يُعتبر الفنان منير الشعراني، واحداً من أبرز الفنانين الذين اشتغلوا على الخط العربي، وأخرجوه من دائرة التقليد والنمطية، إلى أشكال مستحدثة، ونجح في توظيف الأشكال التجريدية والجمالية للخطوط ، والخروج بلوحات فنية معاصرة، مشغولة بتراكم زمني وبصري، وقدرة عالية على البناء الهندسي.
الفنان منير الشعراني هو خطاط وفنان وكاتب مشهور في مجال فن الخط العربي، ولد في سوريا عام 1952، وتخرج من كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 1977، له عدة كتابات في النقد الفني والفن العربي الإسلامي، يعمل ويعيش حالياً ما بين سوريا وبيروت والقاهرة متفرغاً للابداع الفني.
تأثر الشعراني بفن أستاذه كبير خطاطي الشام الفنان بدوي الديراني، الذي تتلمذ على يده، كما درس الشعراني خصائص كل نوع من أنواع الخطوط التي رسم بها لوحاته، وعدل في نسبها معيداً صياغتها بنائياً وتركيبياً بمنطق حداثي.
فلسفة الشعراني
يؤمن الشعراني بأن الخط العربي فن يملك كل مقومات التطور والحداثة، وليس كما يقول بعض الفنانين بأنه وصل إلى ذروته فهذا يعني انحداره ومن ثم موته، ومن خلال بحثه في المراجع والمصادر والكتب ودراسته لآلاف الصور للآثار الخطية الموثقة، اكتشف طريقَه إلى الخط العربي المعاصر الذي يتميز به انتاجه الفني.
وتمكن الفنان من نقل سمات الخط العربي من محدودية المـوروث الجمالي إلى الحداثة والمعاصرة، واستطاع تطويع الحروف لتتناسب مع الشكل الذي يدور حوله المعنى، فاستطاع انجاز لوحاته الخطّية معتمداً على الأسس الجمالية الرصينة وحسب، ومحترماً الخصائص الجمالية الجوهرية للخط العربي.
استلهام المعاصرة
اختار الشعراني أنواعاً تقليدية من الخطوط العربية من أجل العمل عليها، كما في خطوط: «جلي الثلث، والنستعليق، والديواني»، ومستعيداً الخطوط القديمة جداً، كما في نموذج الخط الكوفي المشرقي، ومستكملاً حـروف الخط السنبلي والنيسابوري، اللذان لم تتوافر منهما إلا حروفاً مفردة، فصمم عدة خطوط جديدة مميزة وأنتج منها لوحات خطـية حديثة غاية في الجمال والتفرد.
وهكذا أيضاً فعل مع الخط المغربي، الذي كان يُؤدى رسمه بشكل مُرسَل، إذ تختلف أشكاله بين رسم فنان وآخر، وتم هذا التطوير من خلال دراسة مقارنة قام بها الشعراني، وصولاً إلى السمات الجمالية الجامعة لهذا الخط، كما صمم منــه خطاً جديداً يرتكز على هذه السمات، لكنَّه خط هندسي، يقوم على العـلاقة بين التدوير والاستقامة، والحقيقة أن أهمية العمل الحداثي على الحروف يرتبط بالمعاني الروحية العالية، التي توحي بها الجمل متنوعة الروافد التي يختارها للوحاته .
فنجده يستثمر في لوحاته الشعر العربي القديم والحديث، وشذرات التصوف، والأقوال الدينية، والأمثال السائرة، وتحولت تجربته الطويلة مع الخط إلى صداقة خصبة تجاوزت الحروف والكلمات إلى اللغة والمعجم، وإلى التاريخ الذي راكمه الحرف العربي منذ أن كان بلا نقاط، ومنذ أن ارتبطت الخطوط العربية ذاتها بالتوشية والتشجير والزخرفة والتزويق.
شهرة وانتشار
يتمتع منير الشعراني بشهرة واسعة ليس فقط على مستوى العالم العربي ، وأعماله مقتناة ضمن مجموعات خاصة في عدة دول من الشرق للغرب منها سورية، الأردن، لبنان، مصر، تونس، الجزائر، المغرب، البحرين، دولة الإمارات العربية، الكويت، سويسرا، فرنسا، ألمانيا، بلجيكا، إيطاليا، هولندا، يوغوسلافيا، ماليزيا، قطر، إسبانيا، الهند، كندا، أمريكا، بريطانيا.
كما تتواجد أعمال الشعراني في عدة مؤسسات ومتاحف عربية وعالمية مهمة، مثل “متحف رايتبرغ” في سويسرا، و”المتحف البريطاني” في المملكة المتحدة، و”متحف الشارقة للفنون” في الإمارات، و”متحف أحمد شوقي” في القاهرة، ويوجد له عدة كتابات نقدية في
شارك الشعراني ما بين 1985- 2010 في عدة معارض عربيّة ودوليّة مشتركة، كما أقام معارض فردية كثيرة منذ عام 1987 في العديد من عواصم ومدن العالم منها لندن و زيورخ في سويسرا، برلين، مرسيليا،دمشق، تونس، المغرب،القاهرة، ابو ظبي، دبي، مسقط، المنامة وعمّان وغيرها من الدول اضافة لمعرض متجول دائم في اميركا، وكان أخر معارضه ابريل 2015 بجاليري ارت سبيس في إمارة دبي.
صدر لأعمال الفنان وحول تجربته الابداعية عدد من الكتب، وقدم نقاد عرب قراءات باللغتين العربية والفرنسية تصاحبت مع كتبه المصورة، منهم الفنان والناقد السوري يوسف عبدلكي، علي اللواتي، والفنان المصري حسين بيكار.