لطالما كانت الشفافية هي المفتاح للإدارة الناجحة، وهي المكون الأساسي لبيئة العمل المتناغمة والناجحة”. هكذا ينصح محمد عبد الرحيم الفهيم، الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات باريس غاليري.
عشرون عاماً كاملة مضت حتى الآن على إطلاق باريس غاليري كمتجر تجزئة للمنتجات والخدمات الفاخرة بمفهومه الحالي، فقد بدأت بمجرد متجر واحد في دبي، إلى أن أصبحت ما عليه اليوم من شركة عملاقة تنتشر في أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة والخليج، وتضم مجموعة من الشركات الناجحة بتخصصات متنوعة تصب جميعها في نفس المجال.
لكن، كيف بدأت القصة؟
يقول محمد عبد الرحيم الفهيم: “عندما أتحدث عن مرحلة التأسيس لا يسعني إلا أن أشعر بالفخر. كان والدي يتملكه حلم تأسيس مجموعة من محلات البيع بالتجزئة للقطاع الفاخر، وعندما عرض الفكرة علي وعلى شقيقيّ ابراهيم واسماعيل بعد تخرجنا من الجامعة، أخذنا على عاتقنا تحقيق حلم والدي، فقمت بإصدار أول رخصة تجارية باسم باريس غاليري ومقرها دبي ضمن مركز برجمان عام 1994، ليسجل هذا العام ولادة باريس غاليري كعلامة تجارية وطنية إماراتية، حققت اليوم نجاحات عالمية”.
اليوم أصبحت باريس غاليري مصدر جذب للعلامات التجارية العالمية. وبحسب الفهيم فإنه في عالم الأعمال، تجذب المصالح المشتركة الأطراف المعنية لبعضها البعض، أفراداً وشركات، وتمتلك باريس غاليري قاعدة راسخة وصلبة في عالم الأعمال، مقرونة مع سنوات طويلة من تواجدها الجغرافي الواسع والخبرة العريضة في التعامل المباشر مع الزبائن، حتى أصبح اسم باريس غاليري رمزاً للقطاع الفاخر. يشرح: “نحن نجحنا من خلال استراتيجية تقضي بتأمين مستويات عالية من خدمات البيع، يقدمها موظفون مدربون ومتفانون بالعمل، ضمن بيئة تسوق فخمة يحبها زبائننا. نحن نوفر أفضل المنتجات ضمن محلات تتواجد في أهم أماكن البيع بالتجزئة في المنطقة، لذا حين تتعاقد معنا إحدى العلامات التجارية، فإنها تضمن تواجداً سوقياً قوياً، بناء قاعدة كبيرة من الزبائن الدائمين ونمواً شاملاً لأعمالهم. تختار الماركات العالمية، باريس غاليري بسبب قاعدة زبائنها الضخمة، سمعتها الكبيرة، ونهجها المنظم وفخامة خدماتها وبيئة التسوق في متاجرها، فالعلامات التجارية الفخمة تتطلب بدورها مساحات تسوق فخمة، وهذا بالضبط ما نوفره ضمن مختلف الفئات التي نتعامل معها”.
تعتمد جميع الأعمال على زبائنها الذين يملكون متطلبات معينة تحتاج أن تُلبى، لذا توجب على أصحاب الأعمال تلبية تلك المطالب. يؤكد الفهيم: “علينا الحرص أن نتفهم طبيعة المنطقة المتواجدون فيها ومتطلبات وأذواق سكان تلك المنطقة. كل من يدخل أي متجر من متاجر باريس غاليري يحظى بخدمة عملاء راقية وضيافة عربية باتت معروفة عن باريس غاليري لدى الجميع على نحو واسع، وعلى الرغم من أن المنتجات قد تختلف تبعاً لمكان معين، سوق معين أو منطقة معينة، إلا أن مستوى جودة الخدمة تبقى ثابتة”.
ويتابع: “نحن نوظف أناساً نؤمن أنهم سيقبلون هذه المعايير والقيم وكأنها لهم، وقد يشكل هذا تحدياً لنا على اعتبار أننا نملك موظفين من مناطق مختلفة حول العالم وبالتالي بيئات وثقافات وخلفيات مختلفة، إلا أن جهودنا في هذا الخصوص أثبتت نجاحها. يُسعد زبائننا بالضيافة العربية التقليدية التي تعتبر علامة فارقة فيما يخص معاملة ضيوفنا، كما أن الموظفون الذي تلقوا تدريباً عالياً ويتمتعون بحسن الخلق والتهذيب وينتبهون إلى أدق التفاصيل لابد وأن يجعلوا عملية التسوق ذات قيمة ومعنى لدى الزبائن، وهذا ما نضعه على رأس أولوياتنا”. وفقاً له، لكي تكسب زبائن جدد من المهم أن يتم تقسيمهم في مجموعات حسب احتياجاتهم ثم مقارنتها مع وضع السوق الحالي وبالتالي نكون قادرين على تلبية حاجات الزبائن المحتملين وهذا ما يساعدنا على تحقيق رضى الزبائن أكثر من الآخرين، بالإضافة إلى الأخذ بعين الاعتبار تلبية طلبات الجيل الجديد الشاب الذين يزدادون عاماً بعد عام.
في الكثير من الأحيان يصرح الفهيم على حسابه في تويتر أن باريس غاليري شركة وطنية، وعندما سألناه عن السبب وفيما إذا كان ذلك تحدياً يجيب: “أولاً، أصرح بهذا لأنه مدعاة للفخر أن تنافس شركة وطنية، كبرى الشركات العالمية التي تُعنى بذات المجال، خاصة وأن شركتنا تعتبر حديثة العهد إذا ما قورنت ببعض الأسماء العالمية. سبب آخر يجعلني أصرح بهذا، هو أنني وبكل صراحة تفاجأت أن البعض كان يظن باريس غاليري شركة أوروبية، ربما بسبب الاسم أو لطبيعة المنتجات الفاخرة والعلامات التجارية العالمية التي تحويها متاجرنا، أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال، نعم فهذا تحدٍ كبير، حيث أن المنافسة والتي أرحب بها دوماً، هي منافسة قوية، وقد تتفاجأ حين تعرف أن بعض المراكز التجارية تفضل العلامات التجارية العالمية على الوطنية، لكننا أهل لهذا التحدي، ولأننا شركة وطنية ترانا حاضرين في معظم أرجاء الوطن وتنتشر محالنا في جميع الإمارات وتمتد على مساحات واسعة فيها، كما ترانا أكثر تفاعلاً مع القضايا التي تخص الدولة ونقوم بدعم التوجهات الاجتماعية الوطنية على اختلافها”.
تعتبر دبي من أكثر المدن استقطاباً للسياح في العالم، كما تختلف تجربة التسوق فيها عن غيرها من عواصم ومدن العالم الرئيسية، فهي أشهر مكان يجتمع فيه كل شيء، الفن، الأدب، الموضة، الرفاهية، الفخامة وريادة الأعمال. وهي مقصد المتسوقين جميعاً، وفيها تستطيع الحصول على منتجات بجودة عالية مقرونة مع مستوىً عالِ من خدمة العملاء، وهو بالضبط ما يُعرف عن باريس غاليري.
يقول الفهيم: “نحن نمتلك شبكة واسعة من المتاجر والأفرع القادرة على خدمة احتياجات ملايين السياح، إضافة إلى الوافدين والمواطنين. وباعتبار أن الجميع، يجيئون من كل أطراف العالم إلى دبي من أجل الرفاهية وقضاء وقت مثمر، فنحن بدورنا نحقق لضيوفنا الرفاهية التي ينشدونها من خلال توفير الفخامة بنكهة إماراتية فريدة. نحن نعكس تميز دبي، كما نفخر بأننا شركة وطنية بمعايير عالمية، ودائماً نتواجد حيث يحتاجنا زبائننا وجاهزون لتلبية ما يتطلعون إليه وأكثر”.
أما عن خطط المجموعة فيشرح الفهيم: “لدينا خطط لزيادة تواجدنا الجغرافي في الدولة ومنطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، فعلى سبيل المثال لا الحصر سيتم افتتاح باريس غاليري في مسقط، بغداد، أربيل وباكو ، كما أننا في طور دراسة حجز مكان لنا في أوروبا وجنوب أفريقيا من خلال افتتاح أفرع جديدة لباريس غاليري أو منح تراخيص لشركات أخرى ترغب بالتعاون معنا، أما فيما يخص متاجرنا الحالية المنتشرة في الدولة والخليج العربي، فسنسعى إلى تطويرها والتوسع فيها من حيث المساحات والتصاميم الداخلية، ومن حيث استحضار المزيد من العلامات التجارية الفخمة، وتخصيص صالات قائمة بذاتها لعرض فئات معينة من المنتجات الفاخرة، تماماً كما فعلنا حين افتتحنا صالة عرض فخمة في ديرة سيتي سنتر، متخصصة في عرض الساعات الفخمة وملحقاتها من الإكسسوارات الفاخرة، فخطتنا للعام الحالي والمقبل، تقضي في التركيز أكثر على إكسسوارات الموضة والمجوهرات الراقية بغية الحصول على حصة سوقية أكبر مما نمتلكه حالياً، كما ستكون صالات باريس غاليري كما الأعوام الماضية مقصداً للمشاهير من العالمين العربي والغربي كسفراء للعلامات التجارية العالمية أو لترويج منتجاتهم الخاصة إضافة إلى حضور كبار الأسماء في عالم العطور للكشف عن آخر إبداعاتهم”.
بالنسبة للفهيم: “لطالما كانت الشفافية هي المفتاح للإدارة الناجحة، وهي المكون الأساسي لبيئة العمل المتناغمة والناجحة، لذلك حين تتحلى بالشفافية فأنت تعلم علم اليقين أنك تزود الجميع بالمعلومات المناسبة في الوقت المناسب، مما يدفعهم لاتخاذ القرارات الصحيحة. منذ تحولنا نحو حوكمة الشركات، بنينا ثقافة جديدة جعلت المنظمة تسير بآلية عمل أكثر فاعلية ومشاركة، لقد كانت بمثابة بنية شاملة جعلت الجميع يعمل بتقارب أكثر وبالتالي كفاءة أكبر. لعل هذه الخطوة كانت من أهم ما حدث للمجموعة منذ استلامي مهام الرئيس التنفيذي لها وهي ما قادتنا نحو مزيد من النجاحات”.
ما حققه من نجاح بالتأكيد لا يعني أنه واجه تحديات أقل، بل يعني أنه تجاوز تحديات أكثر من غيره. أما كيف فعل ذلك فيقول: “تم وضع الهيكلية في نصابها بالوقت المناسب، ولو أننا تأخرنا، فأنا على يقين أننا كنا سنعاني، لكن لا اخفيكم أننا واجهنا عدة تحديات أثناء الشروع بالتحول نحو حوكمة الشركات، فقد كنا أمام قائمة طويلة من الإشكاليات التي تتعلق باتخاذ القرارات وتوزيع الصلاحيات، فلم نكن حينها نمتلك آلية لاتخاذ قرار جماعي بسبب اختلاف وجهات النظر، وتوجب علينا التخلص من القرارات اللاعقلانية والعشوائية، كما كان علينا كسر بعض العادات القديمة وتجنب العواطف التي قد تؤثر على سير الأعمال، ولم يكن فصل المشاعر عن إدارة الأعمال بالأمر السهل، ولكن في نهاية المطاف اتفقنا على أن تكون الكفاءة هي العامل الوحيد الذي يجب أخذه بعين الاعتبار عندما يتعلق الأمر بإشراك أفراد العائلة أو الجيل الثاني في مسيرة أعمال الشركة”.
ويصرح هنا بكل شفافية: “لا أزال أذكر كم استغرقت من الوقت لإقناع بعض الأشخاص، خصوصاً من موظفين الإدارة العليا على خوض رحلة التحول نحو الحوكمة، فقد كان ذلك مضيعة للوقت، وفي نهاية المطاف وصلنا إلى مرحلة كان علينا فيها ترك بعض كبار المدراء يمضون في سبيلهم بسبب رفضهم قبول المسائلة التي تصاحب مناصبهم، كان علي التصرف بشكل أسرع في هذا الخصوص. لقد تفاجأت لرؤية العديد ممن كانوا في الشركة تنقصهم المبادئ، بعضهم من المقربين، لكن لحسن الحظ كان هناك من عائلتي ممن تقودهم المبادئ وقناعة راسخة بمبدأ الشفافية والمسائلة، حيث كانوا بمثابة دعم لي في تنفيذ الخطة بمجملها. وأن تدير شركة عائلية لا يعني بالضرورة أن جميع أفرادها يملكون نفس المبادئ ويتشاركون نفس القيم، فهناك دائماً وجهات نظر مختلفة”.
باريس غاليري موجودة اليوم في الإمارات والسعودية وقطر والبحرين، هل تفكر الشركة بدخول أسواق جديدة في المنطقة وما هي الأسواق المحتملة؟ تعتبر مصر واحدة من أكبر أسواق التجزئة في المنطقة العربية، لماذا لم تدخلها الشركة حتى اليوم؟
يجيب الفهيم على ذلك:
“تقضي استراتيجيتنا للتطور والنمو في التوسع الجغرافي وتغطية أكبر مساحة ممكنة في المنطقة كي نضمن تقديم خدمات ريادية وسهلة الوصول لقاعدة زبائننا التي تكبر بشكل منتظم، وهذا ما دعانا خلال الأعوام الماضية إلى افتتاح أفرع عديدة كان آخرها افتتاح صالة باريس غاليري منذ أسابيع ضمن بوابة الشرق مول في بني ياس.
إن وصول باريس غاليري إلى أسواق جديدة يدخل في صلب استراتيجيتنا للنمو، ونحن في حالة دراسة دائمة للأسواق الأنسب لنا ضمن معايير عدة أهمها حجم السوق ومكانه الجغرافي ومتطلبات الزبائن المتوقعة في محيطه، والوضع الاقتصادي وحركة السياحة. وكما تعلمون سيتم في المستقبل القريب افتتاح فروع جديدة لنا في العراق وأذربيجان وليبيا، ونحن في صدد دراسة افتتاح فرع لنا في عُمان كما نبحث أن نحجز مكاناً لنا في أوروبا. أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال، فكما أسلفت لا بد من دراسة مستفيضة للمنطقة نأخذ بموجبها جميع المقومات بعين الاعتبار كما علينا اختيار الشريك المناسب، وفي حين أن مصر هي بالطبع من أهم الأسواق في العالم العربي وأكبرها، لذا فهي من ضمن أولوياتنا فيما يتعلق بدخول سوق جديدة”.
باريس غاليري اليوم
توفر باريس غاليري تشكيلة راقية تزيدعن 550 علامة تجارية عالمية، تشمل عدة فئات من المنتجات، هي العطور، المكياج، المجوهرات، الساعات، النظارات الشمسية، إكسسوارات الموضة والمنتجات الجلدية، نسبة كبيرة منها ما هو حصري لباريس غاليري بحيث لا تُباع في أي من متاجر التجزئة الأخرى، حتى أن بعضاً من تلك العلامات التجارية اختارت باريس غاليري كمنطلق لها خارج بلدها الأم نحو العالمية، ومنها من سجل أول دخول إلى سوق الشرق الأوسط من خلالها، كما تمتلك المجموعة أكثر من 80 متجراً ضمن أرقى مراكز التسوق التجارية في الدولة ومنطقة الخليج العربي. وتضم أيضاً فروع التجزئة التابعة للمجموعة، سلسلة واتش غاليري ومتاجر للأزياء مثل بربري، سالفاتوري فيراغامو، إيترو وإيغنر، في حين تتمثل قنوات التوزيع للمجموعة في شركات الفهيم إنتربرايزس، غالف بيوتي إنترناشونال وتايم بريدج. يقولالفهيم: “فنحن نعلم من خلال دراستنا للسوق واحتياجاته ما الذي يلائم زبائننا ويلبي احتياجاتهم من هذه الماركة أو تلك. أما بالنسبة إلى حصة باريس غاليري من سوق السلع الفاخرة فقد تخطت نسبة الـ 50% وهو دليل على نجاحنا ضمن هذا القطاع الذي يعيش أجواءً تنافسية كبيرة كما تعلمون”.
بالنسبة لأهم الأسواق لدى المجموعة يقول الفهيم: “لا شك أن أكبر وأهم سوق لنا حتى الآن هو سوق الإمارات العربية المتحدة، وهذا يعود لأسباب بديهية، فنحن بكل فخر شركة وطنية محلية إماراتية موجودون على هذه الأرض منذ 20 سنة، بنينا خلالها روابط وعلاقات متينة مع جمهور الإمارات من مواطنين ومقيمين، وهي علاقات نفخر بها ونسعى دائماً للمحافظة عليها وتوطيد أواصرها، خاصة وأنها تخطت شكل علاقة البائع مع الزبون لتغدو أشمل وأكثر ودية، وهذا ما جعل نسبة الزبائن المخلصين لباريس غاليري تزداد بشكل دائم على مر السنين، مما دعانا في نهاية المطاف إلى إطلاق برنامج خاص للولاء أسميناه Luxury Club بحيث يخاطب البرنامج زبائن باريس غاليري مباشرة ويقدم لهم باقة جذابة من العروض الخاصة والنقاط المجزية إضافة إلى كونه قناة فعالة لإعلام زبائننا عن آخر إصداراتنا و فعالياتنا وحملاتنا الترويجية الحصرية أولاً بأول، كما أن تربع الإمارات على عرش السياحة في الخليج والمنطقة جعل منها العنوان الأول للزوار من كافة أنحاء العالم ما يعود علينا بالفائدة الكبيرة على صعيد المبيعات بطبيعة الحال. ولا بد للإشارة أن سوق المملكة العربية السعودية هو أيضاً من الأسواق الكبيرة والمهمة لدى باريس غاليري بسبب تعداد السكان ونشاط حركة البيع بالتجزئة هناك، إضافة إلى المكانة الكبيرة التي تحظاها باريس غاليري لدى أشقائنا السعوديون”.
وعن المبيعات السنوية للشركة يوضح الفهيم: “حتى الآن أستطيع القول إن سنة 2011 سجلت أعلى نسبة أرباح لنا على الإطلاق، ومنذ عام 2011 وإلى هذه اللحظة، نشهد نمواً تصاعدياً بالنسبة للمبيعات والأرباح. ما يعني أننا في حالة صعود دائمة بنسب مختلفة، فمعدل حركة الزبائن يزداد بشكل مستمر جراء نمو قطاع السياحة وازدياد عدد المقيمين في البلد إضافة إلى ازدياد حجم شبكة المحلات التي نمتلكها والتي أثرت إيجابياً بشكل مباشر على عدد الزبائن الذين يتسوقون من باريس غاليري، وبالنسبة إلى معدل أداء المبيعات الحالي مقارنة مع الأداء المخطط له، فقد تجاوزنا التوقعات لعام 2014 ما يعني أننا نؤدي عملاً ممتازاً سيتجاوز تطلعاتنا لعام 2014 في هذا الخصوص”.
المستقبل يسعدنا
موجة التفاؤل أصبحت حالة عامة في السنتين الماضيتين في دول مجلس التعاون الخليجي عموماً وفي دولة الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص. فقد أحرزت الأسواق نتائج تصاعدية واعدة مؤخراً في غالب القطاعات. الفهيم يحدثنا عن مجموعته وأدائها في السنوات القليلة الماضية، يقول: “إن أدائنا الحالي والسابق من حيث حجم المبيعات، عدد ونوعية العلامات التجارية التي ضممناها إلى مظلتنا، حركة السوق في الإمارات والمنطقة، النمو الكبير الذي تشهده الدولة على الصعيد الاقتصادي، حالة التفاؤل العامة التي تغمر الجميع من مستثمرين ورواد أعمال نتيجة استضافة دبي لمعرض إكسبو الدولي عام2020، ناهيكم عن النمو الكبير لسوق المنتجات الفاخرة في الدولة والمنطقة، وازدهار سوق التجارة بالتجزئة لقطاع السفر، كل هذا يدعوني للتفاؤل بمستقبل ناجح بالنسبة لباريس غاليري على كافة الصعد. سنقوم بافتتاح محلات جديدة وسنضم مزدياً من العلامات التجارية العالمية وسنضفي مزيداً من الخدمات والخيارات لزبائننا. أما بالنسبة إلى توقعاتي لهذا العام، فكما أجبت على سؤالكم السابق، أنا على يقين من أننا سنسجل نسبة نمو جيدة من حيث المبيعات والأرباح عند نهاية عام 2014 وذلك استناداً إلى الأرقام والإحصائيات التي شاركتها وإياكم آنفاً”.
رغم أن التنافس موجود ضمن معظم القطاعات وخصوصاً في بلد مثل الإمارات، ألا أن التنافس ضمن قطاع التجزئة للمنتجات الفاخرة له خصوصيته، وهو يتميز بحدته واستمراريته، كونه يخاطب المستهلك النهائي مباشرة، وكونه معرض لمتغيرات أكثر تعقيداً وحساسية في السوق، بحسب الفهيم الذي يوضح: “برأيي تكمن المنافسة في المقام الأول في اكتساب أكبر قاعدة ممكنة من الزبائن والمحافظة على ولائهم، من خلال عدة أساليب منها الانتشار الجغرافي الواسع والاستحواذ على حصة سوقية أكبر وجلب علامات تجارية جديدة، وهذا حق مشروع للجميع، والأهم من كل هذا تقديم أفضل الخدمات والمنتجات. أنا شخصياً أنظر إلى المنافسة نظرة إيجابية بل وسأشعر بالقلق إن غابت، فالمنافسة البناءة تدفعنا دوماً نحو الأمام وتكون حافزاً للتطوير والتنمية كيف نحافظ على وتيرة النجاح وعلى السمعة الكبيرة التي اكتسبناها خلال 20 عاماً. المنافسة تجعلني أكثر إبداعاً وابتكاراً للخروج باستراتيجيات جديدة أجذب من خلالها المزيد من الزبائن وأصل بهم إلى نفس السوية من الرضى وبالتالي إبقائهم أوفياء لباريس غاليري، إذ أن المنافسة الحقيقية كما أفهمها بالنسبة لمجالنا هي الحصول على الرضى المطلق للزبائن والموظفين على حد سواء فالزبائن هم المفتاح لنمو أعمالنا والموظفون الأكفاء هم الأداة الخبيرة والفعالة في تفعيل مسيرة هذا النمو”.
التحول نحو الحوكمة كان من أهم التغييرات الجذرية التي حدثت منذ تعيين الفهيم رئيساً تنفيذياً لمجموعة شركات باريس غاليري بحيث ساهمت في نجاح مسيرة الأعمال، وفقاً له. يقوا: “ما زلت أؤكد أن التحول نحو حوكمة الشركات، كانت من أهم القرارات التي اتخذتها منذ استلامي منصب الرئيس التنفيذي للمجموعة، وكان هذا التحول من التحديات الصعبة التي تخللت مسيرتي في قيادة باريس غاليري. وبحكم قناعتي، أرى أن الشفافية هي المفتاح للإدارة الناجحة، وهي المكون الأساسي لبيئة العمل الصحية، فحين تتحلى بالشفافية فأنت تعلم علم اليقين أنك تزود الجميع بالمعلومات المناسبة في الوقت المناسب، مما يدفع الآخرين لاتخاذ القرارات الصحيحة. منذ أن تحولنا نحو حوكمة الشركات، بنينا ثقافة جديدة جعلت المجموعة تسير بآلية عمل أكثر فاعلية وتشاركية، لقد كانت بمثابة بنية شاملة جعلت الجميع يعمل بتقارب أكثر وبالتالي كفاءة أكبر. لعل هذه الخطوة كانت من أهم ما حدث للمجموعة وهي من ضمن التغييرات التي قادتنا نحو النجاح”.
ويتابع بأنه تم وضع الهيكلية في نصابها بالوقت المناسب، “أنا على يقين أننا لو أننا تأخرنا، كنا سنعاني، لكن لا اخفيكم أننا واجهنا عدة تحديات أثناء الشروع بالتحول نحو حوكمة الشركات، فقد كنا أمام قائمة طويلة من الإشكاليات التي تتعلق باتخاذ القرارات وتوزيع الصلاحيات، فلم نكن حينها نمتلك آلية لاتخاذ قرار جماعي بسبب اختلاف وجهات النظر، وتوجب علينا التخلص من القرارات اللاعقلانية والعشوائية، كما كان علينا كسر بعض العادات القديمة وتجنب العواطف التي قد تؤثر على سير الأعمال، ولم يكن فصل المشاعر عن إدارة الأعمال بالأمر السهل، ولكن في نهاية المطاف اتفقنا على أن تكون الكفاءة هي العامل الوحيد الذي يجب أخذه بعين الاعتبار عندما يتعلق الأمر بإشراك أفراد العائلة أو الجيل الثاني في مسيرة أعمال الشركة. كما أحب أن أصرح بكل شفافية، أنني لا أزال أذكر كم استغرقت من الوقت لإقناع بعض الإداريين، لخوض رحلة التحول نحو الحوكمة، فقد كان ذلك مضيعة للوقت، وفي نهاية المطاف وصلنا إلى مرحلة كان علينا فيها ترك بعض كبار المدراء يمضون في سبيلهم بسبب رفضهم قبول المسائلة التي تصاحب مناصبهم، كان على التصرف بشكل أسرع في هذا الخصوص، لكن لحسن الحظ كان هناك من عائلتي ممن تقودهم المبادئ والمثل العليا ويملكون قناعة راسخة بمبدأ الشفافية والمسائلة، حيث كانوا بمثابة دعم لي في تنفيذ الخطة بمجملها. وأن تدير شركة عائلية لا يعني بالضرورة أن جميع أفرادها يملكون نفس المبادئ ويتشاركون نفس القيم، فهناك دائماً وجهات نظر مختلفة.
اللقاء مع الفهيم كانت مناسبة جيدة اقتنصناها لتناول مجموعة من القضايا الأساسية سواء المتعلقة بقطاع التجزئة الأزمة الاستدامة وأكسبو وغيرها المواضيع التي سنتناولها تباعاً على صفحاتنا التالية.
صيفٌ أكثر هدوءً
في دبي وصلت مساهمة قطاع التجزئة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 30%، ما هي برأيك العوامل التي ساعدت قطاع التجزئة للوصول هذه النتائج؟ وكيف تقيمون أداء قطاع التجزئة في دبي خلال النصف الأول من 2014 مقارنة مع نفس الفترة من 2013؟
يشكل قطاع التجارة بالتجزئة ضمن جميع تخصصاته أحد أهم أعمدة الاقتصاد الوطني الإماراتي، وبالطبع فإن حكومة الإمارات تدرك هذه الحقيقة تماماً، وهو ما دعاها لتقديم العديد التسهيلات والمبادرات التي ساهمت بشكل فاعل في استقطاب الشركات الضخمة وكبار المستثمرين ورواد الأعمال، ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في الارتقاء بقطاع التجارة بالتجزئة هي ارتفاع معدل دخل الفرد ونمو القطاع السياحي، إضافة إلى استمرار حركة التطور التي تشهدها البنية التحتية وعلى الصعيد اللوجيستي وتطور قطاع الطيران والسفر بشكل كبير. إن نجاح دبي والإمارات بشكل عام في تعزيز مكانتها بين دول الخليج العربي كالوجهة الأولى والأساسية للزوار أو للوافدين القادمين بغية العمل والإقامة، دعا إلى مزيد من الثقة لدى المستهلكين والمستثمرين على حد سواء، أما فيما يخص قطاع التجارة بالتجزئة للمنتجات الفاخرة فإن السمعة الكبيرة التي تحظى بها الإمارات الآن (إذ تقع حالياً ضمن المراتب الخمس الأولى في العالم في هذا المجال) جعل كبريات دور الأزياء والعطور وشركات التجميل وصناع الساعات والمجوهرات وجميع المعنيين بالقطاع الفاخر، تتسابق لافتتاح متاجر وفروع لها، مما صنع بيئة تنافسية عالية كما ذكرنا، نتج عنها تنوع كبير في مراكز التسوق الراقية والعروض الترويجية المغرية.
كما تعلمون، فإن قطاع التجزئة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقطاع السياحة ضمن علاقة طردية وثيقة، إذ يؤثر نمو وازدهار كل قطاع على الآخر بشكل مباشر، إذا نظرنا إلى تعداد السياح القادمين إلى دبي والدولة في النصف الأول من عام 2013 والمتمثل بقدوم حوالي 6 ملايين سائح وصلوا حتى 11 مليون عند نهاية عام 2013، في حين وصل عدد السياح حتى النصف الأول من عام 2014 حتى 6300000 تقريباً أي بمعدل نمو 5%، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة عند نهاية عام 2014 لتصل حتى 12% ما يعني زيادة على عدد السياح بأكثر من 1300000 من السياح. أما عن إجمالي حجم مبيعات التجزئة خلال النصف الأول من عام 2013 فقد نما بمقدار 3.4% تقريباً عن نفس الفترة في عام 2012، في حين وصل حجم نمو مبيعات التجزئة خلال النصف الأول من العام 2014 إلى نحو 6% ضمن توقعات أن تصل لأكثر من 12% عند نهاية العام. أما عن مدينة دبي وحدها فقد بلغت مبيعات التجزئة في دبي خلال عام 2012 حوالي 100 مليار درهم، فيما سجلت نمواً بنحو 5,7% العام الماضي، وهو نفس المعدل المتوقع للسنوات الثلاث المقبلة.
الصيف في الخليج عادة يكون أقل نشاطاً بالنسبة للتجارة، وذلك بسبب رحلات السفر الصيفية. إلى أي حد يؤثر هذا على قطاع التجزئة وهل تعتبرون الصيف موسماً قليل النشاط؟ وإلى أي حد تؤثر مهرجانات الصيف في تنشيط حركة التجارة؟
أولاً أحب الإشارة إلى أن مبيعاتنا لفترة الصيف هذا العام هي الأعلى مقارنة مع نفس الفترة في السنوات الماضية وقد فاقت توقعاتنا، نتيجة لازدياد عدد السياح هذا العام بشكل ملفت، وكفاءة الأنشطة والمبادرات الصيفية، أما بالنسبة للرحلات الموسمية، فعلينا أن نعلم أنه في حين يغادر العديد من المقيمين والمواطنين البلاد لقضاء الإجازة الصيفية، هناك بالمقابل العديد ممن يغادرون بلادهم لقضاء الإجازة الصيفية هنا في الإمارات، وخصوصاً في السنوات الأخيرة وذلك نتيجة المهرجانات العديدة التي تقوم بها مؤسسات الدولة التي تعنى بقطاع السياحة وتجارة التجزئة وأعتقد أن هذا التوصيف يجيب على شقي السؤال.
هل يختلف موسم الصيف بالنسبة لقطاع التجزئة من سوق لأخرى في الأسواق المتواجدين فيها وأيها أفضل الأسواق خلال هذا الفصل؟
هناك العديد من العوامل التي تعمل على تباين أداء قطاع التجزئة خلال الصيف، مثلاً مرور شهر رمضان المبارك أو نوعية السياح القادمين خلال فترة الصيف. وبالنسبة لنا يعتبر سوق الإمارات هو الأقوى خلال فترة الصيف بين الأسواق الأخرى، فكما تعلمون تحدث في الفترة الممتدة بين شهري يونيو وسبتمبر العديد من النشاطات والأحداث التجارية والثقافية والاجتماعية وبالتالي وإن اختلفت نوعية الزوار ضمن هذه الفترة تبقى نسبة الضيوف الراغبين في قضاء وقت مفيد وممتع في فصل الصيف مرتفعة مقارنة مع غيرها من البلدان في المنطقة. إذاً هل يختلف موسم الصيف بالنسبة لقطاع التجزئة نعم، ولكن هل يتأثر سلباً، أبداً، بدليل مبيعاتنا خلال هذه الفترة.
الغش التجاري واحد من أكبر تحديات القطاع خصوصاً في المنطقة. إلى أي حد يؤثر الغش التجاري على صناعتكم خصوصاً أنكم تعملون في مجال السلع الفاخرة؟ وكيف برأيك يمكن محاربته؟
إن تداعيات وجود السلع المزيفة في الأسواق المحلية لا تقتصر على ضرر العملية الاقتصادية بكاملها فحسب، وإنما تشمل ضرراً أكبر على صحة مستخدميها، فبالإضافة إلى التسبب في زيادة حجم البطالة، وتشويه سمعة المنتج، أو الشركات التي تتعامل مع منتجات أصلية، وإضافة إلى التراجع في الاستثمار والخسائر العامة في العملية الاقتصادية، هناك الأضرار الصحية، وهذا أمر في غاية الجدية والخطورة، يجب الوقوف عنده والخروج بحلول ناجعة لتفادي تلك الأخطار، فعلى سبيل المثال، الأضرار الناجمة عن استخدام مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة المقلدة لما تحويه من مكونات كيميائية رخيصة وغير مدروسة سيسبب ضرراً كبيراً على البشرة وقد يكون الضرر آنياً أو على المدى الطويل وفي بعض الحالات قد يكون الضرر شديد الخطورة بحيث يؤدي إلى تشوهات خلقية وأمراض مزمنة، وهذا الكلام ينطبق على العطور التي قد يلجأ البعض إلى إضافة مواد مثبتة خطيرة مثل الميثانول السام أو الإكثار من السوائل الغير مجدية على حساب تركيز العطر للحصول على أرباح كبيرة وسريعة، وأكثر من يحوي هذا النوع من البضائع هم من يُطلق عليهم (تجار الشنطة)، وهم أشخاص غير مسؤولين يسعون إلى الربح السريع على حساب صحة الآخرين بحيث يغيرون مهنتهم فور تحقيق أهدافهم المالية. أما بالنسبة لمحاربة هذه الظاهرة، فكما تعلمون، طرحت جهات رسمية منذ سنوات، حلولاً لمكافحة دخول البضائع المقلدة والمغشوشة، مثل تدشين نظام (IPM) الإلكتروني في المنافذ الجمركية بالدولة للكشف عن مثل هذه المنتجات، إضافة إلى إطلاق مبادرات عدة من شأنها توحيد العقوبات والإجراءات الرقابية، والإشراف على البضائع القادمة من بعض الدول التي تشتهر بتصديرها للبضائع المقلدة، وتولي حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، اهتماماً كبيراً ولا توفر أي جهود في سبيل القضاء على هذه الظاهرة وإن احتاج الأمر بعض الوقت وتضافر جميع الجهود في هذا السبيل. فالإمارات دولة تعتز بجودة ما تقدمه على كافة الصعد ولن تقبل بتفشي هذه الظاهرة مع العلم أنها ظاهرة عالمية موجود في جميع دول العالم. ويكمن دورنا في التعاون مع الجهات الحكومية والقانونية المختصة بمحاربة التجارة بالبضائع المقلدة، فإضافة إلى فرض رقابة صارمة على البضائع التي نتعامل معها وهذا من البديهي طبعاً، إلا أننا نراقب السوق أيضاً حتى يتسنى لنا معرفة أماكن وجود البضائع المقلدة وإخطار الجهات المختصة بوجودها بحيث تقوم تلك الجهات بمصادرتها وإتلافها وفرض العقوبات التي ينص عليها القانون. نحن على تواصل دائم مع الدوائر الاقتصادية والجهات المختصة لتقديم التعاون والدعم المطلوب من قبلنا في هذا الخصوص. وهنا لابد لي من الإشارة إلى أننا أيضاً نراقب أي محاولة لتقليد علامة باريس غاليري، فكما تعلمون لا يقتصر التقليد على البضائع بحد ذاتها فحسب، وإنما تقليد أسماء متاجر التجزئة المشهورة كمحاولة للاستفادة من هذا الاسم لاستقطاب مزيد من الأرباح، وهذا ما لا يمكن لنا السماح به لما يضر ذلك بسمعتنا التي بنيناها عبر سنوات طويلة من الالتزام بأعلى معايير الجودة. وقد وصل بنا الأمر بإصدار تعليمات تمنع تغليف أي منتج بورق هدايا باريس غاليري إذا لم يتم شرائه من متاجرنا.
نهاية التقلبات
منذ أزمة الائتمان العالمية في العام 2008 وما تلاها من أزمات متلاحقة عانى قطاع التجزئة إلى حد كبير، وإن خلل هذه السنوات فترات لا بأس بها، لكن الاستقرار لم يعد كما كان في الأسواق، فمن أزمة الائتمان إلى اضطرابات المنطقة وأزمة اليورو، بالعموم أصبح هناك توجه إلى تقليل لإنفاق إلى أي حد أثر هذا على صناعتكم؟ وكيف تعاملتم وتتعاملون مع هذه التقلبات والتهديدات؟
انتهت فترة الركود الاقتصادي الذي حصل عام 2008 في وقت قصير، بعكس ما كان يروج له الإعلام الذي بالغ في إظهار تأثير الأزمة على الإمارات العربية المتحدة، فقد مضت تلك الأزمة ولله الحمد بسرعة، بفضل التجاوب السريع من قبل القيادة الرشيدة والتي اتخذت خطوات استباقية كان من شأنها حماية الاقتصاد الوطني، حيث ساعدت البنوك على استمرار دوران عجلة القطاعات التي تأثرت أكثر من غيرها، وبالنسبة لجميع الشركات سواء العائلية منها أو الحكومية، فإن كانت تملك مجموعة من القيم المتينة ، فهم عميق لآلية عمل الصناعات المختلفة، مجموعة قوية من الأنظمة والإجراءات العالمية، إدارة متفانية قادرة على التحكم بالتدفق المالي، مع روح قيادية في الأعمال وشركاء فاعلين، إضافة إلى قاعدة كبيرة من الزبائن المخلصين، فإن تلك الشركات ستظل راسخة على أرض صلبة، خاصة في ظل وجود فريق عمل على مستوى عالِ من التدريب والاحترافية ممن يخلصون للشركة التي يعملون فيها ويساندونها في الأوقات الصعبة. ونحن في باريس غاليري نمتلك فريقاً رائعاً ولم يكن لدينا أي سبب للقلق، كما استعطنا مواجهة تحدي الأزمة بسبب تحولنا عام 2006 من النظام العائلي إلى حوكمة الشركات، والذي كان له الدور الأكبر في تخطي الأزمة بعد وضع معايير عالمية جديدة تدير الأنظمة والإجراءات والبنية القانونية المتبعة في مجموعة شركات باريس غاليري، ناهيك عن تغيير العقليات والعادات التي كانت سائدة قبل اتجاهنا نحو الحوكمة، كل هذا جعلنا مستعدون ومجهزون لمواجهة أي تحد يطرأ وأبقانا على المسار الصحيح. أما بالنسبة لاحتمال العودة إلى سيناريو ما قبل الأزمة السابقة، فأنا كمعني بهذا الخصوص ومتابع لمستجدات السوق وما يصدر عن قوانين وأنظمة، أؤكد لك أن هذا لن يحصل، فكما اتخذت حكومة الإمارات الرشيدة، إجراءات أدت إلى خروج الاقتصاد الإماراتي بشكل سريع وسلس من الأزمة، فإنها أيضاً قامت في الفترة الأخيرة بإجراءات استباقية، وأحدثت قوانين شملت كافة المجالات، من شأنها حماية الاقتصاد الوطني من أي أزمة محتملة، هذا عدا أن الجميع باتوا يمتلكون وعياً لكيفية تجنب الوقوع بأي أزمة مالية، وهنا أؤكد على ما صرحت به سابقاً أن على الشركات والمؤسسات التجارية امتلاك خطط عمل واستراتيجيات واضحة لمواجهة أي تحسن أو هبوط مفاجئين في السوق.
أكسبو يفتح أفقاً اوسع
يشرفني أن أتقدم بخالص التهاني والتبريكات إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حاكم أبوظبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإلى شعب دولة الإمارات على فوز دبي بحق استضافة معرض إكسبو العالمي لعام 2020. إنه لحدث عظيم ومناسبة كبرى تعيشها منطقتنا اليوم، فهذه أول مرة على الإطلاق تتم فيها استضافة “معرض إكسبو الدولي” في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، وتكون أرض دولة الإمارات العربية المتحدة هي من تحتضنه. لقد جاء فوزنا ثمرةً لسنوات طويلة من العمل الجاد والمتواصل. ولم يكن هذا ليتم لولا توجيهات ومتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ورؤيته الاستراتيجية الحكيمة، ودعم أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات وأولياء العهود. ونتوجه بالشكر والتقدير لكل الجهود الجبارة والعمل الشاق المبذول من قبل جميع المعنيين بهذا الملف، خاصة اللجنة العليا لاستضافة إكسبو 2020 وسائر من ساهم في تحقيق هذا الهدف شركات وأفراداً، ومواطنين ومقيمين من جميع الجنسيات التي تعيش في وطننا الغالي، أستطيع القول وكلي ثقة وإيمان، أن فوز دبي كان مستحقاً بجدارة، فدبي تقع في وطن فيه من المؤهلات والخيرات ما يجعل منها الأحق بهذا الفوز، وفيها تجتمع كل أسباب النجاح وجميع العوامل التي تمكنها من استضافة وإنجاح أحداث ضخمة من هذا النوع. سيساعد معرض إكسبو الدولي في دبي لعام 2020، منطقة الشرقة الأوسط في تخطيطها للمستقبل، خصوصاً في الوقت الذي يواجه فيه العالم العديد من التحديات. ولمواجهتها، لم يعد هناك ما هو أهم من تكوين روابط متينة بين المجتمعات والعالمية وتلاقي الأفكار، وهو ما يطمح له قادة دولتنا والذي سيتحقق من خلال استضافتنا لمعرض إكسبو، سوف نبني جسوراً جديدة لشراكات وشبكة علاقات مستدامة. إن دولة الإمارات العربية المتحدة تكرس نفسها لنمو مبني على غايات والتزامات مشتركة، وهو ما بدا جلياً من خلال الشعار المتبني من قبل الدولة والذي أطلقته دبي (تواصل العقول وصنع المستقبل). إن فوزنا هذا، سيعزز بلا شك من موقع دولة الإمارات الريادي، في مجالات السياحة، التجارة والتمويل، كما يعني تدفق مليارات الدولارات من الاستثمارات الحيوية لمدينة دبي وجميع الإمارات. سوف نشهد بإذن الله نمواً غير مسبوق في سوق العقارات، التكنولوجيا وتجارة التجزئة على اختلاف تخصصاتها ومنتجاتها، إن هذا الحدث الضخم سيستقطب ملايين الزوار، جلهم من خارج الدولة، مما يجعله المعرض الأكثر عالميةً منذ انطلاقته الأولى في لندن عام 1851، كما سيخلق الحدث آلاف الوظائف. منذ هذه اللحظة، أتوقع أن يزداد نمو الناتج المحلي بشكل طردي مع اقتراب افتتاح المعرض العالمي، وبرغم أننا حظينا بشرف استضافة أضخم حدث تجاري في العالم، فإن هذا لا يسهم في الترويج لدبي ومدى روعتها بقدر ما يعني ازدهاراً اقتصادياً هائلاً، ولا أستطيع إخفاء سعادتي لمعرفتي بمدى الفائدة الكبيرة التي سيعود علينا فوزنا هذا بصفتي من المعنيين الأساسيين في تجارة التجزئة للقطاع الفاخر، خاصة في ظل وجود الملايين من الزوار والسياح، ما يعني زيادة هائلة في حجم المبيعات، ناهيك عن تحسن مستوى الدخل للمقيمين هنا كنتيجة حتمية لحجم المشاريع، الاستثمارات والأعمال التي ستقام في دبي ودولة الإمارات. أنا على يقين تام أن دبي بما تتمتع به من مقومات، ستكتب لمعرض إكسبو بنسخة عام 2020 النجاح التام، بل وسيغدو مثالاً يحتذى لمعارض كثيرة قادمة في المستقبل البعيد.