لم تترك شخصياته الكرتونية التي اخترعها وأدخلها على حياتنا بطريقة سهلة في ذلك الزمان الصعب أثرا كبيرا في نفوسنا وذاكرتنا فحسب بل كانت شخصيته الحقيقية أجمل من تلك التي رسمها ومن أكثر الشخصيات المؤثرة في ريادة الأعمال ورمز من رموز تحقيق الذات واجتياز جميع الصعوبات للوصول إلى الهدف.
شخصياته التي رسمها تحولت إلى رمزٍ للمرح. ربما يدفعنا هذا إلى تصور حياة نَعِمَ فيها والت ديزني بالكثير من المرح. إلا أن الحقيقة هي غير ذلك. مثلما أن النجاح هو إنجاز يخلقه الإنسان كذلك هو المرح. الأمران الذين اخترعمها والت ديزني.
والتر إلياس «والت» ديزني مخرج أمريكي مشهور، كان منتج وكاتب وممثل صوتي ورجل أعمال. اشتهر كرائد في مجال التحريك. هو مؤسس شركة والت ديزني كما أنه مخترع المنتزه الشهير «ديزني لاند».
ولد يوم 5 ديسمبر من عام 1901، في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية ، من أصل إيرلندي . بقي في شيكاغو مدة 5 سنوات، من ثم انتقل إلى مزرعة في ولاية ميسوري مع والديه و إخوته الأربعة، لكن إلياس الأب، اضطر إلى بيع المزرعة عام 1909، بسبب مرضه وعدم تمكنه من القيام بأشغال المزرعة الشاقة، فانتقلت الأسرة للعيش في منزل بالإيجار حتى عام1910، لتنتقل بعدها للعيش في مدينة كنساس إحدى مدن الغرب الأوسط في الولايات المتحدة الأمريكية. أصبح والت وأخوه روي، يعملان خلال أوقات فراغهما في مؤسسة لنشر الصحف، وحسب أرشيف المدرسة الوطنية الحكومية لكنساس، فإن والت ديزني، بدأ دراسته الثانوية ببنتون عام 1911 وتخرج بنجاح في 1917 في تلك الفترة كان ديزني ملتحقا بصفوف ليلية للرسم في Chicago Art Institute ترك والت المدرسة عند سن 16 سنة، وتطوع خلال فترة الحرب العالمية الأولى، كسائق لسيارات الإسعاف، وكان ذلك بمساعدة صديق له، ساعده على تزوير أوراقه الشخصية، فتحول تاريخ ميلاده من 1901 إلى 1900، وتم إرساله إلى فرنسا في بعثة لمجموعة من سيارات الإسعاف التابعة للصليب الأحمر الأمريكي، وتعلم لعب البوكر بشكل جيد، كما بدأ لعبة احتيال خاصة به وهي بأن يعالج الخوذ الألمانية التي جمعها من أرض المعركة، بحيث تبدوا وكأن أصحابها الأصليين قد أصيبوا في الرأس. وكان يبيعها كـ “تذكارات حربية أصلية” على الجنود الذين يمرون على مراكز الصليب الأحمر. وقد جمع والت ما اعتبره ثروة صغيرة ليرسل النقود إلى أمه حتى توفرها له.
عاد ولت ديزني إلى أمريكا ليبحث عن وظيفة جديدة وكانت لديه رغبة كبيرة في العمل في مجال الأفلام، فوجد عملا لدى مؤسسة « Pesman-Rubin Commercial Art Studio » مقابل 50 دولار شهريا، وكان يقوم بتصميم غلاف البرنامج الأسبوعي لمسرح نيومان . خلال هذه الفترة، التقى والت ديزني ب Ubbe Ert Iwerks وقام الشابان عام 1920 بإنشاء مؤسسة تحمل اسم Iwerks-Disney Commercial Artists أصبحت الشركة تعمل في مجال الدعاية والإشهار لكن هذا الأمر لم يلب حاجات ورغبات وطموحات والت ، لذلك بدأ بإنجاز أفلامه الخاصة وبيعها لصالح Newman Theater Company لم تتجاوز مدة هذه الأفلام دقيقة واحدة، أغرت الجماهير وسحرتهم لأنها كانت تنبض بمشاكلهم وتنتقد أوضاعهم وهمومهم . وفي عام 1922 ، أطلق ديزني مؤسسة Laugh-O-Grams, Inc ، التي تنتج أفلاما قصيرة بالرسوم المتحركة، استمد أحداثها من قصص الساحرات وقصص الأطفال . كانت هذه الأفلام القصيرة تباع بسهولة في كنساس ، لكن التكاليف كانت أكثر من المداخيل وبعد إنتهائه من فيلم أليس في بلاد العجائب ، أعلنت الشركة إفلاسها و كان ذلك 1923 ولكن هذا الافلاس لم يشكل عنده أي ردة فعل سلبية بل على العكس تماماً قام والت ديزني وأخيه الأكبر روي أوليفر بإنشاء استوديو للتحريك عام 1923، كان مقره مرآب عمهُما روبرت، فقاما بإنتاج حلقات من مسلسل يدعى Alice Comedies وهو مسلسل يدمج بين الأنيميشن والصور والمشاهد الحقيقية. استطاعت مؤسسة ديزني النجاح، حتى أنها وقعت عقدا لإنجاز 12 فيلم وبدأ والت ديزني صعود درجات النجاح شيئا فشيئاً. فدخل ديزني هوليود من خلال فيلم أليس في بلاد العجائب و فيليمن قصيرين آخرين بأن يقوم بعرض موهبته ، و بعدها قد حصل على الدعم المالي من عدة جهات ليبدء عمله مره أخرى ، حيث وصلت شركته ديزني برودكشنز للعالمية التي أسسها و لكن دون تحقيق الأرباح بسبب أن منتجاته كانت غالية الثمن . بدأ بعدها ديزني بعمل ثلاثة أفلام أخرى وهي “بينوكيو” و “بامبي” و “وفانتازيا”، و بالرغم من الميزانية الكبيرة إلا إنها لم تكن ناجحة في البداية في الأسواق الأميركية وزادت الأمور سوءا عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية مع إصدار الأفلام الثلاثة مما دمر السوق الأوروبية المربحة ومع ازدياد ديون الإنشاء ، فإن البديل الوحيد للتمويل كان بيع أسهم الشركة للجمهور، حيث جمع حوالي 8 ملايين دولار لرأس المال، مما أنقذ الشركة مرة ثانية
فكان « سنو وايت والأقزام السبعة « نقطة التحول لديزني ، حيث حقق أرباح جيدة من هذا الإنتاج ، فقد ظهر هذا الفيلم في عام 1937 وكان نجم شباك التذاكر.
بالرغم من الشركة تحولت شركة عامة فلم تكن النهاية لـ “ديزني برودكشنز” فقد كان والت ديزني يدير الشركة بسيطرة تامة على كل التفاصيل ولم ييكن يحبذ تفوض أي مسؤوليات أو واجبات إلى للمساهمين ، وقد أصبح ديزني تعبا من أفلام الكرتون والسينما، لذلك حول اهتمامه إلى حلم آخر، وهو إقامة حديقة للتسلية ، تم محاولة إقناع مجلس الإدارة وبعض المصارف بذلك المشروع و لكن رفض طلب ديزني للحصول على التمويل ، وفي ظل حماسه الشديد للحصول على المال من أجل تحقيق حلمه ، فتحول إلى مصدر آخر لرأس المال وهو التلفزيون وبالرغم من أن التلفزيون كان أحدث وسيلة للتسلية وأكثرها شعبية، إلا أن شركة « ديزني برودكشنز « كانت تجنبته ، لأنها رأت بأنه يحط من قدرها ، ولكن لم يكن هناك طريق آخر لديزني ، فقد وافق ديزني على إقامة مشروع مشترك مع تلفزيون « أي بي سي (ABC) « مقابل 5 ملايين دولار من التمويل للحديقة ، وافق بعدها ديزني على بث ميكي ماوس في التلفزيون عام 1950 ، و هنا بدء الفأر ميكي ماوس يشتهر ، حيث كان أول ظهور لميكي ماوس عام 1928 ة لكن لم يكن مشهورا ، فلم يكن الفأر ميكي في البداية بهذا الشكل ، فلقد أجريت الكثير من التعديلات عليه حتى أصبح بالشكل الذي نراه الآن ، و الجميل بالموضوع بأن أول من قام بأداء صوت ميكي هو ولت ديزني نفسه
و إذا أردنا أن نأخذ مشهد أخر من مشاهد حياته العاطفية فقد أحب فتاة تعمل لدية فى الاستوديهات تدعي ليليان باونس وتزوج منها في العام 1925.
واستمرت أعمال وعطائات هذا الرجل لفترات طويلة إلى أن حانت النهاية ووافته المنية في عام 1966 ليسدل الستار على فصل رائع من فصول الحياة ويتغنى الناس بقصة نجاحة وكفاحة الى وقتنا هذا.
لقد توفى ديزني في عام 1966 مخلفا وراؤه شركة عملاقة في مجال الرسوم المتحركة ، ولكن هذه الشركة لم تنتهي بموته بل نمت و تطورت أكثر و أكثر ، حيث لدى الشركة الآن أكثر من 150 ألف موظف وما يزيد عن 40 مليار دولار من العائدات ، وبالإضافة إلى حدائق ديزني حول العالم ، و منحت الشركة اسمها التجاري عبر قنوات تسلية مختلفة مثل قناة ديزني تلفزيونية، وإذاعة ديزني، وإنتاج ديزني المسرحي … الخ. ومن أشهر أفلام الشركة هي قراصنة الكاريبي ، طرزان ، اليس في بلاد العجائب ، علاء الدين و الكثير الكثير.