القاهرة: حنان سليمان
عادة ما تجري عملية التوظيف بشكل ممل بطلها الرئيسي طرف واحد هو المتقدم للوظيفة؛ فهو يرى إعلانا عن وظيفة ما فيرسل سيرته الذاتية المليئة بالمهارات التقليدية الموجودة في كل المتقدمين على الورق من “القدرة على العمل في ضغط” و”القدرة على العمل الجماعي” و”الاستعداد للعمل لأوقات إضافية” وغيرها. يصل طلب التقديم إلى موظف الموارد البشرية فيعرضه على المسئول المختص ليختار مجموعة يتم التواصل معها. عادة لن يتصل صاحب العمل بأي متقدم للوظيفة إلا اذا رغب في إجراء مقابلة، أما في حال الرفض فإن المتقدم لن يتلقى أي رد ولن يعرف أسباب استبعاده أو ما الذي ينقصه لكي يحظى بالوظيفة رغم أنه قد يكون “خامة جيدة”. وحتى بالنسبة لمجموعة المقابلات التي تم تحديدها فإنها لا تعني بالضرورة أن أحدا من المتقدمين سينال الوظيفة فكثيرا ما ينخدع صاحب العمل بسيرٍ براقة على الورقة تكون لديه انطباعا إيجابيا عن صاحبها سرعان ما ينهار في أول مقابلة. هكذا يكون التقدم المعتاد لفرص العمل في عملية رتيبة بمواقع التوظيف الإلكترونية، قبل أن يصبح التوظيف أمرا مسليا في وجود “هاير هنت“.
تساءل باسل فطين، 31 عاما، وهو خريج حاسبات ومعلومات الجامعة الأمريكية بالقاهرة: “كل شئ اتطور إلا عملية التوظيف، فلماذا لا يكون التوظيف أيضا متعة؟”، فماذا فعل؟
الخبرة التقنية والقيادية لباسل وعمله كاستشاري تطوير منتجات كشفت له مشكلة كبرى في التوظيف تعاني منها الشركات الناشئة، فهي من ناحية لا يتقدم الكثيرون لوظائفها الخالية لأنها شركات صغيرة ليس لها اسم ووزن في السوق، ومن ناحية أخرى فإن المتقدمين ليسوا على درجة جيدة من الكفاءة المطلوبة. النتيجة هي أن الشركات الناشئة لا تجد الكفاءات اللازمة. لهذا فكر باسل في بناء منصة ألعاب يمكن للكفاءات أن يظهروا مهاراتهم عليها وتكون بمثابة مرشد أو موجه توظيفي يساعدهم في اكتشاف وظائف مناسبة بناء على هذه المهارات عبر سلسلة من الألعاب التفاعلية تظهر لهم بعض النتائج حول شخصياتهم ومجال العمل الأمثل لهم وتكسبهم شارات وكؤوس تضاف لصفحاتهم الشخصية على الموقع (البروفايل) وذلك قبل التقدم فعليا لأي وظيفة بما يجنبهم خوض نفس الاختبار أكثر من مرة. “المهارات ليست كل شئ. الصفات الشخصية أيضا مهمة وكذلك حس الفكاهة. هذا ما تكشفه الألعاب”، كما يقول باسل.
في مارس 2015، استقال باسل من عمله بشركة “لينك ديفلوبمنت” المصرية التي قاد فيها فريقا من شخصين للتوسع والنمو إلى 35 شخصا ليبدأ مشواره الريادي بمرحلة تجريبية لمنصة HireHunt التي شملت عروض توظيف من خمس شركات من بينهم شركته التي كان يعمل بها. وبحلول سبتمبر من العام نفسه، وصل عدد الشركات إلى 50 وهي شركات ناشئة ودولية على حد سواء تجمعها ثقافة تقدمية متحررة وتعمل في مجالات التكنولوجيا والبرمجة والإعلام والتسويق والإبداع الرقمي. كان السؤال الذي يشغل باله: هل سيثق أصحاب العمل والباحثون عنه في جدية عملية التوظيف وهي تحتوي على ألعاب؟
خلال عام واحد، خاض 6 آلاف متقدم اختبارات متنوعة بالمنصة وانضمت حوالي 250 شركة لعرض وظائفها على “هاير هنت” لتصمم وتعرض أكثر من ألف اختبار تحدد بعدهم أكثر من 120 مقابلة منهم 25 وظيفة تم شغلها حسب ما استطاع فريق العمل تتبعه. يعود هذا النجاح الذي شهدته المرحلة التجريبية للخدمة التي وجدتها الشركات في “هاير هنت” ووفرت عليهم الوقت والمال المهدور في منصات توظيف أخرى.
يرى باسل أن صاحب العمل هو أفضل من يختار موظفيه فمهما بلغت قدرات الوسيط في التشبيك، فإن صاحب العمل هو أفضل من يعرف ماذا يبحث عنه، ولهذا فمنصة “هاير هنت” هي منصة يلتقي عليها الطرفان عبر الألعاب التي يصممها صاحب العمل بنفسه، ولا تقدم المنصة ترشيحات من طرفها. يقول باسل: “كنا في البداية نساعد الشركات على تصميم اختباراتها لكن مع الانتشار لا نستطيع أن نقدم هذه الخدمة لكافة الشركات فليس لدينا فريق مبيعات كبير ولهذا اقتصرنا في هذه الخدمة على الشركات الكبرى التي يكون لديها عدد كبير من الوظائف الخالية مثل شركة فودافون على سبيل المثال”.
توفر المنصة مجموعة أدوات تتنوع بين آلاف الأسئلة والألعاب والمهام المختلفة لكل شركة من خلالها يستطيع صاحب العمل تحديد الألعاب التي بها يختبر في المتقدم المهارات المطلوب توافرها ويصمم اختبار خاص بشركته أو أكثر من اختبار لعدة مستويات للوظيفة الواحدة حتى ينتقي الأفضل فيبدأ باختبار عام لجميع المهتمين ثم من ينجح فيه يخوض اختبارا أصعب وهكذا. بعض الشركات استحدثت اختبارا جديدا للمنصة هو اختبار صوتي لطبيعة الوظيفة في خدمة العملاء أو تسجيلات كتب صوتية.
هناك نظامان للاشتراك بالنسبة للشركات؛ الأول يستطيع فيه صاحب العمل عرض ثلاثة اختبارات بالمجان في نفس الوقت بحد أقصى وإذا أراد عرض المزيد يتم احتساب كل عرض باشتراك خاص يحدد كما قد يكون بالمجان أيضا حسب العرض والطلب، والثاني اشتراك يمنحه عدد غير محدود من العروض النشيطة في نفس الوقت وفيه تضمن المنصة عددا معينا من المتقدمين وهذا يناسب الشركات الكبرى.
من المقرر أن تظهر المنصة في شكل جديد أكثر فاعلية خلال شهرين بعد أن ينهي الفريق مفاوضات مع مستثمرين من مصر والخليج والمملكة المتحدة، فكما يقول باسل: “مصر سوق صعب وكويس نبدأ بيه لكن احنا منصة توظيف دولية مش محلية”.