع. ومايعطي “مييلا Miella” حظاً أوفر أنها تتوجه لمئات الملايين من المستهلكين المنتشرين في كل مكان، ويبحثون عن الملابس المحتشمة.
وإليكم كيف بدأت القصة؟
انطلقت “مييلا” Miella في أيار/مايو، وهي تستهدف نفس السوق التي استهدفتها من قبل البنوك الإسلامية، وحققت نجاحها الباهر، فهي تخاطب نفس الشريحة التي تتمسك بنمط مختلف في الحياة ولها تقاليدها وقناعاتها، وهذه الشريحة تزداد شعبيةً – وهنا هي سوق الملابس المحتشمة للنساء – في بلدان الشرق كما في بلدان الغرب هناك مئات الملايين من المستهلكين الذين يبحثون عما ينسجم مع ما يريدون وغالياً فإنهم لاينجحون خاصة في مجال الملابس النسائية حيث تهيمن الشركات متعددة الجنسية على خطوط الموضة، وتفرض بالأمر الواقع نوع مايلبسه الناس على هذا الكوكب.
جاءت “مييلا Miella”. لتحاول شغل فراغ هائل في سوق الملابس النسائية، ووضعته في متناول الجميع، وبسهولة فائقة، بعد أن ابتكرت طريقة مناسبة في العرض وتلبية الطلب مستفيدة من تجربة التجارة الالكترونية في الفترة السابقة. وهي محاوِلةً لتكون المنصّة الأولى التي تعتمد تقنيّات متقدّمة لضمان اختيار العملاء مقاس الملابس المناسب.
عقبات ولكن الحلول جاهزة
يقول مؤسس الشركة رامي الملك: “لا تخلو التجارة الإلكترونية ولذلك كنا ندرك أهمّية معالجة مشكلة انتقاء المقاس الصحيح لاحتواء معدّل استبدال القطع المشتراة وإعادتها”. كان علينا ابتكار حلول وتصميم طريقة للتغلب على صعوبة الاختيار وعدم وجود الشخص ليجرب مايريد، ولعب مصممونا دوراً كبيراً في حل هذه المعضلة من خلال وضع معايير تقلل من هذه المشكلة، كما حاولنا ابتكار وسائل وخدمات لوجستيه مجانبة تخفف هذه المشكلة”.
وهنا لابد من الاعتراف بإن شركة صغيرة ناشئة تُعنى بالموضة في المنطقة أن حاول معالجة أحد العوائق الكبيرة، وذلك عبر إحداث ثورة في الطريقة التي نتسوق بها.
ارتجاع المبيعات في الحد الأدنى
وفقاً للبيانات التي تمّ عرضها في قمّة “عرب نت” للرقمية ArabNet Digital Summit التي انعقدت مؤخّراً، سوف تبلغ قيمة سوق التجارة الإلكترونية 420 مليار دولارٍ أميركيّ بحلول نهاية العام 2016.
وفي حين لا تتوفّر أيّ أرقام خاصّة بالمنطقة، إلاّ أنّ معظم البحوث توافق على أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتضمّن عدداً متزايداً من المشترين على الإنترنت، وذلك يُعزى إلى أنّ 60% من المستهلكين يقلّ عمرهم عن 25 عاماً.
في المقابل، تشكّل إعادة المشتريات العامل الأكبر الذي يخفّض من هوامش الربح وبالأخصّ في مجال الملابس، بسبب إمكانية ألّا يكون المقاس مناسباً. وتُقَدّر معدّلات الإعادة في الوقت الحالي في المنطقة، بما بين 20 و40%.
في محاولةٍ لمعالجة هذا الواقع، أصبحَت “مييلا” منصّة التجارة الإلكترونية الأولى في المنطقة التي تعتمد تقنية “فيرتو سايز” Virtusize التي تسهّل على الزبائن عبر الإنترنت إيجاد المقاس المناسب لهم في كلّ مرّة يتسوقون بها.
بتنا أقرب إلى الحصول على مقاساتٍ أدقّ للتبضّع عبر الإنترنت. ويشرح الملك قائلاً أنّ “جلّ ما عليك فعله هو أخذ قياس قطعةٍ مشابهة من الملابس التي تملكها، وسيخبرك “فيرتو سايز” بقياسك المناسب على ‘مييلا”.
ويضيف قائلاً: “لقد حاولنا تصميم شيءٍ يسمح للعملاء بالحصول على التجربة الأفضل، فلم يتبقَّ لهم سوى أن يتحسسوا المنتَجات فعلياً.”
وبدوره، شرح الشريك المؤسِّس لـ”فيرتو سايز” ومديرها التنفيذي، جوستاف تونامار، في صفحته على موقع “لينكد إند” Linkedin، كيف أنّ استخدام هذه التقنية يعطي المنصّة ميزةً تنافسية. وقال إنّه “على المتاجر أن تجعل تجربة التبضّع أكثر سلاسة؛ فالقدرة على تذكّر قياس العميل ومذاقه وعاداته لا تشكّل ميزةً تنافسية فحسب، بل ستصبح قريباً ميزةً ضرورية.”
يبدو أنّ الخطة تنجح. فوفقاً للملك، إنّ نسبة إعادة القطع على موقعه أقلّ بكثير من المعدّل المعتاد. ويقول إنّ “معدّل الإعادة والتبديل لدينا يبلغ 12%، بعدما لعبَت تقنية ‘فيرتو سايز‘ دوراً هاماً في العملية. وبالتالي كلّما اعتاد عملاؤنا أكثر على هذه التقنية، وابتعدنا أكثر عن خيار الدفع عند التسليم cash on delivery، نتوقّع أن نتمكّن من خفض هذا المعدل بعد.
نمط حياة مختلف وملابس محتشمة
حتّى عام 2013، بلغ إنفاق المستهلكين المسلمين على الملابس نحو 266 مليار دولار، ما يقارب 12% من الإنفاق العالمي على الملابس والأحذية.
وفي حين أنّ سوق الملابس الإسلامية سوقٌ ضيّقة وخاصّة، إلاّ أنّنها تملك فرصة لتؤثّر في مجال الأزياء بشكلٍ عام وتتسلّل إليه، فتجذب المسلمين وغير المسلمين.
لكنّ الهدف لا يكمن في بيع الملابس المحتشمة للنساء فحسب، يقول الملك مشيراً إلى أنّ “الأمر يتعلق بتعزيز التغيير الإيجابي، ولذا نقدّم نسبةً مئويةً من إجمالي مبيعاتنا إلى منظّمات تساعد الأطفال المصابين بالسرطان وغيرها من الأمراض المهدّدة للحياة.”
وفي الحقيقة فإن تصنيع ملابس مناسبة والعثور على مصانع تلبي الطلب كان مشكلة كبيرة، يقول الملك: “نولي أهمّيةً للمصادر التي نستورد منها مواد الملابس. سافرنا كثيراً إلى الصين وأندونيسيا وفييتنام، وبنغلادش وكنا نعلم كيف يستغل العمال ويعاملون بطريقة غير أخلاقية، وتجنبنا وتمكّنا من إيجاد المصانع الملائمة لنصنع الملابس في تركيا. كان من الهامّ جدّاً لنا أن نضمن أنّ الملابس تُنتَج بطريقةٍ أخلاقية – بعيداً عن عمالة الأطفال القسرية وحرصاً على توفير ظروف عمل انسانية”.
تمويل مناسب ولكن!
كان حظ “مييلا” جيداً وحصلت على تمويل تأسيسي قدره 250 ألف دولار من أحد المستثمرين، وهي تحظى باهتمام مستثمرِين آخرين.
وهذا الاهتمام يدل على تنامي الشعور بأهمية التجارة الإلكترونية وظهور جيل جديد من المستثمرين الذين يقدرون الفرص الهائلة التي تتيحها الانترنت، والتغيير الهائل في طريقة الحياة وتوفر منتات التقنية التي تساعد على توسع عدد المستهلكين الذين يستخدمون التجارة الإلكترونية، هذا الاهتمام يأتي في الوقت المناسب أيضاً، فنحن نستعدّ للانطلاق إلى العالمية.”
ويضيف، وقّعنا اتفاقاً مع شركات منها ماركة في آي بي. MarkaVIP، مما سمح لنا بتوسيع حصتنا سريعاً في أنحاء المنطقة. كما نعمل أيضاً على عرض منتجاتنا على منصّات أخرى عالمية للبيعٍ بالتجزئة، وعرض منتجات “مييلا Miella” في أسواق خارجية”.
سبق أن حصلَت الشركة على الدعم من شخصيّات بارزة، منها مؤسِّسة “مجلس تصميم الأزياء الإسلامية” Islamic Fashion Design Council، عليا خان؛ ورجل الأعمال البارز المقيم في الإمارات، فادي السعيد.