مما لا شك فيه أن الحضارة الاسلامية على مدى القرون السابقة تركت الكثير من الأثار التي ابرزت الجانب الجمالي والابداعي في كثير من الفنون، كفن الزخرفة والخط العربي والعمارة، ويبدو جلياً ان المهندس المسلم قد اعتنى بانجازاته بدقة وحرفية مطلقتان معتمداً على أسس علمية كانت بذوراً لعلوم هذا الزمان ويظهر ذلك في كثير من المساجد الاسلامية.
يعد المسجد الوردي أو مسجد نصير الملك واحداً من أفضل الأبنية المعمارية التى شيدت على الارض، يعتبر تحفة فنية على مر العصور، يصبح لوحة مفعمة بالألوان مع إشراقة شمس كل يوم جديد حيث يعكس زجاجه الملون ضوء الشمس ويحوله إلى أطياف من قوس قزح على مدار اليوم.
يقع المسجد فى وسط مدينة شيراز الإيرانية، اشتهر باسم المسجد الوردى نظراً لكثرة هذا اللون بداخله لإحتوائه على بلاط وردي اللون، تم بنائه خلال الفترة من 1876- 1888 فى العهد القاجاري بأمر من الأمير “حسن علي نصير الملك” بالقرن التاسع عشر، واستغرقت مدة بنائه تقريبًا اثنا عشر عاماً ليكون مشهدًا من الجمال منذ ذلك الحين، وتصميمه يشبه الى حد كبير التصميم المعمارى الفارسى.
استخدمت فيه أنماط العمارة الإسلامية التقليدية، مثل الإيوان و الأقواس و النافورة الوسطية إلخ، ناهيك عن النوافذ ذات الزجاج المعشق وهي نادرة في المساجد، وبسبب زجاجه الملون وزخارفه التي تتلالئ يومياً بالألوان الفخيمة المتعددة التي تجعله شبيهًا بقوس قزح، أصبح مصدراً لجذب الكثير من السائحين والمصلين حول العالم كما تقام به العديد من الاحتفالات والمراسم الدينية الخاصه
ويبرز المظهر الخارجي لمسجد “نصير المُلك” تلميحات غامضة فقط على الفخامة والإشراق المفعم بالألوان النابضة بالحيوية التي يحتويها داخله. وهو من الخارج كأي مسجد تقليدي بتصميم معماري اسلامي مميز، ولكن بداخله خاصة في وقت مبكر من الصباح، يصبح المسجد مشرقاً وذو مشهد متألق حقيقي، وفي أوقات معينة من اليوم، يبدو أن هذا المبنى يحتوي على جميع الألوان الموجودة في العالم.
يتميز هذا المسجد بتواجد الزخارف المنقوشة باشكال فارسية قديمة، وبعض العبارات الإسلامية المزخرفة على الطراز الفارسى، بنيت الحوائط والأسقف فيه بشكل معقد ليعطي توهجاً خاصاً للألوان عندما تغمره أشعة الشمس بشكل يبهر كل من يزوره.
تزينه فى الخارج نافورة كبيره تحتوى على الكثير من النقشات حولها وتحتوى على كثير من الأحجار الكريمة بجانب النقوشات الفارسية على جدران المسجد من الخارج التي تمثل بعض المعتقدات الاجتماعية والدينية للامبراطورية الفارسية السابقة.
ويعد المسجد ترجمة ملموسة لاهتمام المسلمون في العصور السابقة بالجانب المعماري والزخرفة المعمارية، فكانوا لا يدعون فراغاً إلا واستغلوه بكتابة آيات قرآنية أو أقوال مشهورة أو زخارف إسلامية، ليضفي على المكان السحر والجمال، فدخلت الزخرفة في شتى أنواع البناء، من البيوت وحتى المساجد.